رد: من عيون الشعر.
/// وقال أبوالطَّيِّب المتنبِّي:
حَتّامَ نَحنُ نُساري النَجمَ في الظُلَمِ /// /// وَما سُراهُ عَلى خُفٍّ وَلا قَدَمِ
وَلا يُحِسُّ بِأَجفانٍ يُحِسُّ بِها /// /// فَقدَ الرُقادِ غَريبٌ باتَ لَم يَنَمِ
تَوَهَّمَ القَومُ أَنَّ العَجزَ قَرَّبَنا /// /// وَفي التَقَرُّبِ ما يَدعو إِلى التِهَمِ
وَلَم تَزَل قِلَّةُ الإِنصافِ قاطِعَةً /// /// بَينَ الرِجالِ وَلَو كانوا ذَوي رَحِمِ
فَلا زِيارَةَ إِلّا أَن تَزورَهُمُ /// /// أَيدٍ نَشَأنَ مَعَ المَصقولَةِ الخُذُمِ
مِن كُلِّ قاضِيَّةٍ بِالمَوتِ شَفرَتُهُ /// /// ما بَينَ مُنتَقَمٍ مِنهُ وَمُنتَقِمِ
صُنّا قَوائِمَها عَنهُم فَما وَقَعَت /// /// مَواقِعَ اللُؤمِ في الأَيدي وَلا الكَزَمِ
هَوِّن عَلى بَصَرٍ ما شَقَّ مَنظَرُهُ /// /// فَإِنَّما يَقَظاتُ العَينِ كَالحُلُمِ!
وَلا تَشَكَّ إِلى خَلقٍ فَتُشمِتَهُ /// /// شَكوى الجَريحِ إِلى الغِربانِ وَالرَخَمِ!
وَكُن عَلى حَذَرٍ لِلناسِ تَستُرُهُ /// /// وَلا يَغُرُّكَ مِنهُم ثَغرُ مُبتَسِمُ!
غاضَ الوَفاءُ فَما تَلقاهُ في عِدَةٍ /// /// وَأَعوَزَ الصِدقُ في الإِخبارِ وَالقَسَمِ
سُبحانَ خالِقِ نَفسي كَيفَ لَذَّتُها /// /// فيما النُفوسُ تَراهُ غايَةُ الأَلَمِ
الدَهرُ يَعجَبُ مِن حَملي نَوائِبَهُ /// /// وَصَبرِ جِسمي عَلى أَحداثِهِ الحُطُمِ
وَقتٌ يَضيعُ وَعُمرٌ لَيتَ مُدَّتَهُ /// /// في غَيرِ أُمَّتِهِ مِن سالِفِ الأُمَمِ
أَتى الزَمانَ بَنوهُ في شَبيبَتِهِ /// /// فَسَرَّهُم وَأَتَيناهُ عَلى الهَرَمِ
/// وجاء بعده من اقتبس وضمَّن شيئًا من أبياته فقال:
قَد يَفقِدُ المَرءُ بَينَ النَّاسِ عِزَّتَهُ /// /// إِذا شَكا أَمرَهُ أَو سَبَّ مِحنَتَهُ
فَكُن كَلَيثِ الشَّرى ما باعَ هَيبَتَهُ /// /// وَلا تَشَكَّ إِلى خَلقٍ فَتُشمِتَهُ
شَكوى الجَريحِ إلى الغِربانِ والرَّخَم
تَصونُ نَفسي عنِ الإفصاحِ عِزَّتُها /// /// كَأَنَّما عِفَّةُ الأَجيالِ عِفَّتُها
وَقَد تُذِلُّ نُفوسَ الأُسدِ مِحنَتُها /// /// سُبحانَ خالِقِ نَفسي كَيفَ لَذَّتُها
فيما النُّفوسُ تَراه غايَةَ الأَلَم