سلسلة الرد على من ضعف بعض أحاديث البخاري .
الحمد لله حمدا كثيرا جزيلا والصلاة والسلام على عبده ورسوله بكرة وأصيلا الحديث الأول
ما قاله الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في مختصر صحيح البخاري تبعا للحافظ العسقلاني
(ونحو ذلك ما تقدم في المجلد الأول (28 - جزاء الصيد/ 21 - باب):"أن رجلا قال: إن أختي نذرت أن تحج".
وأنها
رواية شاذة
عند الحافظ ابن حجر، والمحفوظ: "أن امرأة قالت: إن أمي نذرت ... الحديث".)انتهى
هذا عجيب , غريب من الشيخ رحمه الله تعالى
فالامام البخاري قد أخرج الحديث باللفظين جميعا
اللفظ الأول (ان أمي ) والمستفتي هي بنت المرأة التي ماتت
وباللفظ الثاني (ان أختي ) والقائل هو رجل , أخ المرأة
بل ان البخاري أخرجه بلفظ (أمي ) في موضعين , عن موسى بن اسماعيل , في الموضع الأول
وعن مسدد في الموضع الثاني (الثالث تبويبا), كليهما عن أبي عوانة عن أبي بشر عن سعيد عن ابن عباس
لكن رواه بلفظ (أختي ) عن شعبة عن ابي بشر في موضع واحد
ولا شك أن شعبة أحفظ من ابي عوانة لكن ليس بين الروايتين تعارض حتى يلجأ الى الترجيح الا بعد تعذر الجمع الممكن هنا.
قال ابن حجر
( قَوْلُهُ إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ كَذَا رَوَاهُ أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ بن عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْهُ وَسَيَأْتِي فِي النُّذُورِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ بِلَفْظِ أَتَى رَجُلٌ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ إِنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ وَأَنَّهَا مَاتَتْ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنَ الْأَخِ سَأَلَ عَنْ أُخْتِهِ وَالْبِنْتِ سَأَلَتْ عَنْ أُمِّهَا ) انتهى
وهذا الذي سبقه اليه الكرماني حين قال باحتمال وقوع الأمرين معا , فلا منافاة اذا.
وهذا هو الموضع الأول الذي أخرج فيه البخاري الحديث
قال البخاري
( (بابُ الحَجِّ والنُّذُورِ عنِ المَيِّتِ والرَّجُلِ يَحُجُّ عنِ المَرْأةِ)
حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عنْ أبِي بِشْرٍ عنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ عنْ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ امْرَأَة مِنْ جُهَيْنَةَ جاءتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَتْ إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أنْ تَحُجَّ فلَمْ تَحُجَّ حَتَّى ماتَتْ أفأحجُّ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا أرَأيْتِ لَوْ كانَ عَلَى أُمِّكِ ديْنٌ أكُنْتِ قَاضِيَةً اقْضُوا الله فَالله أحَقُ بِالوَفَاءِ.) انتهى
والملاحظ هنا أنه ترجم بلفظ (الرجل يحج عن المرأة )
لكنه في الرواية لم يذكر رجلا وانما السائل هو المرأة
وهذا من تفننه في اخراج الأحاديث مما يدل على سعة حفظه وتوسع اطلاعه
قال الحافظ (والذي يظهر لي أن البخاري أشار بالترجمة إلى رواية شعبة عن أبي بشر في هذا الحديث إنه قال فيه: أتى رجل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: إن أختي نذرت أن تحج الحديث ))انتهى
والبخاري من عادته ألا يعيد اسناد الحديث اذا كرره في موضع آخر
لذلك أتي بهاته الأسانيد الثلاثة المتغايرة التي لا تدع شكا عند أحد أنه امام الدنيا في الحديث وفقهه ولا يدركه أحد في حفظه واطلاعه