وصية فيها الحث على عداوة من حاد الله ورسوله للشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله
وصية فيها الحث على عداوة من حاد الله ورسوله
قال الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن، رحمهم الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
من إسحاق بن عبد الرحمن، إلى من يراه من الإخوان، وكافة الرؤساء في ساحل عمان، ومن يليهم، ومن على سليم من أهل فارس وجعلان، من المنتسبين إلى السنة والإيمان، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد، فإن الله تعالى أوجب علينا التعاون على البر والتقوى، والتناصر في ذاته على الأعداء؛ وكل إنسان عليه من العبودية بحسبه، فحيث لا عذر عن قبول الحق، فكذلك لا عذر عن تبليغه. وقد سبقت الإشارة من بعض الإخوان بطلب النصيحة، وما لا يدرك كله لا يترك كله.
فمن أجل ذلك، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، والتقوى: كلمة جامعة لخصال الخير، أمراً ونهياً؛ وأعظمها مشقة: عداوة من حاد الله ورسوله، وألحد في أسمائه وصفاته، وأشرك في توحيده وتعلمون أن سر الخلق والأمر، هو: أن يُعرف الله بأسمائه وصفاته، ويُقصد وحده سبحانه بأنواع العبادة، وأن لا يشرك به أحد سواه، كائناً من كان، وأن يقوم الناس بالقسط؛ فأنزل الحديد آلة يستعان بها على جهاد من خرج عن القسط.
وقد لاح في أوائل هذا القرن علم التوحيد، وأغمدت سيوف الجهاد في هامات من حاد عنه، من شيع الكفر والتنديد، وأقيمت الحدود الشرعية في كافة بلدان المسلمين، وحصل القيام التام بواجبات الدين، وذلك أمر لا يخفى، وحصل لأسلافنا وأسلافكم، من التعاون على ذلك ما أرغم الله به أنوف الأعداء، حتى صارت دياركم معقل الإسلام، ومهاجر السادات الأعلام.
ولم يزل في هاتيك الجهات - لا زال فيها للحق دعاة - من يلهج بتحقيق توحيد المرسلين، ويرشد به الحيارى الجاهلين، وينكر أوضاع الجهمية المبتدعين الملحدين في رب العالمين.
فالتبس هذا الأصل على كثير من الخلق، حتى آن اندراسه ، وانقلع - إلا ما شاء الله - أساسه، وكثر الطعن في الدعوة الإسلامية، والملة الحنيفية المحمدية، وفاه بين العوام: أن من تكلم بالشهادتين، فهو من أهل الإسلام، وخفي عليهم ما وضعت له من إخلاص العبادة لله، والكفر بما يعبد من دون الله، ونودي بالمسالمة لمن لاذ بالأوهام، وألحد في الدين وعادى المسلمين، عمياء صماء ظلماء، يحاول دعاتها، إطفاء ما استبان من هذا الدين المتين، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ويعلي كلمته.
وفي خلال تلك الفرقة، حصل الابتلاء بتداعي الأمم علينا، عقوبة إعراضنا عن هذا الأمر، وفي الحديث عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يوشك أن تتداعى عليكم الأمم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. قال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل. لينزعنّ الله عن صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنّ في قلوبكم الوهن. قال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهة الموت "، فدل الحديث: على أن الرغبة في الدنيا والإعراض عن الأخرى، سبب الهلاك والدمار، وتسلط الأعداء، وفشل الأعمار.
وعن ثوبان أيضاً مرفوعاً: "ولا تقوم الساعة حتى يلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان " أحمد (5/278).