اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم
علينا فهم آيات الصفات وأحاديثها على منهج السلف الصالح
بارك الله فيك وفى أخانا الفاضل أبو البراء محمد علاوة على توضيحه لمنهج السلف فى فهم (أمروها كما جاءت)- وهذا مزيد بيان من كلام شيخ الاسلام-يقول شيخ الإسلام ابن تيمية
(فقول ربيعة ومالك : الاستواء غير مجهول موافق لقول الباقين
(أمروها كما جاءت بلا كيف ) فإنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة .
ولو كان القوم آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا : ( الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ) ولما قالوا : ( أمروها كما جاءت بلا كيف) فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوما بل مجهولا بمنزلة حروف المعجم
وأيضا فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبت الصفات.
وأيضا فإن من ينفي الصفات الجزئية - أو الصفات مطلقا - لا يحتاج إلى أن يقول ( بلا كيف ) فمن قال : ( إن الله ليس على العرش ) لا يحتاج أن يقول ( بلا كيف ) فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر فلما قالوا : بلا كيف؟
وأيضا فقولهم ( أمروها كما جاءت ) يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظا دالة على معاني فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال : ( أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد . أو أمروا لفظها مع اعتقاد أن من الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة ) وحينئذ تكون قد أمرت كما جاءت ولا يقال حينئذ ( بلا كيف ) إذا نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول). [ الفتوى الحموية ) ص 109 مطبعة السنة المحمدية ----------------------------و يقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله : (( فقد اخبر -رضي الله عنه- بأن نفس الاستواء معلوم وأن كيفية الاستواء مجهولة وهذا بعينه قول أهل الإثبات وأما النفاة فما يثبتون استواء حتى تجهل كيفيته بل عند هذا القائل الشاك وأمثاله إن الاستواء مجهول غير معلوم وإذا كان الاستواء مجهولا لم يحتج أن يقال الكيف مجهول لا سيما إذا كان الاستواء منتفيا فالمنتفي المعدوم لا كيفية له حتى يقال هي مجهولة أو معلومة وكلام مالك صريح في إثبات الاستواء وأنه معلوم وان له كيفية لكن تلك الكيفية مجهولة لنا لا نعلمها نحن ولهذا بدع السائل الذي سأله عن هذه الكيفية فان السؤال إنما يكون عن أمر معلوم لنا ونحن لا نعلم كيفية استوائه وليس كل ما كان معلوما وله كيفية تكون تلك الكيفية معلومة لنا )) (( القاعدة المراكشية ) ضمن مجموع الفتاوى ( 5/181)------------------ويقول رحمه الله تعالى (أمروها كما جاءت ) وفي رواية بلا كيف قال:( فقولهم رضى الله عنهم أمروها كما جاءت رد على المعطلة وقولهم بلا كيف رد على الممثلة والزهرى ومكحول هما أعلم التابعين فى زمانهم)----ويقول رحمه الله (أمرّوها كما جاءت . يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، وتحذير الناس من التماس معان مخالفة للمعنى المتبادر من اللفظ ، فإنها جاءت ألفاظاً دالة على معاني فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال:
أمرّوا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة)
[مجموع فتاوى ابن تيمية]------------------------------- يقول الامام بن باز رحمه الله-بل يجب إمرار الصفات كما جاءت على ظاهرها اللائق بالله جل وعلا بغير تحريف ولا تعطيل ، ولا تكييف ولا تمثيل ، فالله جل جلاله أخبرنا عن صفاته وعن أسمائه، وقال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ فعلينا أن نمرها كما جاءت، وهكذا قال أهل السنة والجماعة: أمروها كما جاءت بلا كيف ، أي أمروها كما جاءت بغير تحريف لها ولا تأويل ولا تكييف ، بل يقر بها كما جاءت على ظاهرها وعلى الوجه الذي يليق بالله جل وعلا، ومن دون تكييف ولا تمثيل . فيقال في قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى وأمثالها من الآيات إنه استواء يليق بجلال الله وعظمته، لا يشبه استواء المخلوقين، ومعناه عند أهل الحق: العلو والارتفاع. وهكذا يقال في العين، والسمع والبصر واليد والقدم ، وغير ذلك من الصفات الثابتة لله جل وعلا والواردة في النصوص الشرعية ، وكلها صفات تليق بالله سبحانه، لا يشابهه فيها الخلق جل وعلا، وعلى هذا سار أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم من أئمة السنة ، كالأوزاعي والثوري ومالك وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق وغيرهم من أئمة المسلمين رحمهم الله جميعا . ومن ذلك قوله تعالى في قصة نوح: وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا الآية، وقوله سبحانه في قصة موسى: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي فسرها أهل السنة بأن المراد بقوله سبحانه: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا أي أنه سبحانه سيرها برعايته جل وعلا ، حتى استوت على الجودي، وهكذا قوله في قصة موسى: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي أي على رعايته سبحانه وتوفيقه للقائمين على تربيته عليه الصلاة والسلام.
وهكذا قوله سبحانه للنبي صلى الله عليه وسلم: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا أي أنك تحت كلاءتنا وعنايتنا وحفظنا . وليس هذا كله من التأويل ، بل ذلك من التفسير المعروف في لغة العرب، وأساليبها ومن ذلك الحديث القدسي، وهوقول الله سبحانه: من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة يمر كما جاء عن الله سبحانه وتعالى، من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل، بل على الوجه الذي أراده الله سبحانه وتعالى، وهكذا نزوله سبحانه في آخر الليل، وهكذا السمع والبصر، والغضب والرضا، والضحك والفرح، وغير ذلك من الصفات الثابتة، كلها تمر كما جاءت على الوجه الذي يليق بالله من غير تكييف، ولا تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل، عملا بقوله سبحانه : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وما جاء في معناها من الآيات. أما التأويل للصفات وصرفها عن ظاهرها فهو مذهب أهل البدع من الجهمية والمعتزلة، ومن سار في ركابهم، وهو مذهب باطل أنكره أهل السنة والجماعة، وتبرءوا منه، وحذروا من أهله والله ولي التوفيق.--------------------------------
قال العلامة حافظ الحكمي -رحمه الله تعالى- في " سُلم الوصول إلى عِلم الأصول ":
وكُـلُّ ما لـه مِن الصِّفـات... أثْبَتَهـا في مُحكَـمِ الآيـاتِ
أوْ صَحَّ فيما قالَه الرَّسـولُ ... فَحقُّـهُ التسليـمُ والقبــولُ
نُمِـرُّها صريحةً كمَـا أتَتْ ... مع اعتِقادِنـا لِما لـه اقتضتْ
مِن غير تحريفٍ ولا تعطيلِ ...وغيـرِ تكييـفٍ ولا تمثيـلِ
بل قولُنا؛ قـولُ أئمةِ الهُدى ... طُوبى لمَن بِهديِهم قد اهتدَى
وسَمِّ ذا النوعِ مِن التوحيـدِ ... توحيدَ إثبـاتٍ بلا تـرديـدِ
قد أفصح الوحيُ المُبينُ عنه ... فالتمِسْ الهُـدى المنيرَ منهُ
لا تتبعْ أقـوالَ كـلِّ مـاردِ ... غاوٍ مُضـلٍّ مـارقٍ مُعـاندِ
فليس بعـد رَدِّ ذا التِّبيـانِ ... مثقـالُ ذرةٍ مـن الإيمـانِ