الفرق بين الوصف والصفة والنعت
يقول الإمام ابن القيّم رحمه الله -
الفرق بين الصفة والنعت من وجوه ثلاث:
أحدها:- أن [النعت] - يكون بالأفعال التي تتجدد، كقوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ) (الأعراف/54) الآية. وقوله (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ - وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ - وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ) (الزخرف/10-12) ونظائر ذلك.
و(الصفة) - هي الأمور الثابتة اللازمة للذات، كقوله تعالى: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ - هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ - هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الحشر/22-24) ونظائر ذلك.
الفرق الثاني:أن الصفات الذاتية لا يطلق عليها اسم النعوت، كالوجه واليدين، والقدم، والأصابع، وتسمى صفات، وقد أطلق عليها السلف هذا الاسم، وكذلك متكلمو أهل الإثبات، سموها صفات، وأنكر بعضهم هذه التسمية، كأبي الوفاء بن عقيل وغيره، وقال: لا ينبغي أن يقال: نصوص الصفات، بل آيات الإضافات؛ لأن الحي لا يوصف بيده ولا وجهه، فإن ذلك هو الموصوف، فكيف تسمى صفة؟ وأيضا: فالصفة معنى يعم الموصوف، فلا يكون الوجه واليد صفة.
والتحقيق: أن هذا نزاع لفظي في التسمية، فالمقصود: إطلاق هذه الإضافات عليه سبحانه، ونسبتها إليه، والإخبار عنه بها، منزهة عن التمثيل والتعطيل، سواء سميت صفات أو لم تسم.
الفرق الثالث:أن النعوت ما يظهر من الصفات ويشتهر، ويعرفه الخاص والعام، والصفات: أعم، فالفرق بين النعت والصفة فرق ما بين الخاص والعام، ومنه قولهم في تحلية الشيء: نعته كذا وكذا، لما يظهر من صفاته. وقيل: هما لغتان، لا فرق بينهما، ولهذا يقول نحاة البصرة: باب الصفة، ويقول نحاة الكوفة: باب النعت، والمراد واحد، والأمر قريب).
[مدارج السالكين: 3/345]---ويقول شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله -فثبت بهذه النصوص أن الكلام الذي يخبر به عن الله صفة له فإن الوصف هو الإظهار والبيان للبصر أو السمع كما يقول الفقهاء ثوب يصف البشرة أو لا يصف البشرة . وقال تعالى : { سيجزيهم وصفهم } وقال : { سبحان ربك رب العزة عما يصفون } وقال صلى الله عليه وسلم " { لا تنعت المرأة المرأة لزوجها حتى كأنه ينظر إليها } " والنعت الوصف . ومثل هذا كثير . و " الصفة " مصدر وصفت الشيء أصفه وصفا وصفة مثل وعد وعدا وعدة ووزن وزنا وزنة ; وهم يطلقون اسم المصدر على المفعول كما يسمون المخلوق خلقا ويقولون : درهم ضرب الأمير فإذا وصف الموصوف بأنه وسع كل شيء رحمة وعلما : سمي المعنى الذي وصف به بهذا الكلام صفة . فيقال للرحمة والعلم والقدرة : صفة بهذا الاعتبار ، هذا حقيقة الأمر . ثم كثير من " المعتزلة " ونحوهم يقولون : الوصف والصفة اسم للكلام فقط ; من غير أن يقوم بالذات القديمة معان ; وكثير من " متكلمة الصفاتية " يفرقون بين الوصف والصفة فيقولون : الوصف هو القول والصفة المعنى القائم بالموصوف ; وأما المحققون فيعلمون أن كل واحد من اللفظين يطلق على القول تارة وعلى المعنى أخرى . والقرآن والسنة قد صرحا بثبوت المعاني التي هي العلم والقدرة وغيرها - [مجموع الفتاوى] -------ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ((الصفة والوصف - تارة يراد به الكلام الذي يوصف به الموصوف كقول الصحابي في (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) : أحبها لأنها صفة الرحمن، وتارة يراد به المعاني التي دلَّ عليها الكلام: كالعلم والقدرة، والجهمية والمعتزلة وغيرهم تنكر هذه وتقول إنما الصفات مجرد العبارة التي يعبر بها عن الموصوف، والكلابية ومن اتبعهم من الصفاتية قد يفرقون بين الصفة والوصف فيجعلون الوصف هو القول والصفة المعنى القائم بالموصوف، وأما جماهير
الناس فيعلمون أن كل واحدٍ من لفظ الصفة والوصف مصدر في الأصل كالوعد والعِدة، والوزن والزِّنة، وأنه يراد به تارة هذا وتارة هذا))-مجموع الفتاوى (3/ 335)-