رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الثاني والستون
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
"حرَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر
الحُمُر الإنسية،
ولُحومَ البغال،
وكلَّ ذي ناب من السباع،
وكلَّ ذي مخلب من الطير"
رواه الترمذي.
الأصل في جميع الأطعمة الحلّ؛
فإن الله أحل لعباده ما أخرجته الأرض
من حبوب وثمار ونبات متنوع،
وأحل لحم حيوانات البحر كلها:
حيها وميتها.
وأما حيوانات البر:
فأباح منها جميع الطيبات،
كالأنعام الثمانية وغيرها،
والصيود الوحشية من طيور وغيرها.
وإنما حرَّم من هذا النوع الخبائث،
وجعل لذلك حداً وفاصلاً.
وربما عين بعض المحرمات،
كما عين في هذا الحديث
الحمر الأهلية،
والبغال وحرمها.
وقال:
"إنها رِجْس".
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الثالث والستون
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء،
والمتشبهات من النساء بالرجال"
رواه البخاري.
الأصل في جميع الأمور العادية الإباحة،
فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله،
إما لذاته كالمغصوب،
وما خبث مكسبه في حق الرجال والنساء.
وإما لتخصيص الحل بأحد الصنفين،
كما أباح الشارع لباس الذهب والفضة والحرير للنساء،
وحرمه على الرجال.
وأما تحريم الشارع تشبُّه الرجال بالنساء،
والنساء بالرجال،
فهو عام في اللباس، والكلام،
وجميع الأحوال.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الرابع والستون
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"ما أنزل الله دَاءً
إلا أنزل له شفاءً"
رواه البخاري.
الإنزال هنا بمعنى: التقدير.
ففي هذا الحديث:
إثبات القضاء والقدر. وإثبات الأسباب.
وقد تقدم أن هذا الأصل العظيم ثابت بالكتاب والسنة.
ويؤيده العقل والفطرة.
فالمنافع الدينية والدنيوية والمضار
كلها بقضاء الله وتقديره.
قد أحاط بها علماً.
وجرى بها قلمه.
ونفذت بها مشيئته.
ويَسَّر العبادَ لفعل الأسباب
التي توصلهم إلى المنافع والمضار.
فكلٌّ مُيَسَّرٌ لما خلق له:
من مصالح الدين والدنيا،
ومضارهما.
والسعيد من يَسَّره الله لأيسر الأمور،
وأقربها إلى رضوان الله،
وأصلحها لدينه ودنياه.
والشقي من انعكس عليه الأمر.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الخامس والستون
عن أبي قتادة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"الرؤيا الصالحة من الله.
والحُلْم من الشيطان.
فإذا رأى أحدُكم ما يحب
فلا يحدث به إلا من يحب.
وإذا رأى ما يكره
فليتعوَّذ بالله من شرها
ومن شر الشيطان.
ولْيَتْفُلْ ثلاثاً،
ولا يحدث بها أحداً،
فإنها لن تضره"
متفق عليه.
أخبر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث:
أن الرؤيا الصالحة من الله،
أي: السالمة من تخليط الشيطان وتشويشه.
وذلك لأن الإنسان إذا نام خرجت روحه.
وحصل لها بعض التجرد
الذي تتهيأ به لكثير من العلوم والمعارف.
وتلطفت مع ما يلهمها الله،
ويلقيه إليها الملك في منامها.
فتتنبه وقد تجلت لها أمور
كانت قبل ذلك مجهولة،
أو ذكرت أموراً قد غفلت عنها،
أو تنبهت لأحوال ينفعها معرفتها،
أو العمل بها،
أو حَذِرَتْ مضار دينية أو دنيوية
لم تكن لها على بال،
أو اتعظت ورغبت ورهبت
عن أعمال قد تلبست بها،
أو هي بصدد ذلك،
أو انتبهت لبعض الأعيان الجزئية
لإدخالها في الأحكام الشرعية.