إلا رسول الله .. ( عبارة للمناقشة )
بسم الله الرحمن الرحيم
إلا رسول الله .. ( عبارة للمناقشة )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد : أسعد الله أوقاتكم جميعاً وجعلها عامرة بالعلم النافع والعمل الصالح ، آمين .
فهذا موضوع أردتُ طرحه في هذا المنتدى المبارك على طاولة النقاش العلمي ، وتحت مجهر النقد الشرعي ، فتقبلوه بقبول حسن ، ولا تبخلوا عليه بتعليقاتكم وآرائكم .
الموضوع هو عن عبارة ( إلا رسول الله ) التي رفعها المسلمون شعاراً في وجه الكفار ـ قاتلهم الله ـ ؛ ممن سوَّلت لهم شياطينهم وأنفسهم الاستهزاء برسولنا الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
فانقسم أهل العلم ـ والناس تبع لهم ـ حول هذه العبارة ؛ فذهب بعضهم إلى جوازها ، ومنعها آخرون لأمور ذكروها .
فهل عبارة ( إلا رسول الله ) ؛ يصح إطلاقها شرعاً ؟ أم لا يصح ؟ أم في الأمر تفصيل ؟
بداية أشير إلى أن الاستثناء في العبارة هو استثناء موجب منقطع ، ومن أغراضه هنا : التعظيم ، والمنقطع ( أو المنفصل ) ألا يكون المستثنى بعضا مما قبله .
ولما كان المستثنى منه محذوفاً ، فكأن تقديره هو : مهما صبرنا على ظلم الكفار لنا واعتدائهم علينا وتعييرهم لنا ، لكن إذا بلغ الأمر إلى رسولنا الكريم ــ صلى الله عليه وسلم ــ ، فسنفديه بأنفسنا وأموالنا وأهلينا ــ بأبي هو وأمي ــ ، والله أعلم .
والصبر يُحمد في المواطن كلها * إلا عليك فإنه مذموم
ويذكرني هذا بقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : ( إن رحمة الله اقتضت ـ على مر الدهور ـ أنه يسب القرآن ، ويسب الصحابة ، فإذا سب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاء النصر والانتقام ؛ لأن الله يغار على رسوله أشد غيرة مما سواه ، ومن طعن فيه فقد طعن في الله ؛ لأنه هو الذي اصطفاه ) .
وفيما يلي عرض لبعض الأقوال التي وقفتُ عليها حول هذه العبارة :
1- قال الدكتور سالم بن محمد القرني جواباً على سؤال ورد إلى موقع ( الإسلام اليوم ) ، هذا نصه : عبارة ( إلا رسول الله ) جعلناها عبارة للدفاع عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فخطَّأنا البعض وعنفوا علينا كثيراً ، وقالوا مضمون هذه العبارة ( إلا رسول الله ) أن كل شيء يمكن غض الطرف عنه والمسامحة فيه إلا رسول الله ، وأيضا هذا من الغلو في الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، والعبارة هنا تقتضي ـ وإن لم يكن واضعها يقصد ذلك ـ أنه لو تعرضت إلى الذات الإلهية أو القرآن فلا يهم ذلك ، لأن الاستثناء دليل التناول ، ولم يتناول إلا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولم يستثن إلا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فأرجو إفادتي وتبيين الصواب لنا لكي يتسنى لنا تصحيح خطأنا إن أخطأنا فنحن مجموعة إعلامية ، وستصل مقالاتنا وحملتنا إلى الصحف الدنمركية وتعريفهم بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، بارك الله فيكم .
فأجاب ـ وفقه الله ـ :
( الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
هذه العبارة : " إلا رسول الله " أو : " إلا رسولنا " أو نحو ذلك : فيها إجمال ، فإن كان المقصود التحذير من الكلام فيه ، أو الإساءة إليه ، أو الطعن في رسالته أو نحو ذلك كمن يقول : إلا فلان لا تتكلم فيه ، يعني أن منزلته عندي عظيمة ، ولا أقبل الكلام عنه بسوء أو أذية . فهذا المقصد الذي يقصده المتكلم لا حرج عليه فيه .
وإن كان المقصود ما ذكره السائل أنه يمكن الكلام في ذات الله أو في القرآن أو الطعن في غيره من الذات الإلهية أو القرآن فهذا لا يجوز ، وما أظن أحداً يقصده والحمد لله .
ثم إن من ذبّ عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومنع الطعن فيه أو إيذاءه أو نصره في أي أمر أو موقف أو زمان أو مكان فإنما ذلك لكونه رسول الله ، ومبلِّغ كلام الله ، والداعي إلى تعظيم الله وعبادة الله . هذا ما أرى أن كاتب العبارة يقصده من المسلمين .
لكن رأي أن تغير العبارة إلى ما هو أوضح ، وليس فيه إجمال أو شك ، وليس فيه تعصب يلغي مكانة الرسل قبله المبشرين به ، ودافعي الشفاعة العظمى إليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ) .
(
المصدر )
2- سئل الشيخ العلامة عبد المحسن العباد ـ حفظه الله ـ في درس شرح سنن ابن ماجه ( يوم السبت 28 / 03 / 1429 هـ ) : ما حكم تعليق اللوحات التي عليها بعض الشعارات مثل : ( كلنا فداك يا رسول الله ) و ( إلا رسول الله ) ؟
فأجاب فضيلته بقوله : ( اللوحات لا تنبغي ، الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حقه أن يُتبع ويُحب أعظم من محبة الوالد والولد والناس أجمعين ، ومن محبته كثرة الصلاة والسلام عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولا شك أن التفدية في حقه جائزة ولكن هذه الشعارات لا وجه لها ، وأما ( إلا رسول الله ) فهذا كلام غير صحيح ؛ لا بد أن يؤتى بالمستثنى منه ، ولا شك أن الإساءة لله ـ تعالى ـ أعظم من الإساءة إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهي عبارة غير مستقيمة ولا تصح ) .
3- كتب الشيخ علي الحلبي ـ وفقه الله ـ قصيدة بعنوان " إلا رسول الله " ، هذا مطلعها :
إلا رسولَ الله هذا أَحْمَدُ *** هذا النبيُّ الهاشِميُّ مُحَمَّدُ
فلما انتقدها عليه بعض الطلاب ، قال في أحد دروسه :
( هذا الانتقاد غير صحيح وانتقاد باطل ؛ لأن الاستثناء نوعان : استثناء منفصل واستثناء متصل ، عندما نقول : ( جاء القوم إلا حمارهم ) ؛ يعني القوم حمير ؟! لا يلزم .
{ فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس } ؛ إبليس هل كان من الملائكة ؟! لم يكن من الملائكة .
إذاً الاستثناء وحده لا يدل على أن المستثنى صنف واحد .
نتكلم -الآن- عما يخوض به الكفار من ملاهٍ ومن مفاسد ومن سب ، هل الكفار يسبون عيسى ابن مريم اليوم ؟! لا يفعلون ، هل الكفار يسبون جبرائيل عليه السلام ؟! لا يفعلون .
وإنما يتطاولون على رموزنا يتطاولون على ديننا على عقيدتنا ، يزداد غلوهم على أمة الإسلام وعلى شعوب الإسلام وعلى رموز الإسلام ، والأمة ساكتة حتى وصل الأمر إلى نبي الإسلام !
كأننا نقول : سكتنا عن كل شيء ، لكن لا نسكت عن رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ أما ليس معنى ذلك ـ كما فهم المبطلون الجهلة ـ أننا نقول ( إلا رسول الله ) ، يعني : تكلموا في عيسى ، في موسى ، تكلموا في الملائكة لكن فقط الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ .
هذا فهم لا يرد على ذهن عاقل وإنما يفهمه إما جاهل أو حاقد ) .
4- قال بعض طلبة العلم ـ سددهم الله ـ : ( هذه العبارة : ( إلا رسولَ اللهِ ) ( !!! ) غلط ؛ فإنّ ( الاستثناء يقتضي العموم ) ؛ كما يقول الأصوليّون ؛ ولازم ذلك قَبول الإساءة لكل أحدٍ دون النّبيّ ـ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ـ ؛ وفي هؤلاء من الملائكة ، والصّحابة ، والصّالحين مَنْ انتقاصُه كفرٌ .
فلْيُلاحظ ذلك ، وليحذر من الانسياقِ وراء الحزبيّين في عباراتهم وانفعالاتهم ، واللهُ أعلم ) .
بعد هذا العرض الموجز للمسألة ، أرجو من المشايخ وطلبة العلم في هذا المنتدى الإدلاء بآرائهم وتوجيهاتهم للعبارة ، وليكن هدف الجميع البحث عن الحق واتباعه ، والله الموفق .
فريد المرادي ( 07 / ربيع الثاني / 1429 هـ ) .
رد: إلا رسول الله .. ( عبارة للمناقشة )
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فريد المرادي
ويذكرني هذا بقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : ( إن رحمة الله اقتضت ـ على مر الدهور ـ أنه يسب القرآن ، ويسب الصحابة ، فإذا سب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاء النصر والانتقام ؛ لأن الله يغار على رسوله أشد غيرة مما سواه ، ومن طعن فيه فقد طعن في الله ؛ لأنه هو الذي اصطفاه ) .
هل يمكن عزو هذا القول إلى موضعه في كتب شيخ الإسلام بارك الله لك؟
رد: إلا رسول الله .. ( عبارة للمناقشة )
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله له تأصيل جيد بالنسبة لألفاظ الناس المحتملة :
فإن كان مرادهم بهذا اللفظ قصد صحيح فيتركوا هم ومرادهم ما دام أن اللفظ محتمل ولم يريدوا المعنى الباطل فلايشدد في هذا ، وإن أرادوا معنا باطلا فيمنعوا ، وإن شككنا في قصدهم فيمنعوا حتى لا يقعوا في المعنى الباطل .
فالأقسام ثلاثة .
والله أعلم .
رد: إلا رسول الله .. ( عبارة للمناقشة )
الاخ آل سيف أين أجد هذا الكلام لابن عثيمين رحمه الله لأني أذكر كلاما خلاف هذا له
وهذه مشاركة لي في ملتقى اهل الحديث
ثم بعد الرجوع الى ملتقى اهل الحديث وجدت هذا التعقيب من الاخ الفاضل علي الفضلي
فهاكمها
رد: إلا رسول الله .. ( عبارة للمناقشة )
الشيخ الفاضل عيد فهمي : لا أتذكر مصدر ذلك الكلام ، ربما هو في ( الصارم المسلول ) ولا أجزم ...
ويا حبذا لو تدلي بدلوك في الموضوع ، بارك الله فيكم ...
=====
الأخ الكريم عبد الله آل سيف : وأنعم بفقيه الزمان العثيمين - رحمه الله - ، بارك الله فيك ...
=====
الأخ الكريم أبا عاصم النبيل : جزاك الله خيراً على إضافتك ...
رد: إلا رسول الله .. ( عبارة للمناقشة )
جواب الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي - حفظه الله - :
السؤال :
أرجو معرفة حكم قول جملة ( إلاَّ رسول الله ) ؛ فقد قرأتُ في أحد المواقع أنه لا يَجوز قول هذه الجملة ؛ لأنَّنا لا نشمل بها الملائكة والأنبياء والصحابة ، وكان الموضوع عنوانه ( احذَرُوا كلمة : إلاَّ رسول الله ) ؛ فأرجو التوضيح : هل هذا صحيح أم لا ؟
الجواب :
الحمدُ لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه ، أمَّا بعدُ :
فكلمة " إلا رسول الله " التي يقولها المسلمون في معرض الدفاع عن نبينا المعظم - صلى الله عليه وسلم - تُعدُّ من الكلام المُجمل ؛ بسبب الحذْف في أوَّله ، فإن كان كذلك ؛ فالأَوْلَى أن يُحمل - هذا المجمل - على أفضلِ ما يُظَنُّ بالمسلمين إرادَتُه ، وأنه لا مفهوم مخالفة لهذه الكلمة ، وإن كانت الفحوى - أو قياس الأولى - ثابتة لها .
وأقربُ ما يُحمل عليه الحرفُ ( إلا ) من المعاني في هذا التعبير : هو أن يكون بِمعنى ( غير ) ، لا بِمعنى الاستثناء ، وحتى يصحَّ للكلام معنًى ؛ تُقَدَّر جملةٌ تَليق بالكلام وتكون لازمةً لمعناه ، فيكون التَّقدير : إذا سَبَبْتُم فسُبُّوا غيرَ رسولِ الله ؛ وهذا التَّقدير واضح من سياق توجيهِ عبارة (( إلا رسول الله )) ؛ فإنَّ قائِلِيها يتوجَّهون بِها إلى مَن صدر منهم سبٌّ وإيذاءٌ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ولا يُفهَمُ من هذا الغير - عند هؤلاء - أن يكون هم الصحابة أو الأنبياء أو الملائكة ... أو غير هؤلاء من المستحقّين للتَّعظيم ، أو حتى غيرهم من آحاد المسلمين ؛ ولا سيَّما عند النَّاطقين بلفظة (( إلا رسول الله )) ؛ إنما يُفهم منه أنكم - معشر السَّببة - إن وقع منكم سبٌّ فلْيَكُنْ لمن يستحقُّه ، وهذا أشبه شيء بمن أجاب إنسانًا قال له : (( ماذا تأكل ؟ )) بقوله : (( إلا السَّمك )) ، لا يتوجه عقلُ سامعٍ للإجابة إلى أنَّ المقصودَ أن يأتي للمجيب بطعامٍ فاسد ، فضلاً عن أن يأتي له بشيء لا يؤكل أصلاً من المحرمات أو غيرها مما لا يصلح للأكل ؛ فكذا هنا : فقائلُ (( إلا رسول الله )) هم المعظِّمون له صلى الله عليه وسلم - وللأنبياءِ والعَشرة المبشَّرين وآل البيت وسائر الصحابة وغيرهم من المعظَّمِينَ في الإسلام ؛ فلا يَرِدُ على كلامهم إباحةُ سبِّ أحدِ هؤلاء المعظَّمِين ، أو حتى غيرهم من آحاد المسلمين .
هذا ؛ ولا يفهم عاقلٌ عن مسلمٍ يدفع سبَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقصد من ذلك سبَّ الله تعالى ، ولا من دون الرسول - عليه الصلاة والسلام - من الرُّسُلِ - صلى الله عليهم جميعًا ، وسلم - ولا الصحابة ، رضوان الله عليهم جميعًا ، بل ولا يُفهم منه أنه يُجوِّز سب أحد ممن لا يستحق سبًّا ؛ إذِ البدعة لا تُردّ ببدعة ، ولا الضلالة بضلالة ؛ فكيف يُردُّ سبُّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بتجويز سبّ أحدٍ فوقه أو دونه ، وهو بين كفر أو فسوق !! والله أعلم .
المصدر : http://alukah.net/Counsels/CounselDe...?CounselID=327