كيف دخل علم الكلام على كتب الأصوليين وهم يكتبون في أصول فقه الشريعة؟!
قال الشيخ يوسف الغفيص في شرحه لكتاب الايمان لابي عبيد القاسم بن سلام
فإن قال قائل: كيف دخل على كتب الأصوليين وهم يكتبون في أصول فقه الشريعة؟!
قيل: لا عجب؛ لأن أكثر من كتب في أصول الفقه هم المتكلمون، وأصل مادة المتكلمين المعتزلة، وقدماء النظار من الجهمية والأشاعرة والماتريدية أخذوا علم الكلام عن هؤلاء؛ فإن أبا الحسن الأشعري إنما أخذ علم الكلام عن المعتزلة، فقد كان معتزلياً ما يقارب الأربعين سنة من عمره.
إذاً لا عجب أن ترى هذا في كتب أصول الفقه كالمعتمد لـ أبي حسين البصري، فهو وإن كان حنفياً لكنه معتزلي، والبرهان لـ أبي المعالي الجويني، والمحصول لـ محمد بن عمر الرازي، والمستصفى لـ أبي حامد الغزالي
وهؤلاء كلهم أشعرية شافعية، وهم غالون في علم الكلام، وإن كان الغزالي متصوفاً من وجه آخر، فهذا باب آخر أيضاً.
وكذلك لا عجب أن يدخل هذا الكلام -أيضاً- على من نقل عنهم ممن يلخص كتب متكلمة أهل الأصول وإن لم يكن هو متكلماً، كـ الموفق ابن قدامة رحمه الله، فإن روضة الناظر في الجملة تلخيص من كتاب المستصفى لـ أبي حامد.
وكذلك علماء المصطلح من الحفاظ المتأخرين الذين قد ابتعد كثير منهم عن علم الكلام إلا أنهم تأثروا بأصحابه، فإنهم وإن اختلفوا عن المتكلمين إلا أنهم يشتركون معهم في النسبة والصحبة الفقهية.
ومثال ذلك: الحافظ ابن حجر، فهو ليس متكلماً ولا يقول بعلم الكلام، ويرى الميل إلى طرق السلف وآثارهم، لكنه شافعي متأثر بأصحابه الشافعية، الذين هم إما متكلمون أو على تأثر كبير بعلم الكلام.