فوائد من كتاب (التطبيق النحوي) للدكتور عبده الراجحي (منقول)

الحمد لله والصلاة على رسول الله، وبعد:
هذه ثمانٍ وثلاثون فائدة من كتاب (التطبيق النحوي) للدكتور عبده الراجحي رحمه الله تعالى ، أستاذ العلوم اللغوية بجامعتي الاسكندرية وبيروت العربية سابقا. طبعة دار النهضة العربية.
وهو كتاب تطبيقي مباشر لا يتعمق في بحار النحو العظيمة وكما قال المؤلف: "غني عن البيان أن هذا الكتاب لا يعرض لشرح أبواب النحو جميعها على طريقة الكتب التفصيلية، وإنما يهدف إلى تقديم الاستعمالات المختلفة للجملة مع تحليلها تحليلا نحويا تطبيقيا"
فهو تربة صالحة لبذور المبتدئ، وكما هو معلوم هو منهج معتمد في أغلب الجامعات لكنهم قد لا يتطرقون لكلّ أبوابه ..

فدونكم هذه الفوائد:
1-يخطئ بعض الدارسين حين يستعمل في دراسة النحو كلمة "أداة" فيقول: أداة استفهام أو أداة نفي أو أداة شرط... وذلك كله خطأ؛ لأن اللغة العربية –كما حددها النحاة- ليس فيها أداة, وإنما هي اسم أو فعل أو حرف ليس غير.

2- يكثر على ألسنة الناس استخدام كلمة "سنين" المضافة، مشددة الياء وهو خطا؛ فيقولون: كان متفوقًا طوال سنيّ دراسته.
فتضعيف الياء هنا خطأ؛ لان الكلمة هي "سنين" فإذا أضيفت حذفت النون ليس غير, فنقول: طوال سِنِي دراسته.
3- الأسماء الستة هي: أب, أخ, حم, فم, هَنٌ, ذو. أما كلمة "هَنٌ" فلا تكاد تستعمل الآن ولذلك اشتهرت هذه الأسماء بانها خمسة.
4- جاء مهندسِيَّ: فاعل مرفوع بالواو (التي انقلبت ياء ثم أدغمت في ياء المتكلم، وأصلها: مهندسُويَ)
5- سُميت همزة الوصل بهذا الاسم؛ لأنها توصلنا إلى النطق بالساكن.
6- يرى الكوفيون أنّ فعل الأمر مجزوم وليس مبنيًا؛ لأن أصله عندهم فعل مضارع مجزوم بلام الأمر فالأصل في (اكتبْ) (لِتكْتُب).
7- المضارع المسند إلى ألف الاثنين لا تحذف ألفه مع وجود ساكنين حتى لا يلتبس بالمفرد، ومن ثم نبقيها ونحرك نون التوكيد بالكسر، فنقول: لَتنجحانِّ أيها المجدّان.
8- (استتار الضمير): إذا كان الضمير يدل على غائب فهو يستتر جوازًا (هو-هي). وإذا كان يدل على حاضر فهو يستتر وجوبًا (أنا، أنتَ، نحن).
ولكنّ النحاة رأوا أن ضمير الغائب قد يستتر وجوبًا، وذلك في مواضع معينة، أكثرها استعمالًا هي:
أ*- الفاعل في باب التعجب الذي على صيغة (ما أفعل).
ب*- أن يقع الضمير فاعلًا لنعم، بشرط أن يكون مفسرًا بنكرة.
ت*- أن يقع فاعلًا لأفعال الاستثناء وهي: خلا وعدا وحاشا.


( تفصيل هذا، صـ 57 من هذا الكتاب ).

9- يشيع بين الناس استعمال ضمير الغائب بين (من وما) حين تقعان خبرا مقدما واسم مفرد يقع مبتدأ مؤخرا، وهو استعمال غير صحيح؛ إذ يقولون:
· من هو زيد؟
· من هم الخوارج؟
· ما هي الكلمة؟


إذا لا تعرف العربية كل هذا، وليس لهذا الضمير وظيفة هنا، ولذلك يجب أن نقول:


· من زيد؟
· من الخوارج؟
· ما الكلمة؟


نعم يستخدم الضمير إذا جاء وحده بعدهما، فتقول:


من أنت؟ من هم؟ ما هو؟ ما هي؟


10- يشيع بين الناس استعمال "كم" مع كلمة "عدد" فيقولون:
· كم عددُ الطلاب الذين حضروا؟


وهي جملة غير صحيحة؛ لأن "كم" تطلب تمييزًا مفردًا منصوبًا: "كم طالبًا...؟"، وإذا اضطررت إلى استخدام كلمة "عدد" فليس أمامك إلا "ما"، فتقول: ما عددُ الطلاب الذين نجحوا؟

11- يكثر في الكتب المدرسية وكتب النحو المعاصرة وقوع شبه الجملة خبرًا, وهذا يخالف رأي القدماء الذين يقررون أنّ شبه الجملة نفسه لا يكون خبرًا ولا غيره، بل يتعلق بالخبر، وهو ما نراه ايضًا (مؤلف الكتاب)، لأنّ العربية درجت على حذف الخبر إذا دل على كون عام؛ أي كلمة: موجود أو كائن أو مستقر دون تحديد لهيئة هذا الوجود. (تفصيل هذا صـ 117)
12- (النواسخ): كثيرٌ من مصطلحات العلوم العربية مأخوذ من الفكر الإسلامي، ومنها مصطلح "النسخ" في النحو، إذ المعروف أنّ "النسخ" مصطلح فقهي يعني تغيير حكم شرعي بحكم شرعي آخر، فلما رأى النحاة أن هذه الكلمات تغير حكم المبتدأ أو الخبر سموها نواسخ.
13- )لات): يعربها القدماء على النحو التالي: لا: حرف نفي، والتاء حرف لتوكيد النفي، أو التاء حرف للتأنيث اللفظي، كأنها مكونة من كلمتين: لا + ت؛ والأيسر إعرابها باعتبارها كلمة واحدة.
14- إن وقع المصدر المؤول من أنّ ومعموليها بعد (لو) الشرطية فإنه يعرب فاعلًا لفعل محذوف؛ لأنّ (لو) لا تدخل إلا على الجملة الفعلية. مثل: لو أنه اجتهد لنجح، فالمصدر المؤول من أن ومعموليها (أنه اجتهد) في محل رفع فاعل لفعل محذوف، وتقدير الجملة: لو ثبت اجتهاده لنجح.
15- (لا النافية للجنس): ترد في الكتب القديمة تسميتها (لا التي للتبرئة) أي التي تبرئ لسمها من معنى خبرها.
16- نلاحظ أن اسم "لا" النافية للجنس، يمكن أن يكون مفردا أو مثنى أو جمعا: لا رجلَ، لا رجلين، لا مجدّات. هذا ما تورده كتب النحو وبخاصة في عصوره المتأخرة، وكذلك كتب النحو المدرسية والجامعية، ونرى أن هذا التقعيد لاسم "لا" يجب أن يُراجع على مستوى الاستعمال اللغوي؛ وذلك أن فكرة نفي الجنس تتعارض مع استعمال (المثنى والجمع) لأنهما يفيدان الحصر في اثنين أو فيما يزيد على الاثنين، و"الجنس" عام يستغرق كل أفراده، وعلى ذلك نرى أن استعمال "لا" النافية للجنس مقصور على كون اسمها مفردًا نكرة. مثل: لا إنسانَ مخلدٌ.
أما ما ورد من شواهد في كتب النحو على استعمال اسم "لا" مثنى أو جمعًا فإما أن يرجع إلى طبيعة لغة الشعر، وإما أنه يدل على فكرة الجنس أيضًا، وذلك كقول الشاعر:
تعزَّ؛ فلا إلْفَيْنِ بالعيش مُتّعَا // ولكن لورّادِ المنون تتابُعُ
فإن كلمة "إلفين" لا تدل على مثنى مثل "طالبين أو رجلين" وإنما تدل على هذا الجنس من البشر؛ إذ لا يتصور "إلف" وحده دون "إلفه"، فهو إذن استخدام صيغة "المثنى" في الدلالة على "الواحد". وعلى ذلك نستطيع أن نقرر أن اسم لا النافية للجنس مفرد نكرة دائما.
17- (الأفعال التي تطلب مفعولين): منها: أفعال تدل على معنى الإعطاء، مثل: أعطى، منح، وهب، كسا، ألبس، سمّى، زاد، نقص، فتقول: أعطيتُ زيدًا كتابًا، المفعول الأول: (زيدًا) والثاني (كتابًا).
[والشاهد من هذا]: يقول النحاة إن المفعول الأول فاعل في المعنى، فأنا أعطيت زيدا كتابا، وزيدٌ أخذ الكتاب. ويرى سيبويه أن المفعول الأول، كان مجرورًا في الأصل، والتقدير: اعطيت لزيدٍ كتابًا. وهو رأي يرتكن إلى تحليل عميق لتراكيب الكلام؛ فكأن سيبويه يريد تسمية المفعول الأول مفعولًا غير مباشر (Indirect Object) كما هو معروف في كثير من اللغات.
18- من الأفعال الشائعة الآن فعل "اعتبر" حيق يقال:
اعتبرت وأعتبر واعتبرْ زيدًا صديقًا.
وهذا كله غير معروف في العربية؛ لأن "اعتبر" يعني: اتخذ عبرة، {فاعتبروا يا أولي الألباب}. والعربية تستعمل هنا الفعل "عدّ"، فتقول:
عددتُ أو أعُدُّ زيدًا صديقًا. وفي القرآن الكريم: {ما لنا لا نرى رجالًا كنا نعُدُّهُم من الأشرار}.
19- من الاستعمالات الشائعة استعمال أنّ بعد هَبْ، وهو استعمال صحيح لكنه نادر في العربية، والأفصح استعمال هذا الفعل دون أنّ، فلا تقول: هَبْ انّ صحتك قوية، بل هب صحتَك قويةً. و(هب) دائما فعل أمر جامد.
20- (ربنا اغفر لنا)، اغفر: فعل دعاء مبني على السكون... (جرى العرف على ألا نعربه فعل أمر تأدبًا).
21- (المفعول المطلق): العبارة الغالبة في إعرابه أن نقول "مفعول مطلق" لكنك قد تجد في الكتب القديمة –خاصة- تعبيرًا آخر هو "منصوب على المصدرية" ويعنون المفعول المطلق.
22- (الظروف): يكثر استعمال "إذْ" مفعولا به إذا كان الفعل واقعا عليها لا واقعا فيها، مثل: اذكر إذ كنا في القرية. فـ"إذْ" هنا ليست ظرفا؛ لأن الذِّكْر ليس واقعا في هذا الوقت الذي كنا فيه في القرية، بل الذكر واقع على هذا الوقت، أي: أنا أذكر هذا الوقت. ويدور هذا الاستعمال كثيرا في القرية الكريم حيث تقع "إذ" مفعولا به لفعل محذوف تقديره؛ اذكر، نحو قوله تعالى: { وإذ قال ربك للملائكة ...} أي: اذكر يا محمد الآن إذ قال ربك ...
23- يظن بعضهم أن "مع" حرف جر وهذا غير صحيح؛ لأن "مع" اسم بدليل تنوينها حين تقع حالا: (جاء الأولاد معًا) والتنوين من علامة الأسماء –كما تعلم_.
24- يكثر في الاستعمال المعاصر استخدام (بينما) وسط الجملة، مثل: حضر زيدٌ بينما كان عمرو يعمل. وهو استعمال غير صحيح، والصواب استخدام "على حين" محلها، فتقول: حضر زيد على حين كان عمرو يعمل.
25- يشيع بين الناس قولهم (لم أفعل ذلك أبدًا)، وهو خطأ؛ لان "أبدا" لا تستخدم في نفي الماضي، والصواب: لم أفعل ذلك قط.
26- في بعض البيئات العربية يشيع استخدام كلمة "وحده" مسبوقة باللام؛ فيقولون: ذهبت لوحدي، وذهب لوحده، ذهبوا لوحدهم، وكل ذلك خطأ، لأن كلمة "وحده" لا تستخدم إلا على صورة واحدة؛ فهي لا تكون إلا منصوبة غير مسبوقة باللام، ولا تفيد إلا معنى الحال.
27- (التمييز): التمييز المسمّى بتمييز الجملة أو النسبة أو التمييز الملحوظ، يأتي في استعمالات منها [وأنا سأذكر الفائدة المقصودة فقط لا كل الاستعمالات]: أ- ازداد زيد علمًا. وهذا النوع يقول عنه النحاة إنه تمييز محول عن فاعل، لأن أصل الجملة في التقدير هو: ازداد علمُ زيد.
ب- طورت الحكومة البلاد اقتصادًا. وهذا النوع يقول عنه النحاة إنه تمييز محول عن مفعول به، لأن أصل الجملة: طورت الحكومة اقتصادَ البلاد.

28- يشيع في الكتب المعاصرة استعمال "إلا" في غير الاستثناء، وبخاصة في ربط جملتي الشرط مثل: إذا كانت القضية شائكة إلّا أننا نستطيع معالجتها.
وكذلك في ربط الجملة المصدرة بـ " مع أن – بالرغم من ...إلخ " مثل: مع أن الموقف صعب إلا أننا نستطيع مواجهته. بالرغم من أنه ترك المنصب إلا أن تأثيره لا يزال بارزًا.
وكل أولئك لا تعرفه العربية، والصواب في ذلك كله ربط هذه الجمل (بالفاء):
إذا كانت القضية شائكة فإننا نستطيع معالجتها
بالرغم من أنه ترك المنصب فإن تأثيره ما زال بارزًا.
29- إن كانت الأفعال (خلا – عدا – حاشا) خالية من ما المصدرية، جاز لك إعرابها أفعالا أو إعرابها حروف جر: حضر الطلاب عدا زيدًا (أو) حضر الطلاب عدا زيدٍ.
30- إن رخّمت اسما منادى بان حذفت حرفه الاخير جاز لك في الحرف الذي أصبح آخرًا وجهان:
أ*- أن تتركه على أصله فتقول:


يا فاطمُ، أصلها: يا فاطمة، فتبقى الميم مفتوحة كما كانت.


يا صاحِ، أصلها: يا صاحِبُ، فتبقى الحاء مكسورة كما كانت.


وإعرابهما: منادى مبني على الضم على الحرف المحذوف للترخيم، في محل نصب.


(وهذه الطريقة يسميها القدماء "لغة من ينتظر" دلالة على ان المستمع ينتظر الحرف المحذوف)


ب*- أن تراعي موقعه باعتباره منادى فتضبط الحرف الأخير بالبناء على الضم: يا فاطمُ.


(وهذه الطريقة تسمى "لغة من لا ينتظر" كأن الاسم قد انتهى بهذا الحرف ومن ثم بُنيَ على الضم).


31- يشيع في أمر الغائب والمخاطب استخدام الفعل "دَعْ":
دعهم يذهبوا – دعه يذهب – دعنا نذهب – دعني أذهب.
وكل هذه التراكيب غير عربية، وهي مأخوذة من اللغات الأوروبية كالإنجليزية التي تستخدم الفعل "let" في أمر الغائب والمتكلم: Let me go. Let us speak Arabic.
والصواب: لِنتكلم العربية – لنذهب – ليذهبوا ...
32- (صياغة التعجب من الفعل الذي جاء على صورة المبني للمجهول عند العرب): إن كان الفعل ملازما للبناء للمجهول، فالأصح جواز صياغة التعجب منه مباشرة؛ فجملة (هُرِع زيدٌ) نتعجب منها على الوجه التالي:
ما أهرع زيدًا.
أهْرِعْ بزيدٍ.
ورد في العربية: ما أخصر هذا الكلام؛ وهو خارج عن القياس؛ لأن الفعل منه غير ثلاثي، ثم هو مبني للمجهول: اُختصِر. لكن هذا هو المستعمل [شروط صياغة التعجب على الأسلوبين المعروفين: ما أفعله وأفعل به: أن يكون من كل فعل ثلاثي متصرف قابل للمفاضلة مبني للمعلوم تام مثبت ليس الوصف منه على أفعل فعلاء.]
33- يستعمل الفعل "حَبَّ" استعمال نعم وبئس، فإن كان مثبتا كان للمدح، وإن كان مسبوقا بحرف النفي "لا" كان للذم، ويشترط فيه:
أ*- أن يكون الفاعل هو اسم الإشارة "ذا".
ب*- إن كان الفاعل اسما غير "ذا" جاز لك فتح الحاء من حب أو ضمها، وفي الحالة الأخيرة تعربه فعلا، فهو ليس فعلا مبنيا للمجهول.
34- يمكن تحويل الفعل الثلاثي إلى وزن "فَعُلَ" فيدل على معنى نعم وبئس ويعمل عملها بالشروط نفسها، مثل: حَسُنَ وخَبُثَ. [للاستزادة والرجوع إلى الشروط صفحة: 359-367 من هذا الكتاب].
35- حروف الجر التي تستعمل أصلية وزائدة هي: من – الباء – اللام – الكاف.
والكاف: لا تزاد في رأي جمهرة النحاة؛، لكن بعضهم يرى زيادتها خوف التأويل في نحو قوله تعالى: {ليس كمثله شيء}.
والذي دعاهم إلى عدها زائدة في هذه الآية إن إعرابها أصلية سيؤدي إلى الاعتقاد بوجود "مثل" لله سبحانه تنزه عن التمثيل.
36- (التوكيد): إذا استعملت كلمة (جميعا) دون ضمير يعود إلى المؤكَّد فإنها لا تعرب توكيدًا، بل تعرب حالًا، فنقول: حضر الطلاب جميعًا. (جميعا) حال منصوب بالفتحة الظاهرة.
37- ثمة ألفاظ تفيد توكيد الشمول بعد كلمتي (كل وأجمع) لم تعد تستعمل الآن، وهي: أكتع – أبصع – أبتع، من أمثلته الشائعة في كتب النحو: حضر الطلاب كلهم أجمعون أكتعون أبصعون أبتعون. [ ذكرها العقاد في إحدى رسائله وما عرفتها إلا منه J ].
38- من التراكيب الشائعة في الاستعمال المعاصر عطف مضافين قبل المضاف إليه، وهو مستوى ركيك يراه بعضهم غير صحيح، مثل:
ناقش المجلس أسباب وأنواع المشكلات.
والصواب:
ناقش المجلس أنواع المشكلات وأسبابها.


تمّ بفضل الله ونعمته.

جزاك الله خيرا
هذا الكتاب من أكثر الكتب التي انتفعت بها عمليا في تدريس النحو
فجزى الله مؤلفه خير الجزاء

بارك الله فيكم, ورحم الله الدكتور عبده الراجحي