حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ولكنه
صلى الله عليه وسلم
لم يشرع شيئاً من ذلك لأمته ،
إكمالاً لإبلاغ الرسالة ،
وأداء الأمانة ،
والنصح للأمة ،
وعليه فإن أمره صلى الله عليه وسلم
أمته بصيام يوم عاشوراء
شكراً لله على إنجائه نبيه موسى
لا يعني اتخاذه
عيداً من الأعياد ،
ولا يعني الاستدلال به
على إقامة الموالد ،
وإنما يعني القيام بشكر الله تعالى ،
وفقاً لما شرعه صلى الله عليه وسلم ،
ومن أحدثَ في أمرنا
ما ليس منه
فهو رَدٌّ .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الدليل الخامس
مناقشته ثم رده :-
وذكر المالكي الدليل الخامس بقوله :
الخامس :
أن الاحتفال بالمولد لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم ،
فهو بدعة ولكنها حسنة ،
لا ندراجها تحت الأدلة الشرعية ، والقواعد الكلية ،
فهي بدعة باعتبار هيئتها الاجتماعية،
لا باعتبار أفرادها،
لوجود أفرادها في العهد النبوي ،
كما سنعلم ذلك تطبيقاً إن شاء الله " . اهـ .
لنا مع المالكي في دليله هذا
عدة وقفات :
الوقـفة الأولى :
عند اعترافه
بأن الاحتفال بالمولد بدعة ،
لأنه لم يكن
في عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
لا شك أن الاحتفال بدعة ،
وأنه لم يكن على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم ،
بالرغم من أن عهده صلى الله عليه وسلم
مليئ برجال هم
أحرص الناس على حب رسول الله ،
وأحرص الناس على الفرح برسول الله ،
وأحرص الناس على الاستبشار برسول الله ،
وأحرص الناس على إظهار السرور برسول الله ،
وأخلص الناس تضحية وفداء ووقوفاً مع رسول الله ،
وأدق الناس اقتداءاً وتأسياً برسول الله ،
وأولى الناس وأقربهم التصاقاً برسول الله
صلى الله عليه وسلم .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
فهل يستطيع المالكي أن يقـول
إن القـرامـطة
والفاطميين
والرافضة
والصوفية
وغيرهم من أهل البدع والمحدثات
ومن هم سلف المالكي وقدوته ;
هل يستطيع أن يقول :
بأنهم أعظم من
أصحاب رسول الله
محبة ونصحاً وفرحاً واسبشاراً وسروراً
وتعلقاً برسول الله
صلى الله عليه وسلم ؟
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
أم هل يستطيع المالكي أن يقول :
أن القرامطة
والفاطميين
والرافضة
والصوفية
وغيرهم من أسلافهم
أعلم من أصحاب رسول الله
بحق رسول الله ؟
وأفقه من أصحاب رسول الله
بما يقصده رسول الله ؟
وأكثر فطنة وإدراكاً
ومعرفة لأسرار شرع رسول الله
من أصحاب رسول الله ؟ .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
نعم لم يكن الاحتفال بالمولد
في عهد رسول الله ،
ولا في عهد أصحاب رسول الله ،
ولا في عهد تابعي أصحاب رسول الله ،
ولا في عهد الأئمة الأعلام
في الفقه والحديث ومقاصد التشريع ،
أمثال أبي حنيفة
ومالك
والشافعي
وأحمد
والأوزاعي
والثوري
والبخاري
ومسلم
والترمذي
والنسائي
وأبو داود
وابن ماجه
وغيرهم .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
فهل نقبل أمراً أتى به
شر من وطأ الحصا ;
القرامطة والفاطميون وغيرهم ،
ممن يشهد التاريخ الإسلامي
بتدنيسهم محيا الإسلام ،
ونترك ما عليه
أصحاب القرون الثلاثة المفضلة ،
من صحابة وتابعين وعلماء أجلاء ،
لهم أقداحهم المعلاة في العلم والتقى ،
والصلاح والاستقامة ،
وسلامة المعتقد ودقة النظر
وصدق الاتباع والاقتداء
بمن أمرنا الله تعالى أن نجعله أسوة لنا ،
وقدوة لمسالكنا
وهو رسولنا وحبيبنا ونبينا
محمد صلى الله عليه وسلم؟
ربنا لا تزغ قلوبنا
بعد إذ هديتنا .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الوقـفة الثانية :
عند قوله
بأن الاحتفال بالمولد بدعة ،
إلا أنها بدعة حسنة .
كم نتمنى من المالكي أن
يتقي الله تعالى ،
وأن يقف مع حماة الإسلام ،
وألا يشترك مع غيره
في فتح ثغرات شر وابتداع على المسلمين .
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قد أوتي جوامع الكلم ،
وله من الفصاحة والبلاغة
والقدرة على القول المبين
ما يستطيع أن يبين به أقسام البدعة ;
إن كان للبدعة أقسام ،
وأن يبين من هذه الأقسام
ما يجوز ومالا يجوز ،
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ولكنه صلى الله عليه وسلم عمَّم فقال :
" من أحدَثَ في أمرنا هذا
ما ليس منه
فهو رد " .
وفي رواية :
" من عمل عملاً
ليس عليه أمرنا
فهو رد " .
وقال :
" وإياكم ومحدثات الأمور ،
فإن كل محدثة بدعة ،
وكل بدعة ضلالة ،
وكل ضلالة في النار" .
فالتعبير بكل محدثة،
والتعبير بكل بدعة،
والتعبير بكل ضلالة،
ماذا يعني ؟
هل يعني ذلك العموم ،
أم يعني التقسيم ؟
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ولئن قال بالتقسيم بعض أهل العلم ،
فإن المحققين منهم ينحون
باللائمة على ذلك الاتجاه ،
الذي فتح للبدع والمحدثات
الأبواب على مصاريعها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وبهذا يتبين لك أن البدعة في الدين ،
وإن كانت في الأصل مذمومة
كما دل عليه الكتاب والسنة ،
سواء في ذلك البدع القولية أو الفعلية ،
وقد كتبت في غير هذا الموضوع
أن المحافظة على عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم :
كل بدعة ضلالة ،
متعين ،
وأنه يجب العمل بعمومه ،
وأن من أخذ يصنف البدع إلى حسن وقبيح ،
ويجعل ذلك ذريعة
إلى أن لا يحتج بالبدعة على المنهي
فقد أخطأ كما يفعل طائفة من المتفقهة والمتكلمة
والمتصوفة والمتعبدة ،
إذا نهوا عن العبادات المبتدَعة
والكلام في التدين المبتدَع ;
ادعوا أن لا بدعة مكروهة إلا ما نهى عنه،
فيعود الحديث إلى أن يُقال :
كل ما نهي عنه ،
أو كل ما حرم ،
أو كل ما خالف نص النبوة
فهو ضلالة .
وهذا أوضح من أن يحتاج إلى بيان ،
بل كل ما لم يشرع من الدين
فهو ضلالة ،
وما سمي بدعة
وثبت حسنه بأدلة الشرع فأحد الأمرين فيه لازم ،
إما أن يُقال ليس ببدعة في الدين
وإن كان يسمى بدعة من حيث اللغة ،
كما قال عمر :
نعمت البدعة هذه ،
وإما أن يقال هذا عام
خُصت منه هذه الصورة ،
لمعارض راجح
كما يبقى فيما عداها ،
على مقتضى العموم ،
كسائر عموميات الكتاب والسنة ،
وهذا قد قررته في اقتضاء الصراط المستقيم ،
وفي قاعدة السنة والبدعة وغيره "[1] اهـ .
==============
[1] - المجموع ص 370 – 371 ، ج 10 .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقال رحمه الله
في موضع آخر
ما نصه :
" ومعلوم أن كل ما لم يسنـّه
ولا استحبه
رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولا أحد من هؤلاء
الذين يقتدي بهم المسلمون في دينهم ;
فإنه يكون من
البدع المنكرات ،
ولا يقول أحد
في مثل هذا
إنه بدعة حسنة "[1] . اهـ .
==============
[1] - المجموع ، ص 152 ، ج 27 .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقال رحمه الله في موضوع آخر ما نصه :
" وليس لأحد أن يقول
إن مثل هذا من البدع الحسنة ،
مثل ما أحدث بعض الناس الأذان في العيد ،
والذي أحدثه مروان بن الحكم
فأنكر الصحابة والتابعون لهم بإحسان ذلك ،
هذا وإن كان الأذان ذكر الله
إلا أنه ليس من السنـّة ،
وكذلك لما أحدث الناس اجتماعاً راتباً غير الشرعي ،
مثل الاجتماع على صلاة معينة أول رجب ،
أو أول ليلة جمعة فيه ،
وليلة النصف من شعبان ،
فأنكر ذلك علماء المسلمين .
ولو أحدَثَ ناس صلاة سادسة
يجتمعون عليها غير الصلوات الخمس
لأنكرَ ذلك عليهم المسلمون ،
وأخذوا على أيديهم .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وأما قيام رمضان ،
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنـَّه لأمته ،
وصلى بهم جماعة عدة ليال ،
وكانوا على عهده يصلون جماعة وفرادى ،
لكن لم يداوموا على جماعة واحدة ،
لئلا تُفرض عليهم ،
فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم استقرت الشريعة ،
فلما كان عمر رضي الله عنه جمعهم على إمام واحد ،
وهو أبيّ بن كعب ،
الذي جمع الناس عليها
بأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،
وعمر بن الخطاب هو من الخلفاء الراشدين ،
حيث يقول صلى الله عليه وسلم :
" عليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ،
عضوا عليها بالنواجذ " يعني الأضراس ،
لأنها أعظم في القوة .
وهذا الذي فعله هو سنة ،
لكنه قال " نعمت البدعة هذه " ،
فإنها بدعة في اللغة ،
لكونهم فعلوا ما لم يكونوا يفعلونه
في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
يعني من الاجتماع على مثل هذه ،
وهي سنة من الشريعة .
وهكذا إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ،
وهي الحجاز واليمن واليمامة وكل البلاد
الذي لم يبلغه ملك فارس والروم من جزيرة العرب ،
وتمصير الأمصار كالكوفة والبصرة ،
وجمع القرآن في مصحف واحد ،
وفرض الديوان ،
والأذان الأول يوم الجمعة ،
واستنابة من يصلي بالناس يوم العيد خارج المصر ،
ونحو ذلك
مما سنَّه الخلفاء الراشدون ،
لأنهم سنـّوه بأمر الله ورسوله ،
فهو سنة
وإن كان في اللغة يسمى بدعة "[1]. اهـ .
==============
[1] - المجموع ، ج 22 ، ص 233 – 235 .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقال في معرض
كلامه على صلاة الرغائب
ما نصه :
" وأما صلاة الرغائب فلا أصل لها ،
بل هي محدثة ،
فلا تستحب لا جماعة ولا فرادى " ،
إلى أن قال :
" فلو أن جماعة اجتمعوا بعض الليالي
على صلاة تطوع
من غير أن يتخذوا ذلك عادة راتبة
تشبه السنة الراتبة لم يكره ،
لكن اتخاذ عادة دائرة
بدوران الأوقات مكروه ،
لما فيه من تغيير الشريعة ،
وتشبيه غير المشروع بالمشروع ،
ولو ساغ ذلك
لساغ أن يعمل صلاة أخرى وقت الضحى ،
أو بين الظهر والعصر ،
أو تروايح في شعبان ،
أو أذان في العيدين ،
أو حج إلى صخرة بيت المقدس ،
وهذا تغيير لدين الله ،
وتبديل له ،
وهكذا القول
في ليلة المولد وغيرها " ،
إلى أن قال :
" فمن جعل شيئاً ديناً وقربة
بلا شرع من الله ،
فهو ضال مبتدع ،
وهو الذي عناه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
" كل بدعة ضلالة " ،
فالبدعة ضد الشرع ،
والشرع ما أمر الله به ورسوله ،
أمر واجب إيجاب أو أمر استحباب ،
وإن لم يفعل على عهده
كالاجتماع في التراويح على إمام واحد ،
وجمع المصحف ،
وقتل أهل الردة والخوارج ،
ونحو ذلك ،
ومالم يشرعه الله ورسوله
فهو بدعة وضلالة ،
مثل تخصيص مكان
أو زمان
واجتماع على عبادة فيه ،
كما خص الشارع أوقات الصلوات
وأيام الجمع والأعياد " [1].
==============
[1] - المجموع ، ج 23 ، ص 132 – 133 .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقال رحمه الله في موضع آخر
ما نصه :
" وأيضاً فإن الله عاب على المشركين شيئين :
أحدهما أنهم أشركوا به مالم ينزل به سلطاناً .
الثاني تحريمهم مالم يحرمه الله ،
كما بينه صلى الله عليه وسلم
في حديث عياض عن مسلم ،
وقال :
{ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا
لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا
وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ } [1] ،
فجمعوا بين الشرك والتحريم ،
والشرك يدخل فيه
كل عبادة لم يأذن بها الله ،
فإن المشركين يزعمون أن عبادتهـم إما واجبـة و إما مستحبة ،
ثم منهم من عبد غير الله ليتقرب به إلى الله ،
منهم من ابتدع ديناً عبد به الله ،
كما أحدثت النصارى من العبادات .
وأصل الضلال في أهل الأرض
إنما نشأ من هذين:
إما اتخاذ دين لم يشرعه الله ،
أو تحريم مالم يحرمه .
ولهذا كان الأصل
الذي بنى عليه أحمد وغيره مذاهبهم ;
أن الأعمال عبادات وعادات ،
فالأصل في العبادات لا يشرع منها
إلا ما شرعه الله ،
والأصل في العادات لا يحظر منها
إلا ما حظره الله ،
وهذه المواسم المحدَثة
إنما نهى عنها
لما أُحدِثَ فيها من الدين
الذي يُتقرب به " [2] اهـ .
==============
[1] - سورة الأنعام ، الآية : 148 .
[2] - المجموع ، ج 4 ، ص 195 – 196 .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقال الشاطبي رحمه الله ما نصه :
" الباب الثالث
في أن ذم البدع والمحدثات عامة
لا يخص محدثة دون غيرها ،
ويدخل تحت هذه الترجمة
من شبه المبتدعة التي احتجوا بها ،
فاعلموا رحمكم الله
أن ما تقدم من الأدلة حجة
في عموم الذم
من أوجه :
أحدها :
أنها جاءت مطلقة عامة على كثرتها ،
لم يقع فيها استثناء ألبته ،
ولم يأت فيها ما يقتضي أن منها ما هو هدى ،
ولا جاء فيها كل بدعة ضلالة إلا كذا وكذا ،
ولا شيء من هذه المعاني ،
فلو كان هنالك محدَثة
يقتضي النظر الشرعي فيها الاستحسان ،
أو أنها لاحقة بالمشروعات ،
لذُكر ذلك في آية أو حديث ،
لكنه لا يوجد ،
فدلَّ على أن تلك الأدلة بأسرها
على حقيقة ظاهرها من الكلية
التي لا يختلف عن مقتضاها فرد من الأفراد .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
والثانية :
أنه قد ثبت في الأصول العلمية
أن كل قاعدة كلية ،
أو دليل شرعي كلي ،
إذا تكررت في مواضع كثيرة ،
وأتى بها شواهد على معان أصولية أو فروعية ،
ولم يقترن بها تخصيص ولا تقييد
مع تكرارها وإعادة تقررها ،
فدلَّ ذلك على بقائها
على مقتضى لفظها من العموم ،
كقوله تعالى :
{ أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى *
وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى }[1] ،
وما أشبه ذلك ،
وبسط الاستدلال على ذلك هنالك ،
فما نحن بصدده من هذا القبيل ،
إذ جاء في الأحاديث المتعددة والمتكررة في أوقات شتى ،
وبحسب الأحوال المختلفة .
إن كل بدعة ضلالة ،
وإن كل محدثة بدعة ،
وما كان نحو ذلك من العبارات
الدالة على أن البدع مذمومة ،
ولم يأتِ في آية ولا حديث تقييد ولا تخصيص ،
ولا ما يفهم منه خلاف ظاهر الكلية منها ،
فدل ذلك دلالة واضحة
على أنها على العموم وإطلاقها .
==============
[1] - سورة النجم ، الآية : 38 ، 39 .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
والثالث :
إجماع السلف الصالح
من الصحابة والتابعين ومن يليهم ،
على ذمها كذلك وتقبيحها،
والهروب عنها
وعمن اتسم بشيئ منها،
ولم يقع منهم في ذلك توقف و لا مثـنوية ،
فهو بحسب الاستـقـراء
إجمـاع ثابـت ،
فدل على أن
كل بدعـة ليست بحق،
بل هي
من الباطل .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الرابع :
أن متعقل البدعة يقتضي ذلك بنفسه ،
لأنه من باب مضادة الشارع ،
وإطِّراح الشرع ،
وكل ما كان بهذه المثابة
فمحال أن ينقسم إلى حسن وقبيح ،
وأن يكون منه ما يمدح ومنه ما يذم ،
إذ لا يصح في معقول ولا منقول
استحسان مشقة الشارع ،
وقد تقدم بسط هذا في أول الباب الثاني .
وأيضاً فلو فرض أنه جاء في النقل استحسان بعض البدع ،
أو استثناء بعضها عن الذم ;
لم يتصور،
لأن البدعة طريقة تضاهي المشروعة ،
من غير أن تكون كذلك ،
وكون الشارع يستحسنها دليل مشروعيتها ،
إذ لو قال الشارع المحدثة الفلانية حسنة ،
لصارت مشروعة ،
كما أشاروا إليه في الاستحسان ،
حسبما يأتي إن شاء الله .
ولمّـا ثبت ذمها ،
ثبت ذم صاحبها ،
لأنها ليست بمذمومة من حيث تصورها فقط ،
بل من حيث اتصف بها المتصف ،
فهو إذاً المذموم على الحقيقة ،
والذم خاصة التأثيم
فالمبتدع مذموم آثم ،
وذلك على الإطلاق والعموم،
ويدل على ذلك أربعة أوجه ،
إلى آخر ما ذكره "[1].
==============
[1] - الاعتصام ج 1 ، ص 180 – 182 .
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقال في موضوع آخر
في معرض شرحه تعريف البدعة
ما نصه :
" وقوله في الحد تضاهي الشرعية ،
يعني أنها تشابه الطريقة الشرعية ،
من غير أن تكون في الحقيقة كذلك ،
بل هي مضادة لها من أوجه متعددة "
– وذكر مجموعة أمور ثم قال :
" ومنها التزام الكيفيات والهيئات المعينة ،
كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد ،
واتخاذ يوم ولادته
صلى الله عليه وسلم عيداً
وما أشبه ذلك "[1] . اهـ .
==============
[1] - الاعتصام ج 1 ، ص 34 .