هل من إثراء لهذا الموضوع ؟ فقد أشكل عليّ !
بسم الله الرحمن الرحيم
معلوم من حيث العموم والأصل أن العهد مع الكافر واجب الوفاء به لكن هناك إشكاليات في وقائع فمثلا :
من أخذه العدو ظلما كمختطف أو كأسير ؟
وقد يحصل هذا من عصابات مسلمة لكنها مجرمة ؟
روى مسلم في الصحيح عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال : ما منعني أن أشهد بدراً إلا أني خرجت أنا وأبي ، فأخذنا كفار قريش ، قالوا : إنكم تريدون محمداً ، فقلنا ما نريده ما نريد إلا المدينة ، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر ، فقال :
" انصرفا ، نفي لهم بعَهْدِهِم ، ونستعينُ اللهَ عليهم "
فالبعض من العلماء قال وفيه وجوب الوفاء بالعهد وإن كان مكرهاً .!
لكن النووي رحمه الله تعالى قال : وَهَذَا لَيْسَ لِلْإِيجَابِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِتَرْكِ الْجِهَادِ مَعَ الْإِمَامِ وَنَائِبِهِ وَلَكِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَشِيعَ عَنْ أَصْحَابِهِ نَقْضُ الْعَهْدِ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشِيعَ عَلَيْهِمْ لَا يَذْكُرُ تَأْوِيلًا .
وجاء في سنن سعيد بن منصور وفي مصنف ابن ابي شيبة : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، رَجُلٌ أَسَرَتْهُ الدَّيْلَمُ، فَأَخَذُوا عَلَيْهِ عَهْدًا أَنْ يَأْتِيَهُمْ مِنَ الْمَالِ بِكَذَا وَكَذَا، وَإِلَّا رَجَعَ إِلَيْهِمْ , فَأَرْسَلُوهُ، فَلَمْ يَجِدْ , قَالَ: «يَفِي لَهُمْ بِالْعَهْدِ» قَالَ: إِنَّهُمْ مُشْرِكُونَ، فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَفِيَ لَهُمْ بِالْعَهْدِ .سنن سعيد بن منصور
وهذا لفظ ابن ابي شيبة :سَأَلَ رَجُلٌ عَطَاءً ، عَنْ رَجُلٍ أَسَرَتْهُ الدَّيْلَمُ فَأَخَذُوا مِنْهُ عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ عَلَى أَنْ يُرْسِلُوهُ , فَإِنْ بُعِثَ إلَيْهِمْ بفداء قد سموه فَهُوَ بَرِيءٌ , وَإِنْ لَمْ يُبْعَثْ إلَيْهِمْ كَانَ عَلَيْهِ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِمْ فَلَمْ يَجِد , وَكَانَ مُعْسِرًا ، قَالَ يفي بِالْعَهْدِ ، فَقَالَ : إنَّهُمْ أَهْلُ شِرْك , فَأَبَى عَطَاءٌ إِلاَّ أَنْ يَفِيَ بِالْعَهْدِ.
فلو قام قطاع الطريق أو عصابات الخطف بمثل هذا ... هل الجواب نفسه لابد من الوفاء ؟
وهل الذي ذكره النووي من حكم بالاستحباب راجح أم مسألة خلافية قوية الأدلة ؟