رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )
الخلاصة:
- أن الرب قديم أزلي، وأفعاله حادثة شيئا بعد شيء، وكذلك كلامه، لم يزل متكلما بمشيئته شيئا بعد شيء.
- من أقرّ بدوام الفعل لزمه أن يقرّ بدوام الخلق؛ لأن الخلق نوع من الفعل، ودوام التخليق أو الخلق يستلزم دوام جنس المخلوقات.
- وما دلّ من الأدلة العقلية والسمعية على قدم نوع الفعل والخلق لا يدل على قدم شيء معيّن من العالم لا فلكٍ ولا غيره.
- ولا ريب أن الفعل من لوازم الحياة، والرب لم يزل فاعلا بمشيئته وقدرته، والفعل والخلق والكلام صفات كمال، والرب قابل للاتصاف بها، وإذا كان قابلا لها لزم وجودها لأن ذاته هي الموجبة لما كان قابلا له، فكان كل مقبول واجب الوجود للرب سبحانه. وهذا ليس من الإيجاب عليه في شيء.
- ومن لم يوافق على هذه المسائل لزمه:
1- أن الله لم يكن قادرا على الفعل ثم صار قادرا.
2- أن الله لم يكن قادرا على الخلق ثم صار قادرا.
3- أن الله لم يكن قادرا على الكلام ثم صار قادرا على الكلام بمشيئته.
التزم بهذه اللوازم الكرامية فقالوا: (صار قادرا على الكلام بمشيئته بعد أن لم يكن).
أما الكلابية والأشعرية والسالمية فإنهم قالوا: لم يصر قادرا على الكلام ولا يمكنه الكلام بمشيئته قط.
أصل خطأ أهل الكلام في المسألة القول بامتناع دوام الفعل لاستلزامه بوجود حوادث لا ابتداء لها وهو ممتنع عندهم.
والحقيقة التي اتفق عليها الإخوة المشاركون هي:
1- أنه يمتنع أن يكون مع الله شيء قديم بعينه، مع أنه لم يزل فاعلا لما يشاء، وأنه يحدث ما يقوم بذاته من الأفعال والإرادات، وأن كون الرب فاعلا لما يشاء بلا ابتداء من لوازم ذاته، وأنه يمتنع أن يكون فاعلا بعد أن لم يكن، وأنه ليس كل حادث مخلوقا لكن كل مخلوق حادث.
2- لم يستوعب بعض الإخوة العلة الموجبة لقدم نوع الفعل والإرادة والكلام والمانعة في نفس الوقت من القول بقدم آحاد الحوادث وهو: أن عدم قدم نوع الفعل والكلام والإرادة يستلزم النقص والعيب في الله، وقدم الأفراد يوجب الكفر والشرك والعياذ بالله.
بيانه: أن ما يقوم بالله من نوع الكلام والفعل والإرادة فـ[إما أن يكون صفة كمال أو صفة نقص؛ فإن كان كمالا؛ فلم يزل ناقصا حتى تجدّد له ذلك الكمال، وإن كان نقصا فقد نقص بعد الكمال.
وهذه الحجة لا تُبطل قيام نوع الإرادة والكلام شيئا بعد شيء؛ فإن ذلك إنما يتضمّن حدوث أفراد الإرادة والكلام لا حدوث النوع، والنوع ما زال قديما، وما زال متصفا بالكلام والإرادة، وذلك صفة كمال، فلم يزل متصفا بالكمال ولا يزال، بخلاف ما إذا قيل: صار مريدا متكلما بعد أن لم يكن.
وإذا قيل في ذلك الفرد من أفراد الإرادة والكلام والفعل: هل هو كمال أو نقص؟
قيل: هو كمال وقت وجوده، ونقص قبل وجوده، مثل مناداته لموسى، كانت كمالا لما جاء موسى، ولو ناداه قبل ذلك لكان نقصا، والله منزه عنه.
ولأنّ أفراد الحوادث يمتنع قدمها، وما امتنع قدمه لم يكن عدمه في القدم نقصا، بل النقص المنفي لا بد أن يكون: عدم ما يمكن وجوده، بل: عدم ما يمكن وجوده، ويكون وجوده خيرا من عدمه.
فلا يكون عدم الشيء نقصا إلا بهذين الشرطين: بأن يكون عدمه ممكنا، ويكون وجوده خيرا من عدمه.
فإذا كان عدمه ممتنعا كعدم الشريك والولد فهذا مدح وصفة كمال.
وإذا كان عدمه ممكنا، والأولى عدمه، كالأشياء التي لم يخلقها؛ فإنه كان أن لا يخلقها أكمل من أن يخلقها، كما أن ما خلقه كان أن يخلقه أكمل من أن لا يخلقه.
وحينئذ: فما وجد من الحوادث في ذاته أو بائنا عنه كان وجوده وقت وجوده هو الكمال، وعدمه وقت عدمه هو الكمال، وكان عدمه وقت وجوده، أو وجوده وقت عدمه نقصا ينزّه الله عنه سبحانه وتعالى.
فقد تبين الفرق بين نوع الحوادث وأعيانها، وأن النوع لو كان حادثا بذاته بعد أن لم يكن= لزم كماله بعد نقصه، أو نقصه بعد كماله.
وأيضا: فالحادث لا بد له من سبب، والأفراد يمكن حدوثها؛ لأن قبلها أموراً أخرى تصلح أن تكون سببا.
أما إذا قدّر عدم النوع كله ثم حدث لزم أن يحدث النوع بلا سبب يقتضي حدوثه وهو ممتنع.
وأيضا: فهذا النوع إما أن يقال: كان قادرا عليه فيما لم يزل، أو صار قادرا بعد أن لم يكن: فإن كان قادرا عليه: أمكن وجوده؛ فلا يمتنع وجوده، فلا يجوز الجزم بعدمه.
وإن لم يكن قادرا: لزم حدوث القدرة بلا سبب، وانتقال القدرة من الامتناع إلى الإمكان بلا سبب.
وهذا بخلاف الأفراد؛ فإن ذلك كان ممتنعا حتى يحصل ما يصير به ممكنا، أو كان ممكنا، ولكن الحكمة اقتضت وجوده بعد تلك الأمور...
وأيضا: فذلك النوع ممكن له لوجوده، وهو لا يتوقف على شيء غيره لا منه ولا من غيره، وما كان ممكنا لم يتوقف إلا على ذاته= لزم وجوده بوجود ذاته كحياته وعلمه وقدرته وغير ذلك من صفاته؛ فدل ذلك على وجوب قِدم نوع هذه الصفات، ولزوم النوع لذاته، وإن قيل بحدوث الأفراد.
وعلى هذا فيقال: لا تقوم بذاته الصفات الحادثة، أي: لا يقوم به نوع من أنواع الصفات الحادثة، بمعنى أن الكلام صفة والإرادة صفة، ولا تحدث له هذه الصفات ولا نوع من أنواع هذه الصفات، بل لم يزل متكلما مريدا، وإن حدث أفراد كلّ صفةٍ، أي: إرادة هذا الحادث المعيّن، وهذا الشخص المعيّن، فنفس الصفة لم تزل موجودةً].
انتهى الاقتباس من كلام شيخ الإسلام رحمه الله.
رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي
الخلاصة:
- أن الرب قديم أزلي، وأفعاله حادثة شيئا بعد شيء، وكذلك كلامه، لم يزل متكلما بمشيئته شيئا بعد شيء.
- من أقرّ بدوام الفعل لزمه أن يقرّ بدوام الخلق؛ لأن الخلق نوع من الفعل، ودوام التخليق أو الخلق يستلزم دوام جنس المخلوقات.
* الخلاف الحادث في المسالة انما هو في شيء اخص من هذا . فلا يلزم من دوام الفعل دوام الخلق . لان افعال الله عز وجل منها اللازم و المتعدي . و الاخير تابع للمشيئة و الحكمة . فبذلك يعلل عدم الوقوع فلا يستدل بالاعم على الاخص . و كون الله عز وجل متصف بصفة الخلق لا يلزم منه انه لم يزل يخلق شيئا بعد شيء لان ذلك تابع للمشيئة المرتبطة بالحكمة . و يفتقر اثبات دوام وقوع الافراد الى المرجح الشرعي . لان غاية ما يمكن ان يدرك بالعقل . ان الله عز وجل لم يزل قادر على كل شيء و ان الخلق تابع للمشيئة و الحكمة . فيستدل على الكمال في الافراد بالوقوع لما هو مشاهد و معلوم . اما من جهة الازل فيحتاج ذلك الى دليل الشرع لان الامر غيب بالنسبة الينا .
- مع الرجوع الى كلام السلف في المسالة يدرك المرء ان الخلاف في المسالة حادث . و ان الخلاف بينهم هو في اول مخلوق . و هذا يتضمن الاقرار بان المخلوقات لها اول فيكون هذا امر مجمع عليه بينهم . و محاولة حمل الخلاف بينهم في ان ذلك انما هو في هذا العالم المشهود لا يتمشى الا مع نوع تكلف و تاويل كلامهم و حمله على غير مقصودهم .
- وما دلّ من الأدلة العقلية والسمعية على قدم نوع الفعل والخلق لا يدل على قدم شيء معيّن من العالم لا فلكٍ ولا غيره.
* تكلمنا سابقا عن منتهى ادارك العقل في هذه المسالة . اما السمع فلعلكم تذكرون دليلا واحدا يكفي في رفع الخلاف ؟
- ولا ريب أن الفعل من لوازم الحياة، والرب لم يزل فاعلا بمشيئته وقدرته، والفعل والخلق والكلام صفات كمال، والرب قابل للاتصاف بها، وإذا كان قابلا لها لزم وجودها لأن ذاته هي الموجبة لما كان قابلا له، فكان كل مقبول واجب الوجود للرب سبحانه. وهذا ليس من الإيجاب عليه في شيء.
* عند الكلام على افراد الخلق لا يحسن ان يستدل على الكمال بالوجود . لان ذلك ايجاب لوقوع كل ممكن في اول ما يتصور من زمن مع استمرار ذلك الى الابد و هذا لا يقوله عاقل . فالكمال بالنسبة للافراد يدرك مع الوجود و العدم . و جملة النوع هي مجموعة الافراد . و مع الاقرار بان افراد الجملة ممكنة الوقوع ليست بواجبة يدرك ان جنس المخلوقات و تسلسلها في الازل امر ممكن ليس بواجب . لان الجملة ليست امر زائد عن مجموعة الافراد . و لان في ايجاب التسلسل في الازل ايجاب لوقوع بعض الافراد شيئا بعد شيء مع عدم التعيين . و هذا يتناقض مع قولنا في حكم الافراد و ان وقوعها واجب و ليس بممكن .
- ومن لم يوافق على هذه المسائل لزمه:
1- أن الله لم يكن قادرا على الفعل ثم صار قادرا.
2- أن الله لم يكن قادرا على الخلق ثم صار قادرا.
3- أن الله لم يكن قادرا على الكلام ثم صار قادرا على الكلام بمشيئته.
* هذا يلزم اهل البدع و الكلام . اما اهل السنة فيقولون ان الله لم يزل قادرا على الخلق . و ان ذلك راجع لحكمته و مشيئته . و ان عدم و جود الخلق في الزمن المعين راجع لعدم المشيئة لا للعجز و عدم القدرة .
التزم بهذه اللوازم الكرامية فقالوا: (صار قادرا على الكلام بمشيئته بعد أن لم يكن).
أما الكلابية والأشعرية والسالمية فإنهم قالوا: لم يصر قادرا على الكلام ولا يمكنه الكلام بمشيئته قط.
أصل خطأ أهل الكلام في المسألة القول بامتناع دوام الفعل لاستلزامه بوجود حوادث لا ابتداء لها وهو ممتنع عندهم.
والحقيقة التي اتفق عليها الإخوة المشاركون هي:
1- أنه يمتنع أن يكون مع الله شيء قديم بعينه، مع أنه لم يزل فاعلا لما يشاء، وأنه يحدث ما يقوم بذاته من الأفعال والإرادات، وأن كون الرب فاعلا لما يشاء بلا ابتداء من لوازم ذاته، وأنه يمتنع أن يكون فاعلا بعد أن لم يكن، وأنه ليس كل حادث مخلوقا لكن كل مخلوق حادث.
2- لم يستوعب بعض الإخوة العلة الموجبة لقدم نوع الفعل والإرادة والكلام والمانعة في نفس الوقت من القول بقدم آحاد الحوادث وهو: أن عدم قدم نوع الفعل والكلام والإرادة يستلزم النقص والعيب في الله، وقدم الأفراد يوجب الكفر والشرك والعياذ بالله.
بيانه: أن ما يقوم بالله من نوع الكلام والفعل والإرادة فـ[إما أن يكون صفة كمال أو صفة نقص؛ فإن كان كمالا؛ فلم يزل ناقصا حتى تجدّد له ذلك الكمال، وإن كان نقصا فقد نقص بعد الكمال.
وهذه الحجة لا تُبطل قيام نوع الإرادة والكلام شيئا بعد شيء؛ فإن ذلك إنما يتضمّن حدوث أفراد الإرادة والكلام لا حدوث النوع، والنوع ما زال قديما، وما زال متصفا بالكلام والإرادة، وذلك صفة كمال، فلم يزل متصفا بالكمال ولا يزال، بخلاف ما إذا قيل: صار مريدا متكلما بعد أن لم يكن.
وإذا قيل في ذلك الفرد من أفراد الإرادة والكلام والفعل: هل هو كمال أو نقص؟
قيل: هو كمال وقت وجوده، ونقص قبل وجوده، مثل مناداته لموسى، كانت كمالا لما جاء موسى، ولو ناداه قبل ذلك لكان نقصا، والله منزه عنه.
ولأنّ أفراد الحوادث يمتنع قدمها، وما امتنع قدمه لم يكن عدمه في القدم نقصا، بل النقص المنفي لا بد أن يكون: عدم ما يمكن وجوده، بل: عدم ما يمكن وجوده، ويكون وجوده خيرا من عدمه.
فلا يكون عدم الشيء نقصا إلا بهذين الشرطين: بأن يكون عدمه ممكنا، ويكون وجوده خيرا من عدمه.
فإذا كان عدمه ممتنعا كعدم الشريك والولد فهذا مدح وصفة كمال.
وإذا كان عدمه ممكنا، والأولى عدمه، كالأشياء التي لم يخلقها؛ فإنه كان أن لا يخلقها أكمل من أن يخلقها، كما أن ما خلقه كان أن يخلقه أكمل من أن لا يخلقه.
وحينئذ: فما وجد من الحوادث في ذاته أو بائنا عنه كان وجوده وقت وجوده هو الكمال، وعدمه وقت عدمه هو الكمال، وكان عدمه وقت وجوده، أو وجوده وقت عدمه نقصا ينزّه الله عنه سبحانه وتعالى.
فقد تبين الفرق بين نوع الحوادث وأعيانها، وأن النوع لو كان حادثا بذاته بعد أن لم يكن= لزم كماله بعد نقصه، أو نقصه بعد كماله.
وأيضا: فالحادث لا بد له من سبب، والأفراد يمكن حدوثها؛ لأن قبلها أموراً أخرى تصلح أن تكون سببا.
أما إذا قدّر عدم النوع كله ثم حدث لزم أن يحدث النوع بلا سبب يقتضي حدوثه وهو ممتنع.
* لعلكم تبينون ما تقصدون بالنوع في موطن الخلاف . و هل يلزم من القول بامكانيته او وجوبه من وجود بعض الافراد شيئا فشيء . فنوع الخلق ان كان يقصد به مجموعة الافراد الممكنة فهي ممكنة طبعا لان الله عز وجل قادر على ان يخلقها متى شاء . لكن ذلك متوقف على الحكمة من خلقها . فلو قدرنا عدم خلقها جملة في زمن ما ؟ او قلنا ان الله شاء او اراد ان يكون ابتداء افرادها في زمن معين لا يلزم ان النوع كان ممتنع لعجز و عدم القدرة عليه ثم انقلب ذلك الى الامكان .
بل نقول ان حكمة الله و مشيئته اقتضت ان يكون للخلق اول لحكمة يعلمها عز وجل . و لا ريب ان كل هذا الكلام يحتاج الى دليل شرعي سواء في الاثبات او النفي . و مع النظر الى كلام السلف و خلافهم في اول الخلق نكاد نجزم ان جنس المخلوقات لها اول .
وأيضا: فهذا النوع إما أن يقال: كان قادرا عليه فيما لم يزل، أو صار قادرا بعد أن لم يكن: فإن كان قادرا عليه: أمكن وجوده؛ فلا يمتنع وجوده، فلا يجوز الجزم بعدمه.
* نعم لا يجوز الجزم لمن لم يقف على كلام السلف في المسالة . لان منتهى ما يصل اليه قبل ذلك ان الله عز وجل قادر على الخلق و ان ذلك راجع الى مشيئته
وإن لم يكن قادرا: لزم حدوث القدرة بلا سبب، وانتقال القدرة من الامتناع إلى الإمكان بلا سبب.
وهذا بخلاف الأفراد؛ فإن ذلك كان ممتنعا حتى يحصل ما يصير به ممكنا، أو كان ممكنا، ولكن الحكمة اقتضت وجوده بعد تلك الأمور...
وأيضا: فذلك النوع ممكن له لوجوده، وهو لا يتوقف على شيء غيره لا منه ولا من غيره، وما كان ممكنا لم يتوقف إلا على ذاته= لزم وجوده بوجود ذاته كحياته وعلمه وقدرته وغير ذلك من صفاته؛ فدل ذلك على وجوب قِدم نوع هذه الصفات، ولزوم النوع لذاته، وإن قيل بحدوث الأفراد.
وعلى هذا فيقال: لا تقوم بذاته الصفات الحادثة، أي: لا يقوم به نوع من أنواع الصفات الحادثة، بمعنى أن الكلام صفة والإرادة صفة، ولا تحدث له هذه الصفات ولا نوع من أنواع هذه الصفات، بل لم يزل متكلما مريدا، وإن حدث أفراد كلّ صفةٍ، أي: إرادة هذا الحادث المعيّن، وهذا الشخص المعيّن، فنفس الصفة لم تزل موجودةً].
انتهى الاقتباس من كلام شيخ الإسلام رحمه الله.
بارك الله فيك اخي الكريم
رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني
فلا يلزم من دوام الفعل دوام الخلق . لان افعال الله عز وجل منها اللازم و المتعدي . و الاخير تابع للمشيئة و الحكمة . فبذلك يعلل عدم الوقوع فلا يستدل بالاعم على الاخص . و كون الله عز وجل متصف بصفة الخلق لا يلزم منه انه لم يزل يخلق شيئا بعد شيء لان ذلك تابع للمشيئة المرتبطة بالحكمة . و يفتقر اثبات دوام وقوع الافراد الى المرجح الشرعي ..........عند الكلام على افراد الخلق لا يحسن ان يستدل على الكمال بالوجود . ...... فالكمال بالنسبة للافراد يدرك مع الوجود و العدم . و جملة النوع هي مجموعة الافراد . و مع الاقرار بان افراد الجملة ممكنة الوقوع ليست بواجبة يدرك ان جنس المخلوقات و تسلسلها في الازل امر ممكن ليس بواجب . لان الجملة ليست امر زائد عن مجموعة الافراد . و لان في ايجاب التسلسل في الازل ايجاب لوقوع بعض الافراد شيئا بعد شيء مع عدم التعيين . و هذا يتناقض مع قولنا في حكم الافراد و ان وقوعها واجب و ليس بممكن بارك الله فيك اخي الكريم
هذا عين كلام خصوم شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وسأنقل كلام الخصوم فى الفقرة القادمة وهو عين الموجود فى الاقتباس ولكن سأبين اولا معنى التسلسل الذى نتكلم عليه : وهو دوام أفعال الرب أزلاً – الأزل : هو القِدَم الذي لا بداية له - وأبداً - الأبد : هو المستقبل الذي لا نهاية له - : فذلك معنى صحيح دل عليه العقل والشرع ،
فإثباته واجب ،
ونفيه ممتنع ، قال الله تعالى : ( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ) هود/ 107 .
والفعَّال هو من يفعل على الدوام ،
ولو خلا من الفعل في أحد الزمانين لم يكن فعَّالاً ؛
فوجب دوام الفعل أزلاً وأبداً .
ثم إن المتصف بالفعل أكمل ممن لا يتصف به ،
ولو خلا الرب منه لخلا من كمال يجب له ، وهذا ممتنع .
ولأن الفعل لازم من لوازم الحياة ، وكل حي فهو فعال ، والله تعالى حيٌّ فهو فعال ، وحياته لا تنفك عنه أبداً وأزلاً .
ولأن الفرق بين الحيِّ والميتِ الفعلُ ، والله حيٌّ فلا بد أن يكون فاعلاً ، وخُلُوُّه من الفعل في أحد الزمانين الماضي والمستقبل : ممتنع ، فوجب دوام فعله أزلاً وأبداً .
فخلاصة هذه المسألة : أنه إذا أريد بالتسلسل دوام أفعال الرب : فذلك معنى صحيح ، واجب في حق الله ، ونفيه ممتنع .
ولا يجوز أن يكون تعالى معطَّلاً عن الفعل ثم فعل ، أو أنه اتصف بصفة من الصفات بعد أن لم يكن متصفاً بها ، أو أنه حصل له الكمال بعد أن لم يكن : فذلك معنى باطل لا يجوز .
فالله عز وجل لم يزل متَّصفاً بصفات الكمال : صفات الذات ، وصفات الفعل ، ولا يجوز أن يُعتقد أن الله اتصف بصفة بعد أن لم يكن متصفاً بها
مثال ذلك : صفة الكلام ؛ فالله عز وجل لم يزل متكلماً إذا شاء ، ولم تحدث له صفة الكلام في وقت ، ولم يكن معطَّلاً عنها في وقت ، بل هو متصف بها أزلاً وأبداً .
وكذلك صفة الخلق ، فلم تحدث له هذه الصفة بعد أن كان معطَّلاً عنها .
وإذا أريد بالتسلسل : أن شيئاً من المخلوقات المعينة قديم قدم الله تعالى ، فهذا باطل ، فكل سوى الله تعالى مخلوق ، مسبوق بالخالق ، بل مسبوق بعدم نفسه أيضاً.
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " ولكن الذي نطقت به الكتب والرسل أن الله خالق كل شيء فما سوى الله من الأفلاك والملائكة وغير ذلك مخلوق ومحدث كائن بعد أن لم يكن مسبوق بعدم نفسه وليس مع الله شيء قديم بقدمه في العالم لا أفلاك ولا ملائكة سواء سميت عقولاً ونفوساً أو لم تسم " انتهى من " الصفدية " (1/14).
وقال رحمه الله : " ولكن يمتنع عند أهل الملل أن يكون موجود قديم مع الله فإن الله خالق كل شيء وكل مخلوق مسبوق بعدم نفسه وإن قيل مع ذلك بدوام كونه خالقا فخلقه شيئاً بعد شيء دائماً لا ينافى أن يكون كل ما سواه مخلوقاً محدثاً كائناً بعد أن لم يكن ليس من الممكنات قديم بقدم الله تعالى مساوياً له بل هذا ممتنع بصرائح العقول مخالف لما أخبرت به الرسل عن الله كما قد بسط في موضعه " انتهى من " منهاج أهل السنة النبوية
التسلسل في مفعولات الله عز وجل ، وأنه ما زال ولا يزال يخلق خلْقاً بعد خلق ، إلى ما لا نهاية ، فذلك معنى صحيح ، وتسلسل ممكن ، وهو جائز في الشرع والعقل .
رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )
خصوم شيخ الاسلام فى المسألة
-الألباني في السلسلة الصحيحة حديث رقم 133 حيث قال :
( وفيه رد أيضا على من يقول بحوادث لا أول لها ، وأنه ما من مخلوق ، إلا ومسبوق بمخلوق قبله ، وهكذا إلى ما لا بداية له ، بحيث لا يمكن أن يقال : هذا أول مخلوق ، فالحديث يبطل هذا القول ويعين أن القلم هو أول مخلوق ،
فليس قبله قطعا أي مخلوق . ولقد أطال ابن تيمية رحمه الله الكلام في رده على الفلاسفة محاولا إثبات حوادث لا أول لها ، وجاء في أثناء ذلك بما تحار فيه العقول ، ولا تقبله أكثر القلوب ، حتى اتهمه خصومه بأنه يقول بأن المخلوقات قديمة لا أول لها ، مع أنه يقول ويصرح بأن ما من مخلوق إلا وهو مسبوق بالعدم ، ولكنه مع ذلك يقول بتسلسل الحوادث إلى ما لا بداية له . كما يقول
هو وغيره بتسلسل الحوادث إلى ما لا نهاية ، فذلك القول منه غير مقبول ، بل هو مرفوض بهذا الحديث ، وكم كنا نود أن لا يلج ابن تيمية رحمه الله هذا المولج ، لأن الكلام فيه شبيه بالفلسفة وعلم الكلام الذي تعلمنا منه التحذير والتنفير منه ، ولكن صدق الإمام مالك رحمه الله حين قال : " ما منا من أحد إلا رد ورد عليه إلا صاحب هذا القبر - صلى الله عليه وسلم - "
محمد خليل هراس :
يقول في كتابه ابن تيمية السلفي ص122 :
ولكننا نتعجل فنقول إن ابن تيمية قد بني على هذه القاعدة ( قدم الجنس وحدوث الأفراد ) كثيرا من العقائد وجعلها مفتاحا لحل مشاكل كثيرة في علم الكلام وهي قاعدة لا يطمئن إليها العقل كثيرا فإن الجملة ليست شيئا أكثر من الأفراد مجتمعة فإذا فرض أن كل فرد منها حادث لزم من ذلك حدوث الجملة قطعا .
وقد رأيت سعد الدين التفتازاني في رده على الفلاسفة القائلين بقدم الحركة بالنوع مع حدوث أشخاصها يقول بأن ماهية الحركة لو كانت قديمة أي موجودة في الأزل لزم أن يكون شيء من جزئياتها أزليا ، إذ لا تحقق للكلي إلا في ضمن جزئياته . ويذكر أيضا عند بيان امتناع تعاقب الحوادث لا إلى بداية أنه لما كان كل حادث مسبوقا بالعدم كان الكل كذلك فإذا كان كل زنجي أسود كان الكل أسود ضرورة .
وقد تعقبه الجلال الدواني في شرحه للعقائد العضدية وعد ذلك سخافة منه وبين أن مراد الفلاسفة بقدم الحركة هو قدم نوعها بمعنى أن لا يزال فرد من أفراد ذلك النوع موجودا بحيث لا ينقطع بالكلية ثم قال ومن البين أن حدوث كل فرد لا ينافي ذلك أصلا وضرب لذلك مثلا بالورد الذي لا يبقى منه فرد أكثر من يوم أو يومين مع أن الورد باق أكثر من شهر أو شهرين .
ونحن نقول له هذا قياس باطل فإن الكلام ليس فيما لا نهاية له من الحوادث في جانب المستقبل كما يقول به كثير من المتكلمين في نعيم أهل الجنة ونحو ذلك حتى يعترض ببقاء الورد مع فناء كل فرد من أفراده وإنما كلامنا فيما لا بداية له من الحوادث في جانب الماضي بمعنى انه ما من حادث إلا وهو مسبوق بحادث لا إلى أول بحيث يكون جنس هذه الحوادث قديما ، وكل فرد منها حادثا هل هو معقول أم لا ، الحق أنه يحتاج في تصوره إلى جهد كبير ا هـ
سليم الهلالي :
قال في كتابه عن ابن تيمية ص 83 : ان ابن تيمية لم يثبت حوادث لا أول لها وإنما أجاز هذا الاحتمال العقلي لابقاء حجج الخصمين .ا هـ .
وصواب العبارة أن يقول : وابن تيمية لم يقطع أو لم يجزم بحوادث لا أول لها ، هذا إن كان يقصد بالحوادث هنا المفعولات أما ان قصد أفعال الرب فلا شك انه يجزم بأنه لا أول لها .
وقال ص 86 : يجب التفريق بين الاحتمال والإثبات وابن تيمية أجاز ذلك عقلا ولم يثبته شرعا ا هـ ، وقال مثله : ص88
ويقال فيه ما قيل في سابقه.
وقال في ص93 :
إن مما يشرح الصدر إلى ما قدمناه من تبرئه ساحة ابن تيمية من القول بالقدم النوعي للعالم وإثبات حوادث لا أول لها أن هذه الأمور لم ترد في شيء مما صنفه مبينا عقيدته كالعقيدة الواسطية والحموية والرسالة التدمرية وعقيدة الفرقة الناجية وغيرها بل لاحظنا ذلك كله في أثناء مناقشة الخصمين وإيراد حجج
الفريقين .
وقد علمت أن لا زم المذهب ليس بمذهب ، إذن فالقدم النوعي والقول به ليس مذهبا لابن تيمية رحمه الله ، وإنما مذهبه التصريح بأن هذا العالم حادث مخلوق وأول ما خلق الله خلق القلم ، قال رحمه الله : " فأول ما خلق خلق الله القلم ……." ا هـ .
قال في شرحه على شرح الطحاوية (1) :
ان أهل السنة قالوا ان تسلسل الحوادث من حيث الوقوع والوجود ممتنع عقلا وشرعا ، وأما من حيث الإمكان فغير ممتنع ا هـ .
الجواب لكاملة الكوارى -لا شك ان كلام الشيخ محمد أمان غير صحيح لأنه إن قصد بالحوادث أفعال الرب فكلامه خطأ ، وان قصد المخلوقات فكلامه خطأ أيضا لأن امتناعه مع القول بدوام الفاعلية تناقض ، والظاهر ان الشيخ قد فهم ان القول بدوام الفاعلية وتسلسل المخلوقات يلزم منه قدم العالم ولهذا قال بعد ذلك : ودوام الحوادث في الماضي بحيث يكون المفعول مقارنا لفاعله محال وممتنع عقلا وشرعا ا هـ
والصحيح ان يقول بوجوب تسلسل الأفعال وجواز تسلسل المخلوقات أما ما قاله رحمه الله فغير صحيح .
.. في الشريط العاشر من شرحه .
المصدر - تسلسل الحوادث بين ابن تيمية والفلاسفة
المؤلف: كاملة الكواري.
رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )
قال شيخ لإسلام ابن تيمية رحمه الله:
الأزل
ليس شيئاً محدوداً يقف عنده العقل
، بل ما من غاية ينتهي إليها تقدير الفعل إلا والأزل قبل ذلك بلا غاية محدودة،
حتى لو فرض وجود مدائن أضعاف مدائن الأرض في كل مدينة من الخردل ما يملؤها، وقدر أنه كلما مضت ألف ألف سنة فنيت خردلة - فني الخردل كله والأزل لم ينته،
ولو قدر أضعاف ذلك أضعافاً لا ينتهي.
فما من وقت يُقدَّر إلا والأزل قبل ذلك.
وما من وقت صدر فيه الفعل إلا وقد كان قبل ذلك ممكناً.
وإذا كان ممكناً فما الموجب لتخصيص حال الفعل بالخلق دون ما قبل ذلك فيما لا يتناهى؟
وأيضاً فالأزل معناه عدم الأولية، ليس الأزل شيئاً محدوداً،
فقولنا: لم يزل قادراً،
بمنزلة قولنا: هو قادر دائماً،
وكونه قادراً وصف دائم لا ابتداء له،
فكذلك إذا قيل لم يزل متكلماً إذا شاء، ولم يزل يفعل ما شاء،
يقتضي دوام كونه متكلماً وفاعلاً بمشيئته وقدرته اهـ.
يقول شيخ الاسلام بن تيمية فى كتابه منهاج السنة النبوية الجزء الاول ص 172
فإن كان الرب
هو
الأول المتقدم على كل ما سواه
كان كل شيء متأخرا عنه
وإن قدر أنه لم يزل فاعلا فكل فعل معين ومفعول معين هو متأخر عنه
وإذا قيل الزمان مقدار الحركة
فليس هو مقدار حركة معينة كحركة الشمس أو الفلك
بل الزمان المطلق مقدار الحركة المطلقة
وقد كان قبل أن يخلق الله السماوات والأرض والشمس والقمر حركات وأزمنة
وبعد أن يقيم الله القيامه فتذهب الشمس والقمر تكون في الجنة حركات وأزمنة كما قال تعالى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً} سورة مريم وجاء في الآثار أنهم يعرفون الليل والنهار بأنوار تظهر من جهة العرش وكذلك لهم في الآخرة يوم المزيد يوم الجمعة يعرف بما يظهر فيه من الأنوار الجديدة القوية وإن كانت الجنة كلها نورا يزهر ونهرا يطرد لكن يظهر بعض الأوقات نور آخر يتميز به النهار عن الليل
فالرب تعالى إذا كان لم يزل متكلما بمشيئته فعالا بمشيئته
كان مقدار كلامه وفعاله الذي لم يزل
هو الوقت الذي يحدث فيه ما يحدث من مفعولاته وهو سبحانه متقدم على كل ما سواه التقدم الحقيقي المعقول-
قال المأربى
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي
والصواب: أن الإمكان نوعان:
إمكان ذهني، وهو تجويز الشيء، أو عدم العلم بامتناعه، محلّه الذهن.
والثاني: الإمكان الخارجي وهو المتعلق بالفاعل، أو المحلّ، مثل أن تقول: يمكن القادر أن يفعل،
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي
يقول الشيخ صالح ال الشيخأَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ،
وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيءٌ
)
) فأما الأول والآخر فهما اسمان لأزلية الرب جل وعلا وأبديته ،
فالأول متناه في الزمان من جهة الأولية
والآخر متناه في الزمان من جهة الآخرية
فهو جل وعلا بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله أول ليس قبله شيء لم يسبق ذاته جل وعلا ذات ولم يسبق صفاته جل وعلا صفات ولم يسبق أسماءه جل وعلا أسماء ولم يسبق أفعاله جل وعلا أفعال لأحد بل هو جل وعلا الأول الذي ليس قبله شيء ،
كذلك جل وعلا هو الآخر الذي ليس بعده شيء وهذا تفسير لمعنى الآخر في آية الحديد ?هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ? ففسرها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بقوله " أَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيءٌ "
فمعنى آخرية الله جل وعلا معنى كونه جل وعلا الآخر أنه جل وعلا الأبدي يعني الذي هو آخر أبدي بذاته وصفاته وأفعاله جل وعلا فليس بعده شيء جل وعلا
وهذا يدل على أن جميع المخلوقات من جهة الزمان أن الله جل وعلا محيط بها
فهو جل وعلا قبلها وبعدها كذلك الصفات والأسماء هو جل وعلا قبلها وبعدها كذلك الأفعال هو جل وعلا قبلها وبعدها سبحانه وتعالى
وفي هذا دليل على بطلان قول من قال إن أسماء الله محدثة أحدثها الخلق ،
وفيها دليل على بطلان قول من قال إن صفات الله جل وعلا اتصف بها بعد خلقه للخلق ،
وفيها دليل على بطلان قول من قال إن هذا العالم المنظور قديم أو أزلي كقول الفلاسفة ،
وفيها إثبات أن جنس المخلوقات قديم وأن الله جل وعلا يفعل ما يشاء لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه إذ إنه جل وعلا بصفاته أول
،
والصفات لا بد وأن تظهر آثارها في الخلق وأهل السنة يأخذون بالفرق بين هذين المقامين العظيمين
فيقولون إن هذا الاسم من أسماء الله الأول يدل على أنه جل وعلا أول بأسمائه وصفاته وأفعاله ولا بد لأسمائه من أن تظهر آثارها في خلقه ولا بد لصفاته أن تظهر آثارها ولا بد لأفعاله أن تظهر آثارها ،
فجنس ما تظهر فيه آثار أسماء الرب وصفاته وأفعاله قديم
وأما قول أهل الباطل فإنهم يقولون إن هذا العالم الذي نراه السماوت والأرض والأفلاك والنجوم أن هذا قديم هذا باطل
،
لأن الله جل وعلا أخبر أنه خلق هذه خلق السماوات والأرص ووصف لنا ذلك وأنه قدّر مقادير الخلق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وهذا يدل على أنها معروفة الأول
وأما جنس المخلوقات فلا تُحَد
وهذا يوضح الفرق بين قول أهل السنة وقول الفلاسفة وقول المعتزلة وقول الأشاعرة والماتريدية
[شرح الواسطية]
رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني
بارك الله فيك اخي الكريم
وإياكم، وفقكم الله للخير وسدّد خطاكم
هاهنا مسائل للتلخيص إيضاح النظرية:
المسألة الأولى: لا يكون في أفعال الله ومفعولاته شيء قديم بعينه.
المسألة الثانية: لم يزل الله خلّاقا وخالفا وفعالا لما يريد، موصوفا بصفة الخلق والفعل، لم يصر خلّاقا وفاعلا بعد أن لم يكن.
المسألة الثالثة: لا فرق في دوام الفاعلية والخالقية والعطاء بين الأفعال اللازمة والمتعدية.
المسألة الرابعة: الإمكان هنا هو الإمكان الخارجي المتعلق بالفاعل، ومعلوم أن الكمال الممكن واجب لله على ما سبق بيانه؛ فإن نفس كون الفاعل فاعلا وخلّاقا وخالقا يوجب حدوث الفعل والخلق في الأزل وفيما لا يزال على سبيل التعاقب، فلا أول لعطائه {بل يداه مبسوطتان} وفعله {فعال لما يريد} وخلقه{إن ربك هو الخلاق العليم}؛
فمادام الله حيا فهو فعّال لما يريد، خلّاق لما يشاء؛ ومن لا يكون له فعل فهو ميت كما قال السلف.
المسألة الخامسة: حذّر الناصحون من أخذ مذاهب العلماء من الإطلاقات من غير مراجعة لأصولهم ومن غير جمع لنصوصهم التي يفسّر بعضها بعضا؛ لأن هذا الأخذ يؤدي إلى أقوال شنيعة؛ ولأن قواعد العلماء وأصولهم مقيدة لإطلاقهم، ومبينة لمرادهم في بعض الإطلاقات.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: (أخذ مذاهب الفقهاء من الإطلاقات من غير مراجعة لما فسّروا به كلامَهم، وما تقتضيه أصولهم يجرّ إلى مذاهب قبيحة). اهـ من الصارم المسلول.
وقال ابن الوزير ما معناه: (قواعد العلماء هي المخصصة لعموم كلامهم).
وسبيل النجاة من هذا المسلك الخطير هو ما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله:[إنه يجب أن يفسر كلام المتكلم بعضه ببعض، ويؤخذ كلامه هاهنا وهاهنا، وتعرف ما عادته يعنيه ويريده بذلك اللفظ إذا تكلم به، وتعرف المعاني التي عرف أنه أرادها في موضع آخر، فإذا عرف عرفه وعادته في معانيه وألفاظه، كان هذا مما يستعان به على معرفة مراده.
وأما إذا استعمل لفظه في معنى لم تجرِ عادته باستعماله فيه، وترك استعماله في المعنى الذي جرت عادته باستعماله فيه، وحمل كلامه على خلاف المعنى الذي قد عرف أنه يريده بذلك اللفظ بجعل كلامه متناقضا، وترك حمله على ما يناسب سائر كلامه، كان ذلك تحريفا لكلامه عن موضعه، وتبديلا لمقاصده وكذبا عليه]. اهـ من الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح.
وقال الإمام ابن القيم: [...، فكثيرا ما يحكى عن الأئمة ما لا حقيقة له، وكثير من المسائل يخرجها بعض الأتباع على قاعدة متبوعه مع أن ذلك الإمام لو رأى أنها تفضي إلى ذلك لما التزمها].
المسألة السادسة: اختلاف الأثرية في أوّل المخلوقات إنما في العالم المشاهد، وفي الأعيان الغيبية في حقنا المذكورة في النصوص كالعرش والماء، لا في دوام الفاعلية والخالقية وتسلسل الآثار في الماضي
وما أوهَمَ عدم تسلسل الآثار من كلام بعض العلماء كلفظ (بدء الخلق) و (قبل أن يخلق شيئا) فإننا نحمله على أصول صاحب المقالة، ونفسّره بنصوصه الأخرى بلا تكلّف ولا تعسّف؛ لأن قواعد العلماء وتحريراتهم في غير الموضع المتشابه يفسّر مرادهم ومقصودهم في هذه الألفاظ التي توهم الأولية والابتداء المطلق.
مثال ذلك:
1- قال ابن عباس رضي الله عنه: [إن الله كان على عرشه، قبل أن يخلق شيئا، فكان أول ما خلق الله القلم، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة]
أخرجه الدرامي في النقض والرد وابن جرير في التفسير والتاريخ والآجري في الشريعة.
فهل يقول أحدنا: ابن عباس يقول بالأولية والابتداء وينفي التسلسل في الآثار في الماضي لقوله: (قبل أن يخلق شيئا)؟
أو يقول: إنه يرى عدم مخلوقية العرش؟
وقد صح عنه ابن عباس أنه سئل: على أي شيء كان العرش؟
فقال: على الماء،
فقيل له: على أي شيء كان الماء؟
فقال: على متن الريح، وكانت الريح على الهواء. أو كما قال.
2- قال التابعي مجاهد بن جبر رحمه الله في قول الله: ﴿وكان عرشه على الماء﴾: [كان عرشه على الماء، قبل أن يخلق شيئا) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم.
فهل يقول عاقل: مجاهد: يقول بأن العرش والماء ليسا من المخلوقات، لقوله: (قبل أن يخلق شيئا)؟
كلا، بل المراد ضرورة: قبل أن يخلق شيئا من العالم المشاهد كما بدأ به ابن جرير الطبري في تفسير الآية:
(وقوله: ﴿وكان عرشه على الماء﴾ يقول: وكان عرشه على الماء قبل أن يخلق السموات والأرض وما فيهن).
3- قال ضمرة التابعي رحمه الله: [إن الله كان عرشه على الماء، وخلق السموات والأرض بالحق، وخلق القلم، فكتب به ما هو خالق، وما هو كائن من خلقه، ثم إن ذلك الكتاب سبّح الله ومجّده ألف عام، قبل أن يخلق شيئا من الخلق].
أخرجه الطبري في التفسير والتاريخ وأبو الشيخ في العظمة.
وقد وري مرفوعا عن ضمرة عن جبير بن نفير مرفوعا.
فهل يقال إن ضمرة يقول بالأولية وانقطاع الأفعال والمفعولات في قوله: (قبل أن يخلق شيئا)؟
وأنه يقول بعدم مخلوقية العرش والماء والقلم والكتاب مع التصريح بالمخلوقية فيلزم الاضطراب والتناقض؟
أو يقال: يعني: قبل أن يخلق شيئا من العالم المشاهد؟
الخلاصة: قال رب العزة جلّ في علاه:
﴿ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾،
وقال جل ذكره:﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾،
وقال:﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيل﴾،
﴿قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّار﴾،
﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾،
﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾،
﴿كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾،
﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير﴾،
﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾،
﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُون﴾،
﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون﴾،
﴿يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾
فاسم الخالق والخلاق، والخلق والفعل، مما تمدّح به الرب، ووصف به نفسه فأثبت لنفسه ما يستحقه من الكمال، فكما لا أوّل لوجوده عزّ شأنه فلا أوّل لعطائه وأفعاله وخلقه، بل هو في كل لحظة يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، ويخلق ما يشاء وهو الخلاق العليم.
فمن قال: لم يزل خالقا وخلاقا لما يشاء في الأزل من غير أزلية فعل معيّن أو مفعول معين فالخلاف معه ليس جوهريا إن شاء الله.
ومن قال بخلاف هذا فقد جازف ولم يقدّر الله حق قدره.
والخلاف الحادث في المسألة إنما هو في أوّل الأعيان من عالم الشهادة، أو في المخلوقات الغيبية المذكورة في القرآن والسنة كالماء والعرش والقلم والريح ونحوها.
وربك أعلم.
رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )
ردم الفجوة وتقليل المسافة:
1- الأخ الفاضل الطيبوني خلاصة نظريته كالتالي:
الله قادر على الفعل اللازم والمتعدي بلا نهاية، وممكن - الإمكان الذهني والخارجي- أن يفعل ويحدث ويخلق شيئا بعد شيء، من غير قدم شيء معين من أفعاله ومفعولاته = لكن لا أجزم بالوقوع ولا بعدم الوقوع؛ لأن ذلك من أخبار الغيب فيحتاج إلى دليل سمعي.
هذه خلاصة النظرية وأرجو أني فهمت عنه كما أراد؛ فعادت نظريته إلى: عدم العلم بالامتناع، والشك في الوقوع (وكلاهما عدم علم).
2- خلاصة نظريّتنا كالآتي:
إن الله قادر على الفعل اللازم والمتعدي بلا نهاية، وممكن - الإمكان الذهني والخارجي- أن يفعل، أو أن يخلق شيئا بعد شيء، من غير قدم للأفعال والمفعولات = لكننا نجزم بالوقوع لأمور ثلاثة:
الأول: الفعل الكمالي إما أن يكون ممتنعا أو واجبا.
فإن لم يكن ممتنعا فهو واجب، وإقحام الحكمة والمشيئة في هذه النقطة حشو؛ لأن فعل الشيء لا يكون إلا مع لوازمه وانتفاء أضداده.
الثاني: لو خلا الرب من الفعل في أحد الزمانين لم يكن فعَّالاً؛ فوجب دوام الفعل أزلاً؛ لأن المتصف بالفعل أكمل ممن لا يتصف به، ولأن الفعل لازم من لوازم الحياة ، وكل حيّ فهو فعّال، والله تعالى حيٌّ فهو فعّال، فلا أوّل لفعله المتعدي واللازم؛ فكما لا تنفك عنه حياته سبحانه لا تنفك عنه الفاعلية والخالقية والعطاء.
الثالث: إطلاق النصوص الشرعية وعمومها وانتفاء الدليل المقيّد بزمن معيّن أو وقت محدّد: {إن ربك هو الخلاق العليم} {وهو الخلاق العليم}{بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} {فعّال لما يريد} {يفعل ما يريد}، مع تقرير السلف بأنه لم يزل كذلك ولا يزال.
هذه الأمور مجتمعة دلّت على الوقوع بالفعل لا بالقوّة فقط فجزمناه.
وربك أعلم.