في رثاء غريد المحراب النبوي الشريف: قد طِبتَ حيًّا
في رثاء غريد المحراب النبوي الشريف: قد طِبتَ حيًّا
حتَّامَ طَارِقةُ الأوجاعِ تُـغْرِي بِي
كأنَّها تبتَغِـي في الصَّبر تَجْرِيبِي
تخطَّفَتْ يدُهَا الدُّرَّ اليَتِيمَ, وما
تنفَكُّ تفجَعُ بـالغُـرِّ المنَاجِيبِ
عزَّ اصطباري، فأيَّامِي مُرقَّـعَةٌ
بالموجعَاتِ، كأنِّي بعضُ أيُّوبِ
أتَيتُ طيبَـةَ أسْتَشْفي ببهجَتِها
أرجُـو بزَوْرَتِها لِينَ المَصَاعيبِ
لكنْ تجاذَبَني صوتُ النَّعاةِ بها
فما تسمَّعتُ إلَّا نَشْجَ مَكْرُوبِ
وإذْ بمحرَابِها القُـدْسيِّ منخلع الْــ
فؤادِ يندُبُ غِـرِّيدَ المحارِيبِ
يحنُّ كالجِذعِ، لكن لا نبيَّ لهُ
يُسكِّنُ الرَّوْعَ في لُطفٍ وتطيِيبِ
وحولَهُ من ألوفِ الخلقِ أفئدَةٌ
فيها استَوتْ لوعةُ الشُّبَّـانِ والشِّيبِ
يُشيِّعُـونَ الذي شاعتْ مآثرُهُ
في العالمينَ بلا زُورٍ ولا حُوبِ
يا أعذَبَ النَّاسِ مزماراً، وأحسنَه
إذا تغنَّى بتَرغِيبٍ وترهِيبِ
صلَّى عليكَ الذيْ أوْلاكَ منَّـتَه
فصرتَ في النَّاسِ محمُودَ الأعاجِيبِ
ويا محمَّد أيوب الَّـذي نُسبَتْ
لهُ البدائعُ، طِبْ يا خيرَ منسُوبِ
أحيَيْتَ بالآيِ أرواحًا، وكُنتَ لهَا
تَنْهَلُّ، تسقِي الهُـدَى من خيرِ شُؤْبوبِ
سقَاكَ ربُّكَ من كأسٍ يطوفُ بها
عليكَ ولدانُ خلدٍ غيرَ مكرُوبِ
وشفَّعَ اللهُ فيكَ الذَِّكرَ يا رجُـلاً
بالذِّكرِ حازَ كمالَ الحُسنِ وَالطّيبِ
قد طِبتَ حيًّا، فطِبْ مَيْتاً وسوفَ ترى
من الثوابِ أعاجيبَ الأعاجِيبِ
هذا هو الظَّنُّ باللهِ الذي اكتُتِبَتْ
آياتُهُ بكَ في خيرِالمحَاريبِ
محمود بن كابر الشنقيطي
المدينة المنورة
عصر السبت
٩ - ٧ - ١٤٣٧هـ