يا أخوات : الغيرة لا تمنع الانصاف
من المعلوم أن كثيرًا من النساء يمنعهنَّ الغيرة عن الانصاف ؛ لذا أذكر مواقف من حياة الصحابيات في أن غَيرتهنَّ لم تمنعهنَّ من قولة الحق :
- عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما غرت على امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة ، هلكت قبل أن يتزوجني لما كنت أسمعه يذكرها وأمره الله أن يبشرها ببيت من قَصَب ، وإن كان ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها منها ما يسعهنَّ . البخاري (3816) ومسلم (2435) .
تأمل قول عائشة : (ما غرت على امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة) .
وتأمل ذكرها لفضل خديجة حيث قالت : (لما كنت أسمعه يذكرها وأمره الله أن يبشرها ببيت من قَصَب ، وإن كان ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها منها ما يسعهنَّ) .
رد: يا أخوات : الغيرة لا تمنع الانصاف
- أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي فأذن لها فقالت يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة وأنا ساكتة ، قالت : فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي بنية ألست تحبين ما أحب) ، فقالت : بلى ، قال : (فأحبى هذه) ، قالت : فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعت إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتهنَّ بالذي قالت وبالذي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلنَّ لها : ما نراك أغنيت عنا من شيء فارجعى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولي له إن أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة ، فقالت : فاطمة والله لا أكلمه فيها أبدًا ، قالت عائشة : فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي التي كانت تساميني منهنَّ في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أرَ امرأة قطُّ خيرًا في الدين من زينب وأتقى لله وأصدق حديثًا وأوصل للرحم وأعظم صدقة وأشد ابتذالًا لنفسها في العمل الذي تصدق به وتقرب به إلى الله تعالى ، ما عدا سورة من حدٍّ كانت فيها تسرع منها الفيئة قالت فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع عائشة في مرطها على الحالة التي دخلت فاطمة عليها وهو بها فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة ، قالت : ثم وقعت بي فاستطالت عليَّ وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرقب طرفه ، هل يأذن لي فيها ؟ قالت : فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتصر ، قالت فلما وقعت بها لم أنشبها حين أنحيت عليها ، قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وتبسم إنها ابنة أبي بكر) . مسلم (2442) .
تأمل قول عائشة في زينب : (وهي التي كانت تساميني منهنََّّ في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم) .
وتأمل قولها في حق زينب بنت جحش : (ولم أرَ امرأة قطُّ خيرًا في الدين من زينب وأتقى لله وأصدق حديثًا وأوصل للرحم وأعظم صدقة وأشد ابتذالًا لنفسها في العمل الذي تصدق به وتقرب به إلى الله تعالى) .
رد: يا أخوات : الغيرة لا تمنع الانصاف
- عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج أقرع بين نسائه ، فطارت القُرعة على عائشة وحفصة ، فخرجتا معه جميعًا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث معها ، فقالت : حفصة لعائشة ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك فتنظرين وانظر ، قالت : بلى فركبت عائشة على بعير حفصة وركبت حفصة على بعير عائشة ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم ثم سار معها حتى نزلوا ، فافتقدتُه عائشة فغارت ، فلما نزلوا جعلت تجعل رجلها بين الأذخر وتقول : يا رب سلط عليَّ عقربًا أو حية تلدغُني ، رسولك ولا أستطيع أن أقول له شيئًا) . مسلم (2445) .
تأمل فعل عائشة : (فافتقدتُه عائشة فغارت) .
تأمل قول عائشة مع غيرتها : (رسولك ولا أستطيع أن أقول له شيئًا) .
رد: يا أخوات : الغيرة لا تمنع الانصاف
الفرق بين العدل والإنصاف:
قال أبو هلال العسكري: (الإنصاف: إعطاء النصف، والعدل يكون في ذلك وفي غيره، ألا ترى أنَّ السارق إذا قُطع قيل: إنه عدل عليه. ولا يقال: إنه أنصف، وأصل الإنصاف أن تعطيه نصف الشيء، وتأخذ نصفه من غير زيادة ولا نقصان، وربما قيل: أطلب منك النصف. كما يقال: أطلب منك الإنصاف. ثم استعمل في غير ذلك مما ذكرناه، ويقال: أنصف الشيء. إذا بلغ نصف نفسه، ونصف غيره إذا بلغ نصفه). [الفروق اللغوية: (صـ 80)].