رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الثالث عشر
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"المؤمن للمؤمن كالبنيان يَشُدُّ بعضُه بعضاً
– وشبَّك بين أصابعه"
متفق عليه.
هذا حديث عظيم،
فيه الخبر من النبي صلى الله عليه وسلم
عن المؤمنين أنهم على هذا الوصف.
ويتضمن
الحثّ منه على مراعاة هذا الأصل.
وأن يكونوا إخواناً متراحمين متحابين متعاطفين،
يحب كل منهم للآخر ما يحب لنفسه،
ويسعى في ذلك،
وأن عليهم مراعاة المصالح الكلية الجامعة
لمصالحهم كلهم،
وأن يكونوا على هذا الوصف
فإن البنيان المجموع من أساسات وحيطان محيطة كلية
وحيطان تحيط بالمنازل المختصة،
وما تتضمنه من سقوف وأبواب ومصالح ومنافع.
كل نوع من ذلك لا يقوم بمفرده
حتى ينضم بعضها إلى بعض.
كذلك المسلمون يجب أن يكونوا كذلك.
فيراعوا قيام دينهم وشرائعه
وما يقوِّم ذلك ويقويه،
ويزيل موانعه وعوارضه.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الرابع عشر
عن أبي موسى رضي الله عنه
"أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان إذا أتاه سائل أو طالب حاجة،
قال:
"اشفعوا فلتؤجروا،
ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء"
متفق عليه.
وهذا الحديث متضمن لأصل كبير،
وفائدة عظيمة،
وهو أنه ينبغي للعبد أن يسعى في أمور الخير
سواء أثمرت مقاصدها ونتائجها
أو حصل بعضها،
أو لم يتم منها شيء.
وذلك كالشفاعة لأصحاب الحاجات
عند الملوك والكبراء،
ومن تعلقت حاجاتهم بهم
فإن كثيراً من الناس يمتنع من السعي فيها
إذا لم يعلم قبول شفاعته.
فيفوّت على نفسه خيراً كثيراً من الله،
ومعروفاً عند أخيه المسلم.
فلهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه
أن يساعدوا أصحاب الحاجة بالشفاعة لهم عنده
ليتعجلوا الأجر عند الله،
لقوله:
"اشفعوا تؤجروا"
فإن الشفاعة الحسنة محبوبة لله،
ومرضية له.
قال تعالى:
{ مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً
يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا }[1]
ومع تعجله للأجر الحاضر
فإنه أيضاً يتعجل الإحسان
وفعل المعروف مع أخيه،
ويكون له بذلك عنده يد.
*******************
[1] سورة النساء – آية 85.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الخامس عشر
عن عائشة رضي الله عنها:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"أنزلوا الناس منازلهم"
رواه أبو داود.
يا له من حديث حكيم.
فيه الحث لأمته على مراعاة الحكمة.
فإن الحكمةوضع الأشياء مواضعها،
وتنـزيلها منازلها.
والله تعالى حكيم في خلقه وتقديره،
وحكيم في شرعه وأمره ونهيه
وقد أمر عباده بالحكمة
ومراعاتها في كل شيء
وأوامر النبي صلى الله عليه وسلم وإرشاداته
كلها تدور على الحكمة.
فمنها:
هذا الحديث الجامع،
إذ أمر أن ننـزل الناس منازلهم.
وذلك في جميع المعاملات،
وجميع المخاطبات.
والتعلم والتعليم.