حنين الأعرابي الفصيح إلى الأصل والعدول
حنين الأعرابي الفصيح إلى الأصل والعدول
المستويات اللغوية في الأصل والعدول
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في قول الأعرابي :فعلت ماذا ؟ حنينا إلى الأصل ، فمن المعروف أن "ماذا" لها حق الصدارة في الكلام ،ويجب أن نعدل عن الأصل لنقول:ماذا فعلت ؟ فتتقدم "ماذا "بالضابط اللفظي ، إلا أن الأعرابي يحن إلى الأصل ويقول "فعلت ماذا" فيقدم "فعلت" على "ماذا" بالضابط المعنوي ،وهوكلام أقل جمالا من سابقه ،إلا أن الكلام مفهوم ،وليس فيه لبس أو تناقض.
كما قال الشاعر:
خالي لأنت ومن جرير خاله ينل العلاء ويكرم الأخوالا
فمن المعروف أن لام الابتداء لها الصدارة في الكلام ،ويجب تقديم المبتدأ المتصل بها ،حتى لا تفصل اللام بين المبتدأ وخبره ،وهذا هو الأجود ،إلا أن الشاعر حنَّ إلى العدول وأجاز لنفسه تقديم الخبر ،بالضابط المعنوي لأن السياق في الحديث عن الأخوال ،وهذا التركيب أقل جمالا من قولنا:لأنت خالي ،إلا أن الكلام مفهوم ،وليس فيه لبس أو تناقض.
فالأعرابي الفصيح يقول كلاما مفهوما ، ويخرج عن سنن العرب حنينا إلى الأصل أو العدول بالضابط المعنوي.
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ، وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل .