السنة كالقرآن من جهة التشريع
عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَانًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ، وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، أَلَا وَلَا لُقَطَةٌ مِنْ مَالِ مُعَاهَدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا، وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُمْ، فَلَهُمْ أَنْ يُعْقِبُوهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُمْ»([1]).
قال الإمام الخطابي رحمه الله (388هـ): «قوله: «يُوشِكُ شَبْعَانٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ»؛ فإنه يُحَذِّر بذلك مخالفة السنن التي سنها رسول الله ﷺ مما ليس له في القرآن ذِكْر على ما ذهبت إليه الخوارج والروافض؛ فإنهم تعلقوا بظاهر القرآن، وتركوا السنن التي قد ضُمِّنت بيان الكتاب؛ فتحيروا وضلوا... وفي الحديث دليل على أنه لا حاجة بالحديث أن يُعرض على الكتاب، وأنه مهما ثبت عن رسول الله ﷺ كان حجة بنفسه؛ وأما ما رواه بعضهم أنه قال: «إِذَا جَاءَكُمُ الْحَدِيثُ فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ، فَإِنْ وَافَقَهُ فَخُذُوهُ، وَإِنْ خَالَفَهُ فَدَعُوهُ»؛ فإنه حديث باطل لا أصل له؛ وقد حكى زكريا بن يحيى الساجي، عن يحيى بن معين أنه قال: هذا حديث وضعته الزنادقة»اهـ([2]).
[1])) أخرجه أحمد (17174)، وأبو داود (4604)، والترمذي (2664)، وقال: «هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه»، وابن ماجه (12)، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (2643).
[2])) «معالم السنن» (4/ 298، 299).