المعضل فيما لم يسقط منه شيء البتة !
قال الحافظ ابن حجر في النكت على ابن الصلاح 2 / 575 :
قلت: وجدت التعبير بالمعضل في كلام الجماعة من أئمة الحديث فيما لم يسقط منه شيء البتة.
فمن ذلك: ما قال محمد بن يحيى الذهلي - في "الزهريات" -:
حدثنا أبو صالح الحراني - عبد الغفار بن داود - ، ثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف فيمر بالمريض فيسلم عليه ولا يقف".
قال الذهلي: "هذا حديث معضل لا وجه له ؛ إنما هو فعل عائشة - رضي الله عنها - ليس للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيه ذكر والوهم فيما نرى من ابن لهيعة".
ومن ذلك:
قال النسائي - في اليوم الليلة -: ثنا يزيد بن سنان نا مكي بن إبراهيم ، عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن عمر - رضي الله تعالى عنه - قال : "متعتان كانتا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .." الحديث.
قال النسائي:" هذا حديث معضل لا أعلم من رواه غير مكي، لا بأس به، لا أدري من أنبأني به".
ومن ذلك :
قال أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني - في ترجمة ضبارة بن عبد الله أحد الضعفاء -: "روى حديثا معضلا" وهو متصل الإسناد.
وقال ابن عدي - في ترجمته زهير بن مرزوق - في "الكامل":
قال ابن معين: "لا أعرفه".
قال: "وإنما قال ابن معين ذلك لأنه ليس له إلا حديث معضل وساقه، وإسناده متصل".
وقال الحاكم أبو أحمد - في ترجمة الوليد بن محمد الموقري - : "كتبنا له عن المسيب بن واضح أحاديث مستقيمة، ولكن حاجب ابن الوليد وعلي بن حجر حدثا عنه بأحاديث معضلة.
وقال ابن عبد البر: "في حديث رواه عبد الجبار بن أحمد السمرقندي عن محمد بن عبد الله المنقري عن ابن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".
لا مدخل لسعيد ولا لأبي هريرة - رضي الله عنه - في هذا الحديث، وإنما رواه الزهري عن علي بن الحسين - رضي الله عنه - وهذا مما أخطأه فيه عبد الجبار وأعضله.
قال أبو الفتح الأزدي - في ترجمته محمد بن عبد الله بن زياد الأنصاري - : "روى عن ملك بن دينار معاضيل".
ونسخة هذا الرجل هي عن مالك بن دينار عن أنس- رضي الله عنه - وغيره، ولا انقطاع فيها.
فإذا تقرر هذا فإما أن يكونوا يطلقون المعضل لمعنيين، أو يكون المعضل الذي عرف به المصنف وهو المتعلق بالإسناد بفتح الضاد،وهذا الذي نقلناه من كلام هؤلاء الأئمة بكسر الضاد ويعنون به المستغلق الشديد. وفي الجملة فالتنبيه على ذلك كان متعينا.اهــ