دور الضابطين :المعنوي واللفظي في استعمال البحر واليم في القرآن الكريم
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ، كما هو الحال في استعمال البحر واليم في القرآن الكريم بحسب الضابطين المعنوي واللفظي ،كما هو الحال في قوله تعالى:"*وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُ مْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ ﴿٥٠ البقرة )وقوله تعالى :"* وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ ﴿١٦٤ البقرة﴾وقوله:"*أ ُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَة ِ ﴿٩٦ المائدة﴾وقوله:"* وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ ﴿١٣٨ الأعراف﴾وقوله:"* وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ ﴿١٦٣ الأعراف﴾وقوله:"* وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ ﴿٩٠ يونس﴾وقوله:"*وَس َخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ ﴿٣٢ ابراهيم﴾وقوله:"* وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا ﴿١٤ النحل﴾وقوله:"*رَ بُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ﴿٦٦ الإسراء﴾وقوله:"* وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ﴿٦٧ الإسراء﴾وقوله:"* نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴿٦١ الكهف﴾وقوله:"*وَ اتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴿٦٣ الكهف﴾وقوله:"*أَ مَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ ﴿٧٩ الكهف﴾وقوله:"*قُ لْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي ﴿١٠٩ الكهف﴾وقوله:"*لَ نَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي ﴿١٠٩ الكهف﴾وقوله:"*فَ اضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا ﴿٧٧ طه﴾وقوله:"*سَخَّ رَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ﴿٦٥ الحج﴾وقوله:"*فَأ َوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ ﴿٦٣ الشعراء﴾
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ ﴿٣١ لقمان﴾وقوله:"*وَ مِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ ﴿٣٢ الشورى﴾وقوله:"*و َاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ﴿٢٤ الدخان﴾وقوله:"*ا للَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ ﴿١٢ الجاثية﴾وقوله:"* وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ ﴿٢٤ الرحمن﴾وقوله:"*م َا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ ﴿١٠٣ المائدة﴾وقوله:"* وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ"*فقد استعمل هنا كلمة البحر لارتباط البحر بالخير والنعم ،كما أن كلمة البحر عربية ،بالإضافة إلى أن حروف كلمة البحر ترد في الآية التي ترد فيها كلمة البحر ،وهذا يسبب إيقاعا داخليا جميلا في الآيات الكريمة ،بينما يقول تعالى:"*فَانْتَق مْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُ مْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ﴿١٣٦ الأعراف﴾ويقول تعالى:"*فَلْيُلْ ِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ ﴿٣٩ طه﴾ويقول تعالى:"*أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ ﴿٣٩ طه﴾ويقول تعالى:"*فَأَتْبَ َهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ ﴿٧٨ طه﴾ويقول تعالى:"*لَنُحَرّ قَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ﴿٩٧ طه﴾ويقول تعالى:"*فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ﴿٧ القصص﴾ويقول تعالى:"*فَأَخَذْ َاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ﴿٤٠ القصص﴾ويقول تعالى:"*فَأَخَذْ َاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴿٤٠ الذاريات﴾حيث استخدم هنا كلمة اليم في قصة بني إسرائيل لأن الكلمة عبرية الأصل ومرتبطة بالشر والعذاب ،كما أن حروف كلمة اليم ترد في الآية التي ترد فيها كلمة اليم ،وهذا يسبب إيقاعا داخليا جميلا في الآيات القرآنية الكريمة كذلك.
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتثقف لغويا ويتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ، وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ،وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز معنى التراكيب ونظمها وإعرابها ،وباختصار:الإنس ن يتحدث تحت رعاية الاهمية المعنوية وعلامات المنزلة والمكانة المانعة من اللبس.