السلام عليكم
هل هذه المقولة صحيحة:
الجهمية وإخوانهم يقولون ما ثم فوق الخلق شيء
وأهل وحدة الوجود يقولون ما ثم إلا الله
وأهل السنة والجماعة يقولون ما ثم فوق الخلق إلا الله
وجزاكم الله خيرا
عرض للطباعة
السلام عليكم
هل هذه المقولة صحيحة:
الجهمية وإخوانهم يقولون ما ثم فوق الخلق شيء
وأهل وحدة الوجود يقولون ما ثم إلا الله
وأهل السنة والجماعة يقولون ما ثم فوق الخلق إلا الله
وجزاكم الله خيرا
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
المقولة الأولى للجهمية والمعتزلة ومتأخري الأشاعرة صحيحة النسبة اليهم
وقولهم (ما ثم فوق الخلق شيء) يقصدون نفي علو الله تعالى على خلقه واستوائه على عرشه
فليس عندهم خاج العالم الا العدم المطلق , ولما نفوا أن يكون الله خارج العالم اضطربوا بعد ذلك في اثبات وجوده
فمنهم من نفي أن يكون داخل العالم كما أنه ليس خارجه , فلا هو داخل العالم ولا خارجا عنه وهذا لاثباث المباينة بين وجوده ووجود المخلوقات
ومنهم من اضطر بعد أن نفي أن يكون خرجا عن العالم منفصلا عنه ان يقول أنه اما داخل العالم أو هو العالم نفسه
فجعلوا وجوده هو عين وجود المخلوقات وقالوا هو حال في كل مخلوق وهذا عينه قول الاتحادية
وهو القول الثاني لأصحاب وحدة الوجود (وأهل وحدة الوجود يقولون ما ثم إلا الله)
فلمانفوا أن يكون الله بائنا عن خلقه منفصلا بوجوده عن كل موجود , لم يبق عندهم الا وجود واحد يتحد فيه الخالق والمخلوق
فقالوا ما ثم الا الله , اي ما ثم وجود الا الله , ووجود الخالق هو عين وجود المحلوق وليس في الوجود حقيقة الا هو
لكن هاته العبارة قد يكون لها جانب من الصواب اذا قصد بها القائل أن ما ثم خالق الا الله ولا رب سواه ولا رازق غيره ولا أحد يحيي ويميت ويرفع ويخفض ويعز ويذل الا هو
فان كان هذا هو المقصود كان هذا هو عين التوحيد
أما المقولة الثالثة فهي الوسطى , ففيها اثباث لما نفاه أصحاب المقولة الأولى من أن الله ليس عال على خلقه
وفيها نفي لما أثبته الطائفة الثانية من أنه حال في خلقه متصل متحد بكل موجود
تعالى الله عن كل نقص وتقدس عن كل عيب
فهم أهل الحق وأصحاب الصراط المستقيم
فقد أثبتوا لله صفات الكمال التي نفاها عنه وعطلها الجهمية
ونفوا عنه صفات النقص التي أثبتها له الحلولية والاتحادية والمشبهة
سئل شيخ الإسلام وحجة الأنام أبو العباس ابن تيمية - رضي الله عنه - :
عمن يقول : إن ما ثم إلا الله ، فقال شخص كل من قال هذا الكلام فقد كفر .
فأجاب - رضي الله عنه - :
الحمد لله ، قول القائل ما ثم إلا الله : لفظ مجمل يحتمل معنى صحيحا ومعنى باطلا ، فإن أراد : ما ثم خالق إلا الله ولا رب إلا الله ولا يجيب المضطرين ويرزق العباد إلا الله فهو الذي يعطي ويمنع ويخفض ويرفع ويعز ويذل وهو الذي يستحق أن يستعان به ويتوكل عليه ويستعاذ به ويلتجئ العباد إليه ؛ فإنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا ينفع ذا الجد منه الجد كما قال تعالى في فاتحة الكتاب : { إياك نعبد وإياك نستعين } وقال تعالى : { فاعبده وتوكل عليه } وقال : { قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب } . فهذه المعاني كلها صحيحة وهي من صريح التوحيد وبها جاء القرآن ، فالعباد لا ينبغي لهم أن يخافوا إلا الله كما قال تعالى : { فلا تخشوا الناس واخشون } وقال تعالى : { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } { فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء } إلى قوله : { إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون } . وكذلك لا ينبغي أن يرجى إلا الله قال الله تعالى : { ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم } وقال تعالى : { قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون } . ولا ينبغي لهم أن يتوكلوا إلا على الله كما قال تعالى : { وعلى الله فليتوكل المتوكلون } . ولا ينبغي لهم أن يعبدوا إلا الله كما قال تعالى : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة } . ولا يدعوا إلا الله كما قال تعالى : { وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا } وقال تعالى : { فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين } سواء كان دعاء عبادة أو دعاء مسألة .
وأما إن أراد القائل : " ما ثم إلا الله " ما يقوله أهل الاتحاد ؛ من أنه ما ثم موجود إلا الله ويقولون : ليس إلا الله أي ليس موجود إلا الله ويقولون : إن وجود المخلوقات هو وجود الخالق والخالق هو المخلوق والمخلوق هو الخالق والعبد هو الرب والرب هو العبد ونحو ذلك من معاني الاتحادية الذين لا يفرقون بين الخالق والمخلوق ولا يثبتون المباينة بين الرب والعبد ونحو ذلك من المعاني التي توجد في كلام ابن عربي الطائي وابن سبعين وابن الفارض والتلمساني ونحوهم من الاتحادية . وكذلك من يقول بالحلول كما يقوله الجهمية الذين يقولون : إن الله بذاته في كل مكان ويجعلونه مختلطا بالمخلوقات حتى إن هؤلاء يجعلونه في الكلاب والخنازير والنجاسات أو يجعلون وجود ذلك وجوده فمن أراد هذه المعاني فهو ملحد ضال يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، والله سبحانه وتعالى أعلم .اهــ
وقال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين :
وأما قوله : وهو الآن على ما كان عليه ، فزيادة في الحديث ليست منه ، بل زادها بعض المتحذلقين ، وهي باطلة قطعا ؛ فإن الله مع خلقه بالعلم والتدبير والقدرة ، ومع أوليائه بالحفظ والكلاءة والنصرة ، وهم معه بالموافقة والمحبة ، وصارت هذه اللفظة مجنا وترسا للملاحدة من الاتحادية فقالوا : إنه لا وجود سوى وجوده أزلا وأبدا وحالا ، فليس في الوجود إلا الله وحده وكل ما تراه وتلمسه وتذوقه وتشمه وتباشره فهو حقيقة الله ، تعالى الله عن إفكهم علوا كبيرا وأما أهل التوحيد فقد يطلقون هذه اللفظة ويريدون بها لفظا صحيحا وهو أن الله سبحانه لم يزل منفردا بنفسه عن خلقه ليس مخالطا لهم ولا حالا فيهم ولا ممازجا لهم ، بل هو بائن عنهم بذاته وصفاته .
وأما الشيخ وأرباب الفناء فقد يعنون معنى آخر أخص من ذلك وهو المشار إليه بقوله : لا يناسم رسمك سبقه أي لا ترى أنك معه ، بل تراه وحده ، ولهذا قال : فتسقط الشهادات وتبطل العبارات وتفنى الإشارات ، يعني أنك إذا لم تشهد معه غيره وأسقطت الغير من الشهود لا من الوجود ، بخلاف ما يقول الملحد الاتحادي إنك تسقط الغير شهودا ووجودا سقطت الشهادات والعبارات والإشارات ل؛ إنها صفات العبد المحدث المخلوق والفناء يوجب إسقاطها والمعنى أن الواصل إلى هذا المقام لا يرى مع الحق سواه فيمحو السوى في شهوده وعند الملحد يمحوه من الوجود ، والله أعلم وهو الموفق .اهــ
http://majles.alukah.net/t113985/
نعم هاته العبارة قد تنزل على معنيين محتملين كما سبق ذكره
لكن المعنى الغالب والمستعمل عند الناطقين بها هو الفاسد والباطل
والمعنى الصحيح المذكور فيها لم يكن ينطق به السلف بهذه العبارة
فيغني عنه ويدل عليه بأفصح وأبلغ عبارة وهي عبارة التوحيد وكلمة الاخلاص
لا اله الا الله
فشتان ما بينها وبين (ما ثم الا الله )
و(ثم ) ظرف مكان , فالمقصود اثباث وجود الله في كل مكان , وما من شيء تراه الا وهو الله
ويبتدئ بالفناء في شهود الحق عند غياب الخلق
ومنه يرتقي الى وحدة الوجود بأن لا يشهد الا وجودا واحدا تتحد فيه كل الموجودات