الحلقة الرابعة عشر من قراءة أبي عُبُود لكتاب الجامع في العلل والفوائد/ للدكتورالفحل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الرابعة عشر من : قراءة شيخنا أبي عُبُود - عبد الله بن عبود باحمران - لكتاب ( الجامع في العلل والفوائد / للدكتور ماهر الفحل ) .
قال الشيخ الفاضل أبو عُبُود عبدالله بن عبود باحمران - حفظه الله ووفقه :
(( الحلقة الرابعة عشر :
د) وفي (4/480-484) قال : (( وتابع عيسى بن يونس عن هشام حفصُ بن غياث ... هذا الحديث ظاهره الصحة ، فرواته ثقات كلهم قال الدارقطني ... وعدَّوه من أوهام هشام بن حسان ... وقد خالف العلامة الألباني ذلك ... بل العلة عندهم هي : وَهْم هشام ، لاتفرد عيسى بن يونس ... وأن المتابعة التي ذكرها الألباني معروفة لديهم...فلو لم يكونوا يعلمون بمتابعة حفص لما بينوا تفرُّد هشام به ... )) أهـ .
أهم ما في هذا النقل :
1) العلة وَهْم هشام بن حسان لا تفرُّد عيسى بن يونس .
2) الإمام الألباني فهم خطأ أنهم يعلون الحديث لتفرُّد عيسى بن يونس فدفعه بمتابعة حفص بن غياث له .
3) متابعة حفص بن غياث لعيسى بن يونس معروفة لديهم ؛ لذلك بيَّنوا تفرُّد هشام به .
4) لم ينقل قول الترمذي كما فعل في النقل الأول ، لماذا ؟ .
5) وفي هذه النقولات الثلاثة الإجابة عن السؤال : (( الدكتور أَدْخَلَ شعيباً وبشاراً مع العلامة الألباني ؛ لماذا ؟ )) .
فها هو الدكتور في المواضع الثلاثة يحصر النقد على الإمام محمد ناصر الدين الألباني فقط .
ه) أنتقل إلى الدكتور الخليل لنرى معاً هل أخطأ الإمام محمد ناصر الدين الألباني في فهمه :
1) الدكتور الخليل في مستدركه (رقم83) جعل العلة الأولى : تفرُّد هشام بن حسان ، والعلة الثانية : غلط عيسى بن يونس في هذا الحديث ، والعلة الثالثة : الوقف .
2) ثم نقل قول أحمد المتقدم ، وقول الترمذي : (( سألت محمد بن إسماعيل البخاري عنه ، فلم يعرفه إلا من طريق عيسى بن يونس ، وقال : ما أراه محفوظاً )) . وقول الترمذي : (( حديث أبي هريرة حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث هشام ... إلا من حديث عيسى بن يونس )) .
3) عقب هذه النقولات ؛ قال الدكتور الخليل : (( ظاهر هذه العبارة أن المتفرد هو عيسى ، لكن أثبت أبو داود في " السنن " متابعاً لعيسى ، وهو حفص بن غياث ، فلعل الأقرب أن التفرد من هشام . )) أهـ .
ففي قول الدكتور الخليل هذا :
أ*) أن قول أحمد والبخاري والترمذي ظاهره يفيد أن المتفرد هو عيسى بن يونس . ما رأي الدكتور الفحل في هذا ؟ .
ب*) الدكتور الخليل يثبت أنَّ فهم الإمام الألباني صحيح لا خَطَأَ فيه ، ولماذا يُصرّ الدكتور الفحل على إلصاق هذا الفهم الخطأ بالإمام محمد ناصر الدين الألباني ؟ الجواب فيما سيأتي – إن شاء الله - .
ج*) هل يدري الدكتور الفحل أن هناك عقلية فَذَّة سبقت الإمام محمد ناصر الدين الألباني إلى هذا الفهم الذي جعل الدكتور مرة ينقل قول الترمذي ومرة يتركه عامداً ، وعندما ذكره أفرغه من معناه الصحيح و أظهر الترمذيَّ متناقضاً لا يعي ما يقوله حينما قال في (3/421-422 ، الحاشية "1" ) : (( كلام الترمذي عجزه يخالف صدره فهو حكم على الحديث بالحسن ، ثم نقل ما يدل على أن الحديث معلول ، وذكر ما يدل أنَّ الحديث معلول عنده . )) أهـ .
وهذا قد يأتي نقاشه – إن شاء الله – وأبيِّن فيه أن الدكتور الفحل يجعل رأي البخاري هو رأيٌ لازمٌ لتلميذه الترمذي ، فأظهر الإمامَ الترمذيَّ بما لا يرضاه الدكتور الفحل لنفسه .
الإمام ابن تيمية ذكر حديث أبي هريرة هذا في ( الفتاوى ) (25/221-222) ، وقال عقبه : (( وهذا الحديث لم يثبت عند طائفة من أهل العلم – ثم نقل قول أحمد وقول البخاري الذي نقله الترمذي – ثم قال : (( والذين لم يثبتوا هذا الحديث لم يبلغهم من وجه يعتمدونه ، وقد أشاروا إلى علته ، وهو انفراد عيسى بن يونس به ، وقد تبين أنه لم يتفرد به ، بل وافقه عليه حفص بن غياث ، والحديث الآخر يشهد له . )) أهـ .
من صريح قول الإمام الفذ :
1) أنَّ الأئمة أحمد والبخاري لم يثبتوا حديث أبي هريرة هذا لتفرد عيسى بن يونس به .
2) وهذا التفرد زال منه احتمال الخطأ بمرجح وهو متابعة حفص بن غياث ، والحديث الآخر الشاهد له .
3) فالإمام بهذا يُعَدُّ من المقوِّين لهذا الحديث بعد أن ترجّح لديه انتفاء ما أُعِلّ به ؛ فهل الإمام ابن تيمية على منهج المتأخرين ؟ .
فهل الدكتوران لا يعلمان بقول الإمام الفذ ابن تيمية هذا ؟ أم أن الدكتور الفحل لن يقوَ على رمي الإمام الفذ ابن تيمية بما رمى به الإمام محمد ناصر الدين الألباني ؟ .
4) الإمام محمد ناصر الدين الألباني خرّج الحديث في ( إرواء الغليل ) (4/51-53) وبعد أن نقل أقوالاً فيه ؛ قال : (( وإنما قال البخاري وغيره بأنه غير محفوظ لظنهم أنه تفرد به عيسى بن يونس ، عن هشام ، كما تقدم عن الترمذي . ومادام أنه قد توبع عليه من حفص بن غياث ، وكلاهما ثقة محتج بهما في الصحيحين ، فلا وجه لإعلال الحديث إذن . )) أهـ .
5) وقد أجمل الإمام محمد ناصر الدين الألباني ما بيَّنه هنا فقال في تعليقه على ( صحيح ابن خزيمة ) (1960) : (( إسناده صحيح ، وقد أعل بتفرد عيسى بن يونس ، ... )) أهـ .
6) فما فهمه الإمام محمد ناصر الدين الألباني ؛ هو صريح قول الترمذي قبله ؛ فعلى المنصف التفكّر في قول الترمذي في جامعه (720) : (( حديث أبي هريرة حديث حسن غريب . لا نعرفه من حديث هشام ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا من حديث عيسى بن يونس . وقال محمد : لا أراه محفوظاً . )) أهـ .
7) ولن أخرج خارج كتاب الدكتور الفحل ؛ ففي مبحث ( الثالث من أنواع علل الإسناد : التفرد ) في (2/165) قال : (( ومن تعبيراتهم الدالة على وقوع التفرد في إحدى طبقات الإسناد قولهم : ... لا نعلمه يروى عن فلان إلا من حديث فلان ... )) أهـ .
8) وقول البخاري : (( لا أراه محفوظاً )) أيضاً لتفرُّد عيسى بن يونس ، ففي باب (( ما جاء فيمن استقاء عمداً )) من كتاب ( العلل الكبير ) (رقم 198) ذكر الترمذي حديث أبي هريرة هذا ، وقال عقبه : (( سألت محمداً عن هذا الحديث ، فلم يعرفه إلا من حديث عيسى بن يونس ، عن هشام بن حسان ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة وقال : ما أراه محفوظاً )) أهـ .
9) الدكتور الخليل نقل قول الترمذي هذا الذي في ( العلل الكبير) ، والدكتور الفحل في المواضع الثلاثة لم ينقله أبداً ؛ لماذا ؟ .
10) الدكتور الفحل أراد أن يحشد جهابذة النقاد في إعلال هذا الحديث ؛ ليثبت به تباين منهج المصححين - ومنهم الإمام محمد ناصر الدين الألباني – عن منهج الجهابذة النقاد المتقدمين الذين أعلّوه ؛ فجعلهم كلهم يعلّون الحديث لوهم هشام بن حسان فقط .
أ*) فقال في (1/121) : (( ... بل إنَّ العلة عندهم هي وهم هشام ، لا تفرد عيسى بن يونس ... )) أهـ .
ب*) وقال في (3/423) : (( بل إنَّ العلة عندهم هي وَهْم هشام لا تفرد عيسى بن يونس ... )) أهـ .
ج*) وقال في (4/483) : (( بل إنَّ العلة عندهم هي : وَهْم هشام ، لا تفرد عيسى بن يونس ... )) أهـ .
11) إذا سلَّم الدكتور الفحل كما سلَّم الدكتور الخليل وكما هو الواقع أنَّ أئمتنا الذين أعلّوا هذا الحديث لم يتفقوا على سبب إعلاله ؛ فسيكون الدكتور الفحل هو أول الداخلين في منهج المتأخرين المخالفين لمنهج المتقدمين ، كما دخل الدكتور الخليل بنفسه في مخالفة الحفاظ المتقدمين ؛ كيف ؟ :
12) ذهب الإمام أحمد والبخاري إلى إعلال الحديث بتفرد عيسى بن يونس وغلطه .
وذهب البيهقي – حسب فهم الدكتورَيْن - وغيره إلى إعلال الحديث بتفرد هشام بن حسان .
الدكتور الخليل اعترف بهذا فجعل العلة الأُوْلى : تفرد هشام بن حسان ، والعلة الثانية : غلط عيسى ابن يونس .
الدكتور الفحل جعل وَهْم هشام بن حسان هو العلة الوحيدة فقط . ومع هذا وقع الدكتوران فيما قلتُه :
الدكتوران متفقان على متابعة حفص بن غياث لعيسى بن يونس .
فيكون الإعلال بتفرد وغلط عيسى بن يونس زال بمرجّح المتابعة من حفص بن غياث ؛ فيكون الواقع هو التالي :
أولاً : ردُّ الدكتورَيْن معاً لإعلال إمامَيْن جهبذَيْن من جهابذة المتقدمين : أحمد والبخاري بالتفرد وذلك بإقرارهما أنَّ حفص بن غياث تابع عيسى بن يونس،وبالمتابعة ينتفي التفرّد وبمرجّح المتابعة نأمن من الغلط .
وبهذا وقع الدكتور الخليل في مخالفة إمامَيْن كبيرَيْن من أئمة المتقدمين .
ووقع الدكتور الفحل في مثل ما ردَّ به أئمتنا المتأخرون والإمام محمد ناصر الدين الألباني المخالفين لمنهج المتقدمين ؛ لذلك هرب من هذا فجعل العلة عندهم كلهم هي : (( وَهْم هشام بن حسان )) .
ومن صنيعهما هذا رسَّخَا أنَّ أمثال الإمام أحمد والبخاري تخفى عليهم متابعة سالمة من الشذوذ والعلة القادحة ، وهو ما ينكرونه على أئمتنا المتأخرين والمعاصرين .
13) ومن إقرار الدكتور الخليل بمتابعة حفص بن غياث لعيسى بن يونس ؛ يكون انتفى التفرُّد ، وأُمِن الغلط ، فإذا كان لا علة أخرى للحديث عند الإمامَيْن أحمد والبخاري ليست قائمة على التفرُّد المنفي ؛ فلابدَّ أن يُخرِج الدكتور الخليل الإمامَيْن أحمد والبخاري من الأئمة المتقدمين الذين خالفهم الإمام محمد ناصر الدين الألباني . فيبقى البيهقي – حسب فهم الدكتورَيْن - ؛ لأنَّ الترمذي ليس كما ذكره الدكتور الخليل من المضعفين بل هو يحسّن الحديث كما سيأتي – إن شاء الله – بيانه في محله.
وإذا راجع الدكتور الفحل كلَّ ما تقدم وسلَّمَ به ؛ فلا بد أيضاً أن يُخرج الإمامَيْن أحمد والبخاري من الجهابذة الذين حشدهم لإثبات تباين منهج المتقدمين عن منهج المتأخرين ، وعليه كذلك أن يضيف الإمام الترمذي إلى المصححين ؛ لأنه حسّن الحديث ؛ ولم يتَّبع قول شيخه في الإعلال ؛ فإنَّ فَعَل ذلك يَبْطُل الحديث من أصله أن يكون مثالاً لتباين منهج المتقدمين عن منهج المتأخرين ؛ لأن الإمام الترمذي من الأئمة النقاد المتقدمين .
14) علة تفرد هشام بن حسان ، والدكتور يتفادى ذكر تفرُّد هشام فهو إنما يقول : (( وهم هشام .. )) ؛ لماذا ؟ .
أ) فقال في (1/120) : (( .. وعدوه من أوهام هشام بن حسان ... " قال عيسى بن يونس : زعم أهل البصرة أنَّ هشاماً وهم في هذا الحديث " ، وقال الدارمي : " زعم أهل البصرة أنَّ هشاماً أوهم فيه فموضع الخلاف هاهنا " ، ... بل إن العلة عندهم هي وهم هشام ... )) أهـ .
ب) وقال في (3/422) : (( ... وقال البيهقي : " تفرد به هشام بن حسان القردوسي " )) . ثم نقل قول عيسى بن يونس والدارمي المتقدمَيْن .
ج) وفي (4/482-483) نقل قول عيسى بن يونس ، والدارمي ، والبيهقي .
15) أئمتنا الذين صححوا وحسّنوا هذا الحديث لم يأخذوا بإعلال مَنْ أعلَّه من أئمتنا بتفرّد هشام بن حسان أو توهيمه ، لأمور منها :
أولاً : قول عيسى بن يونس : (( زعم أهل البصرة أن هشاماً وهم في هذا الحديث )) :
أ*) قال الدكتور في (1/121) : (( وقد تقدم قول عيسى بن يونس في توهيم هشام ، ونقله ذلك عن أهل البصرة ، وإقرار الدارمي ذلك )) أهـ وقال هذا أيضاً في (3/423) ، وفي (4/483) .
ب*) الدكتور ذكر الدارمي ممن أعلَّ الحديث ، ولم يذكر عيسى بن يونس وهنا يقول : (( قول عيسى ابن يونس في توهيم هشام )) ثم استدرك فقال : (( ونقله ذلك عن أهل البصرة )) .
ج*) قول عيسى بن يونس وإقرار الدارمي له هل هو إعلال للحديث بوهم هشام أم هو ردٌّ لهذا التوهيم ؟ نرى :
أولاً : عيسى بن يونس يعلم هذا التوهيم لهشام ومع هذا رواه عنه وحدّث به ؛ لماذا ؟ لحال هشام ابن حسان في ابن سيرين خاصة كما سيأتي – إن شاء الله – ذكره .
ثانياً : قوله : (( زعم )) هي من ألفاظ الضد ؛ فتستعمل لقول الحق ، وقول الباطل ، وقول الكذب ، وأكثر استعماله فيما يُشَكّ فيه .
قال الإمام محمد ناصر الدين الألباني في ( إرواء الغليل ) (4/52-53) : (( ... فلا يقبل فيه الزعم المذكور ، ولعل في قول عيسى " زعم ... " إشارة إلى ردِّه . )) أهـ .
ثالثاً : ويُرَجِّح الذي قاله الإمام محمد ناصر الدين الألباني أن هشام بن حسان من أثبت الناس في محمد بن سيرين ، لهذا قال الإمام محمد ناصر الدين الألباني في ( إرواء الغليل ) (4/52) : (( ... وهو أنَّ هشاماً ثقة ممن احتج به الشيخان ،لا سيما وقد قال فيه الحافظ :" ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين". فلا يقبل فيه الزعم المذكور ... )) أهـ .
وهذا ترجيح بقرينة الاختصاص وهي من قرائن الترجيح عند المتقدمين ، فالإمام لم يخرج عن منهج أئمتنا المتقدمين .
وهذا المرجِّح ذكره الدكتور في موضعٍ واحدٍ فقط من المواضع الثلاثة التي ذكر فيها الحديث وهو في (4/480) .
رابعاً : ومع أنَّ قرينة الاختصاص هي من أقوى قرائن الترجيح ؛ لأن هذا الاختصاص يفيد كثرة ملازمة هشام لشيخه ابن سيرين ، ومعرفته لحديثه ؛ فيصير بذلك أثبت من غيره فيه إلاَّ أنَّ الدكتور عندما ذكر ذلك في الموضع الوحيد من المواضع الثلاثة ؛ عَطَّلَ هذه القرينة فقال في (4/480 ، الحاشية " أ " ) : (( على الرغم من أنَّ هشام بن حسان أثبت الناس في محمد بن سيرين – كما في " التقريب " (7289) – إلا أنَّ هذا لا يمنع من خطئه ، وهذا هو شأن علم العلل ، من أجود ما فيه أنه يبين الخطأ في أحاديث الثقات . )) أهـ .
عندما يُرَجَّح بقرينة الحفظ التي هي الأصل الأساسي في الترجيح عند اختلاف الرواة فيقولون : (( فلان أحفظ ، فلان مقدَّم في الحفظ )) ، هل يصح أن نخطّئ رواية الأحفظ عندما يخالفه مَنْ هو دونه حفظاً وعدداً ؟ .
[RIGHT]ومن الترجيح بقرينة الحفظ وجُعِلَت قرينة مستقلة هي قرينة اختصاص التلميذ بشيخه ؛ لأنَّ مَنْ طالت صحبته لشيخه ، وكَثُرت ممارسته لحديثه ؛ يكون أتقن لحديث شيخه ، وتترجح روايته على رواية مَنْ قَصُرت صحبته لهذا الشيخ ، لذلك يقدِّمون الأقلَّ حفظاً في شيخٍ ما على حافظٍ كبير ؛ لأنَّه لازمه طويلاً . وضعَّفوا رواية الحافظ الكبير في شيخٍ ما لقلة ملازمته له .
فهل يصح أن نُخطّئ روايةً للمُقدَّم في رواية شيخٍ ما للاختصاص ؛ لمخالفةِ ثقةٍ له قَصُرَت صحبته لهذا الشيخ ؟ .
وهشام بن حسان ؛ الدكتوران الفحل والخليل معنا في أنَّه أثبت الناس في ابن سيرين ، بل إنَّ ابن سيرين جعله من أهل بيته .
خامساً : مع حفظ هشام بن حسان ، واختصاصه بشيخه في هذا الحديث ، مما يبعد الخطأ في روايته عند مخالفة غيره له في شيخه ، فنوعيَّة اختصاصه بمرويات شيخه وإتقانه لها تُبْعِد أيضاً احتمال الخطأ في روايته عن شيخه عند مخالفة غيره له في هذه الرواية عن شيخه ، وهي أنه كان إذا حدَّث عن ابن سيرين سرده سرداً كما سمعه وإن كان ابن سيرين ترسل ترسل فيه ، وهذا في حديث ابن سيرين خاصة ؛ ولهذا أعلّه الإمامان أحمد والبخاري بتفرّد عيسى بن يونس ، وخفيت عليهما المتابعة التي اعتمدها الدكتوران الفحل والخليل .
لذلك إذا أصرّ الدكتوران على هذا ؛ سيتحمّل الإعلال الذي يريانه محمدُ بن سيرين .
سادساً : أعلم أهل البصرة بعلل الحديث في زمانه يصحّح حديث هشام بن حسان ، عن ابن سيرين ، فقد قال الإمام علي بن المديني : (( أما أحاديث هشام عن محمد فصحاح ، وحديثه عن الحسن عامتها يدور على حوشب ، وهشام أثبت من خالد الحذاء في ابن سيرين ، وهشام ثبت )) أهـ من ( الجرح والتعديل ) لابن أبي حاتم (9/55) .
هل يكون الإمام ابن المديني ممن يصحح هذا الحديث من قوله هذا ؟ .
إذا كان الجواب عند الدكتورَيْن الفحل والخليل بـ " نعم " ؛ فيكون الاثنان خسرا ما يريدانه ؛ حيث صار الحديث مختلفاً فيه بين الأئمة المتقدمين .
سابعاً : أئمة أهل البصرة يقدمون هشاماً على غيره في ابن سيرين : سعيد بن أبي عروبة ، ومخلد بن الحسين المهلَّبي ، وحماد بن سلمة وغيرهم .
ولتتمة الحلقة انقر هنا الحلقة الرابعة عشر من قراءة أبي عُبُود لكتاب الجامع في العلل والفوائد/ للدكتورالفحل - {منتديات كل السلفيين}
لمشاهدة الحلقات السابقة ؛ أنقر على رقم الحلقة بأدناه :