هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
هذه هي الصوفية *
تأليف
الشيخ عبدالرحمن الوكيل
رحمه الله تعالى
ورفع درجته في عليين
*************************
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الكتاب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله
محمد خاتم النبيين وسيد ولد آدم أجمعين.
"أما بعد"
فما زلت أذكر، وأنا طالب في معهد طنطا الديني،
ذلك الشيخ الشيبة يقسم لنا
– وعيناه مخضلتان بالدموع ونبرات صوته أصداء عميقة
بعيدة الغور من الشجو الولهان،
والحنين الهائم، والحرمان الجريح _
يقسم لنا أن في ضريح عبد العال المجاور لضريح البدوي
شعرة من رأس الرسول!،
وأنها معين خير، وفيض بركة ويمن،
ومطاف آمال، ومهوى رجاء!!
وأذكر أنني حين سمعت حديثه، يؤكده بقسم غليظ،
شعرت بقلبي، وكأنما يود أن ينشق عنه الصدر؛
ليهفو في صبابته الملهوفة إلى معبد الشعرة يقبلها،
ويكنُّها في مهجته،
بل شعرت كأنما حملت الملائكة إليَّ بشرى الخلود!!.
وما زلت أذكر أيضاً أنني سألت الشيخ؛
ليطمئن قلبي على هذا الأمل الحلو الساحر الفتنة،
عما جعلهم يوقنون بنسبة هذه الشعرة إلى رأس النبي الأعظم؟
فأجاب – تولاه الله بما قدّم - :
لقد وضعناها في زجاجة، وأقمنا حولها ذكر وإنشاد،
فإذا بالشعرة تذكر مع الذاكرين على دفيف الدفوف،
وحنَّات النايات،
والنغم المطرب المرقص من الأناشيد!!.
وأذكر أنني آمنت بهذه الأسطورة
كأنما هي من الله برهان ساطع!!
وأذكر أن الشيخ تداركنا – حتى يحكم القيد – بحجة أخرى،
فزعم أنهم وضعو الشعرة تحت الشمس،
فلم يجدوا لها ظلاً!!
وكان هذا الوهم الوثني الجديد
حجة عندي تدحض كل ريبة!!.
وأذكر – ويارب غفرانك –
أن خرافة الشيخ هذه غمرتني بنشوة سكرى
خلت فيها أنني أرى الجنة،
أو أنني صحابي يتلو عليه الرسول وحي الله!!.
فكنت أهفو إلى هيكل الشعرة
خاشع الطرف،
ريان القلب بالولاء،
أصلي لها بنجاوى الحب العابد،
وألثم خشب هيكلها وحَجَره
في شغف ثائر الأشواق عربيد التهلف،
وأُنهنِهُ بالأرواح العطرية
– التي أخال أنها تناسمني منها –
دموعي المسكوبة لوعة عشق، وظمأ غرام!!.
******************
* سيتم عرض ما تيسر من مباحث الكتاب باختصار
وللاطلاع على فهارس الكتاب الكاملة ومصادره
وللحصول على نسخة من الكتاب
راجع الرابط التالي مشكوراً
http://majles.alukah.net/t131287/#post722600
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
هذا الكـتاب
لهذا الكتاب الذي نصدره بهذه المقدمة قصة.
فمن أعوام خلت شكا سماحة شيخ الصوفية إخواناً لي من أنصار السنة،
بدعوى أنهم ينالون من كرامة الصوفية،
فكان أن رجوت وكيل النائب العام أن أقف وحدي موقف المتهم،
فلم يجد المحقق ما يأخذنا به،
وقد قدمنا له الأدلة الدامغة من كتب الصوفية على ما دمغناهم به،
وعلى صفحات "مجلة الهدى النبوي" نشرت – بعد التحقيق معي –
خطاباً مفتوحاً إلى سماحة الشيخ،
فيه ما فيه من حق يصعق باطلاً
وتوحيد يقضي على وثنية؛
ليعلم الشيخ ومن خلفه، أنهم مهما كادوا لنا، أو مكروا بنا،
فإننا لن نسكت عن أساطيرهم،
وألح إخواننا أنصار السنة هنا وفي السودان العزيز وغيره
في طبع الخطاب، فطبعت منه آلاف النسخ،
فكان أن صودر في السودان بأمر الحاكم العام السابق
ولما أن نفدت نسخه طبعه إخواننا في سوريا الشقيقة
وقد ترجم للأندونيسية.
وألح إخواننا في طبعه مرة أخرى،
فعدت إلى الكتاب أكتبه من جديد وأزيده كثيرا من النصوص،
وموضوعات جديدة لم تكن في طبعته الأولى،
حتى أربى الكتاب على ضعفي حجمه الأول،
فليس افتئاتاً على التاريخ أن أسميه "هذه هي الصوفية"
بدلاً من اسمه الأول "صوفيات" ( 1 )
وسيرى القراء كما عودتهم، أنني لم أرم الصوفية بغير ما به تدين،
وأننا لم نعتد بقول أحد في الصوفية،
وإنما اعتددنا بنقل نصوص كثيرة من كتب الصوفية
بينة الدلالة على معتقدهم،
مقارنين بينها وبين بعض آيات القرآن الكريم،
وأحاديث خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم،
هذا لكيلا يفتري صوفي أننا نرميهم بغير ما يفترون على الله.
كنا نستطيع أن نصنع صنيع بعض نقدة الصوفية قديماً وحديثاً،
فنأتي بفتاوى أئمة المسلمين في شأن الصوفية،
أو ننقل ما نقلوه عن الصوفية من نصوص،
بيد أني رأيت أن يكون للعدل والحق والتحقق الرعاية الأولى،
فنقلب دين الصوفية من كتبهم التي يؤمنون بها ذاكراً اسم الكتاب،
وتاريخ ومكان طبعه، ورقم الصفحة التي عنها نقلب؛
لأرمي الظن والريب باليقين الواضح؛
ولأبعد كل شبهة تتوهم أننا نفتات عليهم، أو نبهتهم؛
وليكون كل قارئ مفتياً لنفسه بالحق،
وحكما بين الحق وباطلهم.
وقد يعيب علينا بعض من سحرتهم طقوس الصوفية،
وشاعريتها الكهنوتية العنف في المحاجة،
لكننا لهؤلاء نقول: رويدكم!!
فإنما نسمي الأشياء بأسمائها، ونصفها بصفاتها،
فلا نقول عن الزقوم: إنه تفاح الجنة،
ولا عن الغسلين: إنه رحيق الفردوس،
ولا عن الشرك: إنه توحيد،
بل لا نحب أن نداهن النفاق فنزعم أن شرك الصوفية خطأ، فحسب،
وعجب مغرب في العجب، أن نغضب، بل نرتجف من الحنق
إذا دعينا نحن بغير أسمائنا،
ونحقر من ينتسب إلى غير أهله،
ثم لا نغضب من نعت الباطل بأنه حق!!
وعجب ذاهل الدهشة
أن نرمي بالعمى والجهالة من يسم الليل: بأنه نهار مشمس،
أو من يقول عن المر: أنه حلو،
أو من يقول عن الثلاثة: إنها واحد!!
ثم لا نرمي بهما – بالعمى والجهالة –
من ينعت الصوفية بأنها إسلام صحيح،
ومن يقول عن الطائفين حول القبور،
اللائذين بأحجارها الصم: إنهم مسلمون!!
ثم يمكر؛ ليحسب مع المسلمين،
فيقول عن أولئك: ولكنهم مخطئون!!
عجب أن نكفر القائلين بأن الله ثالث ثلاثة،
ثم نحكم بالإيمان الحق لمن ينسبون إلى النبي أنه الصوفي الأول،
وأنه الموحي بدين الصوفية!!
من يقولون: إن الله عين كل شيء وأنه مليون ملايين!!
نحكم بإيمان هؤلاء،
لا لشيء سوى أن لهم أسماء تشاكل أسماء المسلمين!!.
إن الحق والدفاع عنه يحتمان علينا أن نسمي كل شيء باسمه،
ونصفه بصفاته،
وإلا افترينا عليه، وجعلنا للباطل الصولة،
قولوا عنا ما شئتم،
فإن للحق صولة تجتاح كل صولة أخرى،
ولن ينال منها أن ترموا بعض جنده بالعنف في البيان والمحاجة.
وعجيب أن نُرمى بالعنف،
أو ينتقد علينا هذا في الدفاع عن أعظم مقدسات الدين والفضيلة،
والله يقول:
( يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين، واغلظ عليهم،
ومأواهم جهنم وبئس المصير).
قولوا ما شئتم، فليس بنافع ما تتقولون به في الذياد عن الصوفية
أو الإبقاء على رمقها الشاحب المحتضر!!
بل ستبقى رغم تتقولون به تلك الحقائق الصاعقة العاصفة المدمرة
تدك هياكل الصوفية.
ستبقى شاهد عدل وحق ساطع البرهان
على أن الصوفية عدو الإسلام الألد الخصام،
بيد أن هذا العدو، يسحرك بغزل التقبيل،
ويسكرك بخمرة العناق،
حتى إذا أغمضت عيــنـيـك النشوة الحالمة،
أنفذ إلى صميم قلبك خنجره المسموم.
وما نشتري بما نكتب رضاء الناس،
وإنما نبتغي به رضاء الله،
فلله ما بذلت من جهد،
وأضرع إليه سبحانه أن يدخره لي جهداً في سبيله،
وألا يضيعه بذنب منا نقترفه،
وهو مولانا ونعم النصير.
عبدالرحمن عبد الوهاب الوكيل
القاهرة 11 من ربيع الأخر سنة 1375
26 من نوفمبر سنة 1955
*********************
( 1 ) رد عليه كاتب في السودان سماه "الجياد الصافنات في الرد على صوفيات"
ورد عليه في سوريا بكتاب سماه "نسف الصوفيات"
فكان ردهما أبلغ دليل على أن الصوفية وثنية عفنة،
وحجة على أنهم في ضلال ما دمغناهم به .
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
الفصل الأول
ضحية
هذا رجاء شاب مسلم أغوى صباه الغرير سحرُ الصوفية،
فجرَّعتُه زُعافَها يحسبه خمرة الجنة تدهق كئوسها الملائكة،
وغِسلينَها يخاله رحيقاً تُرويه به الحورُ النواعم،
ثم أشرقت على روحه المظلم أشعة الهدى من كتاب الله،
فنظر،
فماذا رأى ؟.
رأى ماضيه الصوفي شيطان كفر مارد يغتال إيمانه،
وشركٍ يعصف بالرمق الشاحب من توحيده،
فيا حَرَّ قلباه !!
كان الفتى اليتيم الروح يأمل أن يمشي على الماء،
وأن يُحلِّق بجناحيه فوق قبة النجوم،
وأن يتحد بالروح الإلهي الأعظم،
وأن يهتك – كالشهاب الثاقب – حُجُبَ "السَّويَّة والغَيْريَّة" ( 1 )
ليشهد حقيقة الوحدة الكبرى، وحدة الوجود، ويسعد بها،
وقد تحققت في ذاته!!
كان يأمل ذلك كله،
فبكل هذه الأساطير المجوسية وعدته الصوفية.
ولكن !!
وآهٍ مما بعده من أدمعٍ وجراح!!.
أمَّلت أن أمشي على الماء،
فكانت الـحُمَمُ المدمدماتُ من سقر!!
أملت أن أحلق بجناحيَّ فوق الأفق،
فإذا هي مأساة المشرك التي قصها الله في كتابه
{ ومن يشرك بالله،
فكأنما خرَّ من السماء، فتخطفه الطيرُ ،
أو تَهْوي به الريح في مكان سحيق } .
فمِن ذروة القمة الحالمِة الخيال هويت
– يدُكُّني الصخر الأصَمُّ الناتئ-
إلى غَوْرٍ سحيق سحيق!!.
وهنالك على الصخور الحدباء بقيت منى أشلاء متأثرة،
تروى لك عبرتي الحزينة المفجوعة!!.
وهنا في القلب الدامي جراحٌ نازفةٌ
تنوح بين يديك بمأساتي الدامية!!.
أمَّلت الاتحاد بالروح الإلهي،
فلم أجد غير الشيطان ينفث في دمي فتونَه،
أملت شهود الوحدة الكبرى!!
وآهٍ من هذه الأسطورة الناعسة الفتنة، المكحولة الآثام!!
فقد وعدتني الصوفية
أن هذه الأسطورة ستجعل مني إلهاً ثائر الرغبات،
عاصف الشهوات،
يَجمَحُ به هواه إلى امتهان ألوهيته
في سبيل هذه الرِّغاب التي تشهَّاها الحرمان
من شاعر ظامئ الجسد.
آه يا يوم التلاقي ليتني كـــنت إلهاً
لأبحــتُ الناسَ للناسِ خدوداً وشفاهاً
وعدتني بالربوبية تتجلى فيَّ بصورة بشرية،
فأصرف الوجودَ بقدري القاهر،
وقضائي الذي لا مردَّ له،
وأسخِّر السماء والأرض، والعواصف والجن، والملائك والحور،
أسخرهم لصَبَوَاتِ شبابي، ونزوات هواي!!.
ألم يبح كاهن الصوفية التلمساني في دينه الأم والأخت،
ويرمي من يحرمهما على الابن والأخ بأنه محجوب ؟! ( 2 )
ألم يؤكد طاغوت الصوفية الأكبر "ابن عربي" ( 3 )
أن الرب الأعظم
غانيةٌ هَلوكٌ تحترق الشفاهُ على ثغرها قبلاً دنسة ملتهبة!!
وأن هذا الرب لا يبلغ كمال تجليه الأعظم
إلا حين يتجسد في صورة أنثى
تجتاح أنوثَتَها خطيئةُ كل عِرْبيد في غيابة الليل!!
قد يتجلي هذا الرب في صورة مَلَك أو رجل،
بَيْدَ أن تَجلِّيه في صورةِ ماجنةٍ تُعْوِل بالشهوة ،
وتصرخ بالرغبة، وتَـتَـقَـتَّــ ل بالمفاتن، وتغازل بالإثم
– تجليه في تلك الصورة أحلى وأجمل، وأتم وأكمل!!.
إذ يتجلى في الرجل بصورة فاعل،
أما في المرأة فيتجلى في صورة فاعل وصورة منفعل،
وصورة فاعل منفعل معاً في مَجْلىً واحد !!. ( 4 )
تـثليث آخر!!
غير أن وراءه شهوة متمردة تَنْزُو به!!
عُذْرَاك إن جَمَحَت بي رغبتي في الذياد عن الحق
إلى ذكر خطايا صوفية، يَدْمى منها حتى الخزي،
وتثير الحياء في صفاقة وجه البَغِي!!
عُذْرَاك فإنما نجاهد لتدمير الطاغوت الأكبر،
وشيخ الصوفية يشكو منا إلى النيابة،
لأننا نكشف لهم ما افتراه الشيطان من أديان وثنية،
فَتَن بها الآبقين من الخَلْق، وسماهم لهم صوفية!!.
فمضى الكهان يبشرون بها على أنها توحيد
يشع منه وحده الحق، وإيمان سماوي الروح، عُذريُّ الحب،
فكان خطرها الناجم الداهم، هو القاصمة،
بل كانت أشد خطراً على المسلمين من المجوسية،
فهذه مُسْتَعْلِنةُ البَغْي لها من قلنسوتها آية.
أما الصوفية،
فبَسَماتٌ حلوة خَلُوب،
ونجاوى ناعمة شَفَّ رقَّتها عشق محروم،
ونغماتٌ عِذَابٌ آسرة،
وعمائم منتفخة كالبطون المُتخمة من الحرام،
ولِحىً بِيضٌ مُرْسَلَة على قلوب سود،
********************
( 1 ) اصطلاحان صوفيان مأخوذان من كلمتي "سوي وغير"
والصوفي الحق في دين الصوفية
من يوقن أنه لا "سوى ولا غير" أي يرى الكل عيناً واحدة!!
( 2 ) ص 177 ج1 مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية.
( 3 ) هو محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي مات سنة 638هـ
( 4 ) سيأتيك نصه بلفظه
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
دين الصوفية
للصوفية مدد من كل نحلة ودين إلا دين الإسلام،
اللهم إلا حين نظن أن للباطل اللئيم مدداً من الحق الكريم،
وأن للكفر الدنس روحاً من الإيمان الطهور.
والصوفية نفسها تبرأ إلا من دين طواغيتها
مؤمنة بأنه هو الحق الخالص.
يقول التلمساني – وهو من كهان الصوفية-
"القرآن كله شرك، وإنما التوحيد في كلامنا " ( 1 )
وابن عربي يزعم أن رسول الله أعطاه كتاب فصوص الحكم
– وهو دين زندقته – وقال له:
"اخرج به إلى الناس ينتفعون به –
ويقول :
فحققت الأمنية كما حَدَّه لي رسول الله بلا زيادة ولا نقصان"
ثم يقول:
فمن الله، فاسمعوا ** إلى الله فارجعوا ( 2 )
على حين يذكر الحق وتاريخه الصادق
أن الصوفية تنتسب إلى كل نِحْلَة مارقة،
وتنتهب منها أخبث ما تدين به،
ثم تفتريه لنفسها، مؤمنة به،
وتحمل على الإيمان به كل فراشة تطيف بجحيمه،
وإلا فهل مِن الإسلام
أسطورة وحدة الوجود،
وخرافة وحدة الأديان ؟!
فتلك تزعم أن الله سبحانه عين خلقه،
عينهم في الذات والصفات والأسماء والأفعال،
تزعم أن واهب الحياة، وخالق الوجود
عين الصخر الأصم، والرمة العفنة!!
ووحدة الأديان تزعم أن كفر الكافر، وخطيئة الفاجر
عين إيمان المؤمن، وصالحة الناسك،
تزعم أن دين الخليل هو دين أبيه آزر،
وأن إيمان موسى عين كفر فرعون،
وأن وثنية أبي جهل عين توحيد محمد،
فكلٌّ رب الدين ورسوله!!
كلٌ تَعَـيُّـنٌ للذات الإلهية،
غير أنها سميت في تَعَـيُّـنٍ بمحمد، وفى أخر بأبي جهل،
وهيَ هيَ في مظهريها، أو اسميها!!
تزعم أن دين إبليس وإيمانه
عين دين أمين الوحي، وروح إيمانه،
بل زادت الخطيئة فجوراً،
فزعمت أن إبليس أعظم معرفة بآداب الحضرة الإلهية
من أمين الوحي، وأسمى مقاماً!!
أفمِن دين الإسلام هذه الخطايا الكافرة ؟!
********************
( 1 ) ص 145 جـ 1 مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية
( 2 ) ص 4 فصوص الحكم بشرح بالي ط 1309هـ
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
افتراء على دين الله
ولكن ما بالي أسرف في الِحجاج؛
لأثبت ما ليس في حاجة إلى دليل يثبته،
بل ما الصوفية – نفسها – تقر مؤمنة به؟!
سلوها لم انتبذت من المسلمين مكاناً قصياً
تسمي فيه المدنسين برجسها صوفيين، لا مسلمين،
والاسمان متقابلان تقابل الظلام الجائر، والضوء الباهر؟
سلوها لم تمقت ما سمي به الله من يعبدونه على بصيرة،
وتَجْنَح إلى اسم ماله من دلالة إلا على كفر أو مذلة ؟
سلوها مَنْ هم كهان دينها، وأحبار طقوسها؟
سلوها لم تُورِّث أحقاد طواغيتها على الكتاب والسنة ؟
سلوها لم تفتن الأغرار عن دين الحق،
فتزعم لهم أن الإسلام شريعة وحقيقة،
تعني بالشريعة ما أوحاه الله إلى رسوله،
وبالأخرى وساوس الأبالسة النافثين لبدع الصوفية.
سلوها ، وسلوها ؟
ولكن لا تكدوا أنفسكم،
فهذا ابن عجيبة الفاطمي الهوى، الصوفي الدين
يلهمكم جواب ما عنه تسألون،
فإليكم ما افتراه:
"وأما واضع هذا العلم "يعني التصوف"
فهو النبي صلى الله عليه وسلم علمه الله بالوحي والإلهام،
فنزل جبريل أولاً بالشريعة فلما تقررت،
نزل ثانياً بالحقيقة،
فخص بها بعضاً دون بعض،
وأول من تكلم فيه، وأظهره سيدنا علي كرم الله وجهه،
وأخذه عنه الحسن البصري " ( 1 )
وإنها لفرية جائرة الإفك على رسول الله،
وبَهت له بجريمة ملعونة،
جريمة كتمان العلم، وأي علم ؟
إنه علم الحقيقة في دين الصوفية !!
أفيكتم الرسول الحق وعلمه ودلائله،
وقد توعد كاتم العلم بعقاب شديد من الله
"من كتم علماً يعلمه الله إياه، ألجم يوم القيامة بلجام من نار " ( 2 )
ثم وراء هذا البهتان اتهام صريح لأبي بكر وعمر وعثمان،
ومعهم خيار الصحابة من السابقين،
بأنهم كانوا أنْضَاء ضلالة وجهالة
بما يعرج بالروح على محبة الله،
وراءه محاولة حقودٌ مصممة على تجريد الجماعة الإسلامية
من خيار سلفها وخيار خلفها من صفة الإيمان الحق.
وحسب الصوفية أن تبوء هي وحدها
بما تبهت به الصديقين والشهداء.
********************
( 1 ) ص 5 إيقاظ الهمم في شرح الحكم لابن عجيبة جـ 1 ط 1913م.
وفي قوله ذاك دليل الصلة الوثيقة بين الصوفية وبين الشيعة التي تؤله أئمتها
( 2 ) أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم وصححة من طريق أبي هريرة
وقال الترمذي: حسن صحيح.
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
وسيلة المعرفة عند الصوفية
ويدين الصوفية ببهتان آخر يدمغها بالمروق عن الإسلام،
ذلك هو اعتقادها أن الذوق الفردي ( 1 )
- لا الشرع، ولا العقل –
هو وحده وسيلة المعرفة ومصدرها.
معرفة الله وصفاته، وما يجب له ( 2 ) ،
فهو – أي الذوق – الذي يقوم حقائق الأشياء،
ويحكم عليها بالخيرية أو الشَّرية، بالحسن أو القبح،
بأنها حق أو باطل،
فلا جرم أن تدين الصوفية بعدد عديد من أرباب وآلهة،
ولا عجب أن ترى النِّحلة منها تعبد وثناً بغير ما تعبده به أخرى،
أو تخنع لصنم يكفر به سواها من النحل الصوفية،
لا عجب من ذلك كله،
ما دامت تجعل "الذوق" الفردي حاكماً وقيماً على المسميات وأسمائها،
فيضع للشيء معناه مرة، ثم ينسخه بنقيضه مرة أخرى.
هذه الحِدَّةُ في تَوتُّر التناقض
صبغة الصوفية دائماً في منطقها المخبول،
ولقد ضربت الصوفيين أهواء أحبارهم بالحيرة والفرقة،
فحالوا طرائق قدداً،
تُؤلِّه كل طريقة منها ما ارتضاه كاهنُها صنماً له،
وتعبده بما يفتريه هواه من خرافات!!
على حين يجمعهم على الوحدة هوى واحد، وغاية واحدة،
هي القضاء على الإسلام والجماعة الإسلامية.
وما إخالك يا سماحة الشيخ تمتري فيما ذكرته لك، فأنت به خبير،
وإلا ففيم هذه الشِّيَعُ المتطاحنة ( 3 ) وفيم هذه المشيخات المتنابذة،
كلما دخلت واحدة منها عليك لعنت أختها،
بل فيم هذه الحرب التي يثيرونها عليك في مكر دنيء ورياء ماكر؛
إذ جلست على عرشهم دون أن تكون لك قدم ثابتة في التصوف،
ودون أن تنصب شيخ طريقة من قبل؟!!
قلها صريحة الجرأة يا سماحة الشيخ،
يهب الله لك هداه، ومقام الصديقين،
وإنه للخير الذي تنشده نفس كل مؤمن.
*******************
( 1 ) يعني به الذوق الخاص بكل إنسان
( 2 ) لم نقل: وما يستحيل عليه.
لأن الصوفية تؤمن بأنه سبحانه يجب له كل شيء ، لأنه عين كل شيء،
فلا يستحيل عليه نقص ولا عجز
( 3 ) يقول رويم البغدادي: "لا يزال الصوفية بخير ما تنافروا، فإن اصطلحوا، هلكوا"
ص 181 طبقات الصوفية للسلمي،
فليتنافر المسلمون، وليتطاحنوا فهذا دين الصوفية.
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
الفصل الثاني
آلهة الصوفية
يفتري الصوفية – فمالهم من سجية غير ذلك –
أنهم الذين يعرفون الله معرفة لا يمس يقينها ريب،
ولا يشوب جلال الحق فيها شبهة،
ويصمون المسلمين بعمى البصيرة ( 1 ) ، وعَمَه العقل،
وخطل الفكر، وجمود العاطفة، وفساد الذوق،
وخمود جذوة الحياة في الشعور،
والإغراق العميق السحيق في المادية الصماء،
والجمود الأحمق على عبادة التاريخ،
وما زالت تلك دعواهم.
فما الرب الذي يعبدونه وإذا شئت إحكام الدقة،
فسلهم: ما الرب الذي اختلقوه، ثم عبدوه ؟
ناشدتك الله
– إن مسَّك فيما أقول وهم ريبة،
أو فتنك منهم عن الحق غزل ابتسامة،
أو ترنيمة عاشقة بتسبيحة أو دعاء،
ناشدتك الله إلا ما قرأت شيئاً من كتبهم،
لتعرف رب الصوفية الأعظم.
اقرأ من الفتوحات، أو الفصوص، أو ترجمان الأشواق،
أو عنقاء مغرب، أو مواقع النجوم، وكلها لابن عربي.
اقرأ من الإنسان الكامل للجيلي،
اقرأ من تائية ابن الفارض وشرحها للنابلسي أو القاشاني،
اقرأ من الطبقات والجواهر والكبريت الأحمر للشعراني،
اقرأ من الإبريز للدباغ،
اقرأ من كتاب الجواهر، والرماح وهما للتيجانية،
وروض القلوب المستطاب لحسن رضوان،
بل اقرأ حتى مجموع الأوراد الذي يتعبدون به الآن
ودلائل الخيرات، "وأحزاب" الكهنة منهم في العشايا والأسحار.
إن الصوفية تنعت ابن عربي
بأنه "الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر" وتخر له ساجدة،
والجيلي بأنه "العارف الرباني والمعدن الصمداني"
وابن الفارض بأنه "سلطان العاشقين"
والشعراني بأنه "الهيكل الصمداني والقطب الرباني"
فما أدعوك إذن إلى تلاوة كتب
تنقم منها الصوفية دلائل الحق، وإشراق الهدى،
بل إلى كتب تقدسها الصوفية على اختلاف نوازعهم،
وتباين أهوائهم، ويجلونها
– ولا أعدو الصدق إذا قلت يعبدونها –
ويرونها الأفق الأسمى لنور التوحيد،
والمنبع السلسال لفيوض الربانية!!
فإن قرأت شيئاً من تلك الكتب،
فتدبر بعده آية واحدة من كتاب الله،
واقذف بنور الحق الإلهي على دياجير الباطل الصوفي،
وثـَمَّتَ يروعك، ويستفز الغِضابَ الثوائر من لعناتك
أن تجد الصوفية تدين برب يتجسد في أحقر الصور،
وتتعين "هُوِيَّتُه وإنِّيَّتُه ( 2 ) في أنتن الجيف،
وتتمثل حقيقته الوجودية صور أوهام في الذهن الكليل،
وظنون حيرى في الفكر الضليل، وتهاويل أسطورية في الخيال.
ألم تُؤَله الصوفية في دين كاهنها التلمساني
رِمَّة كلب تقزز من صديدها الدود ؟! ( 3 )
ومعذرة يا سماحة الشيخ،
فوالذي هدى المسلمين إلى دينه الحق، وأوجب الجهاد دونه،
ما قلت إلا الحق للحق، وما رميت إلا بالحق،
وإن شئت فمرحباً بموعد نلتقي فيه للمحاجة،
فاختر ما شئت من أمكنة،
وإن يكن قبة البدوي!!
وهاك من النصوص ما يكشف لك في جلاء عن معتقدات الصوفية،
وسأختار من النصوص ما لا يمكر به التأويل،
من كتب تتخذها الصوفية شرعة لها ومنهاجاً في الدين،
وتجعل أوثان مَنْ افتروها مطافات تستروح عندها – كما تزعم –
نسائم الجنة، وعبير الخلود، ورَوْح الله،
وتضرع إلى جلاميدها الصُّم
أن تهب للروح السكينة، وللقلب اليقين المطمئن،
وأن تمد الوجود بالحياة الفياضة بالخير واليُمْن والبركة،
وأن تكشف لعبادها حقيقة الربوبية والإلهية ليعرجوا إلى الاتحاد بها،
وترجو ما ينخر في عظامها من سوس،
وينهش لحومها من دود،
أن يصرف كهان الصوفية في أقدار الله،
وأن يجعل لهم السلطان على قضائه،
وأن يُحَلِّق بهم فوق الذرى السامقات
من أقداس الربانية !!
*******************
( 1 ) يقول نيــكلسون: "والصوفية لا يفتئون يعلنون أنهم أمة الله المختارة"
ص 117 الصوفية في الإسلام، ترجمة نور الدين شريبة.
( 2 ) الهوية عندهم هي الحقيقة الباطنة للذات الإلهية،
والإنية هي حقيقتها الظاهرة في مجاليها المتنوعة
( 3 ) مر التلمساني على كلب أجرب ميت في الطريق،
فقال له رفيق له – وكان التلمساني يحدثه عن وحدة الوجود - :
أهذا أيضاً هو ذات الله ؟ مشيراً إلى جثة الكلب.
فقال التلمساني: نعم. الجميع ذاته، فما من شيء خارج عنها .
انظر 145 مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية.
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
إله ابن الفارض ( 1 )
يؤمن هذا الصوفي ببدعة الاتحاد، أو الوحدة سمها بما شئت.
بصيرورة العبد رباً، والمخلوق خلاقاً،
والعدم الذاتي الصرف وجوداً واجباً،
وإذا شئت الحق في صريح من القول،
فقل: هو مؤمن ببدعة الوحدة،
تلك الأسطورة التي يؤمن كهنتها
بأن الرب الصوفي تعين بذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله
في صور مادية، أو ذهنية،
فكان حيواناً وجماداً وإنساً وجناً وأصناماً وأوثاناً.
وكان وهما وظناً وخيالاً،
وكانت صفاته وأسماؤه وأفعاله،
عين ما لتلك الأشياء من صفات وأسماء وأفعال؛
لأنها هيَ هوَ في ماهيته ووجوده المطلق أو المقيد،
وكل ما يقترفه البغاة من خطايا،
وما تنهش الضاريات من لحوم، أو تعرق من عظام،
فهو فعل الرب الصوفي، وخطيئته وجرمه!!
وإخالك الآن تود لو تُسَوَّى بي الأرض،
أو تدهمني – على غِرةٍ صاعقة،
إذ يجري على لسان الحق ذكر ابن الفارض منعوتاً بالزندقة
وتعجب أن يكون سلطان العشق الصوفي زنديقاً!!
وما عليَّ – برحمة الله – مما تود،
ولن يمنعني عجبك في ذهوله
من أن أحكم على ابن الفارض بما ارتضاه هو ديناً له
وتدبر ما سأنقل لك عنه من تائيته،
فلعل يزول عجبك،
جَلَتْ في تجلِّيها الوجودَ لناظري ** ففي كلِّ مَرْئِيٍّ أرآها برؤيةِ
يزعم أن الذات الإلهية هتكت عنه حُجَبَ الغيرية،
وجَلَتْ له الحق المُغَيَّب،
فرأى حقيقة الله متعينة بذاتها في كل مظاهر الوجود،
رأى هذا الكون المادي بكل ما يدب عليه،
أو يغتال الحياة والأعراض في غياهب ليله الساجي، ومغاوره المظلمة،
رآه هو عين الله وماهيته، ورأى وجوده عين وجوده،
فما ثَمَّ من شيء عند ابن الفارض إلا وهو الله،
بل ما للرب – رب ابن الفارض- وجود
سوى وجود تلك الصور المادية،
أو الذهنية المنطبعة عن شيء متحقق، أو متَوهم، أو متخيل.
أما وقد نَعَق بهذا البهتان،
فليفترِ لنفسه ما يترتب على الإيمان به؛
لهذا راح يزعم أنه بذاته اتحد بذات ربه،
فكانت الثنائية في الاسم،
وكانت الوحدة في الحقيقة والوجود،
وأنه في جَلْوَة تلك الوحدة
يشهد في ذاته وصفاته وأفعاله ذات الله وصفاته وأفعاله،
وعن هذا يعبر.
*******************
( 1 ) ابن الفارض هو عمر بن أبي الحسين علي بن المرشد بن علي شرف الدين
الحموي الأصل المصري المولد، توفي سنة 632هـ،
ولم نتحدث عمن سبقه من الصوفية كالحلاج أو البسطامي مثلاً،
لأننى اخترت أن أنقل عمن يجمع الصوفية جميعاً سلفاً وخلفاً على تقديسهم،
أما الحلاج وغيره فيطعن فيه رياء ونفاقاً بعض الصوفية فتركته،
حتى لا يكون لهم رياء معذرة
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
عبادة الأنوثة
ولست أدري لمَ يُغْرَم الصوفية دائماً بنعوت المرأة يحملونها على ربهم،
فيزعمون أن ربهم يتجلى – غَزَلِيَّ الجمال –
في صورة أنثى عاشقة ملهوفة
تَـتَـقَـتَّل بفتون أنوثتها الهيم لحيوان يراودها عن نفسها.
إن هذا الإلحاحَ الجسدي في عبادة الأنوثة
يدفعنا إلى محاولة اكْتِنَاهِ ما يَعتلِجُ به من شعور
يتلظى بالنزوات الملتهبات والشهوات العرابيد؛
لتدرك علة ذلك التَّـمَجُّسِ الصوفي الذي يؤلِّه نار الجسد.
أترى حين استبد بالصوفية عشقُ الأنثى، ولوَّعهم بالحرمان،
أراقوا الغَزَل في هوى المعشوقة،
فلم تُنْد أنوثتُها منهم غليلاً،
ولم تُبِح لحمَها للنابِ الملهوف،
أتراهم حين احترقوا تَلَهفًا حتى إلى ظل أنثى مبذولة،
فلم ينالوا،
صوَّر لهم ما يَؤُجُّ في غرائزهم من سعير
أن الأنثى ليست – إذن – إلا ربًا
تعالت كبرياؤه وتسامى عرشه ؟
أم تراهم – والأنوثة تعاطيهم صَهباءَ إثمها –
أبوا إلا أن يترعوا الدِّنَّ كله، فراحوا يُـمِدُّونها في الغي،
فزعموا لها أن الحقيقة الإلهية ليست إلا أنثى مشتهاة مشتهاة،
وأن حقائق الوجود كله أنوثة
تشرب الشهوات خمر جسدها المُعَتَّق ؟!
يمثل ابن عربي الطائفة الأولى، وستأتيك أنباؤه،
أما ابن الفارض ( 1 ) فاسمع إليه يقول:
ففي النشأة الأولى تراءت لآدم ** بمظهر حواء قبل حكم البُنُوَّةِ
وتظهر للعشاق في كل مظهر ** من اللبسِ في أشكال حُسْنٍ بديعةِ
ففي مرة "لُبْنى" وأخرى "بثينة" ** وآونة تُدْعى"بِعَزَّة" عَزَّتِ
يزعم أن ربَّهُ ظهر لآدم في صورة حواء،
و"لِقَيْسٍ" في صورة "لُبنى" و "لجميل" في صورة "بثينة"
و "لِكُثَيِّر" في صورة "عَزَّة".
فما حواء البشر إلا الحقيقة الإلهية،
وما أولئك العشاق سَكِرَتْ على شفاههن خطايا القبل المحرمة،
وتهاوت بهن اللهفة الجسدية الثائرة تحت شهوات العشاق،
ما أولئك جميعاً سوى رب الصوفية
تجسد في صور غَوَانٍ تطيش بهُدَاهُنَّ نَزْوَةٌ وَلْهَى،
أو نَشوةٌ سَكْرى،
أو رغبة تَتَلَظَّى في عين عاشق!!.
ويسرف ابن الفارض في توكيد أنوثة ربه،
وتجليه أبدا في صورة جسد امرأة يَزِلُّ بها موعد الليل، فيقول:
ولَسْنَ سواها، لا، ولا كُنَّ غيرها ** وما إنْ لها في حسنها من شريكةِ
خشي ابن الفارض أن يتوهم أحد في ربه
أنه يغاير حقيقتَه،أو تتباين صفاته،
وهو يتجلى مرة بعد مرة في صورة غانية،
أو أن يَظُنَّ أن هؤلاء الغانيات "لبنى، بثينة، عزة"
تغاير حقائقهن حقيقة ربه في شيء ما،
خشي ابن الفارض ذلك،
فاستدرك على الأوهام بما يحيلها يقيناً ثابتاً في أنوثة ربه،
فقال: " ولسن سواها، لا، ولا كن غيرها"
وهكذا صدق فيهم قول الله :
( إن يدعون من دونه إلا إناثاً،
وإن يدعون إلا شيطاناً مَرِيداً )
ماذا يحدث للشباب المسلم، ومنه
لو أنه آمن بهذه الصوفية ؟!
فليفهم كل عاشق يطويه الليل على خاطئة
أنه حين يقترف الخطيئة مع أنثاه،
وتعربد في جسدها الرَّخْص أنيابُه وأظفاره،
ليفهم كل عاشق أن أنثاه هذه التي يعرق أنوثتها
ليست إلا رب الصوفية الأعظم !!.
وليُصَحِّحْ مؤرخو الأدب تاريخه،
فابن الفارض يؤكد أن أولئك العشاق "قيس، جميل، كثير"
وكل شعراء العشق لم يُريقوا خمور الغزل
إلا للذات الإلهية
متجسدة في صور عشيقاتهن القواتل !!.
أَوَعَيْت إذن علة إطلاق الصوفية على أربابهم أسماء نسوة ( 2 )
جُلُّهن عواطل من الفضيلة،
عوارٍ عن الشرف ؟!
وعلة عبادتهم لأجساد تلظى فيها الشيطان،
وعربد بخطاياه ؟
ذلك لأن كهان الصوفية أوحوا إليهم
أن أربابهم تتجلى دائماً في صور إناث
تَجَرَّدْنَ لخطايا العشق،
وآثام الليل في حانِ الغرام !!.
ومعذرة إلى من يقرءون للهدى
عما أثرته في نفوسهم من غثيان
بذكر هذا القيء القذر من الكفر الصوفي،
وعما يحسونه بنقل تلك الأبيات
من حَرَجٍ تختنق فيه العاطفة ...
******************
( 1 ) يصور لنا أحد أتباع ابن الفارض لوناً من ألوان مجون سلطان العاشقين فيقول:
"دفع إليَّ دارهم، وقال: اشتر لنا بها شيئاً للأكل، فاشتريت ومشينا إلى الساحل،
فنزلنا في مركب، حتى طلع البهنسا، فطرق باباً، فنزل شخص فقال: بسم الله،
وطلع الشيخ، فطلعت معه، وإذا بنسوة بأيديهن الدفوف والشبابات، وهم يغنون له،
فرقص الشيخ إلى أن انتهى، وفرغ ونزلنا، وسافرنا حتى جئنا إلى مصر،
فبقي في نفسي شيء،
فلما كان في هذه الساعة جاءه الشخص الذي فتح له الباب،
فقال له: يا سيدي فلانة ماتت – وذكر واحدة من أولئك الجواري – فقال: اطلبوا الدلال،
وقال: اشتر لي جارية تغني بدلها، ثم أمسك أذني،
فقال: لا تنكر على الفقراء !!"
ص 319 جـ 4 لسان الميزان لابن حجر العسقلاني طبع الهند 1230هـ.
هذا هو ابن الفارض القديس يرقص ويغني والنسوة يرقصن معه ويضربن له الدفوف!!
ومع هذا يحرِّم على تابعه أن ينتقده!!
وهكذا كل الشيوخ
( 2 ) أنصت إلى المنشدين اليوم في حلق الرقص الصوفي أو الذكر كما يزعمون
تجدهم يرقصون الذاكرين على مناجاة "ليلى وسعاد" وغيرهما!!
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
لمن كان سجود الملائكة ؟
ولا يمل ابن الفارض من تكرار إفكه الوثني
يزعم فيه أنه هو الله،
فيضيف إليه أنه عين رسل الله أيضاً،
وعين آدم الأب الأول للبشرية،
وعين الملائكة الذين سجدوا لآدم.
وفيَّ شهدتُ الساجدين لِمَظْهَري (1) ** فَحَقَّقْتُ أني كنتُ آدمَ سَجْدتي
وإليك شرح القاشاني – وهو كاهن صوفي – لهذا البيت:
"أي عاينت في نفسي الملائكة الساجدين لمظهري،
فعلمت حقيقةً أني كنت في سجدتي آدم تلك السجدة،
وأن الملائكة يسجدون لي – والملائكة صفة من صفاتي ( 2 ) ،
فالساجد صفة مني تسجد لذاتي" ( 3 )
أرأيت إلى شرح القاشاني؟
لقد نقلته لك بلفظه مثلا لما يشرح به الصوفية أساطير دينهم؛
لتؤمن أنى لم أمِلْ مع الهوى
فيما شرحت لك به أبيات ابن الفارض،
وأظنني ما بلغت مبلغ القاشاني في الشرح،
فهو صوفي يدين بالتائية.
وحسبنا هذا من سلطان عشاق الصوفية !!
******************
( 1 ) يعني به آدم عليه السلام، فهو في دينه تجسد للذات الإلهية التي هي ابن الفارض
( 2 ) فسرالملائكة بأنها صفات، ليتقي القول بالغيرية والتعدد،ولكيلا يعترض عليه بمثل هذا:
ما دمت تتحدث عن ساجدين وعن مسجود له فقد قلت بذوات كثيرة، وأغيار عديدة..
لا يعترض عليه بمثل هذا
لأنه يزعم أن الملائكة ليست ذوات. وإنما هي صفات للذات الإلهية
والصفات عنده عين الذات،
فلا تعدد، ولا غيرية !!
( 3 ) ص 89 جـ 2 كشف الوجوه الغر على هامش شرح الديوان طبع 1310هـ
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
إله ابن عربي
أما هذا الطاغوت الأكبر،
فقد افترى للصوفية رباً عجيباً
يجمع بين النقيضين المُتَوتِّرَيْن في ذاته،
وبين الضدين الحقيقيين في صفاته،
فهو الوجود الحق، وهو العدم الصرف،
هو الخلاق، وهو المخلوق،
هو عين كل كائن، وصفاته
عين صفات كل موجود وكل معدوم،
هو الحق الكريم والباطل اللئيم،
هو الفكرة العبقرية، والخرافة الحمقاء،
هو الخاطرة الملهمَة، والوهم الذاهل، والخيال الحيران،
والمستحيل الذي لا يتصور فيه العقل أبداً
أن يخطر حتى مرة واحدة في بال الإمكان،
والممكن الذي يرى فيه الفكر أجلى معاني الإمكان،
والذي لا يتوهم فيه العقل وهم استحالة.
هو المؤمن، وهو الكافر،
هو الموحد الخالص التوحيد، وهو المشرك الأصم الوثنية.
هو الجماد الغليظ،
وهو الحيوان ذو المشاعر المرهفة، والحساسية المتوقدة،
هو الملاك الساجد تحت العرش،
وهو الشيطان الذي يصطرخ في سقر،
هو القديس الناسك يذوب قلبه في دموع التسابيح،
وهو العِربيد يضج الماخور من بغي خطاياه،
هو الراهبة التي تحيا على محبة الله وتقواه ،
وهو الغانية التي تحيا للجسد المبذول ، وتعيش على ثمنه ،
هو النور يغمر الوجود بمباهجه،
وهو الظلام موَّار الكهوف بالفزع والرهبة،
تلك هي بعض ذاتيات رب ابن عربي،
وبعض خصائص الإله الصوفي !!.
ولهذا يؤمن الطاغوت
بأن اليهود عُبَّاد العجل ناجون،
بل يؤمن بأنهم كانوا على علم بحقيقة الألوهية،
لم ينعم موسى ولا [ هارون ] بلمحة من تجلياته،
ولا ببارقة من انكشاف الأسرار الإلهية المغيبة له!!
لأنهم ما قصروا العبادة على فكرة مجردة خاوية كموسى،
وإنما عبدوا الرب متجلياً في صورة عجل،
فأدركوا من حقيقة الأمر ما لم يدركه [ هارون ]،
وهو أن الذات الإلهية لا تُعبد
إلا حين تتجلى في صور خَلْقِيَّة!!.
ويؤمن ابن عربي بقدسية عبدة الأصنام،
ويمجد صدق إيمانهم وإخلاص توحيدهم،
يؤمن بالصابئة عباداً يوحدون الله، ويخلصون له الدين،
يؤمن بسمو إيمان الذين عبدوا ثلاثة آلهة
غير أنه يعيب عليهم قصورهم عن إدراك الحقيقة كاملة؛
إذ عبدوا الله في ثلاثة أقانيم،
على حين كان الواجب أن يعبدوه في كل شيء،
فليس الرب عنده هو تلك الأقانيم فحسب،
وإنما هو عين ما يُرى أو يُحَس،
فأصحاب الثالوث عنده مخطئون؛
لأنهم عبدوا بعض مظاهر الرب،
أو بعض تَعَيُّناته وكان واجباً أن يعبدوه في الكل؛
لأنه هو ذلك الكل فيما ظهر منه، وفيما بطن!! ( 1 )
******************
( 1 ) اقرأ الفص "العيسوي" و "المحمدي" من فصوص الحكم لابن عربي .
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
ربوبية كل شيء
واسمع إليه يؤكد لك أن كل شيء هو الله سبحانه :
" سبحان من أظهر الأشياء، وهو عَيْنُها " ( 1 )
"إن العارف من يرى الحق (الله) في كل شيء
، بل يراه عين كل شيء " ( 2 )
وكلمة "شيء" في دين الطاغوت
تُطْلَق حتى على الصور الذهنية والوهمية وعلى العدميات،
فوق إطلاقها على كل موجود
له كيانه المادي المستقل المتقوم بذاتياته وخصائصه.
فابن عربي كما ترى أصرح الدعاة إلى وحدة الوجود،
بل هو كاهنها الأكبر!!.
******************
( 1 ) ص 604 جـ2 الفتوحات المكية لابن عربي.
( 2 ) ص 374 فصوص بشرح بالي،
ص 382 بشرح قاشاني،
ص 192 جـ1 بتحقيق الدكتور عفيفي.
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
الربُّ إنسان كبير
واسمع إليه يحكم على ربه
بأنه يجب أن يوصف بما يوصف به الخلق،
حتى بما فيهم من نقص و عجز و حمق و جهالة،
ويُحَدَّ بما يُحَدُّ به كلُّ كائن على حدة:
"فما يُحَدُّ شيء إلا وهو حَدُّ الحق، ( 1 )
فهو الساري في مُسمى المخلوقات والمبدَعات
فهو الشاهد من الشاهد،
والمشهودُ من المشهود،
فالعالم صورته،
وهو روح العالم المدبر له،
فهو الإنسان الكبير " ( 2 )
******************
( 1 ) والحد هو أتم أنواع التعريف، فإذا عرَّفت الصنم مثلا بحد ما،
فهذا التعريف صادق على الرب الصوفي، لأنه هو ذلك الصنم نفسه .
( 2 ) ص 111 فصوص الحكم ط الحلبي.
رد: هذه هي الصوفية / للشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى
الرب هو صور العالم
واسمع إليه يؤكد لك أن ربه هو كل ما ترى من صور العالم:
"هي ظاهر الحق؛ إذ هو الظاهر،
وهو باطنها؛ إذ هو الباطن،
وهو الأول؛ إذ كان، ولا هي،
وهو الآخر؛ إذ كان عينَها عند ظهورها ( 1 ) "
وتدبر تعريف ابن عربي لربه بقوله:
"هو عين ما ظهر، وهو عين ما بطن في حال ظهوره،
وما ثَمَّ من يراه غيره ،( 2 )
وما ثم من يبطن عنه،
فهو ظاهر لنفسه، باطن عنه،
وهو المسمى أبا سعيد الخراز ( 3 ) ،
وغير ذلك من أسماء المرئيات " ( 4 )
والعارف الحق بالله عند ابن عربي هو من يرى
"سريان الحق (الله) في الصور الطبيعية والعنصرية،
وما بقيت له صورة
إلا ويرى عينَ الحق فيها " ( 5 )
******************
( 1 ) ص 112 فصوص ط الحلبي
( 2 ) يعني أنك إذا رأيت إنساناً، أو حجراً، فقد رأيت الرب الصوفي،
بل الرائي والمرئي هما عين ذلك الرب .
( 3 ) هو أحمد بن عيسى ممن تكلم في الفناء الصوفي توفي سنة 279
( 4 ) ص 77 جـ 1 فصوص ط الحلبي
( 5 ) ص 181 المصدر السابق