شعبة رحمه الله والرحلة في طلب العلم
عن نصر بن حماد الوراق، قال:
كنا قعوداً على باب شعبة نتذاكر، قلت: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحق عن عبدالله بن عطاء عن عقبة بن عامر، قال:
كنا نتناوب رعاية الإبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت ذات يوم والنبي صلى الله عليه وسلم جالساً وحوله أصحابه، فسمعته يقول:" من توضأ فأحسن الوضوء ثم دخل مسجداً فصلى ركعتين واستغفر الله، غفر الله له".قلت: بخ بخ. قال: فجذبني رجل من خلفي، فالتفت فإذا هو عمر بن الخطاب، فقال: الذين قال قبل أحسن. قال: "من شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، قيل له: ادخل من أي أبواب الجنة شئت".
قال: فخرج إلى شعبة فلطمني ثم دخل، ثم خرج، فقال: ما له قعد يبكي؟
فقال له إدريس: إنك أسأت إليه.
فقال: أما تنظر ما يحدث عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبدالله بن عطاء عن عقبة؟ أنا قلت لأبي إسحاق من حدثك؟
قال: حدثني عبدالله بن عطاء عن عقبة؟
قلت: سمع عبدالله بن عطاء من عقبة؟
قال: فغضب ـ ومسعر ابن كدام ـ حاضر، فقال أغضب الشيخ. فقال مسعر: عبدالله بن عطاء بمكة.
فرحلت إلى مكة لم أرد الحج أردت الحديث، فلقيت عبدالله بن عطاء، فسألته.
فقال: سعد بن إبراهيم حدثني، فقال لي مالك بن أنس: سعد في المدينة لم يحج العام .
فرحلت إلى المدينة، فقلت سعداً،
فقال: الحديث من عندكم، زياد بن مخراق حدثني.
قال شعبة: فقلت: أيش هذا الحديث؟ بينا هو كوفي إذا صار مدنياً إذ رجع إلى البصرة ...
فلقيت زياد بن مخراق فسألته.
فقال: ليس هو من بابتك.
قلت: حدثني به.
قال: لا تريده.
قلت: حدثني به.
قال: حدثني شهر بن حوشب عن أبي ريحانة عن عقبة.
قال شعبة: فلما ذكر شهراً قلت: دمر هذا الحديث، لو صح لي مثل هذا الحديث كان أحب إلى من أهلي ومالي ومن الناس أجمعين .(1)
______________________________ _________________
(1) المصدر : الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي رحمه الله
رد: شعبة رحمه الله والرحلة في طلب العلم
رحمهم الله تعالى، فَلَكَمْ تعبوا من أجل العلم
رد: شعبة رحمه الله والرحلة في طلب العلم
رحم الله شعبة وأهل الحديث جميعًا
رد: شعبة رحمه الله والرحلة في طلب العلم
وليس أدل على ذلك مما حكاه ابن أبي حاتم عن أبيه –رحمهما الله تعالى- أنه قال: "بَقِيْتُ فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ بِالبَصْرَةِ، وَكَانَ فِي نَفْسِي أَنْ أُقِيْمَ سَنَةً، فَانْقَطَعَتْ نَفَقَتِي، فَجَعَلْتُ أَبِيْعُ ثِيَابِي حَتَّى نَفِدَتْ، وَبَقَيْتُ بِلاَ نَفَقَةٍ، وَمَضَيْتُ أَطُوْفُ مَعَ صَدِيْقٍ لِي إِلَى المَشْيَخَةِ، وَأَسْمَعُ إِلَى المَسَاءِ، فَانْصَرَفَ رَفِيْقِي، وَرجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، فَجَعَلْتُ أَشْرَبُ المَاءَ مِنَ الجُوْعِ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ، فَغَدَا عَلَيَّ رَفِيْقِي، فَجَعَلْتُ أَطُوْفُ مَعَهُ فِي سَمَاعِ الحَدِيْثِ عَلَى جُوْعٍ شَدِيْدٍ، وَانصَرَفْتُ جَائِعاً، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ، غَدَا عَلَيَّ، فَقَالَ: مُرَّ بِنَا إِلَى المَشَايِخِ. قُلْتُ: أَنَا ضَعِيْفٌ لاَ يُمْكِنُنِي. قَالَ: مَا ضَعْفُكَ؟ قُلْتُ: لاَ أَكْتُمُكُ أَمْرِي، قَدْ مَضَى يَوْمَان مَا طَعمتُ فِيْهِمَا شَيْئًا. فَقَالَ: قَدْ بَقِيَ مَعِيَ دِيْنَارٌ، فَنِصْفُهُ لَكَ، وَنَجْعَلُ النِّصْفَ الآخَرَ فِي الكِرَاءِ، فَخَرَجْنَا مِنَ البَصْرَةِ، وَأَخَذْتُ مِنْهُ النِّصْفَ دِيْنَار"([1]).
وحكى أيضًا ابن أبي حاتم عن أبيه في مقدمة ((الجرح والتعديل)) تحت باب: ((ما لقي أبي من المقاساة في طلب العلم من الشدة)) أنه قال: "لما خرجنا من المدينة من عند داود الجعفري صرنا إلى الجار وركبنا البحر، وكنا ثلاثة أنفس أبو زهير المروزي شيخ، وآخر نيسابوري فركبنا البحر، وكانت الريح في وجوهنا فبقينا في البحر ثلاثة أشهر، وضاقت صدورنا، وفني ما كان معنا من الزاد وبقيت بقية فخرجنا إلى البر فجعلنا نمشي أيامًا على البر حتى فني ما كان معنا من الزاد والماء، فمشينا يومًا وليلة لم يأكل أحد منا شيئا، ولا شربنا، واليوم الثاني كمثل، واليوم الثالث، كل يوم نمشي إلى الليل فإذا جاء المساء صلينا وألقينا بأنفسنا حيث كنا، وقد ضعفت أبداننا من الجوع والعطش والعياء، فلما أصبحنا اليوم الثالث جعلنا نمشي على قدر طاقتنا فسقط الشيخ مغشيًّا عليه؛ فجئنا نحركه وهو لا يعقل، فتركناه ومشينا أنا وصاحبي النيسابوري قدر فرسخ أو فرسخين، فضعفت وسقطت مغشيًّا عليَّ، ومضى صاحبي وتركني، فلم يزل هو يمشي إذ بصر من بعيد قومًا قد قربوا سفينتهم من البر، ونزلوا على بئر موسى >، فلما عاينهم لوح بثوبه إليهم فجاءوه معهم الماء في إداوة، فسقوه وأخذوا بيده فقال لهم: الحقوا رفيقين لي قد ألقوا بأنفسهم مغشيًّا عليهم؛ فما شعرت إلا برجل يصب الماء على وجهي، ففتحت عيني فقلت: اسقني. فصب من الماء في ركوة أو مشربة شيئًا يسيرًا فشربت، ورجعت إلى نفسي، ولم يروني ذلك القدر؛ فقلت: اسقني. فسقاني شيئا يسيرا وأخذ بيدي؛ فقلت: ورائي شيخ مُلْقًى، قال: قد ذهب إلى ذاك جماعة، فأخذ بيدي وأنا أمشي أجر رجلي ويسقيني شيئا بعد شئ حتى إذا بلغت إلى عند سفينتهم وأتوا برفيقي الثالث الشيخ وأحسنوا إلينا أهل السفينة، فبقينا أيامًا حتى رجعت إلينا أنفسنا، ثم كتبوا لنا كتابًا إلى مدينة يقال لها: راية. إلى واليهم وزودونا من الكعك والسويق والماء؛ فلم نزل نمشي حتى نفد ما كان معنا من الماء والسويق والكعك فجعلنا، نمشي جياعًا عطاشًا على شط البحر، حتى وقعنا إلى سلحفاة قد رمى به البحر مثل الترس، فعمدنا إلى حجر كبير فضربنا على ظهر السلحفاة فانفلق ظهره، وإذا فيها مثل صفرة البيض، فأخذنا من بعض الأصداف الملقى على شط البحر فجعلنا نغترف من ذلك الاصفر فنتحساه حتى سكن عنا الجوع والعطش، ثم مررنا وتحملنا حتى دخلنا مدينة الراية، وأوصلنا الكتاب إلى عاملهم، فأنزلنا في داره وأحسن إلينا، وكان يقدم إلينا كل يوم القرع ويقول لخادمته: هاتي لهم باليقطين المبارك. فيقدم إلينا من ذاك اليقطين مع الخبز أيامًا؛ فقال واحد منا بالفارسية: ألا تدعو باللحم المشؤوم؟ وجعل يسمع الرجل صاحب الدار، فقال: أنا أحسن بالفارسية؛ فإن جدتي كانت هروية فأتانا بعد ذلك باللحم، ثم خرجنا من هناك وزودنا إلى أن بلغنا مصر"([2]).
([1]) ((الجرح والتعديل)) لابن أبي حاتم ص363-364، ((سير أعلام النبلاء)) 13/257.
([2]) ((الجرح والتعديل)) ص364-366.
رد: شعبة رحمه الله والرحلة في طلب العلم
وعن عبد الرحمن قال: سمعت أبي يقول: "أول سنة خرجت في طلب الحديث أقمت سبع سنين أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ: لم أزل أحصى حتى لما زاد على ألف فرسخ تركته، ما كنت سرت أنا من الكوفة إلى بغداد، فما لا أحصي كم مرة، ومن مكة إلى المدينة مرات كثيرة، وخرجت من البحرين من قرب مدينة صلا إلى مصر ماشيًا، ومن مصر إلى الرملة ماشيًا، ومن الرملة إلى بيت المقدس، ومن الرملة إلى عسقلان، ومن الرملة إلى طبرية، ومن طبرية إلى دمشق، ومن دمشق إلى حمص، ومن حمص إلى أنطاكية، ومن أنطاكية إلى طرسوس، ثم رجعت من طرسوس إلى حمص، وكان بقي عليَّ شيء من حديث أبي اليمان فسمعت، ثم خرجت من حمص إلى بيسان، ومن بيسان إلى الرقة، ومن الرقة ركبت الفرات إلى بغداد، وخرجت قبل خروجي إلى الشام من واسط إلى النيل، ومن النيل إلى الكوفة، كل ذلك ماشيًا، كل هذا في سفري الأول وأنا ابن عشرين سنة أجول سبع سنين"([1]).
([1]) السابق: ص359-360.
رد: شعبة رحمه الله والرحلة في طلب العلم
بارك الله فيكم ،، رحم الله السلف صانوا العلم فصانهم.. فالعلم يؤتى ولا يأتي فالرحلة في طلب العلم سمة العلماء