وعن أبي العباس أحمد بن محمد بن حجر المكي الهيتمي في مبلغ الأرب في فخر العرب ( 61 ) فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لبكر بن وائل فقال : ( اللهم أجبر كسيرهم وآو طريدهم ولا ترني فيهم سائلا ، وفي رواية عائلاً ) منقول
ما صحة هذا الحديث؟
وعن أبي العباس أحمد بن محمد بن حجر المكي الهيتمي في مبلغ الأرب في فخر العرب ( 61 ) فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لبكر بن وائل فقال : ( اللهم أجبر كسيرهم وآو طريدهم ولا ترني فيهم سائلا ، وفي رواية عائلاً ) منقول
ما صحة هذا الحديث؟
الكلام على الأحاديث المروية في فضل قبيلة عنزة العدنانية ومعه مقدمة مهمة لجميع أبناء القبائل
حديث
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سألني أخي فهد العنزي عن حديث يروى في فضل قبيلة عنزة كان قد أرسله له أحدهم، فأخبرته بعد حين بضعفه وسبب الضعف، ثم عزمت على جمع ما يروى من أحاديث في فضل قبيلة عنزة وأتكلم عليه مبيناً حاله بشكل مختصر، وقبل البدء بهذا يجب أن أنبه على نقاط مهمة وهي:
الأولى: أن العبرة بالتقوى فلا ينفع العنزي الفاجر أو الكافر ولا غير العنزي عند الله حديث يروى في فضل القبيلة إنما العبرة بالتقوى؛قال تعالى﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير﴾ ،وخير الأنساب نسب النبي صلى الله عليه وسلم ولو أحد من أبناء أحفاده الحسن أو الحسين كان كافراً أو فاجراً لم يغن عنه نسبه عند الله فكيف بغيره من الأنساب؟!
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ" رواه مسلم في صحيحه
الثانية:أن الفضل الذي يأتي في أشخاص ومكان ما لا يلزم أن استمرار هذا الفضل دائماً وفي كل حال وشخص؛ قال عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله:
"أفضل البلاد والقرى في كل وقت وزمان أكثرها علماً وأعرفها بالسنن والآثار النبوية. وشر البلاد أقلها علماً وأكثرها جهلاً وبدعة وشركاً. وأقلها تمسكاً بآثار النبوة، وما كان عليه السلف الصالح، فالفضل والتفضيل يعتبر بهذا في الأشخاص والسكان. فالفضل والتفضيل يعتبر بهذا في الأشخاص والسكان"[نهج التأسيس ص92]
وفي الحديث المتفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا قَرَأَ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} قَالَ رَجُلٌ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ يَا رَسُولَ اللهِ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَأَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ: وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ قَالَ: فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ، ثُمَّ قَالَ: «لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا، لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلَاءِ»"لَوْ كَانَ الإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا، لَنَالَهُ رِجَالٌ - أَوْ رَجُلٌ - مِنْ هَؤُلاَءِ"
فهل نقبل من الفارسي الرافضي اليوم احتجاجه بأنه داخل ضمن هذا الحديث ؟!
النقطة الثالثة:يجب مخاطبة أبناء القبائل بالأحاديث الثابتة في ذم الفخر بالأحساب والطعن بالأنساب.
وأستغرب حرص أبناء القبائل على نشر الأحاديث والآثار ولو مكذوبة في فضل قبيلتهم أو أن الإمام الفلاني نسبه من قبيلتنا !
ولا أخص بهذا قبيلة عنزة حينما يذكرون هذه الأحاديث أو أن الإمام أحمد منهم وما شابه بل من كل أبناء القبائل وأنا قد رأيت من أبناء قبيلتي الكثران أو من بني لام من ينشر أن عروة بن مضرس رضي الله عنه لامي فيذكر ذلك مفتخراً ومن يذكر مفتخراً بأن موضي آل وهطان الكثيري زوجة الإمام محمد بن سعود والتي أشارت عليه بنصرة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحم الله الجميع ! وينشره من لم يحقق التوحيد مفتخراً بل قد ينشره تارك الصلاة على سبيل الفخر والعلو !
وفي أقل الأحوال الجاهل الذي لا يعرف محمد بن عبد الوهاب إلا بهذا !
ولو جاز الافتخار بأن الإمام الفلاني أو الصحابي فلان من قبيلة كذا لجاز ذم القبيلة بوجود الزنادقة والكفرة المنتسبين لها ! إذ أن الباب واحد
فأين أبناء القبائل من نشر حديث النبي صلى الله عليه وسلم والذي في صحيح مسلم حيث قال صلى الله عليه وسلم: " أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ ، لَا يَتْرُكُونَهُنّ َ: الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ، وَالْاسْتِسْقَا ءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ " وَقَالَ: «النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا، تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ، وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ»"
وما نشر هذه الأحاديث الصحيحة والضعيفة والأعلام المنسبين للقبيلة إلا من أجل الفخر والعلو على الناس وهذا من أمر الجاهلية.
وأين أبناء القبائل مما رواه الإمام أحمد بن حنبل عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا اعْتَزَى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَأَعَضَّهُ، وَلَمْ يُكَنِّهِ، فَنَظَرَ الْقَوْمُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِلْقَوْمِ: إِنِّي قَدْ أَرَى الَّذِي فِي أَنْفُسِكُمْ، إِنِّي لَمْ أَسْتَطِعْ إِلَّا أَنْ أَقُولَ هَذَا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا: «إِذَا سَمِعْتُمْ مَنْ يَعْتَزِي بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَأَعِضُّوهُ، وَلَا تَكْنُوا»
أقول:اعتزى بعزاء الجاهلية أي قال: يا لبني فلان ومثله اليوم من يقول "يا عزوتي يا بني فلان"
قوله: فأعضه أي قال له أبُي رضي الله عنه" اعضض ذكر أبيك"
والتنادي إلى أمر الجاهلية كثر جداً في هذا الزمان خاصة مع بعد الناس عن الدين ولهذا صور شتى: كالمنتديات القبلية وكالتجمعات القبلية وكما يحصل في مسابقات الإبل التي تُسمى بالمزاين وهذا الأخيرة لا يحصل فيها فقط الفخر بالأنساب بل تحصل فيها منكرات عظيمة كالإسراف الشديد في المال وغيرها من المنكرات التي لا بد من أن يقف معها أهل الشأن وقفة جادة قبل أن نهلك.
فهذا الذي يجب أن يُخاطب به أبناء القبائل وخاصة العوام منهم لا أن نخاطبهم بأحاديث وآثار لا يستحقها إن صحت إلا من كان متبعاً وبعضها منحصر على طائفة في زمن معين انتهى وولى.
ولا يعني نقدي للتجمعات القبلية النقد المطلق لها بل التجمع إن كان لصلة الأرحام والتواصل بين أبناء القبيلة والتعاون على البر والتقوى فلا شيء فيه
النقطة الرابعة:أن الفخر بالنسب أو الطعن في نسب فلان يرفضه العقل:
فالقرشي لم يختر أن يكون قرشياً بل الله جعله منهم والعنزي لم يختر ذلك والكثيري لم يختر ذلك وذو النسب المسترذل لم يختر ذلك بل هذا أمر قدره الله لحكمة منه سبحانه، وقد يقول قائل يعني أزوج ابنتي من أناس مطعون في نسبهم!
أقول:كلامي ليس على مسألة الكفاءة في النسب، فهذا أمر مذكور عند الفقهاء وإن كان الناس اليوم توسعوا فيه توسعاً مذموماً حتى أن في القبيلة نفسها بعض البطون لا تزوج الأخرى!
وابنتك أنت حر فيمن تزوجها إن اتقيت الله في ذلك، لكن لا تطعن في أنساب المسلمين أو تفخر عليهم بنسبك
إنما كلامي على قضية الفخر بالأنساب والطعن في أنساب المسلمين مما يورث تفرقاً بين المسلمين بخلاف دعوة الإسلام التي أتت لتوحيدهم على الكتاب والسنة.
النقطة الأخيرة: لا يجوز أن ينقل المسلم حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف حاله لاحتمال عدم ثبوته بل عليه أن يسأل عنه أما إذا علم أن الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم نقله عامداً دون أن يبين أنه غير ثابت فإنه يدخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتواتر عنه:"من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"
الكلام على الأحاديث والآثار التي تُنشر
في فضل قبيل عنزة العدنانية
قال الإمام أحمد في مسنده: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ عَوْفٍ الْعَنَزِيُّ، بَصْرِيٌّ، قَالَ: أَنْبَأَنِي الْغَضْبَانُ بْنُ حَنْظَلَةَ: أَنَّ أَبَاهُ حَنْظَلَةَ بْنَ نُعَيْمٍ وَفَدَ إِلَى عُمَرَ، فَكَانَ عُمَرُ إِذَا مَرَّ بِهِ إِنْسَانٌ مِنَ الْوَفْدِ سَأَلَهُ مِمَّنْ هُوَ، حَتَّى مَرَّ بِهِ أَبِي فَسَأَلَهُ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ عَنَزَةَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " حَيٌّ مِنْ هَاهُنَا مَبْغِيٌّ عَلَيْهِمْ مَنْصُورُونَ "
قلت:وهذا الحديث لا يصح فالغضبان بن حنظلة وأبوه مجهولان! والراوي المجهول لا يقبل حديثه إلا إن كان جهالة حال وفي المتابعات أما مثل هذا الإسناد وهذه الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يصح.
قال هِشَام عن عَوَانَةَ بن الحكم قال جَهَّزَ رسول الله ص جيشاً فأعجبه ما رأى من حالهم وعدتهم فقال والذي نَفْسي بيدِهِ لو لَقوا حُمْرَ الحماليق من بني أَبي رَبيعَة لهزموهم"
قلت:
وهذا لا يصح هشام هو الكلبي قال ابن عدي في الكامل: سمعتُ ابْن حَمَّاد يَقُول، حَدَّثني عَبد اللَّه سَمِعت أبي يَقُول هِشَام بْن الكلبي من يحدث عَنْهُ إنما هو صاحب سمر ونسبة وما ظننت أن أحدا يحدث عَنْهُ.
وقال الدارقطني عنه:متروك
وعوانة بن الحكم الكلبي مؤرخ وليس صاحب حديث أصلاً وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم مفاوز فالانقطاع بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم يراه الأعمى علاوة على حال هشام الكلبي راوي الخبر عنه.
قال الطبراني في الكبير: 834 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَائِلَةَ الْأَصْبَهَانِي ُّ، ثنا شَبَابٌ الْعُصْفُرِيُّ، ثنا عَوْنُ بْنُ كَهْمَسٍ، ثنا مَسْلَمَةُ بْنُ مُحَارِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى زِيَادٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ الْعَدُوَّ لَا يَظْهَرُ عَلَى قَوْمٍ إِذَا هُمْ» ، أَوْ قَالَ: «رَأَيْتُهُمْ مَعَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ»
قلت:
وهذا لا يصح، فمسلمة بن محارب وأبوه مجهولان.
قال الطبراني في الكبير: 6364 - حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْكَرَابِيسِيّ ُ الْمَعْرُوفُ بِشُعْبَةَ، وَكَانَ يُجَالِسُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ، ثنا حَفْصُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ حَفْصِ بْنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَوَلَدِهِ، فَاسْتَأْذَنُوا عَلَيْهِ، فَدَخَلُوا، فَقَالَ: «مَنْ هَؤُلَاءِ؟» قِيلَ لَهُ: هَذَا وَفْدُ عَنَزَةَ، فَقَالَ: «بَخٍ بَخٍ بَخٍ نِعْمَ الْحَيُّ عَنَزَةُ مَبْغِيٌّ عَلَيْهِمْ مَنْصُورُونَ، مَرْحَبًا بِقَوْمِ شُعَيْبٍ، وَأَخْتَانِ مُوسَى، سَلْ يَا سَلَمَةُ عَنْ حَاجَتِكَ» ، قَالَ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَمَّا افْتَرَضْتَ عَلَيَّ فِي الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْعَنْزِ، فَأَخْبَرَهُ، ثُمَّ جَلَسَ عِنْدَهُ قَرِيبًا، ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُ فِي الِانْصِرَافِ، فَقَالَ لَهُ: «انْصَرِفْ» ، فَمَا غَدَا أَنْ قَامَ، فَقَالَ: «اللهُمَّ ارْزُقْ عَنَزَةَ كَفَافًا، لَا قُوتًا وَلَا إِسْرَافًا»
قلت:
وهذا أيضاً لا يصح وكله مجاهيل من دون سلمة بن سعد .
قال الطبراني في الأوسط:2816 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ: نا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الشَّاذَكُونِيّ ُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ قَالَ: نا أَبُو عِمْرَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عِصَابَةٍ قَدْ أَقْبَلَتْ، فَقَالَ: «أَتَتْكُمُ الْأَزْدُ أَحْسَنُ النَّاسِ وُجُوهًا، وأَعْذَبُهُ أَفْوَاهًا، وأَصْدَقُهُ لِقَاءً» وَنَظَرَ إِلَى كَبْكَبَةٍ قَدْ أَقْبَلَتْ، فَقَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» قَالُوا: هَذِهِ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اجْبُرْ كَسِيرَهُمْ وآوِ طَرِيدَهُمْ، وَلَا تُرِنِي مِنْهُمْ سَائِلًا»
لَمْ يُرْوَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: الشَّاذَكُونِيّ ُ"
قلت:
وهذا الحديث ضعيف جداً بل لو قلت موضوعاً(أي مكذوباً) لم أبالغ، فالشاذكوني متهم
قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، وذكر الشاذكوني. فقال: هو من نحو عبد الله بن سلمة الأفطس، يعني أنه يكذب وقال البخاري رحمه الله عنه:فيه نظر وكذبه ابن معين وقال أبو حاتم: متروك الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة.
وشيخه محمد بن حمران له مناكير وفيه لين.
ومما وجدته منشوراً في فضل قبيل عنزة"وقال الرسول الله صلى الله عليه : ( لا تزال العرب بعز ما عزت ربيعة اللهم اعزهم ولا تذلهم)"
أقول:وبحثت عنه ولم أجده ثم وجدته بلفظ مغاير تماماً ولعل ناشره عدل فيه لأن اللفظ المروي بإسناد فيه طعن في ربيعة !
قال أبو يعلى: 2519 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فَالْحَقُّ فِي مُضَرَ، وَإِذَا عَزَّتْ رَبِيعَةُ فَذَلِكَ ذَلُّ الْإِسْلَامِ»
قلت:
وكان ينبغي على ناشر كل حديث ضعيف ومكذوب في فضل عنزة أن ينشر هذا الحديث لكنه لما رأه لا يخدمه لأن فيه ذم لربيعة فعزها ذل للإسلام! حور فيه وعدل ليوافق هواه، وعموماً هذا الحديث منكر فيه عبد الله بن المؤمل القرشي قال أحمد بن حنبل :أحاديثه مناكير، وقال أبو داود:منكر الحديث .
قال ابن بشران:624 - حَدَّثَنِي فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْغَنَزيِّ، قَالَ: كَانَ عَلَيْنَا أَبُو مُوسَى أَمِيرًا بِالْبَصْرَةِ، فَكَانَ إِذَا خَطَبَنَا حَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَدْعُو لِعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: فَأَغَاظَنِي ذَلِكَ مِنْهُ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ عَنْ صَاحِبِهِ تُفَضِّلُهُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَصَنَعَ ذَلِكَ ثَلاثَ جُمَعٍ ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَشْكُونِي، وَيَقُولُ: إِنَّ ضَبَّةَ بْنَ مِحْصَنٍ الْغَنَزيَّ يَتَعَرَّضُ لِي فِي خُطْبَتِي، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنْ أَشْخِصْهُ إِلَيَّ، قَالَ: فَأَشْخَصَنِي إِلَيْهِ، فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ فَضَرَبْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ فَخَرَجَ إِلَيَّ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا ضَبَّةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْغَنَوِيُّ، قَالَ: فَلا مَرْحَبًا وَلا أَهْلا، قَالَ: قُلْتُ: أَمَّا الْمَرْحَبُ فَمِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الأَهْلُ فَلا أَهْلَ لِي وَلا مَالَ فِيمَ اسْتَحْلَلْتَ يَا عُمَرُ إِشْخَاصِي مِنْ مِصْرِيٍّ بِلا ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ. قَالَ: وَمَا الَّذِي شَجَرَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَامِلِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: الآنَ أُخْبِرُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَانَ إِذَا خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ يَدْعُو لَكَ، فَأَغَاظَنِي ذَلِكَ مِنْهُ، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ وَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ عَنْ صَاحِبِهِ تُفَضِّلُهُ عَلَيْهِ، فَصَنَعَ ذَلِكَ ثَلاثَ جُمَعٍ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْكَ يَشْكُونِي، قَالَ: فَانْدَفَعَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مَاكِثًا فَجَعَلْتُ أَرْثِي لَهُ ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ وَاللَّهِ أَوْثَقُ مِنْهُ وَأَرْشَدُ فَهَلْ أَنْتَ غَافِرٌ لِي ذَنْبِي يَغْفِرِ اللَّهُ لَكَ، قَالَ: قُلْتُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ انْدَفَعَ بَاكِيًا وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَلَيْلَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَيَوْمٌ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ، هَلْ لَكَ أَنْ أُحَدِّثَكَ بِلَيْلَتِهِ وَيَوْمِهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: أَمَّا لَيْلَتُهُ فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَارِبًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ خَرَجَ لَيْلا فَتَتَبَّعَهُ أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَجَعَلَ يَمْشِي مَرَّةً أَمَامَهُ وَمَرَّةً خَلْفَهُ، وَمَرَّةً عَنْ يَمِينِهِ وَمَرَّةً عَنْ يَسَارِهِ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا هَذَا يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَعْرِفُ هَذَا مِنْ فِعْلِكَ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَذْكُرُ الرَّصَدَ، فَأَكُونُ أَمَامَكَ، وَأَذْكُرُ الطَّلَبَ فَأَكُونُ خَلْفَكَ وَمَرَّةً عَنْ يَمِينِكَ، وَمَرَّةً عَنْ يَسَارِكَ لا آمَنُ عَلَيْكَ، فَمَشَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَتَهُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ حَتَّى حَفِيَتْ رِجْلاهُ، فَلَمَّا رَآهَا أَبُو بَكْرٍ أَنَّهَا حَفِيَتْ حَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، وَجَعَلَ يُسْنِدُ بِهِ حَتَّى أَتَى بِهِ الْغَارَ فَأَنْزَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لا تَدْخُلُ حَتَّى أَدْخُلَ فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ نَزَلَ بِي قَبْلَكَ، فَدَخَلَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَحَمَلَهُ وَكَانَ فِي الْغَارِ حَرْفٌ فِيهِ حَيَّاتٌ وَأَفَاعٍ فَخَشِيَ أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا شَيْءٌ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَلْقَمَهُ قَدَمَهُ فَجَعَلْنَ تَضْرِبْنَهُ أَوْ تَلْسَعْنَهُ الْحَيَّاتُ وَالأَفَاعِي، وَجَعَلَتْ دُمُوعُهُ تَتَحَادَرُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ لَهُ: «يَا أَبَا بَكْرٍ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا» فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ وَطُمَأْنِينَتَ هُ لأَبِي بَكْرٍ. فَهَذِهِ لَيْلَتُهُ، وَأَمَّا يَوْمُهُ فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نُصَلِّي وَلا نُزَكِّي، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نُزَكِّي وَلا نُصَلِّي فَأَتَيْتُهُ وَلا آلُوهُ نُصْحًا، فَقَالَتْ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ تَآلَفَ النَّاسُ وَارْفُقْ بِهِمْ، فَقَالَ: جَبَّارٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خَوَّارٌ فِي الإِسْلامِ فَبِمَاذَا أَتَأَلَّفُهُمْ أَبِعُشْرٍ مُفْتَعَلٍ أَمْ بِشِعْرٍ مُفْتَرًى، قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَارْتَفَعَ الْوَحْيُ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالا مِمَّا كَانُوا يُعْطُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقَاتَلْنَا مَعَهُ، فَكَانَ وَاللَّهِ رَشِيدَ الأَمْرِ فَهَذَا يَوْمُهُ، وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى يَلُومُهُ"
قلت:
وهذا الحديث منكر جداً والبلاء من فرات بن السائب قال أحمد بن حنبل: قريب من محمد بن زياد الطحان، في ميمون، يتهم بما يتهم به ذاك. عنه قال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس بشئ. وقال الدارقطني وغيره: متروك.
أما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه فقال:حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ، قَالَ أَبُو بَكْرِ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ يَدَيِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبَيْنَ النَّاسِ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ، تَسْأَلُهُ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ، فَقَالَ: إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ الْوَفْدُ؟ أَوْ مَنِ الْقَوْمُ؟»، قَالُوا: رَبِيعَةُ، قَالَ: «مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ، أَوْ بِالْوَفْدِ، غَيْرَ خَزَايَا، وَلَا النَّدَامَى»، قَالَ: فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَأْتِيكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ، وَإِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الْحَيَّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ، وَإِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيكَ إِلَّا فِي شَهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ، قَالَ: فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ، وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، قَالَ: «أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللهِ وَحْدَهُ»، وَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللهِ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنَّ تُؤَدُّوا خُمُسًا مِنَ الْمَغْنَمِ»، وَنَهَاهُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالْمُزَفَّتِ - قَالَ شُعْبَةُ: وَرُبَّمَا قَالَ - النَّقِيرِ، قَالَ شُعْبَةُ: وَرُبَّمَا قَالَ: الْمُقَيَّرِ، وَقَالَ: «احْفَظُوهُ، وَأَخْبِرُوا بِهِ مِنْ وَرَائِكُمْ» وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي رِوَايَتِهِ: «مَنْ وَرَاءَكُمْ»، وَلَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ الْمُقَيَّرُ.
أقول:فعبد القيس بن أفصي بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان
وأما عنزة فابن أسد بن ربعية بن نزار بن معد بن عدنان.[جمهرة أنساب العرب 483]
فلو كان الحديث فيها فضيلة مستمرة لكان لبني عبد القيس، ولكن الأمر أنه تعريف بهم فالنبي صلى الله عليه وسلم سأل طالباً أن يعرفوا عن أنفسهم وعرفوا فأثنى عليهم لا لمجرد النسب بل من أجل قدومهم راغبين طائعين موحدين .
هذا ما وجدته من أحاديث مروية في فضل قبيل عنزة
ويتبين بخلاصة البحث أنه لا يثبت في فضل القبيلة حديث
وهذا كما هو معلوم وقدمت لا يضر المسلم العنزي
لأنه قد ثبت للمسلمين المدح والفضل إن هم تمسكوا بدينهم
وبذا يتم المراد
والحمد لله رب العالمين
http://alktheri.blogspot.com/2014/08/blog-post_26.html
6229 - ( نِعْمَ الْحَيُّ عَنَزَةُ ، مَبْغِيٌّ عَلَيْهِمْ مَنْصُورُونَ ، مَرْحَباً بِقَوْمِ
شُعَيْبٍ ؛ وَأَخْتَانِ مُوسَى ) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة:
منكر .
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (7/63/6364) ، والسياق له
وعنه أبو نعيم في "المعرفة " (1/293/1) ، والبزار (3/313/2828) من طريق
حفص بن سلمة بن حفص بن المسيب بن شيبان بن قيس عن قيس بن سلمة
عن سلمة بن سعد: أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَوَلَدِهِ ،
فَاسْتَأْذَنُوا عَلَيْهِ ، فَدَخَلُوا ، فَقَالَ :
" مَنْ هَؤُلاءِ ؟ " .
قِيلَ لَهُ : هَذَا وَفْدُ عَنَزَةَ ، فَقَالَ :
"بَخٍ بَخٍ بَخٍ ، نعم الحي ... " الحديث ، "سَلْ يَا سَلَمَةُ عَنْ حَاجَتِكَ ".
قَالَ : جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَمَّا افْتَرَضْتَ عَلَيَّ فِي الإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْعَنْزِ . فَأَخْبَرَهُ . ثُمَّ
جَلَسَ عِنْدَهُ قَرِيباً ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُ فِي الانْصِرَافِ ، فَقَالَ لَهُ :"انْصَرِفْ" فَمَا غَدَا أَنْ
قَامَ ، فَقَالَ:
"اللَّهُمَّ ارْزُقْ عَنَزَةَ كَفَافاً ، لا قُوتً وَلا إِسْرَافً"
(1) . وقال البزار :
"اللهم ارزق عنزة قوتاً لا سرف فيه " .
__________
(1) لفظه في "المعجم" : "قوت ولا إسراف "! وهو غير مفهوم ، والمثبت من "المجمع "
ولعله الصواب . ونحوه في "معرفة أبي نعيم" إلا أنه قال : "لا قوت ولا إسراف" ، وهذا أقرب ،
يدل على أنه سقط "لا" قبل "قوت" .
قلت : وهذا إسناد مجهول مظلم ؛ لم أعرف من دون سلمة بن سعد ، وقد
اضطربوا في ضبط اسم الراويين اللذين دونه ، فالراوي عنه عند الطبراني سمِّي
- كما ترى - قيس بن سلمة ، وفي "البزار" . شيبان بن قيس ، وفي "الإصابة " :
"سعيد بن سلمة" ، وفي "الاستيعاب" : "سعد بن سلمة" وقال في ترجمة أبيه :
"سلمة بن سعد العنزي" :
"لم يرو عنه غير ابنه سعد بن سلمة" .
قلت : وهذا الاضطراب يؤكد جهالة الراوي . ومنه الراوي عنه ، ولذلك قال
الهيثمي في لمجمع الزوائد" (10/ 51) :
"رواه الطبراني والبزار باختصار عنه ... وفيه من لم أعرفهم " .
وقال الحافظ بعد أن عزاه للطبراني :
"وفي الإسناد من لا يعرف " .
وقد روي الحديث مختصراً في قصة أخرى بإسناد آخر ، وسيأتي تخريجه
بإذن الله تعالى برقم (6799) .
6799 - ( عنزة حي من ههنا ؛ مبغي عليهم منصورون ).
قال الألباني في السلسلة الضعيفة:ضعيف.
أخرجه البزار في مسنده " البحر الزخار " ( 1/ 0 47 - 471/ 337 )، وأبو يعلى في " مسنده الكبير " ( 2/ 255/ 1480 المقصد العلي )، والدولابي في " الكنى " ( 2/ 59 )، والطبراني في " المعجم الأ وسط " ( 3/ 276 - 277/ 2603 ) - واللفظ لهما - من طريق أبي غاضرة محمد بن أبي بكر العنزي قال: حدثني عمي غضبان بن حنظلة عن أبيه حنظلة بن نعيم قال: كنت فيمن وفد على عمر، فجعل يسأل رجلاً رجلاً: ممن أنت ؟ ومن أنت ؟ حتى انتهى إليّ فقال: ممن أنت ؟ ومن أنت ؟ فقلت: أنا حنظلة، من عنزة. فأومأ نحو المشرق، وفرج أصابعه، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ فيه جهالة، وثلاثتهم وثقهم ابن حبان!
1 - حنظلة بن نعيم: أورده في "الثقات " ( 4/ 167 ) برواية ابنه غضبان ولم يزد. وكذلك فعل البخاري في " التاريخ "، وابن أبي حاتم في " الجرح "، وتبعهم الحافظ في " التعجيل " ( ص 108 )، فهو في عداد المجهولين.
2 - غضبان بن حنظلة بن نعيم العنزي: أورده في " الثقات " ( 9/ 4 ) من رواية أبي عاصم النبيل عنه. ذكره في الطبقة الرابعة ؛ أي: تبع أتباع التابعين، وهو من أوهامه ؛ فإنه من أتباعهم - كما هو ظاهر -. وقد روى عنه أخران ؛ أحدهما: أبو غاضرة محمد بن أبي بكر العنزي - كما في هذا الإسناد -. والآخر: المثنى بن عوف - كما يأتي -، ومن روايتهما عنه ذكره البخاري وابن أبي حاتم، ومع ذلك قال الحسيني - كما في " تعجيل المنفعة " ( ص 331 ) -:
" مجهول وليس بالمشهور ".
3 - أبو غاضرة محمد بن أبي بكر العنزي: أورده في الطبقة الرابعة من " الثقات " ( 9/ 53 ) من رواية موسى. بن إسماعيل عنه. وبها ذكره البخاري وابن أبي حاتم في كتابيهما. وهي رواية أبي يعلى لهذا الحديث عنه، فاعلمه.
وأما رواية الآخرين - أعني: البزار والدولابي والطبراني - فرووه عن محمد بن الحسن أبي عبد الله العنزي عنه. لكن بينهما محمد بن إبراهيم في " البحر الزخار " وكذا في " كشف الأستار " ( 3/ 313/ 229 )، وما أظنها إلا مقحمة من بعض الرواة، فإنه رواه عن شيخه محمد بن المثنى: ثنا محمد بن الحسن العنزي: ثنا محمد بن إبراهيم: ثنا [ أبو ] غاضرة العنزي... أو أنه من وهم البزار ؛ فقد تابعه عن ابن المثنى أبو يعلى ( 1481 )، والدولابي وقرن معه يزيد بن سنان، قالا: حدثنا محمد بن الحسن أبو عبد الله العنزي: ثنا أبو غاضرة محمد بن أبي بكر العنزي... هكذا على الصواب ؛ دون
ذكر محمد بن إبراهيم، على أن هذا لم أعرفه، ومثله محمد بن الحسن العنزي.
ثم ان الطبراني قال عقب الحديث:
" لم يرو عن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو غاضرة "!
كذا قال! وفاتته رواية أحمد في " المسند " ( 1/ 22 ): حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم: حدثنا المثنى بن عوف العنزي - بصري - قال: أنبأنا الغضبان بن
حنظلة: أن أباه حنظلة بن نعيم وفد إلى عمر... الحديث نحوه.
قلت: وهذا أصح ؛ لأن المثنى هذا وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم وأبو زرعة:
" ليس به بأس ". كما رواه ابن أبي حاتم ( 4/ 1/ 325 ).
بخلاف أبي غاضرة ؛ فلم يوثقه غير ابن حبان - كما تقدم -. وإذا عرفت هذا ؛ ففي الحديث علة أخرى، وهي الانقطاع أو الإرسال ؛ فإن الغضبان لم يدرك عمر رضي الله عنه.
وقد تنبه لهذا الشيخ أحمد شاكررحمه الله في تعليقه على " المسند " ( 1/217 ) ؛ لكنه اعتمد على رواية أبي غاضرة الموصولة، مع تصحيف وقع له في كنيته - تبعاً للحافظ - فوجب بيانه، قال:
"وأشار الحافظ في " الإصابة " ( 2: 66 ) إلى أن هذا الحديث رواه أيضاً الدولابي في " الكنى " من طريق أبي عاصم: حدثنا عمي غضبان بن حنظلة بن نعيم عن أبيه قال: كنت فيمن وفد إلى عمر... إلخ. فهذا وصل للإسناد، لولاه لكان ظاهر الإسناد الذي هنا [ في " المسند " ] منقطعاً. وأبو عاصم - هو: الغنوي -، يروي عن أبي الطفيل، ويروي عنه حماد بن سلمة ومحمد بن الحسن العنبري.
قال ابن معين: ثقة. وله ترجمة في " التهذيب " و " الميزان " وانظر " مجمع الزوائد 10:51 "
قلت: في هذا الكلام تخليط عجيب، وقلة تحقيق، لا نعرف مثله عن الشيخ أحمد شاكر رحمه الله ؛ فالظاهر أنه كان متعباً جداً، أو مشغول البال لسبب آخر، وإلا ؛ فمثل هذا الخلط لا يصدر من طالب علم صغير، فضلاً عن شيخ عالم فاضل كبير مثله، عفا الله عنا وعنه.
أولاً: قوله: " أبو عاصم".. تحريف ( أبو غاضرة )! كذلك وقع في ترجمة ( حنظلة بن نعيم العنزي ) من " الإصابة/ القسم الثالث "، ( 1/ 382 - إحياء التراث ).
ثانياً: كان يكون لانطلاء هذا التحريف على الشيخ وجه ؛ لو أنه لم يقف على رواية أبي غاضرة عن غضبان ؛ لكن الواقع خلافه.. فقد أحال في ترجمة هذا على " ثقات " ابن حبان والبخاري في " التاريخ "، وفي هذا أنه روى عنه أبو غاضرة، وفي ذاك أنه روى عنه ( أبو عاصم النبيل )، فكيف يصح تفسيره لـ ( أبي عاصم ) بأنه : ( الغنوي ) ؟!
ثالثاً: إذا كان هو الغنوي عنده ؛ فكيف يقرن مع حماد ( محمد بن الحسن العنبري ) ؟! وهذا ما لم يذكره " التهذيب " وغيره مما أحال عليه، ولا له ذكر في شيء من كتب الرجال - في علمي - إلا في هذا الإسناد، على أن الصواب فيه: العنزي ) - كما تقدم -... وليس: ( العنبري ) - كما وقع له - ! هذا مع قول أبي حاتم فيه - كما رواه ابنه ( 4/ 2/ 14 4 ) -:
" لا أعلم أحداً روى عنه غير حماد بن سلمة، ولا أعرفه، ولا أعرف اسمه".
وأقره المصدران اللذان ذكرهما: " التهذيب " و " الميزان "!
رابعاً: توثيق ابن معين إياه لم يقبلوه ؛ لجهالته التي أشار إليها أبو حاتم ؛ ولهذا تال الحافظ فيه:
"مقبول ". وأشار الذهبي في " الكاشف " إلى تليين توثيقه بقوله:
"وثق"!
خامساً وأخيراً: فعلى التسليم بأنه ثقة ؛ فإن مما لا شك فيه أن ثقته ليست كثقة مخالفه ( المثنى ).. الذي وثقه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة - كما تقدم -، فترجيح روايته الموصولة على رواية ( المثنى ) المنقطعة خلات الأصول وقواعد الحديث - كما لا يخفى على العارفين بهذا الفن الشريف -.
وهذا الأخير يقال أيضاً في ( أبي غاضرة ) ؛ لأنه في الجهالة مثل ( أبي عاصم )، ولم يوثقه غير ابن حبان المعروف بتساهله في التوثيق، وهو عمدة الهيثمي - الذي أحال عليه أيضاً الشيخ أحمد - في قوله ( 10/ 51 ):
" رواه أبو يعلى في " الكبير "، والبزار بنحوه باختصار عنه، والطبراني في " الأوسط "، وأحمد ؛ إلا أنه قال: عن الغضبان بن حنظلة، أن أباه وفد على عمر. ولم يذكر حنظلة، وأحد إسنادي أبي يعلى رجاله ثقات كلهم ".
يعني: إسناده ا!لأول.. الذي ليس فيه ( محمد بن الحسن أبو عبد الله العنزي ) ؛ ففيه إشارة إلى أنه غير موثق عنده أيضاً.
وقوله: " لم يذكر حنظلة " الظاهر أنه يعني أنه لم يسنده عنه، وإلا ؛ فقد قال فيه: " أن أبا حنظلة بن نعيم وفد... " - كما تقدم ذكره -. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقد روي الحديث بإسناد آخر مظلم بزيادة في متنه عند الطبراني وغيره، وسبق تخريجه برقم ( 6229 ).
درجة حديث (..هذا وفد عنزة..)ما مدى صحة هذا الحديث، وهل عنزة هي قبيلة عنزة المتواجدة في عصرنا الحالي، عن سلمة بن سعد أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وجماعة من أهل بيته وولده فاستأذنوا عليه فدخلوا فقال: من هؤلاء؟ قيل له هذا وفد عنزة فقال: بخ بخ بخ نعم الحي عنزة، مبغي عليهم، منصورون، مرحباً بقوم شعيب وأختا موسى سل يا سلمة حاجتك، فقال: جئت أسألك عما افترضت علي في الإبل والغنم والعنز فأخبره، ثم جلس عنده قريباً، ثم أستأذنه في الانصراف فقال انصرف فما غدا أن قام، قال: اللهم ارزق عنزة كفافاً قوت ولا إسراف. أخرجه الطبراني في الكبير (64 / 63) وأخرجه البزار في الزوائد (268) وذكره الهيثمي في المجمع، إلا أنه قال: (اللهم ارزق عنزة كفافاً لا قوتا ولا إسرافاً)؟
رقم الفتوى: 132532
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، وعنه أبو نعيم في المعرفة، والبزار من طريق حفص بن سلمة بن حفص بن المسيب بن شيبان بن قيس عن قيس بن سلمة عن سلمة بن سعد: أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وجماعة من أهل بيته وولده فاستأذنوا عليه، فدخلوا، فقال: من هؤلاء؟ قيل له: هذا وفد عنزة، فقال: بخ بخ بخ، نعم الحي... سل يا سلمة عن حاجتك، قال: جئت أسألك عما افترضت علي في الإبل والغنم والعنز فأخبره. ثم جلس عنده قريباً، ثم استأذنه في الانصراف، فقال له: انصرف. فما غدا أن قام، فقال: اللهم ارزق عنزة كفافاً، لا قوت ولا إسراف. وقال البزار: اللهم ارزق عنزة قوتاً لا سرف فيه. قال الألباني: وهذا إسناد مجهول مظلم لم أعرف من دون سلمة بن سعد، وقد اضطربوا في ضبط اسم الراويين اللذين دونه، فالراوي عنه عند الطبراني سمي -كما ترى- قيس بن سلمة، وفي البزار شيبان بن قيس، وفي الإصابة سعيد بن سلمة. وفي الاستيعاب سعد بن سلمة وقال في ترجمة أبيه سلمة بن سعد العنزي لم يرو عنه غير ابنه سعد بن سلمة.
قلت: وهذا الاضطراب يؤكد جهالة الراوي. ومنه الراوي عنه، ولذلك قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه الطبراني والبزار باختصار عنه.... وفيه من لم أعرفهم. وقال الحافظ بعد أن عزاه للطبراني وفي الإسناد من لا يعرف. اهـ من السلسلة الضعيفة.
فعلم مما تقدم أن الحديث ضعيف، وأما عن كون عنزة المذكورة في الحديث هي قبيلة عنزة الموجودة حالياً فهذا ما لا نستطيع الجزم به.
والله أعلم.
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/inde...waId&Id=132532
منقول من عمر الزهيري
تخريج ح [ قال يومَ ذي قار: هذا أَوَّلُ يومٍ انْتَصَفَتْ فيه العربُ مِنَ الْعَجَم ]
قال الشيخ صفي الرحمن بن عبد الله المباركفوري رحمه الله في كتابه الماتع ( الرحيق المختوم ) الطبعة الحادية والعشرون ص 32 تحت عنوان ( الملك بالحيرة ): [ كانت الفرس تحكم على العراق وما جاورها منذ أن جمع شملهم قوروش الكبير (557- 529 ق. م) ولم يكن أحد يناوئهم، حتى قام الإسكندر المقدوني سنة 326 ق. م فهزم ملكهم دارا الأول، وكسر شوكتهم، حتى تجزأت بلادهم وتولاها ملوك يعرفون بملوك الطوائف، واستمروا يحكمون البلاد مجزأة إلى سنة 230 م. وفي عهد هؤلاء الملوك هاجر القحطانيون، واحتلوا جزآ من ريف العراق ثم لحقهم من هاجر من العدنانيين فزاحموهم حتى سكنوا جزآ من الجزيرة الفراتية.
وعادت القوة مرة ثانية إلى الفرس في عهد أردشير- مؤسس الدولة الساسانية منذ سنة 226 م- فإنه جمع شمل الفرس، واستولى على العرب المقيمين على تخوم ملكه، وكان هذا سببا في رحيل قضاعة إلى الشام، ودان له أهل الحيرة والأنبار.
وفي عهد أردشير كانت ولاية جذيمة الوضاح على الحيرة وسائر من ببادية العراق والجزيرة من ربيعة ومضر، وكان أردشير رأى أنه يستحيل عليه أن يحكم العرب مباشرة، ويمنعهم من الإغارة على تخوم ملكه، إلا أن يملك عليهم رجلا منهم له عصبية تؤيده وتمنعه، ومن جهة أخرى يمكنه الإستعانة بهم على ملوك الرومان الذين كان يتخوفهم، وليكون عرب العراق أمام عرب الشام الذين اصطنعهم ملوك الرومان، وكان يبقي عند ملك الحيرة كتيبة من جند الفرس؛ ليستعين بها على الخارجين على سلطانه من عرب البادية، وكان موت جذيمة حوالي سنة 268 م.
وبعد موت جذيمة ولي الحيرة عمرو بن عدي بن لفر اللخمي، أول ملوك اللخميين- في عهد كسرى سابور بن أردشير- ثم لم تزل الملوك من اللخميين تتوالى على الحيرة حتى ولي الفرس قباذ بن فيروز، وفي عهده ظهر مزدك، وقام بالدعوة إلى الإباحية، فتبعه قباذ كما تبعه كثير من رعيته، ثم أرسل قباذ إلى ملك الحيرة- وهو المنذر بن ماء السماء- يدعوه إلى أن يختار هذا المذهب ويدين به، فأبى عليه ذلك حمية وأنفة، فعزله قباذ، وولى بدله الحارث بن عمرو بن حجر الكندي بعد أن أجاب دعوته إلى المذهب المزدكي.
وخلف قباذ كسرى أنوشروان، وكان يكره هذا المذهب جدا، فقتل المزدك وكثيرا ممن دان بمذهبه، وأعاد المنذر إلى ولاية الحيرة، وطلب الحارث بن عمرو لكنه أفلت إلى دار كلب، فلم يزل فيهم حتى مات.
واستمر الملك بعد المنذر بن ماء السماء في عقبة، حتى كان النعمان بن المنذر، وهو الذي غضب عليه كسرى بسبب وشاية دبرها زيد بن عدي العبادي، وأرسل كسرى إلى النعمان يطلبه، فخرج النعمان حتى نزل سرا على هانئ بن مسعود سيد آل شيبان، فأودعه أهله وماله، ثم توجه إلى كسرى، فحبسه كسرى حتى مات وولي على الحيرة بدله إياس بن قبيصة الطائي، وأمره أن يرسل إلى هانئ بن مسعود يطلب منه تسليم ما عنده، فأبى ذلك هانئ حمية، وآذن الملك بالحرب، ولم تلبث أن جاءت مرازبة كسرى وكتائبه في موكب إياس، وكانت بين الفريقين موقعة هائلة عند ذي قار، وانتصر فيها بنو شيبان، وانهزمت الفرس هزيمة منكرة. وهذا أول يوم انتصرت فيه العرب على العجم(1)، وهو بعد ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم بقليل، فإنه عليه السلام ولد لثمانية أشهر من ولاية إياس ابن قبيصة على الحيرة.
وولّى كسرى على الحيرة بعد إياس حاكما فارسيا، وفي سنة 632 م عاد الملك إلى آل لخم، فتولى منهم المنذر الملقب بالمعرور، ولم تزد ولايته على ثمانية أشهر حتى قدم عليه خالد بن الوليد بعساكر المسلمين (2)
-----------------
(1) روى ذلك مرفوعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسم خليفة بن خياط في مسنده ص 24 وابن سعد 7 / 77.
(2) محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية للخضري 1/ 29، 30، 31، 32. ] إنتهى كلامه مع الهامش له
التعليق:
أقول: تعليقي هو بشأن هامشه رقم (1) لما فيه من الحديث المرفوع وهذا البيان:
الحديث ضعيف بلفظ: [ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذِي قارٍ : هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَتْ فِيهِ الْعَرَبُ ، مِنَ الْعَجَمِ ] وفي لفظ: [ الْيَوْمَ انْتَصَفَتِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ ]. وفي لفظ: [ الْيَوْمُ أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَتْ فِيهِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ ... ] وفي لفظ: [ يَوْمُ ذِي قَارٍ أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَتْ فِيهِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ ... ] وفي لفظ [ الْيَوْمَ انْتَقَصَتِ الْعَرَبُ مُلْكَ الْعَجَمِ ] وفي لفظ [انْتَصَفُوا مِنْهُمْ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ ، مِنَ الْفُرْسِ وَنَحْوِهِمْ ، قَالَ : هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ فَضَّ اللَّهُ فِيهِ جُنُودَ الْفُرْسِ بِفَوَارِسَ مِنْ بَنِي ذُهْلِ بْنِ شَيْبَانَ ]
وفي بعض طرقه - عدا اللفظ الأخير - زيادة [ وبي نُصِروا ]
لكن صحت هذه اللفظة دون حرف الواو قبلها ودون باقي الحديث قبلها وهذه اللفظة هي قوله صلى الله عليه وسلم: [ بي نُصِرُوا ] فهذا المقدار من الحديث صحيح.
وسأذكر تخريجه بالإستعانة بكلام الإمام الألباني رحمه الله وأضيف عليه بإذن الله فما بين [[ ]] من تعليقي وهذا تخريج الحديث:
[[ الطريق الأول: موضوع من أجل سليمان بت داود الشاذكوني الكذاب.
أ - عن سليمان بن داود الشاذكوني حدثنا يحيى بن يمان؛ حدثنا أبو عبد الله التيمي عن عبد الله بن الأخرم عن أبيه مرفوعاً
فقد أورده الإمام الألباني في السلسلة الضعيفة ح 579 بلفظ: ( هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم . يعني يوم ذي قار ) . ]]
ثم قال الألباني: [ ضعيف. رواه ابن قانع في “ معجم الصحابة “ ( 12 / 2 ) عن سليمان بن داود المنقري حدثنا يحيى بن يمان : حدثنا أبو عبد الله التيمي عن عبد الله بن الأخرم عن أبيه - و كانت له صحبة - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره.
[[ قلتُ ولفظه: " هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَتِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ "
وأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة ح 1048: أَخْبَرَنَاهُ خَيْثَمَةُ فِي كِتَابِهِ ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ ، قَالَ : ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ، وَأَخْبَرَنَاهُ الصَّرْصَرِيُّ ، ثنا الْبَغَوِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ ، عَنِ ابْنِ الأَخْرَمِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ يَوْمَ ذِي قَارٍ : " الْيَوْمَ انْتَصَفَ فِيهِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ " . ]]
قلت: و هذا سند موضوع , سليمان هذا هو الشاذكوني كذاب , كذبه في الحديث ابن معين وصالح جزرة . ويحيى بن يمان ضعيف .
وشيخه أبو عبد الله التيمي لم أعرفه .
[[ قلتُ وأبو عبد الله التيمي مجهول قالالحاكم: ( معروف بالصحة والقبول ) اه والحاكم معروف بتساهله فلا عبرة بتوثيقه وجميع الأئمة سواه على جهالته! فقال ابن حجر: ( مجهول ) اه وقال ابن عبد البر الأندلسي: ( مجهول لا يُعرف ) اه وقال الذهبي: ( لا يُعرف ) اه
وثمة علة ثالثة سيأتي تصريح الألباني بها في الطريق الثالت وهي ان الأخرم لم تثبت صحبته بل هو تابعي على الراجح فقد جعله ابن حبان من التابعين بذكره له كتابه في الثقات وقال العجلي ( ثقة ) وقال ابن حجر العسقلاني ( مقبول ) وقال الذهبي ( وُثِّق ) وقال مصنفوا تحرير تقريب التهذيب: ( صدوق حسن الحديث، فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في الثقات، ولا نعلم فيه جرحا ) انتهى
قلت: وهو ( صدوق حسن الحديث ) كما قال مصنفوا تحرير تقريب التهذيب وتوثيق ابن حبان والعجلي هنا معتمد - وهذا مُستثنى من تساهلهما في توثيق المجاهيل لأنه تابعي كبير كما هو ظاهر روى عنه جمعٌ راجعهم في تهذيب الكمال - ولم يذكره أحد بجرح فمثله صدوق حسن الحديث عند المحققين كالألباني وهو ما يجري عليه ابن حجر ولكنه وصفه هنا بالمقبول! ويريد بذلك مجهول الحال مقبول عند المتابعة! وأشار الذهبي الى جهالته بقوله ( وُثِّق )! والحق ان الأخرم تابعي صدوق حسن الحديث وليس بصحابي كما اختار الألباني .
وقد أغرَبَ بعضُ إخواننا فقال [ أما من فوقه فعبد الله بن الأخرم وأبيه من الصحابة كما تجد في ترجمتهما في الإصابة ج4/ص3
وج5/ص221 وج1/ص37والاستيعاب ج1/ص73 والثقات لابن حبان ج3/ص22 ] إنتهى
قلت مر ان الأخرم نفسه لم تثبت صحبته فما بالنا بابنه! وكونه في الإصابة والإستيعاب لا يلزم من ذلك صحة كونهما من الصحابة! إذ وجود ترجمة الراوي في كتب تراجم الصحابة هو إما لوجود ما يدل على صحبته - وهذا إن صح أخذنا به وإلا فلا فما بالك وقد مر من كلام العلماء وابن حجر صاحب الإصابة منهم! - وسيأتي كلامه في نقل الألباني - رجح أنه تابعي - وإما لأن الإمام الذي أورده فيه يريد ترجيح صحبته - والعبرة بالدليل كما أسلفت - .
ب- عن سليمان بن داود الشاذكوني أخبرنا محمد بن سواء حدثني الأشهب الضبعي حدثني بشير بن يزيد الضبعي عن النبي. ]]
وقد رواه الشاذكوني بإسناد آخر أقرب إلى الصواب من هذا فقال الطبراني في “ المعجم الكبير “ ( 62 / 2 ) : حدثنا أبو مسلم الكشي: أخبرنا سليمان بن داود الشاذكوني أخبرنا محمد بن سواء : حدثني الأشهب الضبعي: حدثني بشير بن يزيد الضبعي - و كان قد أدرك الجاهلية - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذي قار فذكره
[[ قلت ولفظ الطبراني: " هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَتْ فِيهِ الْعَرَبُ ، مِنَ الْعَجَمِ " .
وذكر هذه الطريق أبو نعيم في معرفة الصحابة عقب ح 1048 الذي هو الطريق السابق فقال: ( رَوَاهُ سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُونِيُ ّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَوَاءٍ ، عَنِ الأَشْهَبِ الضُّبَعِيِّ ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) اه
ثم أخرجه أبو نعيم من طريق الطبراني في معرفة الصحابة ح 1137: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، وَفَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ ، قَالا : ثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الشَّاذَكُونِيُ ّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ ، حَدَّثَنِي الأَشْهَبُ الضُّبَعِيُّ ، حَدَّثَنِي وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ ، بَشِيرُ بْنُ يَزِيدَ الضُّبَعِيُّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذِي قَارٍ : " هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَ فِيهِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ " .
وأخرجه ابن مندة في معرفة الصحابة ح 64: حدثنا سلم بن الفضل أبو قتيبة وغير واحد ، قالوا : أخبرنا إبراهيم بن عبد الله بن حاتم البصري ، قال : حدثنا سليمان بن داود البصري ، قال : حدثنا محمد بن سواء ، قال : حدثنا الأشهب الضبعي ، قال : حدثني بشير بن يزيد الضبعي وكان قد أدرك الجاهلية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوم ذي قار هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم . ]]
قال الهيثمي ( 6 / 211 ) بعد أن عزاه للطبراني : “ و فيه سليمان بن داود الشاذكوني و هو ضعيف “ .
قلت بل : كذاب كما عرفت ,
[[ الطريق الثاني: ضعيف فيه علتان الأولى جهالة الأشهب الضبعي والإرسال فهو مرسل أرسله التابعي بشير بن يزيد وهو ليس بصحابي على الراجح وستأتي إشارة الألباني لذلك بنقل كلام ابن حجر في الإصابة.
أ - عن خليفة بن خياط حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَشْهَبِ الضبعي ، عَنْ بِشير بْنِ يَزِيدَ الضبعي عن النبي فذكره. ]]
و لكني وجدت له متابعا قويا , فقال خليفة بن خياط في “ كتاب الطبقات “ ( 12 / 1 ): حدثني محمد بن سواء به.
[[ قلت الظاهر ان المباركفوري أراد بمسند خليفة بن خياط طبقاته فإنه رواه هناك ومرت الطريق آنفاً في كلام الألباني.
وهو في مطبوع ( طبقات خليفة بن خياط ) ح5: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ الصَّنَعَانِيُّ ، عَنْ بِشْرِ بْنِ يَزِيدَ الصَّنَعَانِيِّ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذِي قَارٍ : " الْيَوْمُ أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَتْ فِيهِ الْعَرَبُ مِنْ مُلْكِ الْعَجَمِ " .
قلت: وفيه وقع ( بِشْر بن يزيد الصنعاني )! وهذا تصحيف صوابه ما مر في كلام الألباني وهو ( بشير بن يزيد الضبعي ) ويأتي ما يدل عليه من روايات وكذا زاد أبو قبل ( الأشهب ) وقال بعده الصنعاني! وصوابه الأشهب الضبعي.
ومن طريقه أخرجه ابن سعد في الطبقات ح 8469: أُخْبِرْتُ عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ خَيَّاطٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأَشْهَبُ الضُّبَعِيُّ ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ زَيْدٍ الضُّبَعِيِّ ، فَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذِي قَارٍ : " الْيَوْمَ انْتَقَصَتِ الْعَرَبُ مُلْكَ الْعَجَمِ " .
قلت وهذا الأخير لفظه فيه نوع اختلاف! وفي سنده جهالة الراوي بين ابن سعد وخليفة بن خياط لأن ابن سعد قال: ( أُخْبِرْتُ ) ولكن هذه العلة ليس عليها الحمل إذ هي مدفوعة برواية خليفة لها في طبقاته التي مرت ويأتي غيرها.
ومن طريق ابن خياط أخرجه البخاري في التاريخ الكبير ح 481: حَدَّثَنِي خَلِيفَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأَشْهَبُ الضُّبَعِيُّ ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَزِيدَ ، وَكَانَ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذِي قَارٍ : " الْيَوْمُ أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَتْ فِيهِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ " ،
ثم قال الإمام البخاري: [ وَقَالَ خَلِيفَةُ مَرَّةً : يَزِيدُ بْن بَشِيرٍ . ] إنتهى
ثم أخرجه البخاري من طريق خليفة بن خياط وجعل اسمه مقلوباً هكذا ( يزيد بن بشير ) في التاريخ الكبير ح 1019: قَالَ لَنَا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ ، قَالَ : نا الأَشْهَبُ الضَّبْعِيُّ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَشِيرٍ الضَّبْعِيِّ ، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذِي قَارٍ : " الْيَوْمَ انْتَصَفَ الْعَرَبُ فِيهِ مِنَ الْعَجَمِ " .] اه
وأخرجه ابن عبد البر في الإستيعاب في معرفة الأصحاب ح 53: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأَشْهَبُ الضُّبَعِيُّ ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَزِيدَ الضُّبَعِيِّ ، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : " يَوْمَ ذِي قَارٍ الْيَوْمَ أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَتْ فِيهِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ " .
وذكره من طريق خليفة بن خياط ابنُ قانع في ( معجم الصحابة ) ( باب الباء ) ح 146 فقال: رَوَى خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَوَاءٍ ، قَالَ : نا الأَشْهَبُ الضُّبَعِيُّ ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَزِيدَ الضُّبَعِيِّ ، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذِي قارٍ : " الْيَوْمَ انْتَصَفَتِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ " .
وعزاه لغير من مر ذكرهم بعضُ إخواننا فقال: [ وابن ماكولا في تهذيب مستمر الأوهام ص110
وأضاف السيوطي في الخصائص عزوه لبقي بن مخلد في مسنده والبغوي وكذا لابن السكن وانظر كنز العمال المتقي الهندي ج10/ص268 وج11/ص170 ] إنتهى
ب - عن شباب العصفري عن محمد بن سواء عن الأشب الضبعي عن بشير بن يزيد عن النبي فذكره.
قلت: وقد تابع خليفة عليه شباب العصفري قال ابن مندة في معرفة الصحابة عقب ح 64 الذي هو الطريق السابق: [ رواه شباب العصفري ، عن ابن سواء ، عن أشهب ، عن بشير بن يزيد ، وقال مرة : عن يزيد بن بشير نحوه .] اه
قلت: إسمه بشير بن يزيد وكل ما ورد غيره خطأ وبعضه تصحيف والمروري حتى من الطريق الأخرى التي فيها الشاذكوني الكذاب اثبتهه عن خليفة بن خياط هكذا ( بشير بن يزيد ) - وهو المثبت في طبقات خليفة بن خياط كما مر وكذا من تكلم فيه من علماء الجرح والتعديل عند كلامهم عن بشير بن يزيد لم يقلب اسمه الذي في السند وسيأتي كلامهم في كلام الألباني.
ج- عن مُحَمَّدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَوَاءٍ ، ثنا عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ ، حَدَّثَنِي أَشْهَبُ الضُّبَعِيُّ ، عَنْ بشير بن يزيد عن النبي فذكره.
وتابع خليفة عليه محمد بن ثعلبة بن سواء أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة ح 6120: أَخْبَرَنَا خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ ، ثنا أَبُو قِلابَةَ الرَّقَاشِيُّ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَوَاءٍ ، ثنا عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ ، حَدَّثَنِي أَشْهَبُ الضُّبَعِيُّ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بِشْرٍ ، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذِي قَارٍ : " هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ يَنْتَصِفُ الْعَرَبُ فِيهِ مِنْ مُلْكِ الْعَجَمِ " ،
ثم قال أبو نعيم عقبه: [ كَذَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ وَهْمٌ .] اه
قلت: الظاهر أنه يريد نسبة الوهم في رفع الحديث لأبي قلابة الرقاشي فإنه ( صدوق يخطيء ) كما قال الذهبي وقال الدارقطني ( يخطيء كثيراً في الأسانيد ) اه وهذا مردود هنا لأن غيره رفعه ممن هو أوثق منه مثلاً رواية خليفة بن خياط عن محمد بن سواء به ومرت.
ومحمد بن ثعلبة بن سواء مجهول الحال - اي مستور - قال أبو حاتم الرازي: ( أدركتُه ولم أكتب عنه ) اه وقال ابن حجر: ( صدوق ) اه وقال مصنفوا تحرير تقريب التهذيب: ( مستور، فقد روى عنه جمع، ولم يوثقه أحد ) اه ولم يصب ابن حجر بقوله صدوق! إذ لم يوثقه أحد!
قلت: ومر ان الصواب ان اسم الراوي عن النبي ( بشير بن يزيد ) ووقع هنا قلب للإسم وتصحيف ( بشير ) إلى ( بشر ) !. ]]
و خليفة هذا ثقة احتج به البخاري و هو أخباري علامة .
والأشهب الضبعي مجهول أورده ابن أبي حاتم في “ الجرح و التعديل “ ( 1 / 1 / 1342 ) ولم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .
و بشير بن يزيد الضبعي , قال ابن أبي حاتم عن أبيه : “ أدرك الجاهلية له صحبة “ و قال البغوي : “ لم أسمع به إلا في هذا الحديث “ . ثم ساقه من طريق الأشهب الضبعي به . و قال الحافظ في “ الإصابة “ : “ و أخرجه بقي بن مخلد في “ مسنده “ من هذا الوجه , و كذلك البخاري في “ تاريخه “ و ذكره ابن حبان في التابعين فقال : شيخ قديم أدرك الجاهلية يروي المراسيل . قلت : و ليس في شيء من طرق حديثه له سماع “ .
[[ قلت يشير الألباني الى عدم ثبوت صحبة بشير بن يزيد بنقله كلام الحافظ في الإصابة وهو التحقيق.
الطريق الثالت: ضعيف جداً فيه أربع علل الأولى أبو أمية عمرو بن المنخل السدوسي مجهول والثانية يحيى بن يمان العجلي ضعيف والثالثة الرجل من بني تميم مجهول ومر في الطريق الأول تسميته بأبي عبد الله التيمي وهو مجهول بكل حال والرابعة: الإرسال فالحديث مرسل ارسله الأخرم عن النبي والأخرم لم تثبت صحبته بل هو تابعي على الراجح ومر تفصيل ذلك في العلة
الثالثة في الطريق الأول.
عن خليفة بن خياط حدثني أبو أمية عمرو بن المنخل السدوسي قال: حدثنا يحيى بن اليمان العجلي عن رجل من بني تيم اللات - وبعضهم قال ( الله ) بدل ( اللات ) ومر في الطريق الأول تسمية هذا الرجل بأبي عبد الله التيمي - عن عبد الله بن الأخرم عن أبيه عن النبي . ]]
ثم رواه خليفة من الطريق الأول - يريد الألباني من طريق يحيى بن يمان العجلي عن عبد الله بن الأخرم عن ابيه مرفوعاً لكن بسند آخر قبل يحيى بن يمان - فقال : و حدثني أبو أمية عمر بن المنخل السدوسي قال : حدثنا يحيى بن اليمان العجلي عن رجل من بني تيم اللات عن عبد الله بن الأخرم به .
[[ قلت: هذا رواه خليفة بن خياط في الطبقات ح 6: وَحَدَّثَنِي أَبُو أُمَيَّةَ عَمْرُو بْنُ الْمُنَخِّلِ السَّدُوسِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ الْعَجْلِيُّ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللاتِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَخْرَمِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذِي قَارٍ : " الْيَوْمُ أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَتْ فِيهِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ وَبِي نُصِرُوا ".
ومن طريقه أخرجه البخاري في التاريخ الكبير ح 453: حَدَّثَنِي خَلِيفَةُ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْمُنَخَّلِ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَخْرَمِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَوْمُ ذِي قَارٍ أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَتْ فِيهِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ وَبِي نُصِرُوا " .
قلتُ ومر قول الألباني على الطريق الأولى: ( يحيى بن يمان ضعيف.وشيخه أبو عبد الله التيمي لم أعرفه ) اه ومر نقل جهالة أبي عبد الله التيمي على لسان الأئمة في الطريق الأول.
قلت : لكن ابو عبد الله التيمي وقع هنا هكذا ( رجل من بني تيم ) فهو مجهول لأن هذا يؤكد جهالته ولذلك جعله الألباني أحد العللتين عنده - ووقع بعده ( اللات ) عند خليفة بن خياط ووقع بعده ( الله ) عند البخاري والله أعلم بالصواب - .
قلت: ووقع في سند هذه الطريق عند الألباني هنا تصحيف فوقع عنده هكذا ( أبو أمية عمر بن المنخل السدوسي ) وصوابه ( عمرو ) فصوابه كما نقلتُه آنفاً عن طبقات خليفة بن خياط والتاريخ الكبير للبخاري هكذا ( أبو أمية عمرو بن المنخل السدوسي ) وهذه علَّةٌ أخرى فاتت الألباني لهذه الطريق وذلك ان أبي أميمة عمرو بن المنخل السدوسي هذا مجهول لم يُتَرجِم له أحد! ففي هذه الطريق مجهولين وضعيف ثم هو مُرسل! فقد مر أن الأخرم تابعي ولم تثبت صحبته وسيأتي بتصريح الألباني.
وفي بعض ألفاظ الحديث كما مر معنا لفظة ( وبي نُصِروا ) في آخره وسيأتي بيان صحتها وحدها دون الواو قبلها وما قبلها. ]]
قلت : فالظاهر أنه لم تثبت صحبته [[ يريد الألباني بكلامه الأخرم ]] , و عليه فالحديث له علتان : الإرسال و الجهالة . و الله أعلم .
[[ الطريق الرابع: موضوع من أجل محمد بن السائب الكلبي الكذاب وابنه هشام بن محمد الكلبي متروك.
عن هشام ابن محمد الكلبي عن ابيه محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس مرفوعاً. ]]
قال الألباني : [ ( فائدة ) : قال الحافظ : “ و يوم ذي قار من أيام العرب المشهورة كان بين جيش كسرى و بين بكر بن وائل لأسباب يطول شرحها , قد ذكرها الأخباريون , وذكر ابن الكلبي أنها كانت بعد وقعة بدر بأشهر , قال : و أخبرني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : ذكرت وقعة ذي قار عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ذاك أول يوم انتصف فيه العرب من العجم , و بي نصروا “ .
[[ قلتُ: وكلام الحافظ ابن حجر في الإصابة في معرفة الصحابة 1 / 316
قلتُ: هذا طريق موضوع والكلبي هو محمد بن السائب الكلبي كذاب كما في كتب التراجم.
أما ما نقله الحافظ ابن حجر بقوله: [ وذكر ابن الكلبي أنها كانت بعد وقعة بدر بأشهر ] إنتهى
اقول: هذا واهٍ لا يصح، ابن الكلبي هو هشام بن محمد بن السائب الكلبي متروك وأبوه شر منه لأنه كذاب ومر الكلام فيه ولذا قال بعض أخواننا بعد ذكره الطريق الرابع هذا: [ ومثل هذا بالرغم من وجوده في كثير من كتب السيرة فلا يفرح بمثله مسلسل الكذب ولم أورده إلا تبعا لذكر ابن حجر له.] انتهى.
الطريق الخامس: ضعيف لأنه مرسل لعدم الواسطة بين إبراهيم التيمي والنبي عليه الصلاة والسلام! ورجاله ثقات وإبراهيم التيمي تابعي ثقة يُرسِل .
وفات الألباني هذه الطريق الخامسة وفي لفظها نوع اختلاف أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في كتابه ( فضائل الصحابة ) في ( فَضَائِلُ الْعَرَبِ ) ح 1336: قثنا هُشَيْمٌ ، قثنا الْعَوَّامُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ ذِي قَارٍ انْتَصَفَتْ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ مِنَ الْفُرْسِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " انْتَصَفُوا مِنْهُمْ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ ، مِنَ الْفُرْسِ وَنَحْوِهِمْ ، قَالَ : هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ فَضَّ اللَّهُ فِيهِ جُنُودَ الْفُرْسِ بِفَوَارِسَ مِنْ بَنِي ذُهْلِ بْنِ شَيْبَانَ " .
قلت: هذا حديث ضعيف لأنه مرسل لعدم الواسطة بين إبراهيم التيمي والنبي عليهرالصلاة والسلام! ورجاله ثقات وإبراهيم هو ابن يزيد التيمي تابعي ثقة يُرسِل وأخطأ ابن حجر فنسبه إلى التدليس إذ قال ابن حجر في التقريب: ( ثقة عابد إلا أنه يرسل ويدلس ) اه وتعقبه شعيب الأرناؤوط فقال: ( أخطأ الحافظ في التقريب فنسبه إلى التدليس وهو برئ منه لم يصفه بذلك أحد فيما نعلم، حتى هو لم يذكره في طبقات المدلسين ) اه وقال مصنفوا تحرير تقريب التهذيب: ( ثقة يرسل، وقوله يدلس وهم منه ) اه
وإبراهيم هذا تابعي صغير كما ذكر الحافظ ابن حجر وقد مات سنة إثنتين وتسعين من الهجرة كما في ترجمته من تهذيب الكمال .
فهذا المرسَل مع صحة سنده إلى إبراهيم ضعيف لإرساله! - لأنه من صغار التابعين مما يؤيد إحتمال تعدد الواسطة بينه وبين النبي مما يزيد احتمال شدة ضعف السند بينه وبين النبي - فلا يصلح في الشواهد كي يشهد لذلك المرسل الضعيف الآخر عن بشير بن يزيد
وذلك أن خلاصة ما اشترطه العلماء للإستشهاد بالمرسل للمرسل ثلاثة شروط هي:
1- ان يكون السند صحيح الى المرسِل في الطريقين المرسَلَيْن.
2- إختلاف المخرج بأن لا يحتمل فيه اتحاد المخرج مع المرسل الآخر بأن يرويه مُرِسلُه من وجه آخر بأن يكون مرسله قد تلقى الاحاديث عن غير شيوخ المرسل الاول وكذا لو كان صحيحا ولكن لم يُعلم ان شيوخه غير شيوخ الاول فلا يجوز الإستشهاد به وهذا قول الشافعي ونص على هذين الشرطين النووي والألباني في جلباب المرأة المسلمة
3- ان يكون المرسِل نفسه من كبار التابعين الذين يروون عن الصحابة مباشرة كما ذكر الشافعي في الرسالة والألباني في بعض كتبه.
وهنا لم تتحقق الشروط الثلاث! فإبراهيم التيمي مرسله عنه صح ومرسل بشير بن يزيد ضعيف عنه! وإبراهيم التيمي من صغار التابعين ولا يُعلَم هل أخذه من طريق بشير بن يزيد نفسه الذي في الطريق الآخر وكذا لا يُعلَم هل أخذ شيوخ او شيخ إبراهيم - الذين سقطوا من سلسلة السند بين ابراهيم التيمي والنبي عليه الصلاة والسلام - عن غير بشير او عن غير شيوخ بشير أم لا ولعل إبراهيم هذا أخذه عن بشير والله أعلم والحديث ضعيف مرسل في أحسن أحواله فلا يصح مرفوعاً .
أقول بقي أمر يخص معنى لفظ الحديث الضعيف هذا فنقول الحديث كما يقول العلماء في ما صح معناه من الحديث دون سنده صحيح المعنى ضعيف المبنى - المبنى هو الإسناد - واختار المباركفوري كما مر في كلامه في كتابه الماتع ( الرحيق المختوم ) ص 32 أن أول انتصار للعرب على العجم - وهم الفرس وليس جميع الأمم من غير العرب فتنبه - هو انتصار مشركي العرب على الفرس في ذي قار وهو ما قال به المؤرخون والطريق الخامس يدل على ان هذا معروف حتى في عصر التابعين كإبراهيم التيمي فهو قوله كما هو ظاهر فهو يذهب لما فيه بروايته ذلك عن النبي وهذا يشهد الى ان معناه صحيح وإنما لم يصح عن النبي من قوله والحمد لله. ]]
قلت : هذه الكلمة “ و بي نصروا “ رواها الطبراني من طريق خالد بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده فذكر قصة إرسال النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر إلى بكر بن وائل و عرضه الإسلام عليهم و فيه : قالوا : حتى يجيء شيخنا فلان - قال خلاد : “ أحسبه قال : المثنى بن خارجة - فلما جاء شيخهم عرض عليهم أبو بكر رضي الله عنه , قال : إن بيننا و بين الفرس حربا فإذا فرغنا مما بيننا و بينها عدنا فنظرنا , فقال أبو بكر : أرأيت إن غلبتموهم أتتبعنا على أمرنا؟ قال : لا نشترط لك هذا علينا , ولكن إذا فرغنا فيما بيننا و بينهم عدنا فنظرنا فيما نقول , فلما التقوا يوم ذي قار هم و الفرس قال شيخه: ما اسم الرجل الذي دعاكم إلى الله ؟ قالوا : محمد , قالوا : هو شعاركم فنصروا على القوم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بي نصروا .
قال الهيثمي ( 6 / 211 ) : “ و رجاله ثقات رجال الصحيح غير خلاد بن عيسى و هو ثقة “ .
[[ قلت سكت عليه الألباني! لأنه شاهد حسن عنده كما هو ظاهر كلامه والله أعلم.
قلتُ: وحديث الطبراني الأخير الذي ذكره الألباني لم أجده! - وقد ذكره بمصدره وبسنده ومتنه كاملاً بعض أخواننا وسأخرجه بالاستعانة بكلامه بتصرُّفٍ وإضافات - وهذا البيان والله المستعان:
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ( 6 / 61 ) ( باب ما أسند سعيد بن العاص ) فقال الإمام الطبراني: ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا منجاب بن الحارث ثنا خلاد بن عيسى الأحول عن خالد بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده قال قَدِمَتْ بكر بن وائل مكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتهم فاعرضني عليهم فأتاهم أبو بكر فقال من القوم قالوا بنو ذهل بن ثعلبة قال ليس إياكم أريد أنتم الأذناب فقام إليه دغفل فقال ومن أنتم قال رجل من قريش قال أمن بني هاشم قال لا قال فمن بني أمية قال لا قال فأنت من الأذناب ثم عاد إليهم أبو بكر ثانية فقال من القوم قالوا بنو ذهل بن شيبان قال إياكم أريد فعرض عليهم قالوا حتى يجيء شيخنا فلان قال خلاد أحسبه قال المثنى بن خارجة فلما جاء شيخهم عرض عليهم أبو بكر رضي الله عنه فقال ان بيننا وبين الفرس حربا فإذا فرغنا مما بيننا وبينهم عدنا فننظر فيما تقول فقال أبو بكر أرأيت ان غلبتموهم أتتبعنا على أمرنا قال لا نشترط لك هذا علينا ولكن إذا فرغنا مما بيننا وبينهم عدنا فنظرنا فيما تقول فلما التقوا يوم ذي قار هم والفرس قال شيخهم ما اسم الرجل الذي دعاكم إلى ما دعاكم إليه قالوا محمد قال فهو شعاركم فنصروا على القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ بِي نُصِرُوا ]
ومر نقل الألباني قولَ الهيثمي في مجمع الزوائد ( 6 / 211 ) : “ و رجاله ثقات رجال الصحيح غير خلاد بن عيسى و هو ثقة “ انتهى
قلت: هذا حديث حسن وإسناده حسن وهو شاهد حسن للفظة ( بي نُصِروا ) فهذه اللفظة صحيحة للشواهد
وقال أخونا المشار إليه: [ وقد اعترض بعض الإخوة على قول الهيثمي رجاله ثقات بأن العاص رجل كافر
وفي هذا عدة أخطاء أولا العاص ليس هو جد خالد المقصود في السند ونسب خالد كما يلي
خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص وهو صدوق من رجال البخاري
وسعيد بن عمرو ثقة من صغار الثالثة من رجال الصحيحين أرسل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورأى جمعا من الصحابة وانظر التمهيد ج4/ص26
أما عمرو بن سعيد فهو من التابعين وذكره بعضهم في الصحابة ورد ذلك ابن حجر في الإصابة فذكره في القسم الرابع
ويظهر من صنيع الطبراني أن الحديث من مسند أبيه سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص وهو صحابي صغير أخرج حديثه مسلم والبخاري في الأدب وهو من أشراف قريش وفصحائها وأحد كتبة المصحف العثماني
فلذا اقتصر على قوله عن خالد بن سعيد بن العاص نسبه لجده سعيد مباشرة وجعل الرواية من مسند سعيد كما عنون على ذلك. فليراجع.
ووهم من ظن خالدا أعلاه هو ابن سعيد بن العاص بن أمية فهذا صحابي قديم له ترجمة حافلة في الإصابة أو أنه ابن سعيد بن العاص بن سعيد مباشرة فالعاصان ماتا مشركين الأصغر والأكبر وليس لأحد منهما هنا زمام ولا جمل.
وعلى إثر ذلك دخل عليه الوهم في قضية أخرى فاعترض على كون خلاد بن عيسى لم يلق خالدا ( لظنه أنه الصحابي ) أقول بل منجاب الراوي عن خلاد يروي عن خالد فلا تعجب وانظر التمهيد في الموضع المشار إليه أعلاه.
ومنجاب ثقة من رجال مسلم كما في التقريب
أما محمد بن عثمان بن أبي شيبة ففيه كلام لا يضر تجد تفصيله في اللسان ج5/ص280 والميزان ج6/ص254
وترجمه في تذكرة الحفاظ ج2/ص661 ولم يضره كلام مطين فهما من الأقران وقد صحح له المقدسي في المختارة والحاكم في المستدرك وأقره الذهبي كما في 1 / 40 و 384 وغيرهما كثير
وقال الذهبي عنه في سير أعلام النبلاء ج14/ص21 الإمام الحافظ المسند أبو جعفر العبسي الكوفي...جمع وصنف وله تاريخ كبير ولم يرزق حظا بل نالوا منه وكان من أوعية العلم
قلت: - بعض أخواننا هو القائل جزاه الله خيراً - والحديث عزاه الإمام السيوطي في الخصائص الكبرى 1 / 302 لأبي نعيم وليس هو في المنتخب المطبوع بين أيدينا إذ هو اختصار إلى قدر الثلث من دلائل أبي نعيم والتي حوت عشرات الطرق للحديث الواحد والذي ما زال مخطوطا على حد علمي. ولا ندري إن كانت الرواية عنده من طريق عثمان أم غيره. وللتدليل على ما أقول راجع طرق حديث ميسرة الفجر في مقدمة تحقيق دلائل أبي نعيم لمحمد رواس قلعه جي ص 23 وقارنها بما في المطبوع. ] انتهى وكلامه نفيس.
ومر حديث [ اليوم أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم وبي نصروا. ]
ومر تخريج طرقه مما فيه لفظ ( بي نُصِرُوا ] ومما ليس فيه هذه الزيادة.
وقال بعض أخواننا المشار إليه سابقاً وهو يذكر الشواهد لطريق الطبراني: [ وأخرج الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية 3 / 142 واستغربه وعزاه لأبي نعيم والحاكم والبيهقي قال والسياق لأبي نعيم رحمهم الله من حديث ابان بن عبد الله البجلي عن ابان بن تغلب عن عكرمة عن ابن عباس حدثني علي بن أبي طالب قال لما أمر الله رسوله أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر إلى منى
إلى أن قال... ثم دفعنا الى مجلس الأوس والخزرج فما نهضنا حتى بايعوا النبي قال علي وكانوا صدقاء صبراء فسر رسول الله من معرفة أبي بكر رضي الله عنه بانسابهم قال فلم يلبث رسول الله الا يسيرا حتى خرج الى أصحابه
فقال لهم : [ احمدوا الله كثيرا فقد ظفرت اليوم أبناء ربيعة بأهل فارس قتلوا ملوكهم واستباحوا عسكرهم وبي نصروا ].
قلت - هو القائل - وهو حديث طويل قال الحافظ ابن كثير عقبه: [ هذا حديث غريب جدا كتبناه لما فيه من دلائل النبوة ومحاسن الاخلاق ومكارم الشيم وفصاحة العرب وقد ورد هذا من طريق أخرى وفيه أنهم لما تحاربوا هم وفارس والتقوا معهم بقراقر مكان قريب من الفرات جعلوا شعارهم اسم محمد فنصروا على فارس بذلك وقد دخلوا بعد ذلك في الاسلام ] إنتهى
أقول والحديث في دلائل النبوة للبيهقي ج2/ص427 بدون الفقرة الأخيرة وكذا عند أبي نعيم ص 282
والحديث مروي من طريقين لا تخلوان من مقال ونقل ابن حجر بعض التضعيفات لطرقه في بعض كتبه إلا أنه صرح في الفتح عند شرح حديث رقم 3889 بقوله: [ أخرجه أبو نعيم والحاكم والبيهقي في الدلائل بإسناد حسن ] انتهى
وتبعه الزقاني فحسنه في شرحه على المواهب فلعله لاعتضاده.
ويقال في العزو لأبي نعيم ما سبق التعليق عليه من نقص النسخ المطبوعة بين أيدينا وأنها المنتخب لا النسخة الكاملة
أما عزو الحافظين ابن كثير وابن حجر للحاكم فلم أجده في المستدرك فلعله في بعض كتبه الأخرى.
وقد علقه الطبري في تاريخه ج1/ص472 واليعقوبي ج2/ص46
وعزاه السهيلي في الروض الانف ج2/ص 238 للخطابي ولقاسم بن ثابت بن حزم أقول يكنى بأبي محمد السرقسطي المتوفى سنة 302 هـ وكتابه الدلائل في الحديث لم أره مطبوعا ويظهر أنه كتاب عظيم المقدار غزير العلم
قال أبو علي القالي فيه: ما اعلم انه وضع بالأندلس مثل كتاب الدلائل
قال بن الفرضي ولو قال ما وضع مثله بالمشرق ما ابعد، مات ولم يكمله فاتمه أبوه أبو القاسم ثابت بن حزم بن عبد الرحمن بن مطرف السرقسطي الحافظ المشهور المتوفى سنة 314 اهـ من الرسالة المستطرفة ص155 وانظر فهرسة ابن خير الإشبيلي ص161 وفهرس ابن عطية ص139 وكشف الظنون ص760 وأبجد العلوم ج2/ص391 ] انتهى
أقول انا عمر الزهيري: مر في رواية الطبراني ذكر قصة اتخاذهم اسم النبي ( محمد ) شعاراً وانتصارهم بذلك.
وأخرج الإمام أحمد بن حنبل عقب - الطريق الأخير الخامس الذي ذكرته لحديث خليفة بن خياط - في كتابه ( فضائل الصحابة ) في ( فَضَائِلُ الْعَرَبِ ) ح 1337: قثنا هُشَيْمٌ ، قَالَ : وَأَخْبَرَنِي شَيْخٌ مِنْ قَيْسٍ ، يُقَالُ لَهُ : حَفْصُ بْنُ مُجَاهِدٍ ، وَكَانَ عَالِمًا بِأَخْبَارِ النَّاسِ ، قَالَ : بَلَغَنِي " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : بِي نُصِرُوا ، قَالَ : وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
وعزى بعض أخواننا المشار إليه الحديثَ للعلل ومعرفة الرجال ج1/ص129
قلت: هذا طريقٌ ضعيفٌ جداً فيه علتان:
1- حفص بن مجاهد مجهول لم يترجم له أحد من أهل العلم ولم يروِ عنه سوى هشيم بن بشير - وهو ثقة معروف - ولم يصفه بشير هنا بما فيه التصريح بتوثيقه كما هو معلوم.
2- الإرسال بل الإعضاب فالحديث مرسل بل مُعْضل إذ هو بلاغ من حفص هذا وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم مفاوز ولا شك!
وليس في المتن التصريح بأن ذلك القول بشأن انتصار مشركي العرب بذي فار!
قال بعضُ أخواننا: [ وفي الباب بلاغٌ آخر جاء في الإصابة في معرفة الصحابة ج2/ص135 في ترجمة حنظلة بن سيار العجلي: [ قال أبو عبيدة في كتاب المآثر كان رئيسا في الجاهلية وهو صاحب قبة حنظلة ضربها يوم ذي قار فتقطعت عليها بكر بن وائل فقاتلوا الفرس حتى هزموهم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فسره وقال هذا أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم وبي نصروا ]
ولم يذكر سنده.
قال بعض أخواننا: [ فالخلاصة أن الحديث أصله حديث خالد بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده ورجاله ثقات وفي سنده ضعف يسير ينجبر بشواهده خاصة حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي حسنه الحافظ ابن حجر في الفتح وحديث الأخرم بن سيدان رضي الله عنه. ] انتهى
[[ قلت أنا عمر الزهيري: أما حديث الأخرم فلا يصلح في الشواهد والأخرم لم تثبت صحبته ومر بيان ذلك كله لكن حديث الطبراني حديثٌ حسن وبعض الطرق التي مرت تشهد له ولله الحمد. ]]
هذا بالنسبة لصحة أو حسن الحديث [[ يقصد حديث الطبراني الذي فيه القصة وفيها لفظة [ بي نُصِروا ] لأنه إنما كتب تخريجه هذا لحديث [ بي نُصِروا ] وليس مراده الحديث الضعيف بلفظ [ هذا أول بومٍ انْتَصَفَ فيه العرب من العجم ] وألفاظه الأخرى مرت ومر تخريجه بإطناب وبيان ضعفه إلا هذه الزيادة فقد صحت بطريق الطبراني ومر بعض الطرق الأخرى والحمد لله ]]، ويبقى الكلام على معناه وليس هو من تحقيق السند هنا. ] إنتهى كلام اخونا وما بين [[ ]] من تعليقي .
[[ أقول أما معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: [ بِي نُصِرُوا ] فهو كما جاء في طريق الطبراني أن مشركي العرب من بكر بن وائل لما عظموا اسم النبي باتخاذ اسمه ( محمد ) شعاراً لهم في معركتهم في ذي قار نَصَرَهُم الله لتعظيمهم اسم النبي وإن كانوا لا يؤمنون بالنبي ولا يعرفونه إلا قليلاً مما سمعوه من أبي بكر الصديق وهذا من حكمته سبحانه بتوفير أسباب الطاعة والإيمان بالنبي والدين الحق ولكي يَنْصُر بهم النبي صلى الله عليه وسلم حين يسلموا فإن انتصارها وهم يتخذون اسم ( محمد ) شعاراً مَدعاةً لإمامتهم به ودخولهم بالإسلام فالمراد من الحديث هو ( بتعظيم اسمي - باتخاذه شعاراً لهم في معركتهم - نُصِرُوا اي نصرهم الله جل وعلا ) وهذا يدل عليه سياق القصة.
ورأيت بعض أهل البدع يستدل بهذه الرواية لتجويد التوسل البدعي بالدعاء سائلين الله بالنبي بذاته او حقه او جاهه أو منزلته أو حرمته وقد يستدل بعضهم بها لتجويز الشرك الأكبر بدعاء النبي والإستغاثة به عياذاً بالله من ذلك!
وذاك من عظم جهل أهل البدع فإن بدعة التوسل البدعي الآنفة الذكر لم يصح فيها نص شرعي لا في القرآن ولا السنة وما عملها أحدٌ من السلف! وهذه الرواية [ بي نُصِروا ] غايةً ما فيها اتخاذ اسم النبي شعارً وهذا تعظيما لاسمه وهذا من عادة العرب في الجاهلية أن تتخذ شعاراً تُعظِّمه في معاركها وحروبها فالمراد كما أسلفت ( بتعظيم اسمي - باتخاذه شعاراً لهم في معركتهم - نُصِرُوا اي نصرهم الله جل وعلا ) وليس مراده أنهم ترسلوا بدعاء الله سائلين الله بالنبي! كيف وهم لا يؤمنون به وأين هذا في الحديث! ومن باب أولى عدم استغاثتهم به لخلو الحديث منها وعدم إيمانهم به وهم لما صنعوا ذلك بنص الحديث لم يكونوا مؤمنين أصلاً فقد طلبوا من أبي بكر انتظار نهاية المعركة كي ينظرون في ذلك ويقررون دخول الإسلام أو عدمه.
والحديث دليلٌ على جواز اتخاذ شعارٍ في اسم النبي ( محمد ) او ( أحمد ) او غيرها من أسماء النبي الثابتة وكذا اسم كل ما عظمه الشرع كاسم الله او الشهادتين او اسماء الصحابة في المعارك والحروب التي يخوضها المسلمون لأن النبي أقر صنيع بكر بن وائل على ذلك لما أخبره أبو بكر بذلك وإقراره هو قوله عليه وآله الصلاة والسلام: [ بِي نُصِرُوا ] ولو كان محرماً لبين حرمته عليه الصلاة والسلام وتأخير البيان عن وقته بلا حاجة لا يجوز فتأمل. ]]
ثم قال الألباني بعد تخريج الحديث: [ ( تنبيه ) : بلغ جهل بعض الناس بالتاريخ و السيرة النبوية في هذا العصر أن أحدهم طبع منشورا يرد فيه على صديقنا الفاضل الأستاذ علي الطنطاوي طلبه من الإذاعة أن تمتنع من إذاعة ما يسمونه بالأناشيد النبوية , لما فيها من وصف جمال النبي صلى الله عليه وسلم بعبارات لا تليق بمقامه صلى الله عليه وسلم , بل فيها ما هو أفظع من ذلك من مثل الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم من دون الله تبارك و تعالى , فكتب المشار إليه في نشرته ما نصه بالحرف ( ص 4 ) : “ و ها هي (!) الصحابة الكرام رضي الله عنهم كانوا يستصحبون بعض نسائهم لخدمة أنفسهم في الغزوات و الحروب , و كانوا يضمدون (!) الجرحى و يهيئون (!) لهم الطعام , و كانوا يوم ذي قار عند اشتداد وطيس الحرب بين الإسلام و الفرس كانت النساء تهزج أهازيج و تبعث الحماس في النفوس بقولها : إن تقبلوا نعانق و نفرش النمارق . أو تدبروا نفارق فراق غير وامق . فانظر إلى هذا الجهل ما أبعد مداه ! فقد جعل المعركة بين الإسلام و الفرس , و إنما هي بين المشركين و الفرس , و نسب النشيد المذكور لنساء المسلمين في تلك المعركة ! و إنما هو لنساء المشركين في غزوة أحد ! كن يحمسن المشركين على المسلمين كما هو مروي في كتب السيرة ! فقد خلط بين حادثتين متباينتين , و ركب منهما ما لا أصل له البتة بجهله أو تجاهله ليتخذ من ذلك دليلا على جواز الأناشيد المزعومة , و لا دليل في ذلك - لو ثبت - مطلقا إذ أن الخلاف بين الطنطاوي و مخالفيه ليس هو مجرد مدح النبي بل إنما هو فيما يقترن بمدحه مما لا يليق شرعا كما سبقت الإشارة إليه و غير ذلك مما لا مجال الآن لبيانه , و لكن صدق من قال : “ حبك الشيء يعمي و يصم “ <1> فهؤلاء أحبوا الأناشيد النبوية و قد يكون بعضهم مخلصا في ذلك غير مغرض فأعماهم ذلك عما اقترن بها من المخالفات الشرعية . ثم إن هذا الرجل اشترك مع رجلين آخرين في تأليف رسالة ضدنا أسموها “ الإصابة في نصرة الخلفاء الراشدين و الصحابة “ حشوها بالافتراءات و الجهالات التي تنبيء عن هوى و قلة دراية , فحملني ذلك على أن ألفت في الرد عليهم كتابا أسميته “ تسديد الإصابة إلى من زعم نصرة الخلفاء الراشدين و الصحابة “ موزعا على ست رسائل صدر منها الرسالة الأولى و هي في بيان بعض افتراءاتهم و أخطائهم , و الثانية في “ صلاة التراويح “ و الثالثة في أن “ صلاة العيدين في المصلى هي السنة “ ثم أصدرنا الخامسة بعنوان “ تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد “ .
---------------
[1] قلت : و قد روي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم , و لكنه لا يصح كما سيأتي بيانه برقم ( 1868 ) . اهـ . ] إنتهى كلام الإمام الألباني وما بين [[ ]] من تعليقي.
وقد فات الشيخ محمود بن محمد الملاح - حفظه الله وجزاه خيراً - التعليقَ على هذا الحديث في كتابه الرائع ( التعليق على الرحيق المختوم ) لأنه إعتمد الطبعة السابعة عشر لدار الوفاء وهي خالية من هامش رقم (1) المحتوي على إضافة المباركفوري هذه.
تخريج حديث"بي نصروا"
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=37720
579 - " هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم . يعني يوم ذي قار " .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة:ضعيف .
رواه ابن قانع في " معجم الصحابة " ( 12 / 2 ) عن سليمان بن داود المنقري حدثنا يحيى بن يمان : حدثنا أبو عبد الله التيمي عن عبد الله بن الأخرم عن أبيه - وكانت له صحبة - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فذكره . قلت : وهذا سند موضوع ، سليمان هذا هو الشاذكوني كذاب ، كذبه في الحديث ابن معين وصالح جزرة . ويحيى بن يمان ضعيف . وشيخه أبو عبد الله التيمي لم أعرفه . وقد رواه الشاذكوني بإسناد آخر أقرب إلى الصواب من هذا فقال الطبراني في " المعجم الكبير " ( 62 / 2 ) :
حدثنا أبو مسلم الكشي : أخبرنا سليمان بن داود الشاذكوني أخبرنا محمد بن سواء : حدثني الأشهب الضبعي : حدثني بشير بن يزيد الضبعي - وكان قد أدرك الجاهلية - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذي قار فذكره . قال الهيثمي ( 6 / 211 ) بعد أن عزاه للطبراني :
" وفيه سليمان بن داود الشاذكوني وهو ضعيف " . قلت بل : كذاب كما عرفت ، ولكني وجدت له متابعا قويا ، فقال خليفة بن خياط في " كتاب الطبقات " ( 12 / 1 ) : حدثني محمد بن سواء به . وخليفة هذا ثقة احتج به البخاري وهو أخباري علامة .
والأشهب الضبعي مجهول أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " ( 1 / 1 / 1342 ) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وبشير بن يزيد الضبعي ، قال ابن أبي حاتم عن أبيه : " أدرك الجاهلية له صحبة " وقال البغوي : " لم أسمع به إلا في هذا الحديث " .
ثم ساقه من طريق الأشهب الضبعي به . وقال الحافظ في " الإصابة " : " وأخرجه بقي بن مخلد في " مسنده " من هذا الوجه ، وكذلك البخاري في " تاريخه " وذكره ابن حبان في التابعين فقال : شيخ قديم أدرك الجاهلية يروي المراسيل . قلت : وليس في شيء من طرق حديثه له سماع " .
ثم رواه خليفة من الطريق الأول فقال : وحدثني أبو أمية عمر بن المنخل السدوسي قال : حدثنا يحيى بن اليمان العجلي عن رجل من بني تيم اللات عن عبد الله بن الأخرم به .
قلت : فالظاهر أنه لم تثبت صحبته ، وعليه فالحديث له علتان : الإرسال والجهالة . والله أعلم .
فائدة : قال الحافظ : " ويوم ذي قار من أيام العرب المشهورة كان بين جيش كسرى وبين بكر بن وائل لأسباب يطول شرحها ، قد ذكرها الأخباريون ، وذكر ابن الكلبي أنها كانت بعد وقعة بدر بأشهر ، قال : وأخبرني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : ذكرت وقعة ذي قار عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
ذاك أول يوم انتصف فيه العرب من العجم ، وبي نصروا " . قلت : هذه الكلمة " وبي نصروا " رواها الطبراني من طريق خالد بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده فذكر قصة إرسال النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر إلى بكر بن وائل وعرضه الإسلام عليهم وفيه : قالوا : حتى يجيء شيخنا فلان - قال خلاد : " أحسبه قال : المثنى بن خارجة - فلما جاء شيخهم عرض عليهم أبو بكر رضي الله عنه ، قال : إن بيننا وبين الفرس حربا فإذا فرغنا مما بيننا وبينها عدنا فنظرنا ، فقال أبو بكر :
أرأيت إن غلبتموهم أتتبعنا على أمرنا ؟ قال : لا نشترط لك هذا علينا ، ولكن إذا فرغنا فيما بيننا وبينهم عدنا فنظرنا فيما نقول ، فلما التقوا يوم ذي قار هم والفرس قال شيخهم : ما اسم الرجل الذي دعاكم إلى الله ؟ قالوا : محمد ، قالوا : هو شعاركم فنصروا على القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بي نصروا . قال الهيثمي ( 6 / 211 ) : " ورجاله ثقات رجال الصحيح غير خلاد بن عيسى وهو ثقة " .
( تنبيه ) : بلغ جهل بعض الناس بالتاريخ والسيرة النبوية في هذا العصر أن أحدهم طبع منشورا يرد فيه على صديقنا الفاضل الأستاذ علي الطنطاوي طلبه من الإذاعة أن تمتنع من إذاعة ما يسمونه بالأناشيد النبوية ، لما فيها من وصف جمال النبي صلى الله عليه وسلم بعبارات لا تليق بمقامه صلى الله عليه وسلم ، بل فيها ما هو أفظع من ذلك من مثل الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم من دون الله تبارك وتعالى ، فكتب المشار إليه في نشرته ما نصه بالحرف ( ص 4 ) : " وها هي (!) الصحابة الكرام رضي الله عنهم كانوا يستصحبون بعض نسائهم لخدمة أنفسهم في الغزوات والحروب ، وكانوا يضمدون (!) الجرحى ويهيئون (!) لهم الطعام ، وكانوا يوم ذي قار عند اشتداد وطيس الحرب بين الإسلام والفرس كانت النساء تهزج أهازيج وتبعث الحماس في النفوس بقولها : إن تقبلوا نعانق ونفرش النمارق . أو تدبروا نفارق فراق غير وامق . فانظر إلى هذا الجهل ما أبعد مداه ! .
فقد جعل المعركة بين الإسلام والفرس ، وإنما هي بين المشركين والفرس ، ونسب النشيد المذكور لنساء المسلمين في تلك المعركة ! وإنما هو لنساء المشركين في غزوة أحد ! كن يحمسن المشركين على المسلمين كما هو مروي في كتب السيرة ! فقد خلط بين حادثتين متباينتين ، وركب منهما ما لا أصل له البتة بجهله أو تجاهله ليتخذ من ذلك دليلا على جواز الأناشيد المزعومة ، ولا دليل في ذلك - لوثبت - مطلقا إذ أن الخلاف بين الطنطاوي ومخالفيه ليس هو مجرد مدح النبي بل إنما هو فيما يقترن بمدحه مما لا يليق شرعا كما سبقت الإشارة إليه وغير ذلك مما لا مجال الآن لبيانه ، ولكن صدق من قال : " حبك الشيء يعمي ويصم " فهؤلاء أحبوا الأناشيد النبوية وقد يكون بعضهم مخلصا في ذلك غير مغرض فأعماهم ذلك عما اقترن بها من المخالفات الشرعية . ثم إن هذا الرجل اشترك مع رجلين آخرين في تأليف رسالة ضدنا أسموها " الإصابة في نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة " حشوها بالافتراءات والجهالات التي تنبيء عن هوى وقلة دراية ، فحملني ذلك على أن ألفت في الرد عليهم كتابا أسميته " تسديد الإصابة إلى من زعم نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة " موزعا على ست رسائل صدر منها الرسالة الأولى وهي في بيان بعض افتراءاتهم وأخطائهم ، والثانية في " صلاة التراويح " والثالثة في أن " صلاة العيدين في المصلى هي السنة " ثم أصدرنا الخامسة بعنوان " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " .