شبهة الإستدلال بحديث حاطب في عدم تكفير من يظاهر الكفار على المسلمين
شبهة الإستدلال بحديث حاطب
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـ
أفسد الأقيسة التي أقابلها كثيراً هي قياس البعض لما يفعله جنود الطواغيت ومعاونيهم من نصرة للشرك وإضعاف لشوكة المسلمين والعمل على هزيمتهم بشتى الطرق على حادثة سيدنا حاطب وعدم تكفير النبي له مع إفشائه سر النبي للمشركين ،حتى بلغني أن بعض المرجئة في الشام لا يكفرون من يقاتل تحت راية بشار مع أن حديث حاطب فيه ما يفسد هذا القياس فسادا تاما ففي بعض رواياته أنه قال للنبي ((فقلت أكتب كتاباً لا يضر الله ولا رسوله)) ، فتأمل في قوله : فقلت أكتب كتاباً لا يضر الله ولا رسوله ، فهذا مانع صريح صحيح في عدم تكفيره ،فحاطب لم يعتقد أصلا أن فعله نصرة للكافرين على المسلمين ، بل إن حاطبا رضي الله عنه في نفس الحديث يقرر أن نصرة الكفار على المسلمين كفر وردة فلما سأله النبي قائلاً : مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْت؟ كان أول ما بادر به حاطب في الجواب هو نفي الردة عن نفسه وإعلان الإيمان والبراءة من النفاق وذلك لأن المتقرر عنده أن نصرة الكفار على المسلمين كفر ثم أبان تأويله في فعله أنه لن يضر الدين بشيء وإليك كلامه قَالَ حَاطِبٌ: ((وَاللَّهِ مَا بِي أَنْ لا أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)) ((وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي وَلا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلام)) ((وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا)) ((وَمَا غَيَّرْتُ وَلا بَدَّلْتُ))ِ ((مَا كَانَ بِي مِنْ كُفْرٍ وَلا ارْتِدَادٍ)) ((أَمَا إِنِّي لَمْ أَفْعَلْهُ غِشًّا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا نِفَاقًا قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ مُظْهِرٌ رَسُولَهُ وَمُتِمٌّ لَهُ أَمْرَهُ)) ((فقلت أكتب كتاباً لا يضر الله ولا رسوله)) أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلاَّ لَهُ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِه.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( صَدَقَ وَلا تَقُولُوا لَهُ إِلاَّ خَيْرًا ) ، وكان الحكم بردة من ينصر الكافرين على المسلمين متقررا عند عمر رضي الله عنه حيث قال للنبي : فَقَالَ عُمَرُ: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِين َ)) ((دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ)) ((فَإِنَّهُ قَدْ كَفَرَ)) .
والبحث الهام هنا هل فعل حاطب مع تأويله أنه لن يضر المسلمين شيئاً من الموالاة الكبرى أم الصغرى ؟ بلفظ أخر هل كان في فعله نصرة للكافرين حقيقة أم كان أقصاه طلب المودة فقط ؟