رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث السادس عشر
عن أبي صِرْمَةَ [1] رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"من ضارَّ ضار الله به.
ومن شاقَّ شَقَّ [2] الله عليه"
رواه الترمذي وابن ماجه.
هذا الحديث دلّ على
أصلين من أصول الشريعة:
أحدهما:
أن الجزاء من جنس العمل
في الخير والشر.
وهذا من حكمة الله
التي يحمد عليها.
فكما أن من عمل ما يحبه الله أحبه الله.
ومن عمل ما يبغضه أبغضه الله،
ومن يسَّر على مسلم يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة.
ومن فرّج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا
فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.
والله في حاجة العبد
ما كان العبد في حاجة أخيه،
كذلك من ضار مسلماً
ضره الله،
ومن مَكَر به
مكر الله به،
ومن شق عليه
شق الله عليه،
إلى غير ذلك من الأمثلة الداخلة في هذا الأصل.
*******************
[1] في الأصل "حرمة" والصحيح ما أثبتناه "الناشر".
[2] في الأصل "شاق" والصحيح ما أثبتناه من رواية الترمذي "الناشر".
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث السابع عشر
عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"اتق الله حيثما كنت.
وأتبع السيئة الحسنة تمحها،
وخالق الناس بخلق حسن"
رواه الإمام أحمد والترمذي.
هذا حديث عظيم
جمع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
بين حق الله وحقوق العباد.
فحقّ الله على عباده:
أن يتقوه حقّ تُقاته.
فيتّقوا سخطه وعذابه
باجتناب المنهيات وأداء الواجبات.
وهذه الوصية هي وصية الله للأولين والآخرين،
ووصية كل رسول لقومه
أن يقول:
"اعبدوا الله واتقوه".
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الثامن عشر
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"الظلم ظلمات يوم القيامة"
متفق عليه.
هذا الحديث فيه التحذير من الظلم،
والحث على ضده وهو العدل.
والشريعة كلها عدل،
آمرة بالعدل،
ناهية عن الظلم.
قال تعالى:
{ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ } [1]،
{ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ } [2]،
{ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ
أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ
وَهُم مُّهْتَدُونَ } [3]
فإن الإيمان
– أصوله وفروعه، باطنه وظاهره –
كله عدل،
وضده ظلم.
فأعدل العدل وأصله:
الاعتراف وإخلاص التوحيد لله،
والإيمان بصفاته وأسمائه الحسنى،
وإخلاص الدين والعبادة له.
وأعظم الظلم،
وأشده الشرك بالله،
كما قال تعالى:
{ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [4]
وذلك أن العدل وضع الشيء في موضعه،
والقيام بالحقوق الواجبة.
والظلم عكسه
فأعظم الحقوق.
وأوجبها:
حق الله على عباده:
أن يعرفوه ويعبدوه،
ولا يشركوا به شيئاً،
ثم القيام بأصول الإيمان،
وشرائع الإسلام من إقام الصلاة
وإيتاء الزكاة وصيام رمضان،
وحج البيت الحرام،
والجهاد في سبيل الله قولاً وفعلاً،
والتواصي بالحق،
والتواصي بالصبر.
ومن الظلم:
الإخلال بشيء من ذلك،
*******************
[1] سورة الأعراف – آية 29.
[2] سورة النحل – آية 90.
[3] سورة الأنعام – آية 82.
[4] سورة لقمان – آية 13.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث التاسع عشر
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"انظروا إلى من هو أسفل منكم.
ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛
فهو أجدر أن لا تَزْدروا نعمة الله عليكم"
متفق عليه.
يا لها من وصية نافعة،
وكلمة شافية وافية.
فهذا يدل
على الحث على شكر الله
بالاعتراف بنعمه،
والتحدث بها،
والاستعانة بها على طاعة المنعم،
وفعل جميع الأسباب المعينة على الشكر.
فإن الشكر لله هو رأس العبادة،
وأصل الخير،
وأوْجَبُه على العباد؛
فإنه ما بالعباد من نعمة ظاهرة ولا باطنة،
خاصة أو عامة
إلا من الله.
وهو الذي يأتي بالخير والحسنات،
ويدفع السوء والسيئات.
فيستحق أن يبذل له العباد من الشكر
ما تصل إليه قواهم،
وعلى العبد أن يسعى بكل وسيلة توصله
وتعينه على الشكر.