شواهد التخييل في الحديث النبوي عند البلاغيين / محفوظ فرج إبراهيم

-التخييل
...................


خيل : خال الشيء يخالُ ، خَيْلا ، وخِيلة ، وخَيَلانا ، ومَخالة ، وخيلولة ، : ظنه ، وفي المثل : من يسمعْ يخَل : أي يظن (١) والخيال والخيالة ماتشبه لك في اليقضة والحلم (٢)
( والخيال هو قوة تحفظ مايدركه الحس المشترك من صور المحسوسات بعد غيبوبة المادة بحيث يشاهدها الحس المشترك كلما التفت إليها ، فهو خزانة للحس المشترك ومحله مؤخر البطن الأول من الدماغ )(٣)
وفي الاصطلاح ( هو الذي لايمكن أن يقال إنه صدق وإن ما أثبته ثابت وما نفاه منفي ، وهو مفتنُّ المذاهب كثير المسالك ، لا يكاد يحصر إلا تقريبا ولا يحاط به تقسيما وتبوبا.
ثم إنه يجيء طبقات ويأتي على درجات فمنه ما يجيء مصنوعا قد تُلُطِّف فيه واستعين عليه بالرفق والحِذق حتى أعطي شَبَها من الحق ، وغُشِّي رونقا من الصدق . باحتجاج تُمُحِّل ، وقياسٍ تُصُنِّع فيه وتُعُمِّل )(٤) فالتخييل ( هو تصوير حقيقة الشيء حتى يتوهم أنه ذو صورة تشاهد وأنه مما يظهر في العيان .
فهو اللفظ الدال بظاهره على معنى والمراد غيره من جهة التصوير(٥) مثال ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الله ) (٦) وقوله عليه الصلاة والسلام ( يد الفقير يد الله فمن أعطى الفقير فكأنما يعطي الله )(٧) وقوله صلى الله عليه وسلم ( الحجر الأسود يمين الله في الأرض ) (٨) وقوله صلى الله عليه وسلم فيما ورد في صحيح البخاري ( وإن الجبار يضع قدمه في النار )( ٩) والمراد به غير الجارحة أي من سلف من الأمم الماضية الخارجين عن الدين بإنكار القيامة والمعاد الاخروي وإن أريد به الجارحة كان من باب التخييل فهذه الأخبار وما شاكلها مما يدل على الأعضاء والجوارح يجب حمله على ما ذكرناه من التخييل .(١٠)


من كتابي ( الاستشهاد بالحديث النبوي عند البلاغيين )
------------


١- لسان العرب ٥ / ١٩١
٢- المصدر نفسه ٥ / ١٩٣
٣- التعريفات ، الجرجاني السيد الشريف ٦٠
٤- اسرار البلاغة ، عبد القاهر الجرجاني ١٩٢
٥- الطراز ، العلوي ٣ / ٤
٦- صحيح الجامع برقم ٢١٤١
٧- حديث : "الحجر الأسود يمين الله في الأرض ، يصافح بها عباده" .[ حديث لا يصح ]حديث جابر بن عبد الله : أخرجه أبي بكر النصيبي في "فوائده" (رقم ٢٠٧- مخطوط) ، وابن عدي في "الكامل" ١/ ٥٥٧ ، وأبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" ٢ / ٣٦٦ ، و أبو القاسم بن بشران في "الجزء الأول من أماليه" ١٢ والخطيب البغدادي في "تاريخه" ٦ / ٣٢٦ ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" ٩٤٤ كلهم من طريق إسحاق بن بشر الكاهلي، حدثنا أبو معشر المدائني ، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله مرفوعا ٨- ضعيف الجامع برقم ٢٧٧١
٩- صحيح البخاري برقم ٦٦٦١ ، وصحيح مسلم برقم ٢٨٤٨
١٠- الطراز ٣ / ٦