قال تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ):
قال معاذ: (العمل الصالح الذي فيه أربعة أشياء: العلم، والنية، والصبر، والإخلاص). تفسير البغوي: (1/ 27).
عرض للطباعة
قال تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ):
قال معاذ: (العمل الصالح الذي فيه أربعة أشياء: العلم، والنية، والصبر، والإخلاص). تفسير البغوي: (1/ 27).
قال تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ):
قال الطاهر بن عاشور في تفسيره: (1/ 354): (جري الأنهار أكمل محاسن الجنات المرغوب فيها).
قال تعالى: (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ):
قال السعدي في تفسيره: (صـ 46): (ثم لما ذكر مسكنهم، وأقواتهم من الطعام والشراب وفواكههم، ذكر أزواجهم، فوصفهن بأكمل وصف وأوجزه، وأوضحه فقال: {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} فلم يقل: (مطهرة من العيب الفلاني)، ليشمل جميع أنواع التطهير، فهن مطهرات الأخلاق، مطهرات الخلق، مطهرات اللسان، مطهرات الأبصار، فأخلاقهنَّ، أنهنَّ عرب متحببات إلى أزواجهنَّ بالخلق الحسن، وحسن التبعل، والأدب القولي والفعلي، ومطهر خلقهنَّ من الحيض والنفاس والمني، والبول والغائط، والمخاط والبصاق، والرائحة الكريهة، ومطهرات الخلق أيضا، بكمال الجمال، فليس فيهنَّ عيب، ولا دمامة خلق، بل هنَّ خيرات حسان، مطهرات اللسان والطرف، قاصرات طرفهنَّ على أزواجهنَّ، وقاصرات ألسنتهنَّ عن كل كلام قبيح).
نعتذر على كثرت الأسئلة
ولكن
النية ألا تدخل في الإخلاص؟!
قال تعالى: (وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ):
قال ابن كثير في تفسيره: (1/ 61): (هذا هو تمام السعادة؛ فإنهم مع هذا النعيم في مقام أمين من الموت والانقطاع، فلا آخر له ولا انقضاء؛ بل في نعيم سرمدي أبدي على الدوام، والله المسؤول أن يحشرنا في زمرتهم، إنه جواد كريم بَرٌ رحيم).
قال تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ):
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: (16/ 588): (قوله {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} أي كل من ضل به فهو فاسق، فهو ذم لمن يضل به فإنه فاسق، ليس أنه كان فاسقًا قبل ذلك؛ ولهذا تأولها سعد بن أبي وقاص في الخوارج وسماهم: (فاسقين)؛ لأنهم ضلوا بالقرآن، فمن ضل بالقرآن فهو فاسق).
قال تعالى: (يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ):
قال البقاعي في تفسيره: (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور): (1/ 77): (وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا، أي ببركة اعتقادهم الخير، وتسليمهم له الأمر يهديهم ربهم بإيمانهم؛ فيفهمهم المراد منه، ويشرح صدورهم لما فيه من المعارف؛ فيزيدهم به إيمانًا وطمأنينة وإيقانًا، والمهديون كثير في الواقع، قليل بالنسبة إلى الضالين).
العمل بالآيات: (25 - 29)، من سورة البقرة:
1 - اكتب ثلاث صفات تتمناها وقد ذكرها القرآن في الجنة: (كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
2 - تذكر عهدًا قطعته على نفسك وأخرت الوفاء به، وبادر بذلك: (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ).
3 - قم اليوم بزيارة بعض أرحامك، أو إرسال هدية لهم، أو الاتصال والسؤال عنهم: (وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ).
التوجيهات من الآيات: (25 - 29)، من سورة البقرة:
1 - السكن، والرزق، والزوجة، والأمن من الموت، هذه أمنيات الإنسان واكتمالها ودوامها لا يكون إلا في الجنة: (لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
2 - المؤمن إذا جاءه أمر الله تعالى قابله بالتسليم والامتثال، وأما المنافق فيكثر الجدال بقصد إبطاله: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا).
3 - الإيمان يكسب صاحبه فراسة يعرف بها الحق من الباطل: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا).
قال ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم 1 / 63:
والنيةُ في كلام العُلماء تقعُ بمعنيين:
أحدهما: بمعنى تمييز العباداتِ بعضها عن بعضٍ، كتمييزِ صلاة الظُّهر مِنْ صلاةِ العصر مثلاً ، وتمييزِ صيام رمضان من صيام غيرِه، أو تمييز العباداتِ مِنَ العادات ، كتمييز الغُسلِ من الجَنَابةِ مِنْ غسل التَّبرُّد والتَّنظُّف، ونحو ذلك، وهذه النيةُ هي التي تُوجَدُ كثيراً في كلامِ الفُقهاء في كتبهم.
والمعنى الثاني: بمعنى تمييزِ المقصودِ بالعمل، وهل هو لله وحده لا شريكَ له، أم غيره، أم الله وغيرُه ، وهذه النيّة هي التي يتكلَّمُ فيها العارفُونَ في كتبهم في كلامهم على الإخلاص وتوابعه، وهي التي تُوجَدُ كثيراً في كلام السَّلَفِ المتقدّمين.
وقد صنَّفَ أبو بكر بنُ أبي الدُّنيا مصنَّفاً سمَّاه: كتاب ((الإخلاص والنية)) ، وإنّما أراد هذه النية، وهي النيةُ التي يتكرَّر ذكرُها في كلام النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تارةً بلفظ النيةِ، وتارةً بلفظ الإرادة، وتارةً بلفظٍ مُقاربٍ لذلك، وقد جاء ذكرُها كثيراً في كتابِ الله - عز وجل - بغيرِ لفظِ النِّيَّةِ أيضا مِنَ الألفاظ المُقاربةِ لها.
وإنَّما فرَّقَ مَنْ فَرَّقَ بين النيةِ وبينَ الإرادة والقصدِ ونحوهما؛ لظنِّهم اختصاصَ النية بالمعنى الأوَّلِ الذي يذكُرُهُ الفقهاءُ، فمنهم من قال: النيةُ تختصُّ بفعلِ النَّاوي، والإرادةُ لا تختصُّ بذلك، كما يريدُ الإنسانُ مِنَ اللهِ أن يغفرَ له، ولا ينوي ذلك.
وقد ذكرنا أنَّ النية في كلام النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وسلفِ الأمَّةِ إنَّما يُرادُ بها هذا المعنى الثاني غالباً، فهي حينئذٍ بمعنى الإرادة، ولذلك يُعبَّرُ عنها بلفظِ الإرادة في القرآن كثيراً، كما في قوله تعالى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ} ، وقوله: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَة} ، وقوله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} ، وقوله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً} ، وقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ} ، وقوله: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} ، وقوله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ، وقوله
:
{ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} .
وقد يُعَبَّرُ عنها في القرآن بلفظ ((الابتغاء)) ، كما في قوله تعالى: {إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} ، وقوله: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ
الله} ، وقوله: {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ الله} ، وقوله: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً}.
فنفى الخيرَ عَنْ كثيرٍ ممّا يتناجى الناسُ به إلاَّ في الأمرِ بالمعروف، وخصَّ من أفراده الصَّدقةَ، والإصلاحَ بينَ النَّاس؛ لعموم نفعهما، فدلَّ ذلك على أنّ التَّناجي بذلك خيرٌ، وأمّا الثوابُ عليهِ مِنَ اللهِ فخصّه بِمَنْ فعله ابتغاءَ مرضات الله.
وأمّا ما ورد في السُّنَّةِ وكلام السَّلفِ مِنْ تسمية هذا المعنى بالنِّيَّةِ، فكثيرٌ جداً، ونحن نذكر بعضَه، كما خرَّج الإمام أحمدُ والنَّسائيّ مِنْ حديثِ عُبادةَ بنِ الصَّامتِ، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((مَنْ غَزَا في سَبيلِ الله ولم يَنْوِ إلاَّ عِقالاً، فله ما نوى)) .. إلخ كلامه رحمه الله .
فتبين من خلال ما سبق أن النية أعم من الإخلاص.
للفائدة:
قال ابن تيمية في: (مجموع الفتاوى): (18/ 251 - 252):
فصل:
لفظ: (النية)، في كلام العرب من جنس لفظ القصد والإرادة ونحو ذلك تقول العرب: نواك الله بخير أي: أرادك بخير ويقولون: نوى منويه وهو المكان الذي ينويه يسمونه نوى كما يقولون: قبض بمعنى مقبوض، والنية يعبر بها عن نوع من إرادة ويعبر بها عن نفس المراد، كقول العرب: هذه نيتي يعني: هذه البقعة هي التي نويت إتيانها ويقولون: نيته قريبة أو بعيدة أي: البقعة التي نوى قصدها؛ لكن من الناس من يقول: إنها أخص من الإرادة؛ فإن إرادة الإنسان تتعلق بعمله وعمل غيره والنية لا تكون إلا لعمله فإنك تقول: أردت من فلان كذا ولا تقول نويت من فلان كذا).
بارك الله فيكم