قال شيخ الإسلام رحمه الله:
((وإذا جنى شخص فلا يجوز أن يعاقب بغير العقوبة الشرعية، وليس لأحد من المتعلمين والأستاذين أن يعاقبه بما يشاء، وليس لأحد أن يعاونه ولا يوافقه على ذلك؛ مثل أن يأمر بهجر شخص فيهجره بغير ذنب شرعي، أو يقول: أقعدته أو أهدرته أو نحو ذلك. فإن هذا من جنس ما يفعله القساوسة والرهبان مع النصارى والحزابون مع اليهود ومن جنس ما يفعله أئمة الضلالة والغواية مع أتباعهم؛ وقد قال الصديق الذي هو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته: ((أطيعوني ما أطعتُ الله فإن عصيتُ الله فلا طاعة لي عليك))، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقِ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ))، وقال: ((مَنْ أَمَرَكُمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلَا تُطِيعُوهُ)).
فإذا كان المعلم أو الأستاذ قد أمر بهجر شخص، أو بإهداره وإسقاطه وإبعاده ونحو ذلك، نُظِر فيه؛ فإن كان قد فعل ذنبًا شرعيًّا عوقب بقدر ذنبه بلا زيادة، وإن لم يكن أذنب ذنبًا شرعيًّا لم يجز أن يعاقب بشيء لأجل غرض المعلم أو غيره.
وليس للمعلمين أن يُحَزِّبوا الناس ويفعلوا ما يلقي بينهم العداوة والبغضاء بل يكونون مثل الإخوة المتعاونين على البر والتقوى؛ كما قال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}.
وليس لأحد منهم أن يأخذ على أحد عهدًا بموافقته على كل ما يريده؛ وموالاة من يواليه، ومعاداة من يعاديه؛ بل مَنْ فعل هذا كان من جنس جنكيز خان وأمثاله الذين يجعلون من وافقهم صديقًا مواليًا، ومَنْ خالفهم عدوًّا باغيًا؛ بل عليهم وعلى أتباعهم عهد الله ورسوله بأن يطيعوا الله ورسوله، ويفعلوا ما أمر الله به ورسوله، ويحرموا ما حرم الله ورسوله، ويرعوا حقوق المعلمين كما أمر الله ورسوله؛ فإن كان أستاذُ أحد مظلومًا، نصره، وإن كان ظالمًا، لم يعاونه على الظلم؛ بل يمنعه منه؛ كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: انْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ فَذَلِكَ نَصْرُك إيَّاهُ([1])))اهـ.
[1])) ((مجموع الفتاوى)) (28/ 15، 16).