( الله أعرف المعارف ) موسى الغنامي
( الله أعرف المعارف )
1-جاء أن سيبويه رؤي في المنام، فقيل له :ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي وأدخلني الجنة ! قيل : وبماذا ؟
2- قال : لما وصلت إلى باب الله لفظ الجلالة قلت : هو أعرف المعارف لا يُعرّف (هل تعلم له سميا) !
3-فالله سبحانه هو أعرف المعارف؛ فمن لم يعرف الله فما عرف شيئا ولو حاز علوم الأرض ومن عرفه فقد عرف كل شيء ولو جهل أدنى المعارف ! فحديثنا عن الله
4-عظمة الله :شهدت بها الأفلاك والأملاك، إله خلق السماوات والأرض والشمس والقمر وأجراها على سَنن لا تحيد عنها قيد أنملة ولا تفاوتها قدر شعرة !
5-رأى بعض خلق الله ذرات من عظيم خلقه تعالى كالشمس والقمر والنار والبحر فعبدوها من دونه ! فكيف لو عرفوا خالقها حق معرفته !
6-جاء عند أحمد والنسائي أن البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه أبدا ، فهذا بعض عظمة الله في خلقه !
7-قدرة الله :يكفيك من قدرته تعالى أن أمره ينفذ، وقدره يقع، ولا راد لحكمه، ولامعقب لأمره، إذا أراد شيئا أوقعه بكن فيكون لا محالة !
8-ولو رأينا خلق الله اليوم من الإنس وقد بلغوا سبعة مليار فيما أحصته الدول؛ وهذا العدد في قرن واحد فكيف بالقرون الأولى ! أرأيت هذه الأعداد..
9-هذه الأعداد المهولة بعثها عند الله كبعث نفس واحدة ! قال تعالى : "ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة"، بل يبعث جميع الخلائق في لحظة واحدة !
10-ومن عظيم قدرة الله أن رفع السماء وأمسكها وبالنجوم زينها،وبسط الأرض وذللها وبالجبال أوتدها،وأجرى بينها الهواء والسحاب وجعل فيهما رحمة وعذاب !
11-ونقمة الله إذا حلت لا تطيقها السماوات والأرض، فإنه تعالى إذا آسفه عبيده الذين خلقهم لعبادته وتكبروا عليه أخذهم أخذة رابية،لا تدع لهم باقية !
12-فقد جاءنا من نقم الله الدنيوية، هلاك عادا الأولى، وثمود فما أبقى، وقوم نوح وكانوا أظلم وأطغى، والمؤتفكة أهوى، وفرعون والنمرود وغيرهم !
13-أما نقمة الله الأخروية فلا يصف شدتها بشر، ولا يحيط عذابها خبر ! فعند مسلم "يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها " !
14-ونقمة الله تعالى جعلها لمن أبق عن عبوديته، وكفر بألوهيته، وتمرد على ربه، وقد أنعم عليه وعافاه وستره وأغناه ! ثم حمي أنفا للسجود لمن خلقه وأوجده !
15-ومع هذا فإن نقمة الله وعقوبته لا تتنزل إلا بعد تحذير و إعذار وقد جاء في القرآن "لعلهم يرجعون" إعذارا من الله في تسعة مواضع ! شاهدة بحلمه تعالى
16-وحلم الله يسبق نقمته؛ وفي كتابه العزيز "ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة" الآية ، وعند مسلم قوله صلى الله عليه وسلم ...
17-لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله إنهم يجعلون له ندا ويجعلون له ولدا؛ وهو مع ذلك يرزقهم ويعافيهم ويعطيهم . إي والله ما أعظم حلمه على عبيده
18-ومن حلم الله ما نسمعه من جرأة من عبيد السوء بين الفينة والأخرى ؛ وقد غرّهم حلم الله وتجاهلوا أنه سبحانه شديد المحال حتى إذا أخذ لم يُفلت !
19-وأما ستر الله فهو الغطاء الذي لا يكشفه إلا هو ! فإنه تعالى إذا ستر ستر وإن كشف فضح؛ فإن كان العبد على وجل فهو حري بالستر؛ لأنه سبحانه حيي ستير كريم
20-ومن جميل ستر الله أن يرى عبده على معصية وقد استتر عن الناس فيعافيه حتى يقضي نهمته من المعصية وهو يستره ثم يقوم للناس لا يعلم به أحد ثم...
21-ثم يتحبب الله إليه بالنعم ليتوب فإن تاب تاب عليه؛ بل وبدّل تلك السيئة حسنة؛ فما استر كنفه؛ وأعظم كرمه؛ لا إله إله هو الغفور الرحيم
22-أما مغفرة الله فلا يحدها حد؛ ففي صحيح مسلم قال الله : يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم
23-وعند أحمد قال إبليس : لا أزال أغوي بني آدم مادامت أرواحهم في أجسادهم قال الله : وعزتي وجلالي لاأزال أغفر لهم ما استغفروني . فأي مغفرة أعظم؟
24-يأمر الله عبده فيعصيه، وينهاه الله فيرتكب نهيه ويرزقه الله فيكفر رزقه ويعافيه الله فيجحد فضله ثم يمده بالستر فإن تاب غفر له وبدل سيئه حسنا
25-وكل هذا من رحمة الله بعباده وتحببه لهم وهو الغني عنهم كل الغنى، وهم المفتقرون إليه كل الفقر، ولا يستغنون عن رحماته طرفة عين ولا أقل !
26-وفي الصحيحين أن الله خلق الرحمة مئة جزء ، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا ، وأنزل في الأرض جزءا واحدا، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق ...
27-أرأيت لو أن أحب أولادك إليك لم يبلغ الفِطام تراه بين يديك يستغيثك من شدة الوجع والألم أكنت تفديه ولو بروحك ؟ فما تجده في تلك اللحظات هو جزء ضئيل من رحمة الله
28-وليس ما تجده في ذلك الموقف الشديد هو كل الجزء من المئة ! لأن الجزء الواحد قد قسم على الخلائق من أول خلق الله إلى أن يرث الأرض ؛ ثم تكتمل ..
29-ثم تكتمل المئة رحمة التي خلقها الله في يوم مشهودٍ ؛ لا يهلك فيه إلا هالك متّبعٌ لأردى المسالك ؛ ولا ينجو منه إلا ناجٍ أنار الله دربه في الحوالك
30-فاللهم رحمتك أوسع لنا وأرجى من أعمالنا ؛ ومغفرتك أعظم لنا وأكبر من ذنوبنا ؛ وأنت الله الذي لا رب سواك ولا إله غيرك أعشنا سعداء وأمتنا شهداء . تم المقصود
أخوكم / موسى الغنامي