معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "
{ وَكَأْسًا دِهَاقًا} النبأ: 34
قوله ( وَكَأْسًا ): الكأس كل إناء فيه شراب فهو كاس، فإذا لم يكن فيه شراب. فليس بكأس.
قاله الزجاج في معاني وإعراب القرآن.
قوله ( دِهَاقًا ): ممتلئا، مكتظا؛ متتابعا غير منقطع لا ينفد، ولا تشوبه شائبة؛ بخلاف ما عهده الشُّرابُ في الدنيا.
فقد لا يملئ لهم الكأس بتمامه، أو لا يتتابع لهم الشراب، أو ينقطع شرابهم لكونه نفد، أو لا يقدر على شرب المزيد؛ إما لمطلق الزيادة، أو قبح الشراب.
قال عبدالله بن حسنون السامري في اللغات في القرآن، وابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن: يعني ملأى بلغة هذيل.
وهو قول ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل، وأبي عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب، ومكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: أي ملأى.
وبه قال السمين الحلبي في الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، وابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن.
وهو قول الجرجاني في درج الدرر في تفسير الآي والسور، والبقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، وابن أبي زمنين في تفسيره، والواحدي في الوجيز.
سوى أنهم قالوا: ممتلئة.
وقال التستري في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل: أي مملوءة.
وزاد التستري: متتابعة.
قال الألوسي في روح المعاني: يقال: دهق فلان الحوض وأدهقه أي: ملأه.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز: «الدهاق» : المترعة(1) فيما قال الجمهور.
قال مكي: ملأى من الخمر مترعة.
وقال ابن عباس: دِهَاقًا: قال: الكأس: الخمر. والدهاق: الملآن.
حكاه نافع بن الأزرق في مسائله.
و روى ابن أبي حاتم في تفسيره عن عباس: "وكأسا دهاقا" قال: ممتلئا.
قال الزجاج في معانيه: ومعنى دهاقا مليء، وجاء في التفسير أيضا أنها صافية.
قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: والمراد بالكأس الخمر، قال الضحاك: كل كأس في القرآن فهو خمر، التقدير. وخمرا ذات دهاق، أي عصرت وصفيت بالدهاق.
المعنى الإجمالي للآية:
يقول: وكأسا ملأى متتابعة على شاربيها بكثرة وامتلاء، وأصله من الدهق: وهو متابعة الضغط على الإنسان بشدة وعنف، وكذلك الكأس الدهاق: متابعتها على شاربيها بكثرة وامتلاء.
قاله أبو جعفر الطبري.
..............
(1): قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: [ترع] حوضٌ تَرَعٌ بالتحريك، وكوزٌ ترع، أي ممتلئ.
وقد ترع الإناء بالكسر، يَتْرَعٌ تَرَعاً، أي امتلأ. وأَتْرَعْتُهُ أنا، وجَفْنَةٌ مُتْرَعَةٌ.
قال ابن فارس في مجمل اللغة: وأترعتُ الإناء: ملأته، وجفنة مترعة.
قال ابن سيده في المحكم والمحيط الأعظم: وأدهَق الكأس: ملأها.
وفي المعجم الوسيط: (الدهاق) يُقَال كأس دهاق مترعة ممتلئة ومتتابعة على شاربيها وصافية وَمَاء دهاق كثير.
............
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك (واتساب)، للإبلاغ عن خطأ:00966509006424
تليجرام: https://t.me/abdelrehim19401940
قوله تعالى
قوله تعالى {وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ}: الشعراء (148)
قوله تعالى
{وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ}: الشعراء (148)
*قوله {طَلْعُهَا}:* طلع النخلة كفراها، وهو أول ما يبدو من ثمرها.
قاله الجرجاني في درج الدرر في تفسير الآي والسور.
قال البغوي في تفسيره، والواحدي في الوجيز، وابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب: أي ثمرها.
زاد البغوي: *يريد ما يطلع منها من الثمر.
قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ}: "طَلْعُهَا": ما يطلع منها؛ وهو ثمرها.
قال النحاس في معاني القرآن: أي ثمرها كأنه أول ما يطلع منها.
قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: أي ما طَلَعَ منها.
*قوله {هَضِيمٌ}:* منهضم، أو مهضوم. وهو فعيل بمعنى مفعول؛ وقد سبق - بحمد الله - ذكر الآيات التي التي في معناها؛ نحو قوله تعالى {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا}: الرقيم: أي المرقوم؛ وهو الكتاب. كما في قوله {كتاب مرقوم}: أي مكتوب.
وقوله {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ}: قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، والطبري، والسمعاني في تفسيره: أي منضود.
زاد الطبري: بعضه على بعض متراكب.
فقوله تعالى {هَضِيمٌ}: أي منهضم.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، ومكي بن حموش في تفسير المشكل من غريب القرآن.
قال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط: أي مريء، وهضيم - أيضا - ناعم.
قال النسفي في مدارك التنزيل: لين نضيج ؛كأنه قال ونخل قد أرطب ثمره.
قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: والهضيم: اللين الرطب، فالمعنى طلعها يتم ويرطب.
قال الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن: ثمرها يانع لين نضيج.
قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: أي منضم قبل أن ينشق عنه القشر.
وقال ابن عباس: متصل بعضه إلى بعض.
حكاه نافع ابن الأزرق في مسائله لابن عباس.
قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: الهضيم: الداخل بعضه في بعض، وهو فيما قيل أن رطبه بغير نوى، وقيل الهضيم الذي يتهشم تهشما.
والهضيم في اللغة الضامر الداخل بعضه في بعض ولا شيء في الطلع أبلغ من هذا.
وقال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: {هضيم} أي جواد كريم من قولهم: يد هضوم - إذا كانت تجود بما لديها، وتفسيره بذلك يجمع أقوال العلماء، وإليه يرجع ما قال أبو عبد الله القزاز معناه أنه قد هضم - أي ضغط - بعضه بعضا لتراكمه، فإنه لا يكون كذلك إلا وهو كثير متقارب النضد، لا فرج بينه، ولطيف لين هش طيب الرائحة، من الهضم بالتحريك، وهو خمس البطن ولطف الكشح؛ والهاضم وهو ما فيه رخاوة، والهضم: البخور، والمهضومة: طيب يخلط بالمسك واللبان؛ قال الرازي في اللوامع: أو يانع نضيج لين رخو ومتهشم متفتت إذا مس، أو يهضم الطعام، وكل هذا يرجع إلى لطافته.
قال الواحدي في البسيط: الهضيم معناه في اللغة: كسر ما فيه رخاوة ولين. تقول: هضمته فانهضم كالقصبة المهضومة التي يزمر بها، والهضيم بمعنى المهضوم فيدخل في هذا اللين، واللطيف، والرخص، واليانع، والنضيج، والمنضم، والمتراكب؛ لأنه إذا تراكب صار كأن كل واحد قد نقص منه شيء، وكذلك: المنهشم. ويكون الهضيم بمعنى النقصان وهو نوع من الكسر، يقال: هضم له من حقه إذا كسر له منه. واللطيف في وصف الثمر هو: الرقيق الجسم؛ سمي هضيما لنقصانه، كما يقال: هضيم الحشا.
قال الطبري في تفسيره: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: الهضيم: هو المتكسر من لينه ورطوبته، وذلك من قولهم: هضم فلان حقه: إذا انتقصه وتحيفه، فكذلك الهضم في الطلع, إنما هو التنقص منه من رطوبته ولينه إما بمسّ الأيدي, وإما بركوب بعضه بعضا، وأصله مفعول صرف إلى فعيل.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا}: " فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا ": أي لا يخاف أن يمنع الثواب كله. وقوله {وَلَا هَضْمًا}: ولا نقصا؛ أي لا ينقص من ثوابه ولو مثقال ذرة، سيوفى ثوابه كاملا؛ فذلك قوله { إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}.
قال ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن: أي لا يخاف ظلما فلا يظلم بأن يحمّل ذنب غيره عليه. ولا هضما: أي ولا يهضم فينقص من حسناته أو يعطى منها شيء لغيره، يقال: هضمه واهتضمه، إذا نقصه حقّه.
قال الفراء في معاني القرآن: تقول العرب: هضمت لك من حقي أي حططته.
انتهى كلامه.
فقوله {ولا هضما}: نقصا.
قاله أبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وابن الجوزي في تذكرة الاريب، وابو حيان الأندلسي في تحفة الأريب.
وقال - أيضا - أبو بكر السجستاني: أي ولا يهضم فينقص من حسناته. يقال: هضمه واهتضمه إذا نقصه حقه.
قال غلام ثعلب في الياقوتة: الهضم: النقص.
قال ابن قتيبة في غريب القرآن: {ولا هضما}: أي نقصة. يقال: تهضمني حقي وهضمني. ومنه هضيم الكشحين: أي ضامر الجنبين، كأنهما هضما. وقوله: {ونخل طلعها هضيم} أي منهضم.
قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: الهضم: النقص، يقال فلان يهضمني حقي أي ينقصني، كذلك هذا شيء يهضم الطعام، أي ينقص ثقلته.
قال السمين الحلبي في الدر المصون: ورجل هضيم ومُهْتَضَم أي: مظلومٌ. وهَضَمْتُه واهْتَضَمْتُه وتَهَضَّمْتُه، كلٌ بمعنىً. اقل المتوكل الليثي:
إنَّ الأذِلَّةَ واللِّئامَ لَمَعْشَرٌ ... مَوْلاهُمُ المُتَهَضِّمُ المظلومُ
قيل: والظلمُ والهَضْمُ متقاربان. وفَرَّق القاضي الماوردي بينهما فقال: «الظلمُ مَنْعُ جميعِ الحقِّ، والهضمُ مَنْعُ بعضِه».
................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".