رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث السادس والخمسون
عن علي رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"لا طاعة في معصية.
إنما الطاعة في المعروف"
متفق عليه.
هذا الحديث:
قيد في كل من تجب طاعته من الولاة،
والوالدين، والزوج، وغيرهم.
فإن الشارع أمر بطاعة هؤلاء.
وكل منهم طاعته فيما يناسب حاله
وكلها بالمعروف.
فإن الشارع ردّ الناس في كثير مما أمرهم به
إلى العرف والعادة،
كالبر والصلة،
والعدل والإحسان العام.
فكذلك طاعة من تجب طاعته.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث السابع والخمسون
عن عبد الله بن عمرو،
وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"إذا حكم الحاكم، فاجتهد وأصاب،
فله أجران.
وإذا حكم، فاجتهد فأخطأ،
فله أجر واحد"
متفق عليه.
المراد بالحاكم:
هو الذي عنده من العلم ما يؤهله للقضاء.
وقد ذكر أهل العلم شروط القاضي.
فبعضهم بالغ فيها،
وبعضهم اقتصر على العلم الذي يصلح به للفتوى.
وهو الأولى.
ففي هذا الحديث:
أن الجاهل لو حكم وأصاب الحكم:
فإنه ظالم آثم؛
لأنه لا يحل له الإقدام على الحكم،
وهو جاهل.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الثامن والخمسون
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"لو يُعطى الناسُ بدَعْواهم
لادَّعى رجالٌ دماءَ قوم وأموالهم.
ولكن اليمين على المدعى عليه"
رواه مسلم.
وفي لفظ عند البيهقي:
"البينة على المدعي،
واليمين على من أنكر".
هذا الحديث عظيم القدر.
وهو أصل كبير من أصول القضايا والأحكام؛
فإن القضاء بين الناس إنما يكون عند التنازع:
هذا يدّعي على هذا حقاً من الحقوق،
فينكره،
وهذا يدعي براءته من الحق الذي كان ثابتاً عليه.
فبين صلى الله عليه وسلم أصلاً يفض نزاعهم،
ويتضح به المحق من المبطل.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث التاسع والخمسون
عن عائشة رضي الله عنها – مرفوعاً –:
"لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة،
ولا مجلود حدّاً،
ولا ذي غمر على أخيه،
ولا ظنين في ولاء ولا قرابة،
ولا القانع من أهل البيت"
رواه الترمذي.
هذا حديث مشتمل على الأمور القادحة في الشهادة.
وذلك:
أن الله أمر بإشهاد العدول المرضيين.
وأهل العلم اشترطوا في الشاهد في الحقوق بين الناس:
أن يكون عدلاً ظاهراً.
وذكروا صفات العدالة.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الستون
عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال :
"قلت يا رسول الله،
إنَّا لاَقُوا العدوَّ غدا،
وليس معنا مُدَى.
أفنذبح بالقصب ؟
قال: ما أنهر الدم،
وذُكر اسم الله عليه فكُلْ،
ليس السنَّ والظَّفْرَ،
وسأحدثك عنه أما السنُّ فعظمٌ.
وأما الظفر فمُدَى الحبشة.
وأصبنا نهب إبل وغنم فنَدَّ منها بعير،
فرماه رجل بسهم فحبسه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن لهذه أوَابِدَ كأوابد الوحش،
فإذا غلبكم منها شيء
فافعلوا به هكذا".
متفق عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم :
"ما أنهر الدم – إلى آخره"
كلام جامع يدخل فيه جميع ما يُنْهِر الدم
– أي: يسفِكه –
من حديد، أو نحاس، أو صفر، أو قصب،
أو خشب، أو حطب، أو حصى محدد،
أو غيرها،
وما له نفوذ كالرصاص في البارود؛
لأنه ينهر بنفوذه،
لا بثقله.
ودخل في ذلك :
ما صيد بالسهام، والكلاب المعلمة،
والطيور
إذا ذكر اسم الله على جميع ذلك.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الحادي والستون
عن شدّاد بن أوْس رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إن الله كتب الإحسان على كل شيء.
فإذا قتلتم فأحْسِنوا القِتلة
وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبْحَة.
ولْيُحِدَّ أحدُكم شَفْرَته
ولْيُرِحْ ذبيحته"
رواه مسلم.
الإحسان نوعان:
إحسان في عبادة الخالق،
بأن يعبد الله كأنه يراه
فإن لم يكن يراه فإن الله يراه.
وهو الجد في القيام بحقوق الله
على وجه النصح،
والتكميل لها.
وإحسان في حقوق الخلق.