فوائد علمية إيمانية لفضيلة شيخنا العابد محمد الدبيسي حفظه الله (متجدد)
الفائدة 1
إنَّ القرآن الكريم هو أعظم ما يُصلِح المرءَ وهو أول ما ينبغي أن يُقبل عليه أشدَّ الإقبال، لا سيما في شهر رمضان، شهر القرآن، كما قال سبحانه وتعالى: ففف شَہۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَـٰتٍ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡـفُـرۡقَان ِققق [ البقرة : ١٨٥ ] فإذا أحب المرء القرآنَ وأقبل عليه وأَدْمَن قراءَته، وحاول أن يتدبَّر معانيَه، يوشك أَنْ يَنتقل من حالته السيئة، إلى حالة القرب من الله تعالى ومحبته، إذ أن أعظم الأدلة على محبة الله والإقبال عليه هو محبَّة القرآن الكريم، والإقبالُ عليه، وعدمُ الملَلِ منه، بل أن يكون القرآن زادَ المرء، وفِكْره وتدبُّرَه، وتأمُّلَه، وإقبالَه، وجلوسَه، وقيامه، وحركتَه، وسكونَه، وأن يكون القرآن قائدَهُ في كل أموره.
والمرء إذا أراد أن يعرف منزلتَه عند الله تعالى، فليرى منزلة القرآن عنده، هل هو من المقبلين على كلام الله تعالى الملازمين له أو أنه من المقصرين في حقه الهاجرينَ لتلاوته والعمل به ؟! جاء رمضان إذن ليخرج المرء من هجر تلاوة القرآن وهجْر سماعه، وهجر العلم والتعليم له، وهجر التدبُّر والفَهْم له، وهجر التَّحاكُم والتَّحْكِيم لأوامره، وهَجْر الاستشفاء به؛ ليكون رمضان عهداً جديداً للمرء مع كتاب الله تعالى، يدخل به في زمرة أهل القرآن .. هؤلاء الذين قال فيهم رسول الله (ص): « أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ»، فيسارع إلى الانكباب على كلام ربه ولا يتكاسل عنه، ويقبل عليه ليله ونهاره، ولا ينشغل بغيره .. فقد كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم لا يشغلهم شيءٌ عن القرآن الكريم، قيامًا وتلاوةً وذكرًا وتعلُّمًا وتعليمًا وفَهمًا واتباعاً، فكان القرآن بَرَكتَهم، وهدايتَهم، ونورَهم، ورحمتَهم، وشفائَهم وغذاءهم، واستخرج ما كان فيهم من عِلَل كافة، فانتقلوا به من الجاهلية إلى الإسلام، وتطهرت به قلوبهم وأرواحهم، وأضاء طريقَهم إلى الله تعالى.