رد: شرح الرسالة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
شرح الاصلين للشيخ فخرالدين بن الزبير المحسي في " التوضيحات الاثرية "
يَذْكُرُ شيخُ الإسلامِ مُقَدِّمَةً حولَ الأصلَيْنِ اللَّذَيْنِ هما موضوعُ الرسالةِ، فيَقولُ:
أوَّلاً: إنَّ الكلامَ في الأصْلِ الأوَّلِ، وهوَ التوحيدُ والصِّفاتُ، منْ بابِ الْخَبَرِ.
ويَقْصِدُ بالتوحيدِ هنا الربوبيَّةَ، فيكونُ قدْ جَمَعَ في هذا الأصْلِ بينَ توحيدِ الربوبيَّةِ وتوحيدِ الأسماءِ والصِّفاتِ.
ويَقْصِدُ بالخبَرِ ما احْتَمَلَ الصدْقَ والكَذِبَ لِذَاتِه بِقَطْعِ النظَرِ عمَّنْ أُضِيفَ إليه، فإذا أُضِيفَ إلى اللَّهِ ورسولِه قُطِعَ بصِدْقِه.
والمقصودُ أنَّ هذا الأصْلَ أخبارٌ، إمَّا أنْ تَأْتِيَ بالإثباتِ كقولِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }، أوْ بالنَّفْيِ كقولِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } .
ثانيًا: والكلامُ في الأصْلِ الثاني، وهوَ الشرْعُ والقَدَرُ، منْ بابِ الطلَبِ والإرادةِ.
ويَقْصِدُ بالشرْعِ الأحكامَ الشرعيَّةَ، وهوَ توحيدُ الْأُلوهيَّةِ؛لأنَّهُ إفرادُ اللَّهِ بالعِبادةِ على وَفْقِ ما شَرَعَ.
ورَبَطَ شيخُ الإسلامِ بينَ الشرْعِ والقَدَرِ للتَّلاَزُمِ بينَهما، فمَنْ أَقَرَّ بالشَّرْعِ وأَنْكَرَ القَدَرَ فقدْ طَعَنَ في ربوبيَّةِ اللَّهِ ومَلَكُوتِه، ونَسَبَهُ إلى الْعَجْزِ، ومَنْ أَقَرَّ بالقَدَرِ وأَنْكَرَ الشرْعَ فقدْ طَعَنَ في حِكْمَةِ اللَّهِ وعَدْلِه.
وقولُه: ( مِنْ بابِ الطلَبِ والإرادةِ )، أيْ: أنَّ الكلامَ في الشرْعِ منْ بابِ الطلَبِ؛ فإنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُخَاطِبُ عِبادَهُ بالشرْعِ، فإمَّا أنْ يَنْهَاهُمْ، وإمَّا أنْ يَأْمُرَهُم، وهذا هوَ الطلَبُ؛ الأوامرُ والنواهِي. فإنْ أَمَرَهُمْ بأمْرٍ شَرْعِيٍّ دَلَّ ذلكَ على إرادتِه وحُبِّهِ للمأمورِ بهِ، وإنْ نَهَاهُمْ دَلَّ ذلكَ على بُغْضِه وكُرْهِه لِلْمَنْهِيِّ عنه، فالأَمْرُ فيهِ إثباتٌ، والنَّهْيُ فيهِ نَفْيٌ.
ملحوظةٌ: والذي يَظْهَرُ لي أنَّ القَدَرَ ليسَ منْ بابِ الطلَبِ، وإنَّما هوَ منْ بابِ الْخَبَرِ، فهوَ منْ مباحثِ الإيمانِ. وإنَّما أَدْخَلَهُ شيخُ الإسلامِ معَ الشرْعِ لسَبَبَيْنِ:
أوَّلُهما: للتَّلاَزُمِ بينَ الشرْعِ والقَدَرِ كما سَبَقَ.
ثانيهما: لأنَّ القَدَرَ دائرٌ بينَ الإرادةِ والْمَحَبَّةِ، والكَرَاهِيَةِ والبُغْضِ، فيَتَّفِقُ معَ الشرْعِ منْ هذا الوجْهِ، واللَّهُ تعالى أَعْلَمُ.
الفَرْقُ بينَ الْخَبَرِ والطَّلَبِ
قولُه: ( الإنسانُ يَجِدُ في نفسِه الْفَرْقَ بينَ النفْيِ والإثباتِ والتصديقِ والتكذيبِ، وبينَ الحُبِّ والبُغْضِ والْحَضِّ والْمَنْعِ، حتَّى إنَّ الفَرْقَ بينَ هذا النوعِ وبينَ النوعِ الآخَرِ معروفٌ عندَ العامَّةِ والخاصَّةِ، مَعروفٌ عندَ أَصنافِ الْمُتَكَلِّمِي نَ في العِلْمِ، كما ذَكَرَ ذلكَ الفُقَهَاءُ في كتابِ الأَيْمانِ، وكما ذَكَرَه الْمُقَسِّمُونَ للكلامِ منْ أهْلِ النظَرِ والنَّحْوِ والبَيانِ، فذَكَرُوا أنَّ الكلامَ نوعانِ: خبرٌ وإنشاءٌ، والخبَرُ دائرٌ بينَ النَّفْيِ والإثباتِ، والإنشاءُ: أمْرٌ أوْ نَهْيٌ أوْ إِباحَةٌ ).
رد: شرح الرسالة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
وهنا إذا قيل: هل أهل القبلة متفقون في باب الصفات أم مختلفون فيه؟
قيل: ثمة أصل قد اتفقوا عليه، وهذا الأصل الكلي المتفق عليه بين سائر أهل القبلة هو: (أن الله مستحق للكمال منزه عن النقص)، وهذه قاعدة مُجْمَعٌ عليها بين سائر المسلمين من سائر الطوائف.بمعنى: أن من نازع في هذه الجملة كجملة علمية إيمانية فلم يسلِّم بها، فإنه لا يُعَد من أهل القبلة، ولذلك قال ابن تيمية رحمه الله: "إن سائر أهل القبلة متفقون على أن الله مستحق للكمال منزه عن النقص"، ثم قال: "ولكنهم اختلفوا في تحقيق المناط"، أي: اختلفوا في ماهية الكمال، وماهية النقص، هل كمال الله بإثبات هذه الصفات كما هو طريق جمهور الأمة وجمهور المسلمين والأئمة والصحابة؟ أم أن الكمال يكون بهذا النفي الذي دخل عليهم من علم الكلام؟ هذا هو معنى (تحقيق المناط). ( ش يوسف الغفيص حفظه الله )
رد: شرح الرسالة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
قال الشيخ عبد الرحمن البراك رحمه الله تعالى في " شرحه للتدمرية " ( ص 33-34 )
وهذان الأصلان هما من أعظم ما وقع فيهالاضطراب بين فرق الأمة؛ ففي باب الأسماء والصفات: من الناس من يسلب عن الله تعالىجميع الأسماء والصفات مبالغة في التنزيه، ومن الناس من يثبت لله صفات مثل صفاتالمخلوق مبالغة في الإثبات، وبين هذين الطرفين طوائف من الناس، وكل فريق من أولئكأيضاً هم طوائف فالمعطلة طوائف، والمشبهة طوائف، فاضطربت المذاهب في هذا الأصل.وكذلك في الشرع والقدر اضطراب واسع، فمنالناس من ينفي الشرع والقدر وينكرهما، ومن الناس من يثبت القدر ويكذب بالشرع، ومنالناس من هو بالعكس، فكان لابد من التنصيص على وجوب الإيمان بالشرع والقدر، وأيضاًفالجمع بين الشرع والقدر له معنى وذلك أن كلاً منهما يتعلق بأفعال العباد، فالقدرهو موجَب الإرادة الكونية، والشرع هو موجب الإرادة الشرعية، فهما متعلقان بأفعالالمكلفين، فما يقع من أفعال المكلفين فإنه تجري فيه الأحكام الكونية والأحكامالشرعية ، فطاعة المؤمن موجب الإرادتين، وكفر الكافر هو موجب الإرادة الكونية،فالإراد تان يجتمعان في إيمان المؤمن، وتنفرد الإرادة الكونية في كفر الكافر ومعصيةالعاصي؛ إذن فالشرع والقدر بينهما ارتباط من حيث تعلقهما بأفعــال المكلفين، فإنأفعال العباد لا تخـــرج عن قــدر الله تعالى، ولهذا فـإن الذين .
رد: شرح الرسالة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
رد: شرح الرسالة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
جزاكم الله خيرا
ورفع الله قدركم على التذكير