قول ابراهيم عليه السلام هَذَا رَبِّي؟-هل هو من باب المناظرة ام النظر
سئل الشيخ صالح ال الشيخ -قول ابراهيم عليه السلام هَذَا رَبِّي؟-هل هو من باب المناظرة ام النظر - الجواب- قول الله جل وعلا في - فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ،- يخبر الله جل وعلا عن إبراهيم الخليل عليه السلام أنه لما جن الليل عليه رأى كوكبا، وهذا الكوكب هو كوكب الزُّهرة لأنه يضيء وهو أقل الثلاثة المذكورة في هذه الآيات إضاءة، لما رأى الكوكب، وكان قومه يعبدون الكواكب -يعبدون النجوم ويعبدون الأصنام- سلك معهم طريق الحجة بِتَنَزُّل، وهذه هي التي نقل عن ابن كثير أنها من باب المناظرة لا من باب النظر.
القول الثانى - قول أن ابن جرير رحمه الله انه من باب النظر - و اعتمد في هذا على ما روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس في أن فيما يستفاد أنها من باب النظر؛ يعني أن إبراهيم عليه السلام لم يكن على هذا القول لم يكن يعلم حقيقة المسألة، هل هذه الكواكب، هل الشمس، هل القمر آلهة أم لا؟ فنظر ثم وصل إلى أنها ليست بآلهة، هذا معنى قول من قال إنها من باب النظر.--وهذا القول ليس بجيد؛ بل الصواب - هو قول ابن كثير رحمه الله تعالى - وهو الذي عليه المحققون من أهل السنة، أنه من باب المناظرة؛ ويعني ذلك أن إبراهيم ناظر قومه واحتج عليهم بحجج يقفون معها، ولا يمكنهم إلا التسليم لها، فقال -فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا - هذا الكوكب او الكواكب كما هو معلوم التي يعبدها أهل الكواكب هي سبعة - منها ثلاثة مضيئة الزهرة والقمر والشمس وأخفتها إضاءة الزهرة في الليل ثم تغرب، ثم القمر أعظم منها إضاءة يخرج في الليل، والشمس أعظمها إضاءة، فإبراهيم عليه السلام تنقّل شيئا فشيئا من أقلها إضاءة لأنهم كانوا يعتقدون في النور إلى أعظم إضاءة إلى الأعظم إضاءة، - قَالَ هَذَا رَبِّي - قال أهل العلم قوله - هَذَا رَبِّي - يعني أهذا ربي؟ وهذا من استفهام الإنكار، ثم لما أفل قال لا أحب الآفلين، ليدلهم على أن اعتقاهم مبطل من جهتين:
من جهة كون الكوكب في نفسه لا يصلح للربوبية.
والجهة الثانية أنه يأفل، والإله الحق يكون مع من يعبده لا يغيب عنه.
وهذا القول ظاهر الصحة والصواب، وذلك أن في الآيات ما يدل على صحته وذلك في قوله جل وعلا في آخر الآيات - وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء - فقد بين جل وعلا أنه آتى الحجة إبراهيم، فكان ذلك السياق سياق احتجاج لا سياق نظر، قال جل وعلا - وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ - فإنهم لو عقلوا لعلموا أن هذا الكوكب أن القمر في نفسه أن الشمس لا تصلح هؤلاء أن يكونوا آلهة، وكذلك في أفولها ما يدل على بطلان أنها آلهة.
ويؤيد هذا أن حرف الهمزة كما هو معلوم عند علماء العربية كما ذكره ابن هشام أوائل المعني اللبيب في الهمزة يقوي هذا آن الهمزة تحذف، همزة الاستفهام تحذف إذا دل المقام عليها واستشهدوا له بقول الشاعر:
تروح من الحي أم تبتكر وماذا عليك لو تنتظر
تروح من الحي يعني أتروح من الحي؟
يعني أن همزة الاستفهام معروف أنها قد تحذف إذا دل المقام عليها، ولهذا قوله هنا - هَذَا رَبِّي - يعني أهذا ربي؟ إنكارا عليهم، كما قال جل وعلا في سورة الأعراف في قصة لوط - إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء-[الأعراف:81]، أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء [النمل:55]، فقوله في سورة الأعراف - إِنَّكُمْ - يعني أَئِنَّكُمْ - فالهمزة محذوفة وهي همزة الإنكار، وهذه مباحثها معروفة عند علماء التفسير.
المقصود من هذا أن الصحيح أنه باب مناظرة، باب احتجاج دلّ عليها السياق في قوله - وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ - ودل عليه الوجه اللغوي العربي - والله أعلم.[لقاء مفتوح-بتصرف]