-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 157 ]
س : أذكر خلاصة ما عدوه ؟
جـ : قد لخص الحافظ في الفتح ما أورده ابن حبان بقوله :
إن هذه الشعب تتفرع
من أعمال القلب وأعمال اللسان وأعمال البدن ،
فأعمال القلب
المعتقدات والنيات على أربع وعشرين خصلة ،
الإيمان باللّه ،
ويدخل فيها الإيمان بذاته وصفاته وتوحيده بأنه
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }
واعتقاد حدوث ما دونه
والإيمان بملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره ،
والإيمان باليوم الآخر ،
ويدخل فيه المسألة في القبر والبعث والنشور والحساب
والميزان والصراط والجنة والنار ،
ومحبة الله والحب والبغض فيه
ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم واعتقاد تعظيمه ،
ويدخل فيه الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
واتباع سنته
والإخلاص ،
ويدخل فيه ترك الرياء والنفاق والتوبة والخوف والرجاء
والشكر والوفاء والصبر والرضا بالقضاء
والتوكل والرحمة
والتواضع ،
ويدخل فيه توقير الكبير ورحمة الصغير وترك التكبر والعجب
وترك الحسد وترك الحقد وترك الغضب ،
وأعمال اللسان ،
وتشتمل على سبع خصال :
التلفظ بالتوحيد
وتلاوة القرآن
وتعلم العلم وتعليمه ،
والدعاء والذكر
ويدخل فيه الاستغفار
واجتناب اللغو
وأعمال البدن ،
وتشتمل على ثمان وثلاثين خصلة
منها ما يتعلق بالأعيان
وهي خمس عشرة خصلة :
التطهر حسا وحكما
ويدخل فيه إطعام الطعام وإكرام الضيف ،
والصيام فرضا ونفلا والاعتكاف والتماس ليلة القدر
والحج والعمرة والطواف كذلك ،
والفرار بالدين ويدخل فيه الهجرة من دار الشرك
والوفاء بالنذر والتحري في الإيمان وأداء الكفارات ،
ومنها ما يتعلق بالاتباع
وهي ست خصال :
التعفف بالنكاح والقيام بحقوق العيال ،
وبر الوالدين ويدخل فيه اجتناب العقوق
وتربية الأولاد وصلة الرحم
وطاعة السادة والرفق بالعبيد ،
ومنها ما يتعلق بالعامة ،
وهي سبع عشرة خصلة :
القيام بالإمارة مع العدل ومتابعة الجماعة
وطاعة أولي الأمر والإصلاح بين الناس ،
ويدخل فيه قتال الخوارج والبغاة والمعاونة على البر ،
ويدخل فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وإقامة الحدود والجهاد ، ومنه المرابطة
وأداء الأمانة ،
ومنه أداء الخمس والقرض مع وفائه
وإكرام الجار وحسن المعاملة ،
ويدخل فيه جمع المال من حله وإنفاقه في حقه ،
ويدخل فيه ترك التبذير والإسراف ،
ورد السلام وتشميت العاطس وكف الضرر عن الناس
واجتناب اللهو وإماطة الأذى عن الطريق ،
فهذه تسع وستون خصلة ،
ويمكن عدها سبعا وسبعين خصلة
باعتبار إفراد ما ضم بعضها إلى بعض مما ذكر ،
والله أعلم .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 158 ]
س : ما دليل الإحسان من الكتاب والسنة ؟
جـ : أدلته كثيرة منها قوِله تعالى :
{ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } ،
{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا
وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } ،
{وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ
فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى } ،
{ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا
الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } ،
{ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ
إِلَّا الْإِحْسَانُ } .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
« إن الله كتب الإحسان على كل شيء » (1) ،
وقال صلى الله عليه وسلم :
« نعما للعبد أن يتوفى يحسن عبادة الله
وصحابة سيده نعما له » (2) .
==================
(1) رواه مسلم ( الصيد / 57 ) .
(2) رواه البخاري ( 2549 ) ، ومسلم ( 46 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 159 ]
س : ما هو الإحسان في العبادة ؟
جـ : فسره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سؤال جبريل لما قال له :
« فأخبرني عن الإحسان ؟
قال :
أن تعبد الله كأنك تراه
فإن لم تكن تراه
فإنه يراك » (1) ،
فبين صلى الله عليه وسلم
أن الإحسان على مرتبتين متفاوتتين ،
أعلاهما
عبادة الله كأنك تراه ،
وهذا مقام المشاهدة ،
وهو أن يعمل العبد على مقتضى مشاهدته لله تعالى بقلبه
وهو أن يتنور القلب بالإيمان وتنفذ البصيرة في العرفان
حتى يصير الغيب كالعيان ،
وهذا هو حقيقة مقام الإحسان .
الثاني :
مقام المراقبة
وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه
واطلاعه عليه وقربه منه
فإذا استحضر العبد هذا في عمله وعمل عليه
فهو مخلص لله تعالى ؛
لأن استحضاره ذلك في عمله يمنعه
من الالتفات إلى غير الله تعالى وإرادته بالعمل ،
ويتفاوت أهل هذين المقامين
بحسب نفوذ البصائر .
==================
(1) رواه البخاري ( 50 ، 4777 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 160 ]
س : ما هو ضد الإيمان ؟
جـ : ضد الإيمان الكفر ، وهو أصل له شعب ،
كما أن الإيمان أصل له شعب ،
وقد عرفت مما تقدم
أن أصل الإيمان هو التصديق الإذعاني
المستلزم للانقياد بالطاعة ،
فالكفر أصله الجحود والعناد
المستلزم للاستكبار والعصيان ،
فالطاعات كلها من شعب الإيمان
وقد سمى في النصوص كثير منها إيمانا كما قدمنا ،
والمعاصي كلها من شعب الكفر
وقد سمى في النصوص كثير منها كفرا كما سيأتي ،
فإذا عرفت هذا عرفت أن الكفر كفران ،
كفر أكبر يخرج من الإيمان بالكلية
وهو الكفر الاعتقادي
المنافي لقول القلب وعمله أو لأحدهما ،
وكفر أصغر ينافي كمال الإيمان
ولا ينافي مطلقه وهو الكفر العملي ،
الذي لا يناقض قول القلب
ولا عمله
ولا يستلزم ذلك .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 161 ]
س : بين كيفية منافاة الكفر الاعتقادي للإيمان بالكلية
وفصِّل ليّ ما أجملته في إزالته إياه ؟
جـ : قد قدمنا لك أن الإيمان قول وعمل :
قول القلب واللسان ،
وعمل القلب واللسان والجوارح ،
فقول القلب هو : التصديق ،
وقول اللسان هو : التكلم بكلمة الإسلام ،
وعمل القلب هو : النية والإخلاص ،
وعمل الجوارح هو الانقياد بجميع الطاعات ،
فإذا زالت جميع هذه الأربعة
قول القلب وعمله وقول اللسان وعمل الجوارح
زال الإيمان بالكلية ،
وإذا زال تصديق القلب لم تنفع البقية ،
فإن تصديق القلب شرط في اعتقادها وكونها نافعة ،
وذلك كمن كذب بأسماء الله وصفاته
أو بأي شيء مما أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه ،
وإنزال عمل القلب مع اعتقاد الصدق ،
فأهل السنة مجمعون
على زوال الإيمان كله بزواله
وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب ،
وهو محبته وانقياده كما لم ينفع إبليس وفرعون وقومه
واليهود والمشركين
الذين كانوا يعتقدون صدق الرسول
بل ويقرون به سرا وجهرا ويقولون :
ليس بكاذب ولكن لا نتبعه ولا نؤمن به .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 162 ]
س : كم أقسام الكفر الأكبر
المخرج من الملة ؟
جـ : علم مما قدمناه أنه أربعة أقسام :
كفر الجهل والتكذيب ،
وكفر جحود ،
وكفر عناد واستكبار ،
وكفر نفاق .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 163 ]
س : ما هو كفر الجهل والتكذيب ؟
جـ : هو ما كان ظاهرا وباطنا كغالب الكفار
من قريش ومن قبلهم من الأمم
الذين قال الله تعالى فيهم :
{ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ
وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا
فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } ،
وقال تعالى :
{ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } ،
وقال تعالى :
{ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا
مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ
حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي
وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا
أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } . الآيات ،
وقال تعالى :
{ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ
وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ } . الآيات ،
وغيرها .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 164 ]
س : ما هو كفر الجحود ؟
جـ : هو ما كان بكتمان الحق وعدم الانقياد له ظاهرا
مع العلم به ومعرفته باطنا
ككفر فرعون وقومه بموسى ،
وكفر اليهود بمحمد صلى الله عليه وسلم .
قال الله تعالى
في كفر فرعون وقومه :
{ وَجَحَدُوا بِهَا
وَاسْتَيْقَنَتْ هَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا } ،
وقال تعالى
في اليهود :
{ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ } ،
وقال تعالى :
{ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ
وَهُمْ يَعْلَمُونَ } .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 165 ]
س: ما هو كفر العناد والاستكبار ؟
جـ : هو ما كان بعدم الانقياد للحق مع الإقرار به
ككفر إبليس ؛
إذ يقول الله تعالى فيه :
{ إِلَّا إِبْلِيسَ
اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } ،
وهو لم يمكنه جحود أمر الله بالسجود ولا إنكاره ،
وإنما اعترض عليه وطعن في حكمه الآمر به وعدله وقال :
{ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا } ،
وقال :
{ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ
خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ } ،
وقال :
{ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ
خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ } .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 166 ]
س : ما هو كفر النفاق ؟
جـ :
هو ما كان بعدم تصديق القلب وعمله
مع الانقياد ظاهرا رئاء الناس ،
ككفر ابن سلول وحزبه
الذين قال الله تعالى فيهم :
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ
وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ
يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا
وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ }
إلى قوله تعالى :
{ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .
وغيرها من الآيات .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 167 ]
س : ما هو الكفر العملي
الذي لا يخرج من الملة ؟
جـ : هو كل معصية أطلق عليها الشارع اسم الكفر
مع بقاء اسم الإيمان على عامله ،
كقول النبي
صلى الله عليه وسلم :
« لا ترجعوا بعدي كفارا ،
يضرب بعضكم رقاب بعض » (1) ،
وقوله صلى الله عليه وسلم :
« سباب المسلم فسوق وقتاله كفر » (2)
فأطلق صلى الله عليه وسلم
على قتال المسلمين بعضهم بعضا أنه كفر ،
وسمى من يفعل ذلك كفارا ،
مع قول الله تعالى :
{ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا
فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا }
إلى قوله :
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ
فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } .
فأثبت الله تعالى لهم الإيمان وأخوة الإيمان
ولم ينف عنهم شيئا من ذلك .
وقال تعالى في آية القصاص :
{ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ
فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } .
فأثبت تعالى له أخوة الإسلام ولم ينفها عنه ،
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
« لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ،
ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ،
ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ،
والتوبة معروضة بعد » .
زاد في رواية :
« ولا يقتل وهو مؤمن
- وفي رواية -
ولا ينتهب نهبة ذات شرف
يرفع الناس إليه فيها أبصارهم » (3) .
الحديث في الصحيحين
مع حديث أبي ذر فيهما أيضا ،
قال صلى الله عليه وسلم :
« ما من عبد قال لا إله إلا الله ،
ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة
قلت :
وإن زنى وإن سرق ؟
قال :
وإن زنى وإن سرق ثلاثا ،
ثم قال في الرابعة :
على رغم أنف أبي ذر » (4) .
فهذا يدل على أنه لم ينف
عن الزاني والسارق والشارب والقاتل
مطلق الإيمان بالكلية مع التوحيد
فإنه لو أراد ذلك
لم يخبر بأن من مات على لا إله إلا الله
دخل الجنة
وإن فعل تلك المعاصي ،
فلن يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ،
وإنما أراد بذلك نقص الإيمان ونفي كماله ،
وإنما يكفر العبد بتلك المعاصي
مع استحلاله إياها
المستلزم لتكذيب الكتاب والرسول
في تحريمها
بل يكفر باعتقاد حلها وإن لم يفعلها ،
والله سبحانه وتعالى أعلم .
==================
(1) رواه البخاري ( 121 ) ، ومسلم ( الإيمان / 118 ، 120 ) .
(2) رواه البخاري ( 48 ، 6044 ) ، ومسلم ( الإيمان / 116 ) .
(3) رواه البخاري ( 2475 ، 5578 ) ، ومسلم ( الإيمان / 100 ، 105 ) .
(4) رواه البخاري ( 5827 ) ، ومسلم ( الإيمان / 154 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 168 ]
س : إذا قيل لنا :
هل السجود للصنم
والاستهانة بالكتاب
وسب الرسول
والهزل بالدين ونحو ذلك
هذا كله من الكفر العملي فيما يظهر ،
فلم كان مخرجا من الدين
وقد عرفتم الكفر الأصغر بالعملي ؟
جـ : اعلم أن هذه الأربعة وما شاكلها ليس هي من الكفر العملي
إلا من جهة كونها واقعة بعمل الجوارح فيما يظهر للناس
ولكنها لا تقع إلا مع ذهاب عمل القلب
من نيته وإخلاصه ومحبته وانقياده ،
لا يبقى معها شيء من ذلك ،
فهي وإن كانت عملية في الظاهر
فإنها مستلزمة للكفر الاعتقادي ولا بد ،
ولم تكن هذه لتقع إلا من منافق مارق أو معاند مارد ،
وهل حمل المنافقين في غزوة تبوك على أن
{ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ
وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ
وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا }
إلا ذلك مع قولهم لما سئلوا :
{ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } .
قال الله تعالى :
{ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ
لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } .
ونحن لم نعرِّف الكفر الأصغر بالعملي مطلقا ،
بل بالعملي المحض الذي لم يستلزم الاعتقاد
ولم يناقض قول القلب ولا عمله .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 169 ]
س : إلى كم ينقسم كل من
الظلم والفسوق والنفاق ؟
جـ : ينقسم كل منهما إلى قسمين :
أكبر هو الكفر ،
وأصغر دون ذلك .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 170 ]
س : ما مثال كل من
الظلم الأكبر والأصغر ؟
جـ : مثال الظلم الأكبر ما ذكره الله تعالى في قوله :
{ وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ
مَا لَا يَنْفَعُكَ
وَلَا يَضُرُّكَ
فَإِنْ فَعَلْتَ
فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ } ،
وقوله تعالى :
{ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } ،
وقوله تعالى :
{ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ
فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ
وَمَأْوَاهُ النَّارُ
وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } .
ومثال الظلم الذي دون ذلك
ما ذكر الله تعالى بقوله في الطلاق :
{ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ
لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ
وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ
وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ
وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ
فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } ،
وقوله تعالى :
{ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 171 ]
س : ما مثال كل من
الفسوق الأكبر والأصغر ؟
جـ : مثال الفسوق ما ذكره الله تعالى بقوله :
{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } ،
وقوله تعالى :
{ إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ
فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ } ،
وقوله تعالى :
{ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ
إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ } .
ومثال الفسوق الذي دون ذلك
قوله تعالى في القَذَفَة :
{ وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا
وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } ،
وقوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا
أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ
فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } ،
روي أنها نزلت في الوليد بن عقبة .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 172 ]
س : ما مثال كل من
النفاق الأكبر والأصغر ؟
جـ : مثال النفاق الأكبر
ما قدمنا ذكره في الآيات من صدر البقرة ،
وقوله تعالى :
{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ }
إلى قوله :
{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ } . الآيات ،
وقوله تعالى :
{ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ
قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ
وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } ،
وغير ذلك من الآيات ،
ومثال النفاق الذي دون ذلك
ما ذكره النبي
صلى الله عليه وسلم بقوله :
« آية المنافق ثلاث :
إذا حدث كذب ،
وإذا وعد أخلف ،
وإذا ائتمن خان » (1) .
وحديث :
« أربع من كن فيه كان منافقا » (2) الحديث .
==================
(1) رواه البخاري ( 2682 ، 2749 ) ، ومسلم ( الإيمان / 107 ، 108 ) .
(2) رواه البخاري ( 2459 ، 3178 ) ، ومسلم ( الإيمان / 106 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 173 ]
س : ما حكم السحر والساحر ؟
جـ : السحر متحقق وجوده وتأثيره مع مصادفة القدر الكوني ،
كما قال تعالى :
{ فَيَتَعَلَّمُون َ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ
وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ } ،
وتأثيره ثابت في الأحاديث الصحيحة ،
وأما الساحر فإن كان سحره مما يتلقى عن الشياطين ،
كما نصت عليه آية البقرة فهو كافر ،
لقوله تعالى :
{ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ
حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ
فَلَا تَكْفُرْ }
إلى قوله :
{ وَيَتَعَلَّمُون َ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ
وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ
مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ } . الآيات .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 174 ]
س : ما حد الساحر ؟
جـ : روى الترمذي عن جندب قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« حد الساحر ضربه بالسيف » (1)
وصحح وقفه وقال العمل على هذا عند بعض أهل العلم
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ،
وهو قول مالك بن أنس ،
وقال الشافعي رحمه الله تعالى :
إنما يقتل الساحر إذا كان يعمل من سحره ما يبلغ الكفر
فأما إذا عمل دون الكفر فلم ير عليه قتلا ،
وقد ثبت قتل الساحر
عن عمر وابنه عبد الله وابنته حفصة ،
وعثمان بن عفان ،
وجندب بن عبد الله ، وجندب بن كعب ،
وقيس بن سعد ، وعمر بن عبد العزيز ،
وأحمد ، وأبي حنيفة
وغيرهم رحمهم الله .
==================
(1) ( ضعيف مرفوعا ، صحيح موقوفا ) رواه الترمذي ( 1460 ) ، والدارقطني ( 3 / 114 ) ،
والحاكم ( 4 / 360 ) ، والبيهقي ( 8 / 136 ) ،
والطبراني في الكبير ( 1665 ) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ،
وقال الآبادي تعليقا على الدارقطني :
الحديث أخرجه الحاكم والبيهقي والترمذي ، وفي إسناده إسماعيل بن مسلم المكي ، ا هـ .
قال الحافظ في التقريب : وكان فقيها ضعيف الحديث .
وقال الترمذي : هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه ،
وإسماعيل بن مسلم المكي يضعف في الحديث ،
وإسماعيل بن مسلم العبدي البصري قال وكيع : هو ثقة ويروي عن الحسن أيضا ،
والصحيح عن جندب موقوف ، ا هـ .
قال البيهقي : إسماعيل بن مسلم ضعيف ،
وقد ضعف الحديث أيضا الحافظ بن حجر ، والشيخ الألباني .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 175 ]
س : ما هي النشرة
وما حكمها ؟
جـ : النشرة هي حل السحر عن المسحور
فإن كان ذلك بسحر مثله
فهي من عمل الشيطان ،
وإن كانت بالرقى والتعاويذ المشروعة
فلا بأس بذلك .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 176 ]
س : ما هي الرقى المشروعة ؟
جـ : هي ما كانت من الكتاب والسنة خالصة
وكانت باللسان العربي ،
واعتقد كل من الراقي والمرتقي
أن تأثيرها لا يكون
إلا بإذن الله عز وجل ،
« فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم
قد رقاه جبريل عليه السلام » (1)
ورقى هو كثيرا من الصحابة وأقرهم على فعلها
بل وأمرهم بها
وأحل لهم أخذ الأجرة عليها ،
كل ذلك في الصحيحين وغيرهما .
==================
(1) رواه مسلم ( السلام / 39 ، 40 )
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 177 ]
س : ما هي الرقى الممنوعة ؟
جـ : هي ما لم تكن من الكتاب ولا السنة ،
ولا كانت بالعربية ،
بل هي من عمل الشيطان واستخدامه
والتقرب إليه بما يحبه ،
كما يفعله كثير من الدجاجلة
والمشعوذين والمخرفين
وكثير ممن ينظر في كتب الهياكل والطلاسم
كشمس المعارف ،
وشموس الأنوار وغيرهما
مما أدخله أعداء الإسلام عليه
وليست منه في شيء ،
ولا من علومه في ظل ولا فيء ،
كما بيناه في شرح السلم وغيره .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 178 ]
س : ما حكم التعاليق
من التمائم والأوتار
والحلق والخيوط والودع ونحوها ؟
جـ : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
« من علق شيئا وكل إليه » (1) .
« وأرسل صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره رسولا
أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة
من وتر أو قلادة إلا قطعت » (2)
وقال صلى الله عليه وسلم :
« إن الرقى والتمائم والتولة شرك » . (3) ،
وقال صلى الله عليه وسلم :
« من علق تميمة فلا أتم الله له ،
ومن علق ودعة فلا ودع الله له » (4) ،
وفي رواية :
« من تعلق تميمة فقد أشرك » (5) ،
« وقال صلى الله عليه وسلم
للذي رأى في يده حلقة من صُفْر :
ما هذا ؟
فقال :
من الواهنة .
قال :
انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا ،
فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا » (6)
وقطع حذيفة رضي الله عنه خيطا من يد رجل ،
ثم تلا قوله تعالى :
{ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ
إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } ،
وقال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى :
( من قطع تميمة من إنسان
كان كعدل رقبة ) (7) ،
وهذا في حكم المرفوع .
==================
(1) ( حسن ) رواه أحمد ( 4 / 130 ، 311 ) ، والترمذي ( 2072 ) ،
والحاكم ( 4 / 216 ) ، وعبد الرزاق ( 11 / 17 / 1972) عن الحسن مرسلا ،
وقد حسنه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي ( 1691 )
قال الشيخ البنا في الفتح الرباني ( 17 / 188 ) :
هذا الحديث لا تقل درجته عن الحسن ، لا سيما وله شواهد تؤيده والله أعلم ، ا هـ .
(2) رواه البخاري ( 3005 ) ، ومسلم ( اللباس / 105 ) ،
وأحمد ( 5 / 216 ) ، وأبو داود ( 2552 )
(3) ( صحيح ) رواه أحمد ( 1 / 381 ) ، وأبو داود ( 3883 ) ، وابن ماجه ( 3530 ) ،
والبغوي في شرح السنة ( 12 / 156 ، 157 ) وقد سكت عنه الإمام أبو داود ،
وصححه الألباني وحسن إسناده الشيخ أحمد شاكر
ورواه الحاكم ( 4 / 217 ، 218 ) وقال :
هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ووافقه الذهبي .
(4) ( حسن ) رواه أحمد ( 4 / 154 ) ، والحاكم ( 4 / 216 ) وصححه ووافقه الذهبي .
قال الهيثمي في المجمع ( 5 / 103 ) : رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ، ورجالهم ثقات ، ا هـ .
وفي سنده خالد بن عبيد المعافري ،
قال الحافظ في التعجيل عنه : ورجال حديثه موثوقون ( 262 ) ،
وقال المنذري : إسناده جيد .
(5) ( صحيح ) رواه أحمد ( 4 / 156 ) ، والحاكم ( 4 / 219 )
قال الهيثمي : رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات ( 5 / 103 )
وقال المنذري في الترغيب : ورواة أحمد ثقات ( 4 / 307 )
وصححه الشيخ الألباني ، وصحح له الحاكم ، ا هـ . ( صحيحه 492 ) .
(6) ( حسن على الراجح ) رواه أحمد ( 4 / 445 ) ،
وابن ماجه ( 3531 ) ، وابن حبان ( 1410 ) ،
قلت : وقد حسن إسناد ابن ماجه البوصيري ،
وصحح الحديث الحاكم ، ووافقه الذهبي ،
وقد ضعفه الشيخ الألباني في الضعيفة ( 1029 )
والراجح أنه حسن فانظر ما قال .
(7) ( ضعيف ) رواه ابن أبي شيبة ( 7 / 375 ) حديث رقم ( 3524 )
وفي سنده الليث بن أبي سليم بن زنيم ،
قال الحافظ في التقريب : صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك ، ا هـ .
ويؤيده ما حكاه ابن أبي شيبة عن جرير قوله في الليث : كان أكثر تخليطا ،
وقال ابن حبان : اختلط آخر عمره ،
قلت : ثم إن رواية مسلم عنه مقرونة بأبي إسحاق الشيباني .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 179 ]
س : ما حكم المعلق إذا كان من القرآن ؟
جـ : يروى جوازه عن بعض السلف ،
وأكثرهم على منعه
كعبد الله بن عكيم ، وعبد الله بن عمرو ،
وعبد الله بن مسعود وأصحابه
رضي الله عنهم
وهو الأولى ،
لعموم النهي عن التعليق ،
ولعدم شيء من المرفوع يخصص ذلك ،
ولصون القرآن عن إهانته
إذ قد يحملونه غالبا على غير طهارة ،
ولئلا يتوصل بذلك إلى تعليق غيره ،
ولسد الذريعة عن اعتقاد المحظور
والتفات القلوب إلى غير الله عز وجل ،
لا سيما في هذا الزمان .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 180 ]
س : ما حكم الكهان ؟
جـ : الكهان من الطواغيت
وهم أولياء الشياطين الذين يوحون إليهم
كما قال تعالى :
{ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} . الآية ،
ويتنزلون عليهم ويلقون إليهم الكلمة من السمع
فيكذبون معها مائة كذبة
كما قال تعالى :
{ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ
تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ
يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ } .
وقال صلى الله عليه وسلم في حديث الوحي :
« فيسمعها مسترق السمع ،
ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض ،
فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ،
ثم يلقيها الآخر إلى من تحته
حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن ،
فربما أدرك الشهاب قبل أن يلقيها
وربما ألقاها قبل أن يدركه
فيكذب معها مائة كذبة » (1) .
الحديث في الصحيح بكماله ،
ومن ذلك الخط بالأرض
الذي يسمونه ضرب الرمل ،
وكذا الطرق بالحصى ونحوه .
==================
(1) صحيح البخاري ، كتاب التفسير ، تفسير سورة سبأ ( 4800 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 181 ]
س : ما حكم من صدق كاهنا ؟
جـ : قال الله تعالى :
{ قُلْ لَا يَعْلَمُ
مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ } ،
وقال تعالى :
{ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ
لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ } . الآية ،
وقال تعالى :
{ أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ } ،
وقال تعالى :
{ أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى } ،
وقال تعالى :
{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } ،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
« من أتى عرافا أو كاهنا
فصدقه بما يقول
فقد كفر بما أنزل على محمد
صلى الله عليه وسلم » (1) ،
وقال صلى الله عليه وسلم :
« من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه
لم تقبل له صلاة أربعين يوما » (2) .
==================
(1) ( صحيح ) رواه أحمد ( 2 / 429 ) ، والبيهقي ( 8 / 135 ) ،
والحاكم ( 1 / 8 ) وقال : هذا حديث صحيح على شرطهما جميعا من حديث ابن سيرين ولم يخرجاه ،
وصححه الألباني ( صحيح الجامع 5815 ) ، وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر .
(2) رواه مسلم ( السلام / 125 ) ، وأحمد ( 4 / 68 ، 5 / 380 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 182 ]
س : ما حكم التنجيم ؟
جـ : قال الله تعالى :
{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا
فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } ،
وقال تعالى :
{ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ
وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ } ،
وقال تعالى :
{ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ } .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
« من اقتبس شعبة من النجوم
فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد » (1) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
« إنما أخاف على أمتي التصديق بالنجوم
والتكذيب بالقدر وحيف الأئمة » (2)
وقال ابن عباس رضي الله عنهما
في قوم يكتبون أبا جاد وينظرون في النجوم :
" ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق " (3) ،
وقال قتادة رحمه الله تعالى :
خلق الله هذه النجوم لثلاث
زينة للسماء ،
ورجوما للشياطين ،
وعلامات يهتدى بها ،
فمن تأول فيها غير ذلك فقد أخطأ حظه
وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به (4) .
==================
(1) ( صحيح ) رواه أحمد ( 1 / 227 ، 311 ) ،
وأبو داود ( 3905 ) ، وابن ماجه ( 3726 ) ،
والبيهقي ( 8 / 138 ) وقد سكت عنه الإمام أبو داود وصححه الألباني ،
وقال الشيخ أحمد شاكر : إسناده صحيح .
(2) ( ضعيف قد يحسن ) وقد روي بمثله وبنحوه عن عدد من الصحابة ،
وكلها لا يخلو من ضعف ،
وقد بين ذلك الشيخ الألباني في الصحيحة ( 1127 )
وسبقه إلى ذلك الحافظ الهيثمي في المجمع ( 7 / 203 ) وقال :
عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« إن أخوف ما أخاف على أمتي في آخر زمانها النجوم وتكذيب بالقدر وحيف السلطان » .
رواه الطبراني وفيه ليث بن أبي سليم وهو لين وبقية رجاله وثقوا ، ا هـ .
وذكر الألباني أن للحديث شواهد كثيرة يرتقي بها إلى درجة الصحة ، ا هـ .
(3) ( صحيح ) رواه البيهقي ( 8 / 139 ) ، وعبد الرزاق ( 11 / 19805 ) ،
وابن أبي شيبة ( 8 / 414 ) ، والدر المنثور ( 3 / 35 ) وسنده صحيح ، رجاله ثقات .
(4) أورده الإمام السيوطي في كتابه الدر المنثور ( 3 / 43 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 183 ]
س : ما حكم الاستسقاء بالأنواء ؟
جـ : قال الله تعالى :
{ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } ،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
« أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن :
الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب ،
والاستسقاء بالأنواء ، والنياحة » (1)
وقال صلى الله عليه وسلم :
« وقال الله تعالى :
أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ،
فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته
فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب ،
وأما من قال :
مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي
مؤمن بالكواكب » (2) .
==================
(1) رواه مسلم ( الجنائز / 29 ) .
(2) رواه البخاري ( 846 ، 1038 ) ، ومسلم ( الإيمان / 125 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 184 ]
س : ما حكم الطيرة وما يذهبها ؟
جـ : قال الله تعالى :
{ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ } ،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
« لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر » (1) ،
وقال صلى الله عليه وسلم :
« الطيرة شرك ، الطيرة شرك » .
قال ابن مسعود وما منا إلا ،
ولكن الله يذهبه بالتوكل (2) ،
وقال صلى الله عليه وسلم :
« إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك » (3)
ولأحمد من حديث عبد الله بن عمرو :
« من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك
قالوا :
فما كفارة ذلك ؟
قال : أن تقول :
اللهم لا خير إلا خيرك
ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك » (4) ،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
« أصدقها الفأل ولا ترد مسلما ،
فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل :
اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ،
ولا يدفع السيئات إلا أنت ،
ولا حول ولا قوة إلا بك » (5) .
==================
(1) رواه البخاري ( 5707 ) ، ومسلم ( السلام / 101 ، 102 ، 103 ) .
(2) ( صحيح ) رواه أحمد ( 1 / 389 ، 438 ، 440 ) ،
والبخاري في الأدب ( 909 ) ، وأبو داود ( 3910 ) ،
والترمذي ( 1614 ) ، وابن ماجه ( 3538 ) ،
والحاكم ( 1 / 17 / 18 ) ، والبيهقي ( 8 / 139 ) ،
والبغوي في شرح السنة ( 12 / 177 ، 178 )
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .
وسكت عنه أبو داود وصححه الحافظ العراقي
وقال الحاكم : صحيح سنده . ثقات رواته ، وأقره الذهبي ،
قال الألباني : وهو كما قال .
قلت : وهو عندهم جميعا مرفوع ولكن قال الإمام الترمذي :
سمعت محمد بن إسماعيل يقول : كان سليمان بن حرب يقول :
هذا الحديث ( وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل )
قال : هذا عندي قول عبد الله بن مسعود ، ا هـ .
(3) ( ضعيف ) رواه أحمد ( 1 / 213 )
قال الشيخ أحمد شاكر :
إسناده ضعيف لانقطاعه ، ا هـ .
وذكر أن ابن علاثة هو محمد بن عبد الله بن علاثة القاضي ،
قال البخاري في الكبير : وهو ثقة يخطئ ،
وثقه ابن معين وأفرط الأزدي وغيره في تضعيفه ورميه بالكذب ،
ورجح الشيخ شاكر أن ما قاله البخاري : في حفظه نظر ، هو الحق ،
ومسلمة الجهني فيه جهالة ،
ترجمه البخاري ولم يخرجه وهو متأخر عن أن يدرك الفضل بن عباس .
(4) ( صحيح ) رواه أحمد ( 2 / 220 ) ، وابن السني ( 293 )
قال الشيخ أحمد شاكر : إسناده صحيح ،
قال الهيثمي ( 5 / 105 ) : رواه أحمد والطبراني ،
وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات ،
وقد صححه الألباني في الصحيحة ( 1065 )
وقال : قلت والضعف الذي في حديث ابن لهيعة
إنما هو في غير رواية العبادلة عنه ،
وإلا فحديثهم عنه صحيح كما حققه أهل العلم في ترجمته ،
ومنهم عبد الله بن وهب ، وقد رواه عنه كما رأيت ، ا هـ .
قلت : وهو في مسند ابن السني .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 185 ]
س : ما حكم العين ؟
جـ : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
« العين حق» (1) ،
« ورأى صلى الله عليه وسلم جارية في وجهها سفعة
فقال :
« استرقوا لها فإن بها النظرة » (2) ،
وقالت عائشة رضي الله عنها :
« أمرني النبي صلى الله عليه وسلم
أو أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسترقى من العين » (3) ،
وقال صلى الله عليه وسلم :
« لا رقية إلا من عين أو حمة » (4) .
وكلها في الصحيح ،
وفيها أحاديث غير ما ذكرنا كثيرة ،
ولا تأثير لها إلا بإذن الله ،
وقد فسر بها قوله عز وجل :
{ وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ
لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ }
عن كثير من السلف رضي الله عنهم .
==================
(1) رواه البخاري ( 5740 ، 5944 ) ، ومسلم ( السلام / 41 ، 42 ) .
(2) رواه البخاري ( 5739 ) ، ومسلم ( السلام / 59 ) .
(3) رواه البخاري ( 5738 ) ، ومسلم ( السلام / 55 ، 56 ) .
(4) رواه البخاري ( 5705 ) ، ومسلم ( الإيمان / 374 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 186 ]
س : إلى كم قسم تنقسم المعاصي ؟
جـ : تنقسم إلى صغائر هي السيئات ،
وكبائر هي الموبقات .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 187 ]
س : بماذا تكفر السيئات ؟
جـ : قال الله تعالى :
{ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ
نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } ،
وقال تعالى :
{ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ }
فأخبرنا الله تعالى
أن السيئات تكفر باجتناب الكبائر وبفعل الحسنات ،
وكذلك جاء في الحديث :
« وأتبع السيئة الحسنة تمحها » (1)
وكذلك جاء في الأحاديث الصحيحة
أن إسباغ الوضوء على المكاره ،
ونقل الخطا إلى المساجد
والصلوات الخمس
والجمعة إلى الجمعة
ورمضان إلى رمضان
وقيام ليلة القدر
وصيام عاشوراء
وغيرها من الطاعات
أنها كفارات للسيئات والخطايا ،
وأكثر تلك الأحاديث
فيها تقييد ذلك باجتناب الكبائر ،
وعليه يحمل المطلق منها
فيكون اجتناب الكبائر شرطا
في تكفير الصغائر بالحسنات وبدونها .
==================
(1) ( حسن ) رواه أحمد ( 5 / 153 ، 158 ، 177 ، 228 ) ،
والترمذي ( 1987 ) ، والحاكم ( 1 / 54 ) من حديث أبي ذر ،
وقال الإمام الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ،
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي ،
ورواه أحمد ( 5 / 236 ) من حديث معاذ بن جبل ، وقد حسنه الألباني .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 188 ]
س : ما هي الكبائر ؟
جـ : في ضابطها أقوال للصحابة والتابعين وغيرهم
فقيل :
هي كل ذنب ترتب عليه حد ،
وقيل :
هي كل ذنب أتبع بلعنة أو غضب أو نار أو أي عقوبة ،
وقيل :
هي كل ذنب يشعر فعله بعدم اكتراث فاعله بالدين
وعدم مبالاته به وقلة خشيته من الله ،
وقيل غير ذلك ،
وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة
تسمية كثير من الذنوب كبائر على تفاوت درجاتها
فمنها
كفر أكبر كالشرك بالله والسحر ،
ومنها
عظيم من كبائر الإثم والفواحش
وهو دون ذلك
كقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق
والتولي يوم الزحف وأكل الربا
وأكل مال اليتيم وقول الزور ،
ومنه قذف المحصنات الغافلات المؤمنات
وشرب الخمر وعقوق الوالدين
وغير ذلك ،
وقال ابن عباس رضي الله عنهما :
( هي إلى السبعين أقرب منها إلى السبع ) (1) ، ا هـ .
ومن تتبع الذنوب التي أطلق عليها أنها كبائر
وجدها أكثر من السبعين ،
فكيف إذا تتبع جميع ما جاء عليه الوعيد الشديد
في الكتاب والسنة
من إتباعه بلعنة أو غضب
أو عذاب
أو محاربة
أو غير ذلك من ألفاظ الوعيد ،
فإنه يجدها كثيرة جدا .
==================
(1) ( صحيح ) رواه عبد الرزاق ( 10 / 19702 ) ، والطبري في تفسيره ( 5 / 27 ) ،
وقد ذكره الحافظ في الفتح مستشهدا به ، وسكت عنه ( فتح الباري 12 / 183 )
وسنده صحيح .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 189 ]
س : بماذا تكفر جميع الصغائر والكبائر ؟
جـ : تكفر جميعها بالتوبة النصوح ،
قال الله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ
تَوْبَةً نَصُوحًا
عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ
وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } ،
وعسى من الله محققة ،
وقال تعالى :
{ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا
فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } . الآيات ،
وقال تعالى :
{ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ
فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ
وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ
وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ
أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ
وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } .
الآيات وغيرها ،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
« التوبة تجب ما قبلها » ،
وقال صلى الله عليه وسلم :
« للهُ أفرحُ بتوبةِ عبدِه
من رجل نزل منزلا وبه مهلكة
ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه
فوضع رأسه فنام نومة
فاستيقظ وقد ذهبت راحلته
حتى اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله
قال :
أرجع إلى مكاني فنام نومة ثم رفع رأسه ،
فإذا راحلته عنده » (1) .
==================
(1) رواه البخاري ( 6308 ) ، ومسلم ( التوبة / 3 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 190 ]
س : ما هي التوبة النصوح ؟
جـ : هي الصادقة
التي اجتمع فيها
ثلاثة أشياء :
الإقلاع عن الذنب
والندم على ارتكابه ،
والعزم على أن لا يعود أبدا ،
وإن كان فيه مظلمة لمسلم تحللها منه إن أمكن ،
فإنه سيطالب بها يوم القيامة ،
إن لم يتحللها من اليوم ويقتص منه لا محالة ،
وهو من الظلم الذي لا يترك الله منه شيئا ،
قال صلى الله عليه وسلم :
« من كان عنده لأخيه مظلمة فليتحلل منه اليوم
قبل أن لا يكون دينار ولا درهم
إن كان له حسنات أخذ من حسناته
وإلا أخذ سيئات أخيه فطرحت عليه » (1) .
==================
(1) تقدم
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 191 ]
س : متى تنقطع التوبة
في حق كل فرد من أفراد الناس ؟
جـ : قال الله تعالى :
{ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ
لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ
ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ
فَأُولَئِكَ
يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا }
أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن كل شيء عصي الله به فهو جهالة
سواء كان عمدا أو غيره
وأن كل ما كان قبل الموت فهو قريب ،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
« إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر » (1) .
ثبت ذلك في أحاديث كثيرة ،
فأما إذا عاين الملَك ،
وحشرجت الروح في الصدر وبلغت الحلقوم
وغرغرت النفس صاعدة في الغلاصم
فلا توبة مقبولة حينئذ
ولا فكاك ولا خلاص
{ وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ } ،
وذلك قوله عز وجل عقب هذه الآية :
{ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ
حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ
قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ } . الآية .
==================
(1) ( حسن ) رواه أحمد ( 2 / 132 ، 153 ) ،
والترمذي ( 3537 ) ، وابن ماجه ( 4253 ) ،
والحاكم ( 4 / 257 ) ، وابن حبان ( 2 / 628 ) بإسناد حسن ،
قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب
وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وحسنه الألباني .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 192 ]
س : متى تنقطع التوبة من عمر الدنيا ؟
جـ : قال الله تعالى :
{ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ
لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا
لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ
أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا } . الآية ،
وفي صحيح البخاري :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ،
فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعين ،
وذلك من حين
{ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا }» (1) ، ثم قرأ الآية
وقد وردت في معناها أحاديث كثيرة
عن جماعة من الصحابة
عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمهات وغيرها ،
وقال صفوان بن عسال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
« إن الله فتح بابا قبل المغرب
عرضه سبعون عاما للتوبة ،
لا يغلق
حتى تطلع الشمس منه » (2) .
رواه الترمذي ، وصححه النسائي ،
وابن ماجه في حديث طويل .
==================
(1) رواه البخاري ( 4636 ) ، ومسلم ( الإيمان / 248 ) .
(2) ( حسن ) رواه أحمد ( 4 / 240 ) ،
والترمذي ( 3536 ) ، وابن ماجه ( 4070 )
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وقد حسنه الألباني .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 193 ]
س : ما حكم من مات من الموحدين
مصِّراً على كبيرة ؟
جـ : قال الله عز وجل :
{ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ
فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا
وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا
وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } ،
وقال تعالى :
{ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ
فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ
فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ
بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ } ،
وقال تعالى :
{ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا
وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ } . الآية ،
وقال تعالى :
{ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا
وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ
وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } ،
وقال تعالى :
{ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ
ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ
وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } ،
وقال تعالى :
{ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } ،
وغير ذلك من الآيات ،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
« من نوقش الحساب عُذِّب » (1) ،
فقالت له عائشة رضي الله عنها :
أليس يقول الله :
{ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا }
قال :
" بلى
وإنما ذلك العرض
ولكن من نوقش الحساب عُذِّب » .
وقد قدمنا من النصوص
في الحشر وأحوال الموقف والميزان
ونشر الصحف والعرض والحساب
والصراط والشفاعات وغيرها
ما يُعلَم به تفاوت مراتب الناس
وتباين أحوالهم في الآخرة
بحسب تفاوتهم في الدار الدنيا
في طاعة ربهم وضدها
من سابق ومقتصد
وظالم لنفسه ،
==============
(1) تقدم
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
إذا عرفت هذا
فاعلم أن الذي أثبتته الآيات القرآنية والسنن النبوية
ودرج عليه السلف الصالح والصدر الأول
من الصحابة والتابعين لهم بإحسان
من أئمة التفسير والحديث والسنة
أن العصاة من أهل التوحيد على ثلاث طبقات :
الأولى :
قوم رجحت حسناتهم بسيئاتهم ،
فأولئك يدخلون الجنة ولا تمسهم النار أبدا .
الثانية :
قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم
فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة
وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار ،
وهؤلاء هم أصحاب الأعراف
الذين ذكر الله تعالى أنهم يقفون بين الجنة والنار
ما شاء الله أن يقفوا ثم يؤذن لهم في دخول الجنة
كما قال الله تعالى بعد أن أخبر
بدخول أهل الجنة الجنة ،
وأهل النار النار ،
وتناديهم فيها ،
قال :
{ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ
وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ
وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ
أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ } -
إلى قوله :
{ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ
لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ } .
الطبقة الثالثة :
قوم لقوا الله تعالى مصرين على كبائر الإثم والفواحش
ومعهم أصل التوحيد والإيمان ،
فرجحت سيئاتهم بحسناتهم ،
فهؤلاء هم الذين يدخلون النار بقدر ذنوبهم ،
ومنهم من تأخذه إلى كعبيه
ومنهم من تأخذه إلى أنصاف ساقيه ،
ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه ،
حتى أن منهم من لم يحرم الله منه على النار
إلا أثر السجود ،
وهذه الطبقة هم الذين يأذن الله تعالى في الشفاعة فيهم
لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولغيره من بعده
من الأنبياء والأولياء والملائكة ومن شاء الله أن يكرمه ،
فيحد لهم حدا فيخرجونهم ،
ثم يحد لهم حدا فيخرجونهم
وهكذا فيخرجون من كان في قلبه وزن دينار من خير ،
ثم من كان في قلبه وزن نصف دينار من خير ،
ثم من كان في قلبه وزن برة من خير ،
إلى أن يخرجوا منها من في قلبه وزن ذرة من خير ،
إلى أدنى من مثقال ذرة إلى أن يقول الشفعاء :
ربنا لم نذر فيها خيرا.
ولن يخلد في النار أحد
ممن مات على التوحيد ولو عمل أي عمل ،
ولكن كل من كان منهم أعظم إيمانا وأخف ذنبا
كان أخف عذابا في النار
وأقل مكثا فيها وأسرع خروجا منها ،
وكل من كان أعظم ذنبا وأضعف إيمانا
كان بضد ذلك ،
والأحاديث في هذا الباب لا تحصى كثرة
وإلى ذلك أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
« من قال : لا إله إلا الله
نفعته يوما من الدهر
يصيبه قبل ذلك ما أصابه » (1) .
وهذا مقام ضلت فيه الأفهام وزلت فيه الأقدام
واختلفوا فيه اختلافا كثيرا :
{ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ
وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } .
==================
(1) ( صحيح ) رواه البيهقي في شعب الإيمان ( 1 / 56 ) ، وأبو نعيم ( 5 / 46 ) ،
وقد صححه الشيخ الألباني في الصحيحة ( 1932 ) فلينظر .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 194 ]
س : هل الحدود كفارات لأهلها ؟
جـ : قال النبي صلى الله عليه وسلم
وحوله عصابة من أصحابه :
« بايعوني على
أن لا تشركوا باللّه شيئا
ولا تسرقوا ولا تزنوا
ولا تقتلوا أولادكم
ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم
ولا تعصوا في معروف ،
فمن وفى منكم فأجره على الله
ومن أصاب من ذلك شيئا
فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له ،
ومن أصاب من ذلك شيئا
ثم ستره الله فهو إلى الله
إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه » ،
يعني غير الشرك ،
قال عبادة :
فبايعناه على ذلك (1) .
==================
(1) رواه البخاري ( 4894 ، 6784 ) ، ومسلم ( الحدود / 41 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 195 ]
س : ما الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم
في هذا الحديث :
« فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه » (1) ،
وبين ما تقدم
من أن من رجحت سيئاته بحسناته دخل النار ؟
جـ : لا منافاة بينهما ،
فإن ما يشاء الله أن يعفو عنه
يحاسبه الحساب اليسير
الذي فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالعرض ،
وقال في صفته :
« يدنو أحدكم من ربه عز وجل
حتى يضع عليه كنفه فيقول :
عملت كذا وكذا ،
فيقول : نعم ،
ويقول :
عملت كذا وكذا ،
فيقول : نعم .
فيقرره ثم يقول :
إني سترت عليك في الدنيا ،
وأنا أغفرها لك اليوم » (2) .
وأما الذين يدخلون النار بذنوبهم
فهم ممن يناقش الحساب ،
وقد قال صلى الله عليه وسلم :
« من نوقش الحساب عُذِّب » .
==================
(1) تقدم
(2) تقدم
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 196 ]
س : ما هو الصراط المستقيم الذي أمرنا الله تعالى بسلوكه ،
ونهانا عن اتباع غيره ؟
جـ : هو دين الإسلام الذي أرسل به رسله ،
وأنزل به كتبه
ولم يقبل من أحد سواه
ولا ينجو إلا من سلكه ،
ومن سلك غيره تشعبت عليه الطرق وتفرقت به السبل ،
قال الله تعالى :
{ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ
وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } ،
وخط النبي صلى الله عليه وسلم خطا ثم قال :
« هذا سبيل الله مستقيما » (1) ،
وخط خطوطا عن يمينه وشماله ، ثم قال :
« هذه سبل ليس منها سبيل
إلا عليه الشيطان يدعو إليه » ،
ثم قرأ :
{ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا
فَاتَّبِعُوهُ
وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } ،
وقال صلى الله عليه وسلم :
« ضرب الله مثلا صراطا مستقيما ،
وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة ،
وعلى الأبواب ستور مرخاة ،
وعلى باب الصراط داع يقول :
يا أيها الناس
ادخلوا الصراط المستقيم جميعا ولا تفرقوا ،
وداع يدعو من فوق الصراط ،
فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب
قال : ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه ،
فالصراط الإسلام والسوران حدود الله ،
والأبواب المفتحة محارم الله ،
وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله ،
والداعي من فوق الصراط
واعظ الله في قلب كل مسلم » (2) .
==================
(1) ( حسن ) رواه أحمد ( 1 / 435 ، 465 ) ،
والحاكم ( 2 / 318 ) ، وابن حبان ( 1741 ، 1742 ) ،
والبغوي في شرح السنة ( 1 / 196 ، 197 ) ، وابن أبي عاصم ( 17 )
وقال الحاكم : صحيح الإسناد ووافقه الذهبي ،
وقد حسنه الشيخ الألباني ، وإسناده حسن عند ابن حبان .
(2) ( صحيح ) رواه أحمد ( 4 / 182 ، 183 ) ،
والترمذي ( 2859 ) ، والحاكم ( 1 / 37 ) ،
والطحاوي في مشكل الآثار ( 3 / 53 ، 36 ) ،
وابن أبي عاصم ( 18 ، 19 ) من حديث النواس بن سمعان ،
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولا أعرف له علة ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ،
وصححه الألباني.
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 197 ]
س : بماذا يتأتى سلوكه والسلامة من الانحراف عنه ؟
جـ : لا يحصل ذلك إلا بالتمسك بالكتاب والسنة
والسير بسيرهما والوقوف عند حدودهما
وبذلك يحصل
تجريد التوحيد لله ،
وتجريد المتابعة للرسول
صلى الله عليه وسلم
{ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ
فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين َ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ
وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا } ،
وهؤلاء المنعم عليهم المذكورون هاهنا تفصيلا
هم الذين أضاف الصراط إليهم في فاتحة اِلكتاب
بقوله تعالى :
{ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ
غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ } ،
ولا أعظم نعمة على العبد
من هدايته إلى هذا الصراط المستقيم ،
وتجنيبه السبل المضلة ،
وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمته على ذلك
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
« تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها
لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك » (1) .
==================
(1) ( صحيح ) رواه أحمد ( 4 / 126 ) ،
وابن ماجه ( 43 ) ، والحاكم ( 1 / 96 ) ،
وابن أبي عاصم ( 48 ، 49 ) وقد صححه الألباني .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 198 ]
س : ما ضد السنة ؟
جـ : ضدها البدع المحدثة وهي شرع ما لم يأذن به الله ،
وهي : التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
« من أحدث في أمرنا هذا
ما ليس منه فهو رد » (1) ،
وقوله صلى الله عليه وسلم :
" « عليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ،
تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ،
وإياكم ومحدثات الأمور ؛
فإن كل محدثة ضلالة » (2) ،
وأشار صلى الله عليه وسلم إلى وقوعها بقوله :
« وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة
كلها في النار إلا واحدة » (3) ،
وعينها بقوله صلى الله عليه وسلم :
« هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي » .
وقد برأه الله تعالى من أهل البدع بقوله :
{ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا
لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ
إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ } . الآية .
==================
(1) رواه البخاري ( 2697 ) ، ومسلم ( الأقضية / 17 ) .
(2) ( صحيح ) رواه أحمد ( 4 / 126 ، 127 ) ،
والترمذي ( 2676 ) وقال : هذا حديث حسن صحيح .
وأبو داود ( 4607 ) ، وابن ماجه ( 42 ) ، والحاكم ( 1 / 95 ، 96 ، 97 ) ،
وابن أبي عاصم ( 31 ، 54 ) وقال البزار : حديث ثابت صحيح ،
وقال ابن عبد البر : حديث ثابت ، وقال الحاكم : صحيح ليس له علة . ووافقه الذهبي
وصححه الضياء المقدسي ، وقد صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
(3) ( إسناده حسن وهو صحيح لغيره ) رواه الترمذي ( 2641 ) ، والحاكم ( 1 / 128 ، 129 )
من حديث عبد الله بن عمرو ،
قال الإمام الترمذي : هذا حديث مفسر غريب لا نعرفه مثل هذا إلا من هذا الوجه .
وقد حسنه الألباني ورواه أبو داود ( 4596 ) ،
والترمذي ( 2640 ) ، وابن ماجه ( 3991 )
من حديث أبي هريرة حتى قوله ( فرقة )
وقال الترمذي : حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ،
وسكت عنه أبو داود ، وقال الألباني : حسن صحيح .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 199 ]
س : إلى كم قسم تنقسم البدعة
باعتبار إخلالها بالدين ؟
جـ : تنقسم إلى قسمين :
بدعة مكفرة
وبدعة دون ذلك .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 200 ]
س : ما هي البدع المكفرة ؟
جـ : هي كثيرة وضابطها
من أنكر أمرا مجمعا عليه متواترا من الشرع
معلوما من الدين بالضرورة ؛
لأن ذلك تكذيب بالكتاب ،
وبما أرسل الله به رسله
كبدعة الجهمية في إنكار صفات الله عز وجل ،
والقول بخلق القرآن
أو خلق أي صفة من صفات الله عز وجل ،
وإنكار أن يكون الله اتخذ إبراهيم خليلا ،
وكلم موسى تكليما وغير ذلك ،
وكبدعة القدرية في إنكار علم الله وأفعاله وقضائه وقدره ،
وكبدعة المجسمة الذين يشبهون الله تعالى بخلقه
وغير ذلك من الأهواء ،
ولكن هؤلاء منهم من علم أن عين قصده
هدم قواعد الدين وتشكيك أهله فيه
فهذا مقطوع بكفره
بل هو أجنبي عن الدين من أعدى عدو له ،
وآخرون مغرورون ملبس عليهم
فهؤلاء إنما يحكم بكفرهم
بعد إقامة الحجة عليهم ،
وإلزامهم بها .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 201 ]
س : ما هي البدعة التي هي غير مكفرة ؟
جـ : هي ما لم تكن كذلك
مما لم يلزم منه تكذيب بالكتاب
ولا بشيء بما أرسل الله به رسله ،
كبدعة المروانية التي أنكرها عليهم
فضلاء الصحابة ولم يقروهم عليها ،
ولم يكفروهم بشيء منها
ولم ينزعوا يدا من بيعتهم لأجلها
كتأخيرهم بعض الصلوات إلى أواخر أوقاتها ،
وتقديمهم الخطبة قبل صلاة العيد ،
والجلوس في نفس الخطبة في الجمعة وغيرها ،
وسبهم بعض كبار الصحابة على المنابر ،
ونحو ذلك
مما لم يكن منهم عن اعتقاد شرعية
بل بنوع تأويل
وشهوات نفسانية وأغراض دنيوية .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 202 ]
س : كم أقسام البدع بحسب ما تقع فيه ؟
جـ : تنقسم إلى :
بدع في العبادات ،
وبدع في المعاملات .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 203 ]
س : إلى كم قسم تنقسم البدع في العبادات ؟
جـ : إلى قسمين :
الأول :
التعبد بما لم يأذن الله أن يعبد به البتة ،
كتعبد جهلة المتصوفة بآلات اللهو والرقص
والصفق والغناء وأنواع المعازف وغيرهما
مما هم فيه مضاهئون فعل الذين قال الله تعالى فيهم :
{ وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ
إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً } .
الثاني :
التعبد بما أصله مشروع ،
ولكن وضع في غير موضعه
ككشف الرأس مثلا هو في الإحرام عبادة مشروعة ،
فإذا فعله غير المحرم في الصوم أو في الصلاة
أو غيرها بنية التعبد كان بدعة محرمة ،
وكذلك فعل سائر العبادات المشروعة في غير ما تشرع فيه
كالصلوات النفل في أوقات النهي ،
وكصيام يوم الشك ، وصيام العيدين ، ونحو ذلك .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 204 ]
س : كم حالة للبدعة مع العبادة التي تقع فيها ؟
جـ : لها حالتان :
الأولى :
أن تبطلها جميعا
كمن زاد في صلاة الفجر ركعة ثالثة ،
أو في المغرب رابعة ،
أو في الرباعية خامسة متعمدا ،
وكذلك إن نقص مثل ذلك .
الحالة الثانية :
أن تبطل البدعة وحدها
كما هي باطلة ويسلم العمل الذي وقعت فيه
كمن زاد في الوضوء على ثلاث غسلات
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل ببطلانه بل قال :
« فمن زاد على هذا ،
فقد أساء وتعدى وظلم » (1) .
ونحو ذلك .
==================
(1) ( حسن ) رواه النسائي ( 1 / 88 ) ، وابن ماجه ( 422 ) ، والبيهقي ( 1 / 79 )
قال الحافظ الزيلعي في نصب الراية : قال الشيخ تقي الدين في « الإمام » :
وهذا الحديث عند من يصحح حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
لصحة الإسناد إلى عمرو ، ا هـ . ( 1 / 29 )
وذكر الحافظ ابن حجر في التلخيص ( 1 / 83 )
صحة طرق الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
عند النسائي وابن خزيمة وابن ماجه وأبي داود .
وذكر الألباني أن إسناده عند النسائي وابن ماجه وأبي داود حسن
إلا في زيادة لفظ ( أو نقص ) فهي زيادة منكرة .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 205 ]
س : ما هي البدع في المعاملات ؟
جـ : هي اشتراط ما ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله ،
كاشتراط الولاء لغير المعتق
كما في قصة بريرة لما اشترط أهلها الولاء
قام النبي فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
« أما بعد
فما بال رجال يشترطون شروطا
ليست في كتاب الله ،
فأيما شرط ليس في كتاب الله فهو باطل
وإن كان مائة شرط ،
فقضاء الله أحق وشرط الله أوثق
ما بال رجال منكم يقول أحدهم :
اعتق يا فلان ولي الولاء
إنما الولاء لمن أعتق » (1) .
وكذلك كل شرط أحل حراما ، أو حرم حلالا .
==================
(1) رواه البخاري ( 456 ، 1493 ، 2155 ) ،
ومسلم ( العتق / 5 ، 14 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 206 ]
س : ما الواجب التزامه
في أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ؟
جـ : الواجب لهم علينا سلامة قلوبنا وألسنتنا لهم ،
ونشر فضائلهم والكف عن مساويهم وما شجر بينهم ،
والتنويه بشأنهم
كما نوه تعالى بذكرهم في التوراة والإنجيل والقرآن ،
وثبتت الأحاديث الصحيحة
في الكتب المشهورة من الأمهات ،
وغيرها في فضائلهم ،
قال الله عز وجل :
{ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ
وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ
تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا
سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ
ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ
كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ
فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ
يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ
مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } .
وقال تعالى :
{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا
أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا
لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } ،
وقال تعالى :
{ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَرَضُوا عَنْهُ
وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا
ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } ،
وقال تعالى :
{ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ
وَالْمُهَاجِرِي نَ وَالْأَنْصَارِ
الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ } . الآية ،
وقال تعالى :
{ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ
يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا
وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ
وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ
يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ
وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا
وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ
وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } .
الآية ، وغيرها كثير .
ونعلم ونعتقد أن الله تعالى اطلع على أهل بدر فقال :
" « اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم » (1) ،
وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر ،
وبأنه « لا يدخل النار ممن بايع تحت الشجرة » (2)
بل قد رضي الله عنهم ورضوا عنه ،
وكانوا ألفا وأربعمائة وقيل : خمسمائة ،
قال الله تعالى :
{ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ
إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ
فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } . الآية ،
ونشهد بأنهم أفضل القرون من هذه الأمة
التي هي أفضل الأمم ،
وأن من أنفق مثل أحد ذهبا ممن بعدهم
لم يبلغ مد أحدهم ولا نصيفه ،
مع الاعتقاد أنهم لم يكونوا معصومين ،
بل يجوز عليهم الخطأ ،
ولكنهم مجتهدون للمصيب منهم أجران
ولمن أخطأ أجر واحد على اجتهاده ،
وخطؤه مغفور ،
ولهم من الفضائل والصالحات والسوابق
ما يذهب سيئ ما وقع منهم إن وقع ،
وهل يغير يسير النجاسة البحر إذا وقعت فيه ،
رضي الله عنهم وأرضاهم ،
وكذلك القول
في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته
الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ،
ونبرأ من كل من وقع في صدره أو لسانه سوء
على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ،
أو على أحد منهم ،
ونشهد الله تعالى على حبهم وموالاتهم
والذب عنهم ما استطعنا
حفظا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في وصيته
إذ يقول :
« لا تسبوا أصحابي » (3) .
وقال : « الله الله في أصحابي » (4) ،
وقال : « إني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله
فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به » (5) ،
ثم قال :
« وأهل بيتي ،
أذكركم الله في أهل بيتي » .
الحديث في الصحيحين وغيرهما .
==================
(1) رواه البخاري ( 3007 ، 3081 ، 3983 ) ،
ومسلم ( فضائل الصحابة / 161 ) .
(2) رواه مسلم ( فضائل الصحابة / 163 ) ،
وأبو داود ( 4653 ) ، والترمذي ( 3860 ) .
(3) رواه البخاري ( 3673 ) ، ومسلم ( فضائل الصحابة / 221 ، 222 ) ،
وأحمد ( 3 / 11 ، 54 ) ، وأبو داود ( 4658 ) ،
والترمذي ( 3861 ) ، وابن ماجه ( 161 ) .
(4) ( إسناده ضعيف ) رواه أحمد ( 5 / 54 ، 57 ) ، والترمذي ( 3862 ) ، وابن حبان ( 16 / 7256 ) ،
وابن أبي عاصم ( 992 ) ، وأبو نعيم ( 8 / 287 ) قال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ،
وفي بعض النسخ له : حديث حسن غريب . وفي سنده : عبد الرحمن بن زياد ويقال : عبد الله بن عبد الرحمن
ويقال : عبد الرحمن بن عبد الله . لم يوثقه غير ابن حبان ولم يرو عنه غير عبيد الله بن رائطة
ذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا ،
وقال الذهبي : لا يعرف . وقال يحيى بن معين : لا أعرفه .
وقال عنه الحافظ في التقريب : مقبول ، ا هـ . قلت : يعني عند المتابعة ، ولا توجد هنا .
(5) رواه مسلم ( فضائل الصحابة / 36 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 207 ]
س : من أفضل الصحابة إجمالا ؟
جـ : أفضلهم السابقون الأولون من المهاجرين ،
ثم منِ الأنصار ،
ثم أهل بدر ،
فأحد ،
فبيعة الرضوان ،
فمن بعدهم ،
ثم { مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ
أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً
مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا
وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى } .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 208 ]
س : من أفضل الصحابة تفصيلا ؟
جـ : قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما :
« كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
لا نعدل بأبي بكر أحدا ،
ثم عمر ،
ثم عثمان ،
ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
لا نفاضل بينهم » (1) ،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في الغار :
« ما ظنك باثنين الله ثالثهما » (2) ،
وقال صلى الله عليه وسلم :
« لو كنت متخذا من أمتي خليلا
لاتخذت أبا بكر خليلا ،
ولكن أخي وصاحبي » (3) ،
وقال صلى الله عليه وسلم :
« إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبت
وقال أبو بكر : صدقت ،
وواساني بنفسه وماله
فهل أنتم تاركو لي صاحبي » (4) مرتين
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
« إيها يا ابن الخطاب
والذي نفسي بيده
ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط
إلا سلك فجا غير فجك » (5) ،
وقال صلى الله عليه وسلم :
" « لقد كان فيما قبلكم محدَّثون
فإن يكن في أمتي أحد فإنه عمر » (6)
وقال صلى الله عليه وسلم في تكلم الذئب والبقرة :
« فإني أومن به وأبو بكر وعمر » (7)
وما هما ثَمَّ ،
ولما ذهب عثمان إلى مكة في بيعة الرضوان
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى :
« هذه يد عثمان "
فضرب بها على يده
فقال :
" هذه لعثمان » (8) ،
وقال صلى الله عليه وسلم :
« من يحفر بئر رومة فله الجنة » (9) .
فحفرها عثمان ،
وقال صلى الله عليه وسلم :
« من جهز جيش العسرة فله الجنة » (10) .
فجهزه عثمان ،
وقال صلى الله عليه وسلم فيه :
« ألا أستحي ممن استحيت منه الملائكة » (11) .
وقال صلى الله عليه وسلم
لعلي رضي الله عنه :
« أنت مني وأنا منك » (12) .
وأخبر صلى الله عليه وسلم عنه
« أنه يحب الله ورسوله ،
ويحبه الله ورسوله » (13) .
وقال صلى الله عليه وسلم :
« من كنت مولاه فعلي مولاه » (14) .
وقال صلى الله عليه وسلم :
« ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ،
إلا أنه لا نبي بعدي » (15) .
وقال صلى الله عليه وسلم :
« عشرة في الجنة :
النبي في الجنة ،
وأبو بكر في الجنة ،
وعمر في الجنة ،
وعثمان في الجنة ،
وعلي في الجنة ،
وطلحة في الجنة ،
والزبير بن العوام في الجنة ،
وسعد بن مالك في الجنة ،
وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ،
قال سعيد بن زيد :
ولو شئت لسميت العاشر يعني نفسه » (16) ،
رضي الله عنهم أجمعين ،
وقال صلى الله عليه وسلم :
« أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ،
وأشدها في دين الله عمر ،
وأصدقها حياء عثمان ،
وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل ،
وأقرؤها لكتاب الله عز وجل أُبيّ ،
وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت
ولكل أمة أمين
وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح » (17) .
وقال صلى الله عليه وسلم
في الحسن والحسين :
" « إنهما سيدا شباب أهل الجنة » (18) ،
« وأنهما ريحانتاه » (19) .
وقال صلى الله عليه وسلم :
« اللهم إني أحبهما فأحبهما » (20)
وقال في الحسن :
" « إن ابني هذا سيد
وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين » (21)
فكان الأمر كما قال ،
وقال في أمهما :
« إنها سيدة نساء أهل الجنة » (22) ،
وقد ثبت لكثير من الصحابة فضائل
على العموم والانفراد كثيرة لا تحصى ،
ولا يلزم من إثبات فضيلة لأحدهم في شيء
أن يكون أفضل من الآخرين من كل وجه
إلا الخلفاء الأربعة ،
أما الثلاثة فلحديث ابن عمر السابق ،
وأما علي فبإجماع أهل السنة
أنه كان بعدهم أفضل من على وجه الأرض .
==================
(1) رواه البخاري ( 3655 ، 3697 ) .
(2) رواه البخاري ( 3653 ، 3922 ) .
(3) رواه البخاري ( 3656 ) ، ومسلم ( فضائل الصحابة / 3 ) .
(4) رواه البخاري ( 3661 ، 4640 ) .
(5) رواه البخاري ( 3294 ) ، ومسلم ( فضائل الصحابة / 22 ) .
(6) رواه البخاري ( 3669 ، 3689 ) ، ومسلم ( فضائل الصحابة / 23 ) .
(7) رواه البخاري ( 2324 ، 3471 ) ، ومسلم ( فضائل الصحابة / 13 ) ،
وأحمد ( 2 / 245 ، 246 ) ، والترمذي ( 3677 ، 3695 ) .
(8) رواه البخاري ( 3698 ، 4066 ) .
(9) رواه البخاري ( 2778 ) .
(10) رواه البخاري ( 2778 ) .
(11) رواه مسلم ( فضائل الصحابة / 26 ) .
(12) رواه البخاري ( 2699 ، 4251 ) .
(13) رواه البخاري ( 2975 ، 3009 ) ، ومسلم ( الجهاد / 132 ) وفي ( فضائل الصحابة / 32 ، 33 ، 34 ) .
(14) ( صحيح ) رواه أحمد ( 4 / 368 ، 370 ، 372 ) ،
والترمذي ( 3731 ) وقال : هذا حديث حسن صحيح .
والحاكم ( 3 / 109 ، 110 ) ، وابن أبي عاصم في السنة ( 1365 ، 1367 ) ،
وابن حبان ( 2205 / موارد ) ،
والطبراني ( 3968 ) قال الهيثمي في المجمع ( 9 / 104 ) :
رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة ، وهو ثقة ،
وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ، وسكت عنه الذهبي .
وقد ذكر الألباني أن الحديث ورد من طرق كثيرة عن عشرة من الصحابة ،
كلها بين صحيح وحسن ثم قال في آخر بحثه :
أن حديث الترجمة حديث صحيح بشرطيه بل الأول منه متواتر عنه صلى الله عليه وسلم
( صحيحه / 1750 ) .
(15) رواه البخاري ( 3706 ، 4416 ) ، ومسلم ( فضائل الصحابة / 30 ، 31 ) .
(16) ( صحيح ) رواه أبو داود ( 4649 ) ، والترمذي ( 3757 ) ،
وابن ماجه ( 134 ) ، وابن أبي عاصم ( 1428 ) من حديث سعيد بن زيد ،
وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وصححه الألباني ورواه أحمد ( 1 / 193 ) ،
والترمذي ( 3747 ) من حديث عبد الرحمن بن عوف ،
قال الشيخ أحمد شاكر : إسناده صحيح .
(17) ( صحيح ) رواه أحمد ( 3 / 184 ، 281 ) ، والترمذي ( 3790 ، 3791 ) ،
وابن ماجه ( 154 ) ، والحاكم ( 3 / 422 ) ، ومشكل الآثار ( 1 / 351 ) ،
وأبو نعيم ( 3 / 122 )
قال الحاكم : هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي ،
وصححه الألباني ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب .
في الأول وقال في الرواية الثانية : حسن صحيح .
(18) ( صحيح ) رواه الترمذي ( 3768 ) ، وأحمد ( 3 / 3 ، 62 ، 64 ، 80 ) ،
والحاكم ( 3 / 167 ) عن أبي سعيد الخدري .
وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .
وقال الحاكم : هذا حديث قد صح من أوجه كثيرة ، وأنا أتعجب أنهما لم يخرجاه .
وتعقبه الذهبي بقوله قلت : الحكم فيه لين .
قال عنه الحافظ في التقريب : صدوق سيئ الحفظ .
قلت : قد ورد الحديث عن عشرة من الصحابة منهم أبو سعيد ،
قد ذكرها بطرقها الألباني في الصحيحة ( 796 ) ،
ثم قال : فالحديث صحيح بلا ريب ، بل هو متواتر كما نقله المناوي ، ا هـ .
(19) رواه البخاري ( 3753 ، 5994 ) .
(20) رواه البخاري ( 3747 ) .
(21) رواه البخاري ( 2774 ) .
(22) رواه البخاري ( 3624 ، 6286 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 209 ]
س : كم مدة الخلافة
بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
جـ : روى أبو داود وغيره
عن سعيد بن جُمهان عن سفينة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« خلافة النبوة ثلاثون سنة ،
ثم يؤتي الله الملك من يشاء » (1) . الحديث ،
فكان ذلك مدة خلافة
أبي بكر وعمر وعثمان وعلي
رضي الله عنهم ،
فأبو بكر سنتان وثلاثة أشهر ،
وعمر عشر سنين وستة أشهر ،
وعثمان اثنتا عشرة سنة ،
وعلي أربع سنين وتسعة أشهر
ويكملها ثلاثين بيعة الحسن بن علي ستة أشهر ،
وأول ملوك الإسلام معاوية رضي الله عنه ،
وهو خيرهم وأفضلهم
ثم كان بعده ملكا عضوضا
إلى أن جاء عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ،
فعده أهل السنة خليفة خامسا
لسيره بسيرة الخلفاء الراشدين .
==================
(1) ( صحيح ) رواه أحمد ( 5 / 220 ، 221 ) ،
وأبو داود ( 4646 ، 4647 ) ، والترمذي ( 2226 ) ،
والحاكم ( 3 / 71 ، 145 ) ، والطحاوي ( 4 / 363 ) ،
وابن حبان ( 6904 ) ،
وابن أبي عاصم ( 1181 ) قال الترمذي : وهذا حديث حسن .
وقد قال الألباني بعد سرد الحديث وطرقه وشواهده :
وجملة القول أن الحديث حسن من طريق سعيد بن جمهان صحيح بهذين الشاهدين
لا سيما وقد قواه من سبق ذكرهم وهاك أسماءهم :
الإمام أحمد والترمذي وابن جرير الطبري وابن أبي عاصم وابن حبان
والحاكم وابن تيمية والذهبي والعسقلاني . ا هـ ( صحيحه / 460 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 210 ]
س : ما الدليل على خلافة هؤلاء الأربعة جملة ؟
جـ : الأدلة عليها كثيرة لا تحصى ،
فمنها
حصر مدتها في ثلاثين سنة فكانت مدة ولايتهم ،
ومنها
ما تقدم من تفضيلهم على غيرهم
وتفاضلهم على ترتيب خلافتهم ،
ومنها
ما روى أبو داود وغيره
عن سمرة بن جندب أن رجلا قال :
« يا رسول الله إني رأيت كأن دلوا أُدلي من السماء
فجاء أبو بكر
فأخذ بعراقيها فشرب شربا ضعيفا ،
ثم جاء عمر
فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع ،
ثم جاء عثمان
فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع
ثم جاء علي
فأخذ بعراقيها
فانتشطت وانتضح عليه منها شيء » (1) ،
ومنها
وهو أقواها إجماعًا من يعتد بإجماعهم
على خلافة هؤلاء الأربعة ،
ولا يطعن في خلافة أحد منهم
إلا ضال مبتدع .
==================
(1) ( إسناده فيه ضعف ) رواه أحمد ( 5 / 21 ) ، وأبو داود ( 4637 )
، والطبراني ( 6965 ) ، وابن أبي عاصم ( 1141 )
وفي سنده عبد الرحمن الجرمي ذكره ابن حبان في الثقات ،
وقال الحافظ في التقريب : مقبول ،
وقال الذهبي : ما حدث عنه سوى ولده أشعث .
وقال الألباني : فيه جهالة ، وضعف إسناده .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 211 ]
س : ما الدليل على خلافة الثلاثة إجمالا ؟
جـ : الأدلة على ذلك كثيرة منها ما تقدم ،
ومنها حديث أبي بكر رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم :
« من رأى منكم رؤيا " ؟
فقال رجل :
أنا رأيت كأن ميزانا نزل من السماء ،
فوزنت أنت وأبو بكر
فرجحت أنت بأبي بكر ،
ووزن عمر وأبو بكر
فرجح أبو بكر ،
ووزن عمر وعثمان
فرجح عمر
ثم رفع الميزان » (1) ،
وقال صلى الله عليه وسلم :
« أرى الليلة رجل صالح
أن أبا بكر نيط برسول الله صلى الله عليه وسلم
ونيط عمر بأبي بكر
ونيط عثمان بعمر » (2) .
وكلا الحديثين في السنن .
==================
(1) ( صحيح ) رواه أبو داود ( 4634 ) ، والترمذي ( 2278 ) ، والحاكم ( 3 / 70 ، 71 )
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح وسكت عنه الإمام أبو داود ،
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ،
وتعقبه الذهبي بقوله : أشعث هذا ثقة لكن ما احتجا به ، وصححه الألباني .
(2) ( إسناده ضعيف ) رواه أحمد ( 3 / 355 ) ، وأبو داود ( 4636 ) ، وابن أبي عاصم ( 1134 ) ،
والحاكم ( 3 / 71 ، 72 ) وصححه ووافقه الذهبي ،
وفي سنده عمرو بن أبان قال عنه الحافظ : مقبول ولم يوثقه غير ابن حبان ،
وقال الحافظ في التهذيب : قال ابن حبان : روى عن جابر ولا أدري أسمع منه أم لا
وقال المنذري : فعلى هذا فالإسناد منقطع ، لأن الزهري لم يسمع من جابر ، وضعفه الألباني .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 212 ]
س : ما الدليل على خلافة أبي بكر وعمر
رضي الله عنهما إجمالا ؟
جـ : على ذلك أدلة كثيرة ،
منها ما في الصحيح قال صلى الله عليه وسلم :
« بينما أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو ،
فنزعت منها ما شاء الله ،
ثم أخذه ابن أبي قحافة فنزع منها ذنوبا أو ذنوبين
وفي نزعه ضعف ،
والله يغفر له ضعفه ،
ثم استحالت غربا ،
فأخذها ابن الخطاب
فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر
حتى ضرب الناس بعطن » " (1) .
==================
(1) رواه البخاري ( 3633 ، 3676 ، 3682 ) ،
ومسلم ( فضائل الصحابة / 17 ، 19 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 213 ]
س : ما الدليل على خلافة أبي بكر وتقديمه فيها ؟
جـ : الأدلة على ذلك لا تحصى ، منها ما تقدم ،
ومنها ما في صحيح البخاري ومسلم
« أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم
فأمرها أن ترجع قالت :
أرأيت إن جئت ولم أجدك
- كأنها تقول الموت -
قال صلى الله عليه وسلم :
" إن لم تجديني فأتي أبا بكر » (1) .
ومنها ما في صحيح مسلم
عن عائشة رضي الله عنها قالت :
« قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتابا
فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل :
أنا أولى
ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر » (2) .
وهكذا قال صلى الله عليه وسلم
في تقديمه في الصلاة
في مرض موته صلى الله عليه وسلم ،
وأجمع على بيعته
جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
من المهاجرين والأنصار فمن بعدهم .
==================
(1) رواه البخاري ( 3659 ، 7220 ، 7360 ) ، ومسلم ( فضائل الصحابة / 10 ) .
(2) رواه البخاري ( 5666 ، 7317 ) ، ومسلم ( فضائل الصحابة / 11 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 214 ]
س : ما الدليل على تقديم عمر
في الخلافة بعد أبي بكر ؟
جـ : أدلته كثيرة منها ما تقدم ،
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم :
« إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم
فاقتدوا بالذين من بعدي » (1) ،
وأشار إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ،
ومنها
ما في حديث الفتنة التي تموج كموج البحر ،
قال حذيفة رضي الله عنه لعمر :
« إن بينك وبينها بابا مغلقا ،
قال أيفتح أم يكسر ؟
قال :
بل يكسر ،
قال عمر :
إذا لا يغلق ،
فكان الباب عمر وكسره قتله ،
فلم يرفع بعده سيف بين الأمة » (2) ،
وقد أجمعت الأمة
على تقديمه في الخلافة بعد أبي بكر رضي الله عنهما .
==================
(1) ( صحيح ) رواه أحمد ( 5 / 382 ) ، والترمذي ( 3662 ، 3663 ) ،
وابن ماجه ( 97 ) ،وابن أبي عاصم ( 1148 ، 1149 ) ،
والحاكم ( 3 / 75 ) ، والطحاوي ( 2 / 83 ، 84 )
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ،
وقال الترمذي : هذا حديث حسن ، وصححه الألباني .
(2) رواه البخاري ( 525 ، 1435 ، 1895 ) ،
ومسلم ( الإيمان / 231 ) ، وأحمد ( 5 / 386 ، 401 )
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 215 ]
س : ما الدليل على تقديم عثمان
بعدهما في الخلافة ؟
جـ : الأدلة على ذلك كثيرة منها ما تقدم ،
ومنها حديث كعب بن عجرة قال :
« ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقرَّبها
فمرَّ رجل مقنع رأسه ،
فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :
" هذا يومئذ على الهدى "
فوثبت فأخذت بضبعي عثمان
ثم استقبلت رسول الله ،
فقلت : هذا .
قال : " هذا »
. رواه ابن ماجه ،
ورواه الترمذي عن مرة بن كعب وقال :
هذا حديث حسن صحيح (1) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت :
قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :
« يا عثمان إن ولاك الله هذا الأمر يوما
فأرادك المنافقون أن تخلع قميصك
الذي قمصك الله فلا تخلعه "
يقول ذلك ثلاث مرات » (2) .
رواه ابن ماجه بإسناد صحيح ،
والترمذي وحسنه ،
وابن حبان في صحيحه ،
وأجمع على بيعته أهل الشورى
ثم سائر الصحابة ،
وأول من بايعه علي رضي الله عنه
بعد عبد الرحمن بن عوف
ثم الناس بعده .
==================
(1) ( صحيح ) رواه أحمد ( 4 / 235 ، 236 ، 242 ) ،
والترمذي ( 3705 ) ، وابن أبي عاصم ( 1294 ) ،
وابن ماجه ( 111 ) وصححه الألباني .
(2) ( صحيح ) رواه أحمد ( 6 / 75 ، 86 ، 87 ) ، والترمذي ( 3705 ) ،
وابن ماجه ( 112 )
وقال الحاكم : صحيح عالي الإسناد ولم يخرجاه ،
وتعقبه الذهبي بقوله : أنى له الصحة ومداره على فرج بن فضالة .
وصححه الألباني وتعقب قول الذهبي بقوله :
قد توبع ، وبين متابعاته التي صححه بها ،
انظر ظلال الجنة في تخريج السنة ( 1172 )
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 216 ]
س : ما الدليل على خلافة علي
وأولويته بالحق بعدهم ؟
جـ : أدلة ذلك كثيرة ، منها ما تقدم ،
ومنها قول النبي
صلى الله عليه وسلم :
« ويح عمار تقتله الفئة الباغية ،
يدعوهم إلى الجنة ،
ويدعونه إلى النار » (1) .
فكان مع علي رضي الله عنه
فقتله أهل الشام ،
وهو يدعوهم إلى السنة والجماعة
وطاعة الإمام الحق
علي بن أبي طالب رضي الله عنه ،
والحديث في الصحيح ،
وفيه قال صلى الله عليه وسلم :
« تمرق مارقة على حين فرقة من الناس
يقتلهم أولى الطائفتين بالحق » (2) .
فمرقت الخوارج
فقتلهم علي رضي الله عنه يوم النهروان ،
وهو الأولى بالحق بإجماع أهل السنة قاطبة ،
رحمهم الله تعالى .
==================
(1) رواه البخاري ( 447 ، 2812 ) ،
ومسلم ( الفتن / 70 ، 72 ، 73 ) .
(2) رواه مسلم ( الزكاة / 149 ، 150 ، 151 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 217 ]
س : ما الواجب لولاة الأمور ؟
جـ : الواجب لهم النصيحة
بموالاتهم على الحق وطاعتهم فيه ،
وأمرهم به وتذكيرهم برفق ،
والصلاة خلفهم والجهاد معهم ،
وأداء الصدقات إليهم ،
والصبر عليهم وإن جاروا ،
وترك الخروج بالسيف عليهم ،
ما لم يظهروا كفرا بواحا ،
وأن لا يغروا بالثناء الكاذب عليهم ،
وأن يُدعى لهم بالصلاح والتوفيق .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 218 ]
س : ما الدليل على ذلك ؟
جـ : الأدلة على ذلك كثيرة ،
منها قوله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } . الآية ،
وقول النبي صلى الله عليه وسلم :
« اسمعوا وأطيعوا وإن تأمَّر عليكم عبد » (1) .
وقال صلى الله عليه وسلم :
« من رأى من أميره شيئا يكرهه
فليصبر عليه
فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات
إلا مات ميتة جاهلية » (2) .
وقال عبادة بن الصامت رضي الله عنه :
« دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه ،
فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة
في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا ،
وأن لا ننازع الأمر أهله
إلا أن تروا كفرا بواحا ،
عندكم من الله فيه برهان » (3) .
وقال صلى الله عليه وسلم :
« إن أمر عليكم عبد مجدع أسود يقودكم بكتاب الله
فاسمعوا له وأطيعوا » (4) .
وقال صلى الله عليه وسلم :
« على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره
إلا أن يؤمر بمعصية ،
فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة » (5) .
وقال :
« إنما الطاعة في المعروف » (6) .
وقال صلى الله عليه وسلم :
« وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع » (7) .
وقال صلى الله عليه وسلم :
« من خلع يدا من طاعة
لقي الله يوم القيامة لا حجة له ،
ومن مات وليس في عنقه بيعة ،
مات ميتة جاهلية » (8) .
وقال صلى الله عليه وسلم :
« من أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهو جميع
فاضربوه بالسيف كائنا من كان » (9) .
وقال صلى الله عليه وسلم :
« ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون
فمن عرف برئ ،
ومن أنكر سلم ،
ولكن من رضي وتابع "
قالوا : أفلا نقاتلهم ؟
قال : " لا ،
ما صلوا » (10) ،
وغير ذلك من الأحاديث ،
وهذه كلها في الصحيح .
==================
(1) رواه البخاري ( 693 ، 696 ، 7142 ) .
(2) رواه البخاري ( 7053 ، 7054 ، 7143 ) ،
ومسلم ( الفتن / 55 ، 56 ) .
(3) رواه البخاري ( 7052 ) ، ومسلم ( الإمارة / 41 ، 42 ) .
(4) رواه مسلم ( الإمارة / 37 ) ، وأحمد ( 4 / 70 ) .
(5) رواه البخاري ( 1724 ، 2955 ) ، ومسلم ( الإمارة / 38 ) .
(6) رواه البخاري ( 4340 ، 7257 ) ، ومسلم ( الإمارة / 39 ، 40 ) .
(7) رواه مسلم ( الإمارة / 52 ) .
(8) رواه مسلم ( الإمارة / 58 ) .
(9) رواه مسلم ( الإمارة / 59 ، 60 ) .
(10) رواه مسلم ( الإمارة / 62 ، 63 ، 64 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 219 ]
س : على من يجب الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر
وما مراتبه ؟
جـ : قال الله عز وجل :
{ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ
وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
« من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ،
فإن لم يستطع فبلسانه ،
فإن لم يستطع فبقلبه ،
وذلك أضعف الإيمان » (1) .
رواه مسلم .
وفي هذا الباب من الآيات القرآنية ،
والأحاديث النبوية ما لا يحصى ،
وكلها تدل
على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
على كل من رآه
لا يسقط عنه إلا أن يقوم به غيره
كلٌّ بحسبه ،
وكل ما كان العبد على ذلك أقدر وبه أعلم
كان عليه أوجب وله ألزم ،
ولم ينج عند نزول العذاب بأهل المعاصي
إلا الناهون عنها ،
وقد أفردنا هذه المسألة برسالة بها وافية
ولطالبي الحق كافية ،
ولله الحمد والمنة .
==================
(1) رواه مسلم ( الإيمان / 78 ، 79 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 220 ]
س : ما حكم كرامات الأولياء ؟
جـ : كرامات الأولياء حق ،
وهو ظهور الأمر الخارق على أيديهم الذي لا صنع لهم فيه ،
ولم يكن بطريق التحدي ، بل يجريه الله على أيديهم ،
وإن لم يعلموا به كقصة أصحاب الكهف ،
وأصحاب الصخرة (1) ،
وجريج الراهب (2) ،
وكلها معجزات لأنبيائهم ،
ولهذا كانت في هذه الأمة أكثر وأعظم
لعظم معجزات نبيها ،
وكرامته على الله عز وجل ،
كما وقع لأبي بكر في أيام الردة (3) ،
وكنداء عمر لسارية
وهو على المنبر فأبلغه وهو بالشام (4) ،
وككتابته إلى نيل مصر فجرى (5) ،
وكخيل العلاء بن الحضرمي
إذ خاض بها البحر في غزو الروم ،
وكصلاة أبي مسلم الخولاني في النار
التي أوقدها له الأسود العنسي ،
وغير ذلك مما وقع لكثير منهم
في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
وبعده في عصر الصحابة
والتابعين لهم بإحسان
ومن بعدهم إلى الآن ،
وإلى يوم القيامة ،
وكلها في الحقيقة
معجزات لنبينا صلى الله عليه وسلم
لأنهم إنما نالوا ذلك بمتابعته ،
فإن اتفق شيء من الخوارق لغير متبع النبي
فهي فتنة وشعوذة لا كرامة ،
وليس من اتفقت له من أولياء الرحمن
بل من أولياء الشيطان ،
والعياذ بالله .
==================
(1) رواه مسلم ( الذكر / 100 ) ، والبخاري في الأدب ( 5974 ) .
(2) رواه البخاري ( 3436 ، 2482 ) ، ومسلم ( البر / 7 ، 8 ) .
(3) راجع تاريخ الإسلام للذهبي ( 3 / 20 ، 25 ) .
(4) ( حسن ) رواه أبو نعيم في دلائل النبوة ( 2 / 740 ) ،
وابن كثير في البداية ( 7 / 131 ) ،
وابن حجر في الإصابة ( 3 / 52 ، 53 )
وقد حسن إسناده الحافظ ابن حجر ، نقله عنه السخاوي في المقاصد ( 1333 ) .
(5) ( إسناده فيه ضعف ) ابن كثير في التفسير ( 3 / 464 )
وفي سنده ابن لهيعة ، وهو مختلف فيه ،
قال عنه الحافظ في التقريب : صدوق من السابعة ، خلط بعد احتراق كتبه ، ا هـ .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 221 ]
س : من هم أولياء الله ؟
جـ : هم كل من آمن بالله واتقاه
واتَّبع رسوله صلى الله عليه وسلم ،
وقال الله تعالى :
{ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ
لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } ،
ثم بينهم فقال :
{ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ } .
الآيات ،
وقال تعالى :
{ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا
يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ
يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ } . الآية ،
وقال تعالى :
{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ
وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا
فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
« إن آل أبي فلان
ليسوا لي بأولياء إنما أوليائي المتقون » (1) .
وقال الحسن رحمه الله تعالى :
ادعى قوم محبة الله ،
فامتحنهم الله بهذه الآية :
{ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ
فَاتَّبِعُونِي
يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ } . الآية ،
وقال الشافعي رحمه الله تعالى :
" إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء أو يطير في الهواء
فلا تصدقوه ولا تغتروا به
حتى تعلموا متابعته للرسول
صلى الله عليه وسلم " .
==================
(1) رواه مسلم ( الإيمان / 366 ) كلهم بهذا المعنى .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
[ 222 ]
س : من هي الطائفة التي عناها النبي
صلى الله عليه وسلم بقوله :
« لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرة
لا يضرهم من خالفهم
حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى » " (1) ؟
جـ : هذه الطائفة هي الفرقة الناجية
من الثلاث وسبعين فرقة ،
كما استثناها النبي
صلى الله عليه وسلم من تلك الفرق بقوله :
« كلها في النار إلا واحدة
وهي الجماعة » .
وفي رواية قال :
« هم من كان على مثل
ما أنا عليه اليوم
وأصحابي » ،
نسأل الله تعالى
أن يجعلنا منهم
وأن لا يزيغ قلوبنا
بعد إذ هدانا
وأن يهب لنا من لدنه رحمة
إنه هو الوهاب
{ سُبْحَانَ رَبِّكَ
رَبِّ الْعِزَّةِ
عَمَّا يَصِفُونَ
وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ } .
==================
(1) رواه البخاري ( 3116 ، 3640 ، 3641 ) ،
ومسلم ( الإيمان / 247 ) .
-
رد: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
يقول جامعه
غفر الله تعالى له ولوالديه :
فرغت من تسويده نهار الاثنين
أول يوم من شهر شعبان
عام خمسة وستين بعد الثلاثمائة والألف
من هجرة خاتم النبيين
محمد صلى الله عليه وسلم
وعلى آله وصحبه والتابعين
وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين .
وفرغت من تبيضه نهار الأحد
رابع عشر من الشهر المذكور ،
جعل الله سعينا
خالصا لوجهه
آمين .
والحمد لله
الذي بنعمته تتم الصالحات
اللهم لك الحمد
كما ينبغي لجلال وجهك
وعظيم سلطانك