رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الثامن
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"يأتي الشيطان أحدكم فيقول:
من خلق كذا؟
من خلق كذا؟
حتى يقول:
من خلق الله؟
فإذا بلغه فليستعذ بالله، وَلْيَنْتَهِ"
. وفي لفظ
"فليقل: آمنت بالله ورسله"
متفق عليه.
وفي لفظ
"لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولون:
من خلق الله؟".
احتوى هذا الحديث
على أنه لا بد أن يلقي الشيطان هذا الإيراد الباطل:
إما وسوسة محضة،
أو على لسان شياطين الإنس وملاحدتهم.
وقد وقع كما أخبر،
فإن الأمرين وقعا،
لا يزال الشيطان يدفع إلى قلوب من ليست لهم بصيرة
هذا السؤال الباطل،
ولا يزال أهل الإلحاد يلقون هذه الشبهة
التي هي أبطل الشبه،
ويتكلمون عن العلل وعن مواد العلم
بكلام سخيف معروف.
وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم
في هذا الحديث العظيم
إلى دفع هذا السؤال بأمور ثلاثة:
بالانتهاء،
والتعوذ من الشيطان،
وبالإيمان.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الثاني عشر
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"المؤمن القوي خير، وأحب إلى الله
من المؤمن الضعيف.
وفي كلٍّ خير.
احرص على ما ينفعك،
واستعن بالله ولا تَعْجَز ..
وإن أصابك شيء فلا تقل:
لو أني فعلت كذا،
كان كذا وكذا،
ولكن قل:
قدَّر الله، وما شاء فعل،
فإن لَوْ تفتح عمل الشيطان"
رواه مسلم.
هذا الحديث اشتمل على أصول عظيمة وكلمات جامعة.
فمنها:
إثبات المحبة صفة لله،
وأنها متعلقة بمحبوباته وبمن قام بها
ودلّ على أنها تتعلق بإرادته ومشيئته،
وأيضاً تتفاضل.
فمحبته للمؤمن القوي أعظم
من محبته للمؤمن الضعيف.
ودلّ الحديث على أن الإيمان يشمل العقائد القلبية
والأقوال والأفعال،
كما هو مذهب أهل السنة والجماعة
فإن الإيمان بضع وسبعون شعبة،
أعلاها: قول: "لا إله إلا الله"
وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق.
والحياء شعبة منه.
وهذه الشعب التي ترجع إلى الأعمال الباطنة والظاهرة
كلها من الإيمان.
فمن قام بها حق القيام،
وكَمَّل نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح،
وكمَّل غيره بالتواصي بالحق،
والتواصي بالصبر:
فهو المؤمن القوي
الذي حاز أعلى مراتب الإيمان.
ومن لم يصل إلى هذه المرتبة:
فهو المؤمن الضعيف.