قواعد ومباحث مهمة في علل الأحاديث النبوية
وذلك من خلال "شرح علل الترمذي"
وقد يكون الحافظ ابن رجب رحمه الله تطرق للخلاف في بعض الجزئيات، فقد أذكرها وقد لا أذكرها.
فلنبدأ بحول الله وقوته، وبه توفيقنا:
1- رواية الثقة عن رجل لا تدل على توثيقه:
فإن كثيراً من الثقات رووا عن الضعفاء، كسفيان الثوري وشعبة وغيرهما، وكان شعبة يقول: لو لم أحدثكم إلا عن الثقات لم أحدثكم إلا عن نفر يسير.
لكن قد تنفع روايته عنه في بعض الأحايين.
قال ابن أبي حاتم : سألت أبي عن رواية الثقات عن رجل غير ثقة مما يقوية ؟. قال: إذا كان معروفاً بالضعف لم تقوه روايته عنه ، وإن كان مجهولاً نفعه رواية الثقة عنه.
قال: وسمعت أبي يقول : إذا رأيت شعبة يحدث عن رجل فأعلم أنه ثقة إلا نفر بأعيانهم.
وسألت أبا زرعة عن رواية الثقات عن الرجل مما يقوى حديثه ؟ قال : أي لعمري !.
قلت : الكلبي روى عنه الثوري ؟. قال : إنما ذاك إذا لم يتكلم فيه العلماء ، وكان الكلبي يُتَكلم فيه. قلت : فما معنى رواية الثوري عنه وهو غير ثقة عنده ؟ . قال : كان الثوري يذكر الرواية عن الرجل عن الإنكار والتعجب فيعقلون عنه روايته عنه ، ولم يكن روايته عن الكلبي قبوله له.
2- هناك فرق بين كتابة حديث وبين روايته :
فإن الأئمة كتبوا أحاديث الضعفاء لمعرفتها ولم يرووها ، كما قال يحيى : سجرنا بها التنور ، وكذلك أحمد ( خرق حديث خلق ممن كتب حديثهم ولم يحدث به ، وأسقط من المسند حديث خلق من المتروكين ) لم يخرجه فيه مثل قايد أبي الورقاء وكثير ابن عبد الله المزني وأبان بن أبي عياش وغيرهم ، وكان يحدث عمن دونهم في الضعف .
قال في رواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ : (( قد يحتاج الرجل يحدث عن الضعيف مثل عمرو بن مرزوق ، وعمرو بن حكام ، ومحمد بن معاوية ، وعلي بن الجعد ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ، ولا يعجبني أن يحدث عن بعضهم )) .
وقال في روايته أيضاً - وقد سأله ترى أن تكتب الحديث المنكر ؟ - إليهم في وقت )) ، كأنه لم ير بالكتابة عنهم بأساً .
وقال - في رواية ابن القاسم - : (( ابن ليهعة ما كان حديثه بذاك ، وما أكتب حديثه إلا للاعتبار والاستدلال ، إنما قد أكتب حديث الرجل كأني استدل به مع حديث غيره يشده لا أنه حجة إذا انفرد )) .
وقال في رواية المروذي : (( كنت لا أكتب حديث جابر الجعفي ( ثم كتبته أعتبر به).
وقال في - رواية مهنا وسأله لمَ تكتب حديث أبي بكر بن أبي كريم وهو ضعيف - قال : (( أعرفه )) .
وقال محمد بن رافع النيسابوري : (( رأيت أحمد بين يدي يزيد ابن هاترون وفي يده كتاب لزهير عن جابر الجعفي وهو يكتبه ، قلت : يا أبا عبد الله : تنهونا عن جابر وتكتبوه ؟ ! قال : نعرفه )) .
وكذا قال أحمد في حديث عبيد الله الوصافي : (( إنما أكتبه للمعرفة )) .
والذي يتبين من عمل الإمام أحمد وكلامه أنه يترك الرواية عن المتهمين [ والذين غلب عليهم الخطأ ] للغفلة وسوء الحفظ ، ويحدث عمن دونهم في الضعف ، مثل من في حفظه شئ أو يتختلف الناس في تضعيفه وتوثيقه .
وكذلك كان أبو زرعة الرازي يفعل .
وأما الذين كتبوا حديث الكذابين - من أهل المعرفة والحفظ - فإنما كتبوه لمعرفته ، وهذا كما ذكروا أحاديثهم في كتب الجرح والتعديل .