التعريف ب"معلَمَة" قيِّمة في العلوم الإسلامية من تأليف العلامة الشيخ فيصل المبارك رحمه الله ..
التعريف بـ"معلَمَة" قيِّمة في العلوم الإسلامية
من تأليف العلامة الشيخ فيصل المبارك رحمه الله ..
المسمَّاة :
( زُبدة الكلام في الأصول والآداب و الأحكام )
و هي : "موسوعة مصغَّرة" و ميسَّرة لمهمَّات متون العلوم الإسلامية مع شروح مختصرة عليها
من تصنيف: العلاَّمة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك المتوفى عام 1376ه
ـرحِمه الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة و السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين .
وبعد ، فإنَّ الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك يعتبر من أغزر علماء نجد والجزيرة العربية تأليفاً ، فقد تألَّفت من مصنفاته مكتبةٌ علمية ضخمة ، متنوعة الفنون ، إذ أن الشيخ - رحمه الله - ألَّف في جميع العلوم الإسلامية من التفسير والعقيدة والفقه والفرائض والحديث ، والرقائق والنحو ، ما بين مطوَّل ومختصر ..
و من تلك المجاميع التي ألَّفها الشيخ رحمه الله : مكتبة علمية مصغَّرة في مهمات العلوم الإسلامِيَّة تضمَّنت بعض شروحه ـ رحمه الله ـ على جُملةٍ من المتون العلميَّة ، سمَّاها :
( زبدة الكلام في الأصول والآداب و الأحكام )
و هذه "المعلمة" الرائدة منها مخطوطة في أربعة مجلَّدات في مكتبة الملك فهد ـ تصنيف مجموعة حريملاء ـ رقم = ( 258/3 ) ـ ( 229/3 ) ـ ( 230/3 ) ـ ( 231/3 ) تاريخ الإيداع 10/7/95م ، وعنها مصوَّرة بدارة الملك عبدالعزيز / مجموعة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك .
وقد حقَّقها مؤخَّراً فضيلة الشيخ المحقِّق الفاضل محمد الجوراني حفظه الله ، و هو من خيرة تلامذة العالمين الكبيرين:
الشيخ محمد ناصرالدين الالباني ، و الشيخ شعيب الأرنؤوط رحمهما الله
إلاَ أنَّها لم تُطبع بعد ....
و قد أعَـدَّها رحمه الله وجَمَع متونَها و شَرَحَها و انتخبَ فصولها بحيث تكون كافيةً للمبتدئين من الطلبة للترقِّي في مدارج الطلب ، والانخراط في جملة المنتسبين إلى أهل العلم .
ـ قال الشيخ فيصل رحمه الله في أول هذه المعلمة ـ و مقصودي بالمعلمة هاهنا : الموسوعة المصغَّرة ـ:
( أمَّا بعد ، فإنَّ كتب العلم قد كثُرت وانتشرَت ، و بُسِطَت و اختُصِرت ، فرأيتُ أن أجمَعَ منها ما يحفظُه الطالب و يعتمِد عليه ،ونقلتُ من كلام أهل العلم ما يبيِّن بعض معانيه ، ليكونَ أصلاً يَرجِعُ إليه ،وجسراً يعبُرُ منه إلى غيره إن شاء الله تعالى ، و العالم الربَّاني هو الذي يربِّي الناس بأصول العلم و واضحاتِه ، قبل فروعه ومشكلاته ، و رتَّبتُ الكتب التي أردتُ ، فبدأتُ :
1. بـ (الأربعين النووية) .
2. ثمَّ بـ ( عمدة الأحكام ) للحافظ عبدالغني المقدسي في الحديث .
3. ثمَّ ( كتاب التوحيد).
4. ثمَّ ( العقيدة الواسطية ) .
5. ثمَّ ( بلوغ المرام ) .
6. ثمَّ ( الدرر البهيَّة) .
7. ثمَّ ( نبذة في أصول الفقه ) .
8. وختمتُها بـ (غذاء القلوب ومفرج الكروب) .
و سمَّيتُه ( زبدة الكلام في الأصول والآداب و الأحكام ) و أسأل الله أن ينفعَني به وجميعَ من قرأه أو سمعه ، إنَّه لطيفٌ خبيرٌ ، آمين ) .
خصائص هذه المعلمة :
ــ تتميَّز هذه المكتبة العلمية بما يلي :
1. أنَّ مؤلف هذه المكتبة العلمية عالم جليل ومشهور ، سلفي المشرب ، من علماء الدعوة الإصلاحية .
2. أنَّ هذه المعلمة تعتبر أوَّل مكتبة علمية لطلبة العلم ، و بالتالي فهي الرائدة في هذا الفن ، بل لا أعلمُ أنَّه قد أُلِّفَ على منوالها لإفادة طلبة العلم ، لا قبلُ ، و لا بعدُ ، بل لعلَّ هذه المعلمة أن تكون أوَّلَ موسوعة "أصيلة" مصغَّرة في العلوم الإسلامية.
3. اختيار الشيخ رحمه الله للمتون العلمية المهمَّة التي يحتاج إليها طالب العلم .
4. تتجلَّى حصافة رأي الشيخ رحِمه الله لدى اختياره لهذه المجموعة من المختصرات النافعة من عِدَّة نواحٍ ، منها :
أ ـ دِقَّة اختيار الشيخ للمُتون المختارة في هذه المجموعة ، إذ كانت هي المتون الرئيسية المعتمدة من كافَّة العلوم الشرعية .
ب ـ اقتصار الشيخ لدَى شرحِه لهذه المختصَرات على توضيح أهم المباحث والمسائل ، مِمَّا يتناسب مع حالة طالب العلم المبتدئ أو المتوسط.
ج ـ و كذلك اقتصار الشيخ رحمه الله على علوم الغاية من فنون الشريعة ،كعلوم العقيدة والحديث والفقه دون علوم الآلة كالنحو و البلاغة والمنطق وغيرها .
د ـ و الملاحظ أنَّ الشيخ رحمه الله رتَّب هذه المتون حسب الترتيب المراعَى لدى أهل العلم :
1 ـ فابتدأ بـ "الأربعين النووية" للإمام النووي رحِمه الله ، و التي ما زال العلماء يَبتدِرون بها الطلبة المبتدئين ، وذلك لتعويد الطلبة على حفظ و فهم النصوص الشرعية و الأحاديث النبوية .
2ـ و عِنايةً بالعقيدة الإسلامية الصحيحة فقد أدرج الشيخ رحِمه الله شرحَه على كتاب "التوحيد" لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحِمه الله ، والذي يعتني ـ في الأغلب ـ بتوحيد الألوهية .
3 ـ أمَّا في توحيد الأسماء والصفات فقد أدرج الشيخ رحمه الله ـ بعد ذلك ـ شرحَه على "الواسطية " لشيخ الإسلام ابن تيمية رحِمه الله ، وهو أقدم شرح لذلك الأثر العلمي الجليل .
4 ـ ثم َّ شرَعَ الشيخ رحمه الله بالترقِّي بطالب العلم شيئاً فشيئاً ، فساق شرحه على "بلوغ المرام" للحافظ ابن حجر رحِمه الله ، و هو متن مشهور متداول في هذا الفن ، و ما زال العلماء يعتنون به ويحرصون على تدريسه ، و كان قبل ذلك قد أدرج شرحه على "عمدة الأحكام" للحافظ عبدالغني المقدسي رحِمه الله الذي غالباًَ ما يبتدئ به طلبة العلم في كافة الأمصار ، و في جميع المذاهب الفقهية .
5 ـ و عندما يحفظُ الطالبُ أحاديث الأحكام فينبغي عند ذلك أن يحفظَ متناً فقهياً ، إلاَّ أنَّ الشيخَ رحمه الله لم يعتمدْ مذهباً فقهياً معيَّناً في هذه الموسوعة ، بل أدرَج مختصرَ الشوكاني رحِمه الله المسمَّى بِـ"الدُّرر البهية" في الفقه الحديثي ، وذلك حتى يُفِيدَ مِن هذه الموسوعة طلبةُ العلم في جميع المذاهب الفقهية ، وحتى لا تنحصرَ هذه المَعلمةُ في طلبة العلم مِن مذهبٍ معين ، و لتكونَ شاملةً لجميع المذاهب الفقهية .
6ـ وإذا تصوَّر الطالبُ المسائلَ الفقهية وأتقنَها وعرف أدِلَّتها فأنَّه ينبغي له ألاَّ يكون جامداً على المذهب ، بل ينبغي له أن يدور مع الدليل الشرعي حيث دار ، و لذلك فمن المناسب ـ ها هنا ـ أن يقرأ الطالب متناً أصوليا في باب "التقليد والاجتهاد" ، و لذلك ساقَ الشيخُ رحمه الله بعد ذلك رسالةً مختصرة له في هذا الباب ، و هي: "مقام الرشاد في التقليد والاجتهاد" .
7 ـ ثمَّ خَتَم الكتاب بمختصر في الأذكار من إنشائه رحمه الله ، و هو: "غذاء القلوب ومفَرِّج الكروب " ، ليربطََ فيه الطالب بالمقصود من طلب العلم ، و هو التقرُّب إلى الله عز و جل بالعمل الصالح و الكلِمِ الطيب .
------------------------
و هذه مقدمة الشيخ فيصل رحمه الله
( أمَّا بعد ، فإنَّ كتب العلم قد كثُرت وانتشرَت ، و بُسِطَت و اختُصِرت ، فرأيتُ أن أجمَعَ منها ما يحفظُه الطالب و يعتمِد عليه ،ونقلتُ من كلام أهل العلم ما يبيِّن بعض معانيه ، ليكونَ أصلاً يَرجِعُ إليه ،وجسراً يعبُرُ منه إلى غيره إن شاء الله تعالى ، و العالم الربَّاني هو الذي يربِّي الناس بأصول العلم و واضحاتِه ، قبل فروعه ومشكلاته ، و رتَّبتُ الكتب التي أردتُ ، فبدأتُ :
1. بـ (الأربعين النووية) .
2. ثمَّ بـ ( عمدة الأحكام ) للحافظ عبدالغني المقدسي في الحديث .
3. ثمَّ ( كتاب التوحيد).
4. ثمَّ ( العقيدة الواسطية ) .
5. ثمَّ ( بلوغ المرام ) .
6. ثمَّ ( الدرر البهيَّة) .
7. ثمَّ ( نبذة في أصول الفقه ) .
8. وختمتُها بـ (غذاء القلوب ومفرج الكروب) .
و سمَّيتُه ( زبدة الكلام في الأصول والآداب و الأحكام ) و أسأل الله أن ينفعَني به وجميعَ من قرأه أو سمعه ، إنَّه لطيفٌ خبيرٌ ، آمين ) .
-----------------------------------------
من غًرر الفوائد المبثوثة خلال هذه المعلمة :
1 ـ يرى الشيخ رحمه الله أنه ينبغي للعالم أن يشرح للعامَّة أصول العلم و واضحاته ، فإنَّ فيها غُنيةٌ عمَّا أشكَل من مسائل العلم و دقائقه ، و التي لا يحتاج إليها الناس ـ في الغالب ـ إلاَّ لمماً ، و متى وقعت وجَدوا من أهل العلم من يُفتيهم .
ـ و في ذلك يقول الشيخ رحمه الله في خُطبَةِ معلمته : ( العالم الربَّاني هو الذي يربِّي الناس بأصولِ العلم و واضحاتِه ، قبل فروعِه ومشكلاته )[5].
2ـ وكان الشيخ رحِمه الله كثيراً ما يهتبلُ الفرصَ خلالَ مؤلَّفاته في الثناء على هذه الدولة السلفيةِ المبارَكَةِ ـ وفَّقها الله ـ ، و الإشادة بدعوتها الإصلاحية ، فمن ذلك قولُه رحِمه اللهُ في مقدِّمة "شرحِه على كتاب التوحيد"ـ المدرَج في هذه الموسوعة ـ :
أـ ( المصنِّف هو الإمامُ العالم التقيُّ شيخُ الإسلام محمد بن عبدالوهاب ، مجدِّدُ القرنِ الثاني عشر، نشأَ في بلادِ نجد ، وهم في أسوإ حال في أمور دينهم ودنياهم ، قد فشا فيهم الشركُ الأكبرُ والأصغرُ ، وكانوا متفرقين يُغِـيرُ بعضُهم على بعضٍ ، و يقتلُ بعضُهم بعضاً ، فدعاهُم إلى إخلاصِ العبادةِ لله وحدَه لا شريك له ، والاجتماعِ على دينِه ، فعَمدَ بعضُ أقرانِه لردِّ دعوته بغياً وحسداً كفعلِ أعداءِ الرسل ، قال تعالى : {وكذلك جعلنا لكلِّ نبيٍ عدواً شياطين الإنس والجن } ، فصبرَ ومضَى ودعا إلى اللهِ على بصيرة ، فنصرَه الله وأيَّدَه بهذه الشجرةِ المباركةِ ، وهم : آل سعود ، فقاتلوا الناس ، وهدموا القبور التي تُعبدُ من دون الله و ألزموهم بسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و هذا مصداقُ قولِه صلى الله عليه و سلم : ( لا تزال طائفةٌ من أمَّتي على الحق لا يضرُّهم من خذَلَهم و لا من خالفَهم حتى يأتيَ أمرُ الله تبارك وتعالى ) [6] )[7]
ب ـ وقال الشيخ فيصل المبارك ـ رحمه الله ـ في الكتاب السابقِ في معرِضِ الثناء على دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الإصلاحية لدى شرحه لِباب :( ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان ) من كتاب التوحيد ، و ذلك عند كلامه على حديث ( لا تقوم الساعة حتى يلحقَ حيٌ من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان ) ، بعد أن ساق قولَ الشوكاني ـ عن أحوال عامَّة أهل عصره ـ في "نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار":
ـ ( و بالجملة أنَّهم لم يدعوا شيئاً ممَّا كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلاَّ فعلوه ، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون ، و مع هذا المنكر الشنيع والكفر الفظيع لا تجد من يغضب لله ويغار حَميَّةً للدِّين الحنيف ، لا عالماً و لا متعلِّماً و لا وزيراً و لا ملكاً ــ فيا علماء الدين، و يا ملوك المسلمين ، أيُّ رِزءٍ للإسلام أشدُّ من الكفر ، و أيُّ بلاءٍ لهذا الدين أضرُّ عليه من عبادة غير الله ، وأيُّ مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة ، و أي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك البيِّن واجباً .
لقد أسمعت لو ناديت حـيّاً و لبكن لا حياة لمن تنادي
ولو ناراً نفختَ بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رمـادِ ) [8]
*فقال الشيخ فيصل معقِّباً على كلام الشوكاني ـ رحِمهما الله ـ:
( قلتُ : قد وجدنا ـ ولله الحمد ـ من قام بهذا الأمر ، و هدَمَ بعض هذه الأوثان ، وأمر بعبادةِ الله وحده لا شريكَ له ، و هو شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب مصنف هذا الكتاب ، وذرِّيَّتُه وأعوانُه ـ رحمهُم الله تعالى ـ ، وقد أيَّدَهم الله و نصرَهم بآل سعود أعزَّهم الله تعالى و نصرَهم كما نصروا التوحـيدَ وأهلَه )[9].
وختاماً تحسُن الإشارةُ إلى عِدَّة نقاط :
1ـ بعض الكتب التي أوردها الشيخ في الموسوعة سَبق طبعُها مفرَدةً في حياته رحمه الله، وبعضها طُبِع مؤخَّراً .
2ـ قد يختلف النصُّ الواردُ في المجموعِ عن النصوصِ المفرَدة المطبوعة زيادةً أو نقصاً .
3ـ تقوم بعضُ دُورِ النشر ـ وفَّقها الله ـ على تحقيقِ هذه "الموسوعة العلمية المصغَّرة" عن أصلِها الخطي على أسسٍ علمية ومنهج وثيق، و بإشراف بعض الأخوة من طلبة العلم المتمكنين.
4ـ حبَّذا لو استثمرَتْ بعضُ الجهات الرسمية المختصَّة هذه الموسوعة دعَوِياً و عِلمياً ، و تبنَّت الإشرافَ على طباعتِها ، و مِن ثَمَّ توزيعِها على طلبة العلم .
وعلى الله قَصْدُ السَّبيلِ، و تكثير القليل ، و به المستَعان ، وعليه التُّكلان ، وصلى الله و بارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
محمد بن حسن بن عبدالله المبارك
29/2/1427 هـ .
.
[1] "توفيق الرحمن في دروس القرآن" / مقدمة /ج 1 / ص 57 .
[2] "توفيق الرحمن في دروس القرآن" / مقدمة /ج 1 / ص 57 .
[3] سورة "النساء" : الآية (23)
[4] "توفيق الرحمن في دروس القرآن " / مقدمة المؤلف ـ ص 59 ــ دار العاصمة.
[5] ( زبدة الكلام في الأصول والآداب و الأحكام ) / مخطوط ـ ورقة (1) .
[6] رواه أحمد(26/94) وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع ( 2/1220) .
[7] مخطوطة "زبدة الكلام" ج2 ـورقة (33).
[8] مخطوطة "زبدة الكلام" ج2 ـورقة (48)..
[9] مخطوطة "زبدة الكلام" ج2 ـورقة (49).
.