رد: كيفية التعامل مع الناس
****إفشـــاء الأســـرار سبــــــب الهــلاك*****
============================== =======
قال ابن الجوزي / صيد الخاطر
رأيت أكثر الناس لا يتمالكون من إفشاء سرهم، فإذا ظهر، عاتبوا من أخبروا به. فوا عجبًا! كيف ضاقوا بحبسه ذرعًا، ثم لاموا من أفشاه؟!
وفي الحديث: "استعينوا على قضاء أموركم بالكتمان".
ولعمري، إن النفس يصعب عليها كتم الشيء، وترى بإفشائه راحة، خصوصًا إذا كان مرضًا أو همًّا أو عشقًا، وهذه الأشياء في إفشائها قريبة؛ إنما اللازم كتمانه احتيال المحتال فيما يريد أن يحصل به غرضًا،
فإن من سوء التدبير إفشاء ذلك قبل تمامه، فإنه إذا ظهر، بطل ما يراد أن يفعل، ولا عذر لمن أفشى هذا النوع.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا، ورى بغيره.
فإن قال قائل: إنما أحدث من أثق به.
قيل له: و كل حديث جاوز الاثنين شائع، وربما لم يكتم صديقك، وكم قد سمعنا من يحدث عن الملوك بالقبض على صاحب، فنم الحديث إلى الصاحب، وهرب، ففات السلطان مراده!
وإنما الرجل الحازم الذي لا يتعداه سره، ولا يفشيه إلى أحد.
وستر المصائب من جملة كتمان السر؛ لأن إظهارها يسر الشامت، ويؤلم المحب.
وكذلك ينبغي أن يكتم مقدار السن؛ لأنه إن كان كبيرًا، استهرموه، وإن كان صغيرًا، احتقروه.
ومما قد انهال فيه كثير من المفرطين: أنهم يذكرون بين أصدقائهم أميرًا أو سلطانًا، فيقولون فيه، فيبلغ ذلك إليه، فيكون سبب الهلاك.
وربما رأي الرجل من صديقه إخلاصًا وافيًا، فأشاع سره. وقد قيل:
احذر عدوك مرةً ... واحذر صديقك ألف مره
فلربما انقلب الصديـ ... ـق فكان أدرى بالمضره
ورب مفشٍ سره إلى زوجة أو صديق، فيصير بذلك رهينًا عنده، ولا يتجاسر أن يطلق الزوجة، ولا أن يهجر الصديق، مخافة أن يظهر سره القبيح.
فالحازم من عامل الناس بالظاهر، فلا يضيق صدره بسره، فإن فارقته امرأة أو صديق أو خادم، لم يقدر أحد منهم أن يقول فيه ما يكره.
ومن أعظم الأسرار الخلوات، ليحذر الحازم فيها من الانبساط بمرأى من مخلوق، ومن خلق له عقل ثاقب، دله على الصواب قبل الوصايا.
رد: كيفية التعامل مع الناس
****كيــــــف تتعامــــــل مــع الغضبــــــــــ ـــان****
=======================
قال ابن الجوزي / صيد الخاطر:
متى رأيت صاحبك قد غضب، وأخذ يتكلم بما لا يصلح، فلا ينبغي أن تعقد على ما يقوله خنصرًا، ولا أن تؤاخذه به، فإن حاله حال السكران، لا يدري ما يجري. بل اصبر لفورته، ولا تعول عليها؛ فإن الشيطان قد غلبه، والطبع قد هاج، والعقل قد استتر.
ومتى أخذت في نفسك عليه، أو أجبته بمقتضى فعله، كنت كعاقل واجه مجنونًا، أو كمفيق عاتب مغمى عليه، فالذنب لك.
بل انظر بعين الرحمة، وتلمح تصريف القدر له، وتفرج في لعب الطبع به، واعلم أنه إذا انتبه، ندم على ما جرى، وعرف لك فضل الصبر.
وأقل الأقسام أن تسلمه فيما يفعل في غضبه إلى ما يستريح به.
وهذه الحالة ينبغي أن يتلمحها الولد عند غضب الوالد، والزوجة عند غضب الزوج، فتتركه يشتفي بما يقول، ولا تعول على ذلك، فسيعود نادمًا معتذرًا.
ومتى قوبل على حالته ومقالته؛ صارت العداوة متمكنة، وجازى في الإفاقة على ما فعل في حقه وقت السكر.
وأكثر الناس على غير هذه الطريق: متى رأوا غضبان، قابلوه بما يقول ويعمل، وهذا على غير مقتضى الحكمة، بل الحكمة ما ذكرته، {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت:43]
===============
مواقف من السلف في التعامل مع الغضب و هي من مختصر منهاج القاصدين:
شتم رجل ابن عباس رضى الله عنه فلما قضى مقالته، فقال : يا عكرمة، انظر هل للرجل حاجة فنقضيها ؟ فنكس الرجل رأسه واستحى .
وأسمع رجل معاوية كلاماً شديداً فقيل له : لو عاقبته ؟
فقال : إني لأستحي أن يضيق حلمي عن ذنب أحد من رعيتي .
و أقسم معاوية نطعاً ، فبعث منها إلى شيخ من أهل دمشق فلم يعجبه فجعل عليه يميناً أن يضرب رأس معاوية، فأتى معاوية فأخبره، فقال له معاوية : أوف بنذرك وارفق بالشيخ .
وجاء غلام لأبى ذر وقد كسر رجل شاة له، فقال له : من كسر رجل هذه ؟
قال : أنا فعلته عمداً لأغيظك، فتضربنى، فتأثم .
فقال : لأغظين من حرضك على غيظي، فأعتقه .
وشتم رجل عدى ابن حاتم وهو ساكت، فلما فرغ من مقالته قال : إن كان بقي عندك شئ فقل قبل أن يأتي شباب الحي، فإنهم إن سمعوك تقول هذا لسيدهم لم يرضوا .
ودخل عمر بن عبد العزيز المسجد ليلة في الظلمة، فمر برجل نائم فعثر به، فرفع رأسه وقال : أمجنونٌ أنت ؟
فقال عمر : لا،
فهم به الحرس، فقال عمر : مه، إنما سألني أمجنون ؟ فقلت : لا .
ولقي رجل على بن الحسين رضى الله عنهما، فسبه، فثارت إليه العبيد، فقال : مهلاً، ثم أقبل على الرجل فقال : ما ستر عنك من أمرنا أكثر، ألك حاجة نعينك عليها ؟
فاستحى الرجل، فألقى عليه خميصة كانت عليه، وأمر له بألف درهم، فكان الرجل بعد ذلك يقول : أشهد أنك من أولاد الرسول .
وقال رجل لوهب بن منبه : إن فلاناً شتمك، فقال : ما وجد الشيطان بريداً غيرك
رد: كيفية التعامل مع الناس
كيف تتعامل مع الناس إن كنت تاجرا؟
**بركة البيع في القناعة في الربح و تبيين العيب**
قِيلَ لِلزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَ بَلَغْتَ هَذَا الْمَالَ قَالَ إنِّي لَمْ أَرُدُّ رِبْحًا وَلَمْ أَسْتُرْ عَيْبًا
**التاجر إما برا أو فاجرا**
قال صلى الله عليه و سلم ( صحح هذه الأحاديث الألباني):
وعن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده رضي الله عنهما أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون فقال يا معشر التجار فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه فقال:
إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق.
و قال:
إن التجار هم الفجار . قيل يا رسول الله : أو ليس قد أحل الله البيع ؟ قال :
بلى ، و لكنهم يحدثون فيكذبون ، و يحلفون فيأثمون " .
و قال:
التاجرُ الأمينُ الصدوقُ المسلمُ : مع النبيّين، والصّديقين، و الشُّهداء يومَ القيامة).
**من لم يبارك الله له في تجارة فليتحول عنها إلى غيرها**
جاء في الآداب الشرعية:
قَالَ الْقَاضِي يُسْتَحَبُّ إذَا وَجَدَ الْخَيْرَ فِي نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ أَنْ يَلْزَمَهُ وَإِنْ قَصَدَ إلَى جِهَةٍ مِنْ التِّجَارَةِ فَلَمْ يُقْسَمْ لَهُ فِيهِ رِزْقٌ عَدَلَ إلَى غَيْرِهِ لِمَا رَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مَرْفُوعًا { إذَا رُزِقَ أَحَدُكُمْ فِي الْوَجْهِ مِنْ التِّجَارَةِ فَلْيَلْزَمْهُ } .
وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَنْ اتَّجَرَ فِي شَيْءٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا فَلْيَتَحَوَّلْ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَانَ يُقَالُ إذَا لَمْ يُرْزَقْ الْإِنْسَانُ بِبَلْدَةٍ فَلْيَتَحَوَّلْ إلَى أُخْرَى قَالَ
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ : بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ مَنْ كَانَ لَهُ رِزْقٌ فِي شَيْءٍ فَلْيَلْزَمْهُ
**آداب يجب أن تتوفر في التاجر:**
1-حسن النية فى التجارة، فلينو بها الاستعفاف عن السؤال، وكف الطمع عن الناس، والقيام بكفاية العيال، ليكون بذلك من جملة المجاهدين، ولينوا النصح للمسلمين .
2-معرفة ما يلزمه من أبواب البيوع و الزكاة
3-الحرص على صلاة الفجر لحديث :بورك لأمتي في بكورها
4-الإحسان بالمعاملة، وقد أمر الله تعالى بالعدل والإحسان، فمن الإحسان المسامحة فى البيع ، وأن لا يغبنه فى الربح بما لا يتغابن فى العادة، فأما أصل المغابنة فمأذون فيه، لأن البيع للربح، ولكن يراعى فيه التقريب، فإن بذل المشترى زيادة على الربح المعتاد لشدة رغبته وحاجته، فينبغي أن يمتنع البائع من قبول ذلك، فإن ذلك من الإحسان .
ومن ذلك أنه إذا أراد استيفاء الثمن أو الدين، فيحسن تارة بالمسامحة وتارة بحط البعض، وتارة بالإنظار، وتارة بالتساهل، وتارة فى جودة النقد . ومن الإحسان : أن يقيل من يستقيله، فإنه لا يستقيل إلا متضرر بالبيع، والأحاديث تشهد بفضل هذه الأمور المذكورة، وما لصاحبها من الأجر والثواب( مختصر منهاج القاصدين)
4-أن لا يمنعه سوق الدنيا عن سوق الآخرة، وسوق الآخرة المساجد، فينبغي أن يجعل أول النهار إلى وقت دخول السوق لآخرته، فيواظب على الأوراد، وقد كان صالحو السلف من التجار يجعلون أول النهار وآخره للآخرة، ووسطه للتجارة، وإذا سمع أذان الظهر والعصر، فينبغي أن يترك المعاش اشتغالاً بأداء الفرض . ( مختصر منهاج القاصدين)
5-مراقبة أجهزة وزن البضاعة
6-القناعة في الربح
7-غض البصر و عدم الاسترسال بالكلام مع النساء و التعامل معهن على قدر الحاجة و اجتناب الضحك فيطمع الذي في قلبه مرض
8-دعوة الناس و ارشادهم
**اجتناب الظلم فى المعاملة**
جاء في مختصر منهاج القاصدين
الأمر الثاني : وهو العدل، واجتناب الظلم فى المعاملة، ونعنى بالظلم ما يتضرر به الغير، وهو ينقسم إلى ما يعم ضرره وما يخص .
الأول : الاحتكار، وهو منهي عنه لما فيه من غلاء السعر وتضييق الأقوات على الناس .
وصفته : أن يستكثر من ابتياع الغلات فى الغلاء، ويتربص بها زيادة الأسعار، فأما إذا دخلت له غلة من ضيعته وحبسها، فليس محتكراً، وكذلك إذا كان الشراء فى حال الاتساع والرخص على صفة لا يضيق على الناس ، وفى الجملة تكره التجارة فى القوت، لأنه قوام الآدمي .
القسم الثاني : ما يخص ضرره، نحو أن يثنى على السلعة بما ليس فيها، أو يكتم بعض عيوبها فيضر بذلك المشترى . وقد قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم : " من غشنا ليس منا "
القناعة : في الربح وعلى هذا كان النساء فى السلف، كان الرجل إذا خرج من منزله يقوله له أهله، إياك وكسب الحرام، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار .
قال صاحب الموضوع : و من الغش ألا تكون صورة غلاف السلعة مطابقة لها , او تغير المُصنع فمثلا إن كانت صنع الصين فلا تقل صنع ألمانيا .
النَّجَش، وهو أن يزيد فى السلعة من لا يريد شراءها ليغر المشترى، ونهى عن التصرية .
ألا يتحول البع إلى ربا و خصوصا في الذهب و الفضة
كثرة الحلف تذهب بركة البيع , و اجتناب كثرة الكلام
ألا يستغل جهل المشتري بالسلعة و ثمنها
**بيوع لا تجوز**
بيع الغرر
بيع ما لا تملك
بيع شيئ محرم
أن يبيع بعضنا على بيع بعض
يبيع حاضر لباد
بيع النجش
رد: كيفية التعامل مع الناس
العزلة راحة من هم الناس!!
قال ابن الجوزي/صيد الخاطر:
ولا تحسن اليوم المجالسة إلا لكتاب يحدثك عن أسرار السلف، فأما مجالسة العلماء، فمخاطرة، إذ لا يجتمعون على ذكر الآخرة في الأغلب، ومجالسة العوام فتنة للدين؛ إلا أن يحترز في مجالسهم، ويمنعهم من القول، فيقول هو، ويكلفهم السماع، ثم يستوفز للبعد عنهم.
لمن تصلح العزلة؟ ( مختصر منهاج القاصدين)
قال الربيع بن خثيم : تفقه ثم اعتزل، والعلم أصل الدين، ولا خير في عزلة العوام .
سئل بعض العلماء : ما تقول في عزلة الجاهل ؟
فقال : خبال ووبال،
فقيل له : فالعالم ؟
فقال : مالك ولها، دعها حذاؤها وسقاؤها، ترد الماء، وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها
فوائد العزلة: ( مختصر منهاج القاصدين)
الفائدة الأولى : الفراغ للعبادة، والاستئناس بمناجاة الله سبحانه، فإن ذلك يستدعى فراغاً، لا فراغ مع المخالطة ، فالعزلة وسيلة إلى ذلك خصوصاً في البداية . قيل لبعض الحكماء : إلى أي شئ أفضى بهم الزهد والخلوة ؟ قال : إلى الأنس بالله . وقال أويس القرني رضى الله عنه : ما كنت أرى أن أحداً يعرف ربه فيأنس بغيره .
واعلم : أن من تيسر له بدوام الذكر الأنس بالله، أو بدوام الفكر تحقيق معرفة الله، فالتجرد لذلك أفضل من كل ما يتعلق بالمخالطة .
الفائدة الثانية : التخلص بالعزلة عن المعاصي التي يتعرض لها الإنسان غالباً بالمخالطة، وهى أربعة :
أحدهما : الغيبة، فإن عادة الناس التمضمض بالأعراض والتفكه بها، فإن خالطتهم ووافقتهم أثمت وتعرضت لسخط الله تعالى، وإن سكت كنت شريكاً، فإن المستمع أحد المغتابين، وإن أنكرت أبغضوك واغتابوك فازدادوا غيبة إلى الغيبة، وربما خرجوا إلى الشتم .
الثانية : الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فإن من خالط الناس لم يخل عن مشاهدة المنكرات، فإن سكت عصى الله، وإن أنكر تعرض لأنواع من الضرر، في العزلة سلامة من هذا .
الثالثة : الرياء، وهو الداء العضال الذي يعسر الاحتراز منه، وأول ما في مخالطة الناس إظهار التشوق إليهم، ولا يخلو ذلك عن الكذب، إما في الأصل، وإما في الزيادة، وقد كان السلف يحترزون في جواب قول القائل : كيف أصبحت، وكيف أمسيت ؟ كما قال بعضهم وقد قيل له : كيف أصبحت ؟
قال : أصبحنا ضعفاء مذنبين، نأكل أرزاقنا، وننتظر آجالنا .
الرابعة : مسارقة الطبع من أخلاقهم الرديئة، وهو داء دفين قلما ينتبه له العقلاء فضلاً عن الغافلين، وذلك أنه قل أن يجالس الإنسان فاسقاً مدة، مع كونه منكراً عليه في باطنه، إلا ولو قاس نفسه إلى ما قبل مجالسته لوجد فارقاً في النفور عن الفساد، لأن الفساد يصير بكثرة المباشرة هيناً على الطبع، ويسقط وقعه واستعظامه، ومهما طالت مشاهدة الإنسان الكبائر من غيره، احتقر الصغائر من نفسه، كما أن الإنسان إذا لاحظ أحوال السلف في الزهد والتعبد، احتقر نفسه، واستصغر عبادته، فيكون ذلك داعية إلى الاجتهاد، وبهذه الدقيقة يعرف سر قول القائل : عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة .
ومما يدل على سقوط وقع الشيء بسبب تكرره ومشاهدته، أن أكثر الناس إذا رأوا مسلماً قد أفطر في رمضان، استعظموا ذلك، حتى يكاد يفضي إلى اعتقادهم فيه الكفر، وقد يشاهدون من يؤخر الصلاة عن أوقاتها، فلا ينفرون عنه نفورهم عن تأخير الصوم، مع أن ترك صلاة واحدة تخرج إلى الكفر، ولا سبب لذلك إلا أن الصلاة تتكرر،والتساهل فيها يكثر
============================== ============
ابن الجوزي/ صيد الخاطر:
من رزقه الله تعالى العلم والنظر في سير السلف، رأى أن هذا العالم ظلمه، وجمهورهم على غير الجادة، والمخالطة لهم تضر ولا تنفع! فالعجب لمن يترخص في المخالطة، وهو يعلم أن الطبع لص يسرق من المخالط!
وإنما ينبغي أن تقع المخالطة للأرفع والأعلى في العلم والعمل، ليستفاد منه، فأما مخالطة الدون، فإنها تؤذي؛ إلا أن يكون عاميًّا يقبل من معلمه، فينبغي أن يخالط بالاحتراز.
وفي هذا الزمان: إن وقعت المخالطة للعوام، فهم ظلمة مستحكمة؛ فإذا ابتلي العالم بمخالطتهم، فليشمر ثياب الحذر، ولتكن مجالسته إياهم للتذكرة والتأديب فحسب.
وإن وقعت المخالطة للعلماء، فأكثرهم على غير الجادة، مقصودهم صورة العلم لا العمل به، فلا تكاد ترى من تذاكره أمر الآخرة؛ إنما شغلهم الغيبة، وقصد الغلبة، واجتلاب الدنيا، ثم فيهم من الحسد للنظراء ما لا يوصف!
وإن وقعت المخالطة للأمراء، فذاك تعرض لفساد الدين؛ لأنه إن تولى لهم ولاية دنيوية، فالظلم من ضروراتها، لغلبة العادة عليهم، والإعراض عن الشرع. وإن كانت ولاية دينية، كالقضاء؛ فإنهم يأمرونه بأشياء لا يكاد يمكنه المراجعة فيها، ولو راجع، لم يقبلوا، وأكثر القوم يخاف على منصبه، فيفعل ما أمر به، وإن لم يجز.
وربما رأيت في هذا الزمان أقوامًا يبذلون المال ليكونوا قضاة أو شهودًا، ومقصودهم الرفعة، ثم أكثر الشهود يشهد على من لا يعرفه، ويقول: إنه معروف! ويدري أنه كذاب! وإنما عرف لأجل حبة يعطاها.
وكم قد وقعت شهادة على غير المشهود عليه وعلى مكره!
وإن وقعت المخالطة للمتزهدين، فأكثرهم على غير الجادة، وعلى خلاف العلم، قد جعلوا لأنفهسم نواميس، فلا يتنسمون، ولا يخرجون إلى سوق، ويظهرون التخشع الزائد، وكله نفاق، وفيهم من يلبس الصوف تحت ثيابه، وربما لوح بكمه ليرى!
فمن رزقه الله سبحانه النظر في سير السلف، ووفقه للاقتداء بهم: آثر أن يعتزل عن أكثر الخلق، ولا يخالطهم، فإنه من خالطهم، أوذي، ومن دارى، لم يسلم من المداهنة، فالنصح اليوم مردود.
============================== =====
ابن حزم/ السير و الأخلاق
من جالس الناس لم يعدم هما يؤلم نفسه وإثما يندم عليه في معاده وغيظا ينضج كبده وذلا ينكس همته فما الظن بعد بمن خالطهم وداخلهم والعز والراحة والسرور والسلامة في الانفراد عنهم ولكن اجعلهم كالنار تدفأ بها ولا تخالطها
لو لم يكن في مجالسة الناس إلا عيبان لكفيا:
أحدهما الاسترسال عند الأنس بالأسرار المهلكة القاتلة التي لولا المجالسة لم يبح بها البائح
والثاني مواقعة الغلبة المهلكة في الأخرة
فلا سبيل إلى السلامة من هاتين البليتين إلا بالانفراد عن المجالسة جملة
رد: كيفية التعامل مع الناس
كيف تتعامل مع أهل المعاصي؟
( باب ما يقول إذا رأى مبتلى )
عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلاَءٍ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى عَافَانِى مِمَّا ابْتَلاَكَ بِهِ وَفَضَّلَنِى عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً إِلاَّ عُوفِىَ مِنْ ذَلِكَ الْبَلاَءِ كَائِنًا مَا كَانَ مَا عَاشَ »
قوله : من رأى صاحب بلاء أي مبتلى في أمر بدني كبرص وقصر فاحش أو طول مفرط أو عمى أو عرج أو اعوجاج يد ونحوها ،
أو ديني بنحو فسق وظلم وبدعة وكفر وغيرها
الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به : فإن العافية أوسع من البلية ؛ لأنها مظنة الجزع والفتنة وحينئذ تكون محنة أي محنة ، والمؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف كما ورد
وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا أي في الدين والدنيا والقلب والقالب
إلا عوفي من ذلك البلاء أي لم ير أحد صاحب بلاء فقال : الحمد لله الذي عافاني إلخ إلا عوفي من ذلك البلاء
كائنا ما كان: أي حال كون ذلك البلاء أي بلاء كان
ما عاش : أي مدة بقائه في الدنيا . قوله
قال الطيبي في شرح قوله : ( الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ) . هذا إذا كان مبتلى بالمعاصي والفسوق ، وأما إذا كان مريضا أو ناقص الخلقة لا يحسن الخطاب .
قال القاري : الصواب أنه يأتي به لورود الحديث بذلك ، و إنما يعدل عن رفع الصوت إلى إخفائه في غير الفاسق بل في حقه أيضا إذا كان يترتب عليه مفسدة ويسمع صاحب البلاء الديني إذا أراد زجره ويرجو انزجاره انتهى .
(تحفة الأحوذي)
رَوَى الطَّبَرِيُّ عَنْ حَفْص بْن حُمَيْدٍ قَالَ : قُلْت لِابْنِ الْمُبَارَكِ رَأَيْت رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا ظُلْمًا فَقُلْت فِي نَفْسِي أَنَا أَفْضَلُ مِنْ هَذَا
فَقَالَ : أَمْنُك عَلَى نَفْسِك أَشَدُّ مِنْ ذَنْبِهِ .
قَالَ الطَّبَرِيُّ : لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَئُولُ إِلَيْهِ الْأَمْرُ لَعَلَّ الْقَاتِلَ يَتُوب فَتُقْبَل تَوْبَته ، وَلَعَلَّ الَّذِي أَنْكَرَ عَلَيْهِ يُخْتَمُ لَهُ بِخَاتِمَةِ السُّوءِ .
( فتح الباري)
من هم أهل البلاء؟
أهل البلاء هم أهل الغفلة عن الله والإبتداع في دين الله
فهذان الصنفان هم أهل البلاء حقا فإذا رأيتهم وعلمت ما هم عليه عظمت نعمة الله عليك في قلبك وصفت لك وعرفت قدرها فالضد يظهر حسنه الضد وبضدها تتميز الأشياء .
إذا كان الإنسان من أهل السنة فليحمد الله ان لم يجعله رافضيا و لا صوفيا و لا خارجيا .....
تعييرك لأخيك بذنبه أعظم إثما من ذنبه وأشد
تعييرك لأخيك بذنبه أعظم إثما من ذنبه وأشد من معصيته لما فيه من صولة الطاعة وتزكية النفس وشكرها والمناداة عليها بالبراءة من الذنب وأن أخاك باء به
و لعل كسرته بذنبه وما أحدث له من الذلة والخضوع والإزراء على نفسه والتخلص من مرض الدعوى والكبر والعجب ووقوفه بين يدي الله ناكس الرأس خاشع الطرف منكسر القلب أنفع له وخير من صولة طاعتك وتكثرك بها والإعتداد بها والمنة على الله وخلقه بها
فما أقرب هذا العاصي من رحمة الله وما أقرب هذا المدل من مقت الله
فذنب تذل به لديه أحب إليه من طاعة تدل بها عليه وإنك أن تبيت نائما وتصبح نادما خير من أن تبيت قائما وتصبح معجبا
فإن المعجب لا يصعد له عمل وإنك أن تضحك وأنت معترف خير من أن تبكي وأنت مدل
وأنين المذنبين أحب إلى الله من زجل المسبحين المدلين ولعل الله أسقاه بهذا الذنب دواء استخرج به داء قاتلا هو فيك ولا تشعر
فإن الميزان بيد الله والحكم لله فالسوط الذي ضرب به هذا العاصي بيد مقلب القلوب
كيف نعامل أهل المعاصي؟
قال العثيمين:
فأهل المعاصي من المؤمنين فيهم خير وفيهم شر فيجب أن نحبهم على خيرهم وهو ما معهم من الإيمان ونكرههم على شرهم وهو ما حصل منهم من المعاصي . أما أن نكرههم كراهية مطلقة ونعاديهم عداء مطلقا فهذا غير صحيح شرعا ولا عقلا ؛ ثم إن الواجب علينا نحوهم أن نتصل بهم ونتكلم معهم ونزيل الوحشة التي بيننا وبينهم ، فكلنا إخوان في الدين ما دمنا مؤمنين ، فإن المعاصي لا تزيل الإخوة الإيمانية بين المؤمنين فنناصحهم ونبين لهم مفاسد المعاصي ومصالح الطاعة ، وأن لزوم الطاعة أمر يسير لا يمنع منه إلا ضعف العزيمة وذلة الاستسلام للهوى والتقليد الأعمى ، ونسعى نحن وهم في إصلاح أمورهم ما استطعنا لأن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ، ومثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر .
أما البعد عنهم واعتقاد أننا في واد وهم في واد ثم تركهم وأنفسهم لا نعينهم عليها فهذا خطأ يؤدي إلى شر كبير وتفكك في المجتمع وتفرق في آرائه وأحواله ، مع أننا أيها الإخوان بيننا وبين أهل المعاصي من المؤمنين رابطة قوية وهي الإيمان ، فعلينا أن نعزز هذه الرابطة بالسعي بإصلاح ما اختل منها لا أن ندعها تتفكك وتتشتت /انتهى
قال ابن تيمية
وَلْيَعْلَمْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ تَجِبُ مُوَالَاتُهُ وَإِنْ ظَلَمَك وَاعْتَدَى عَلَيْك ، وَالْكَافِرُ تَجِبُ مُعَادَاتُهُ وَإِنْ أَعْطَاك وَأَحْسَنَ إلَيْك ؛ فَإِنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - بَعَثَ الرُّسُلَ ، وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ ، لِيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ، فَيَكُونُ الْحَبُّ لِأَوْلِيَائِهِ ، وَالْبُغْضُ لِأَعْدَائِهِ ، وَالْإِكْرَامُ لِأَوْلِيَائِهِ ، وَالْإِهَانَةُ لِأَعْدَائِهِ ، وَالثَّوَابُ لِأَوْلِيَائِهِ ، وَالْعِقَابُ لِأَعْدَائِهِ . وَإِذَا اجْتَمَعَ فِي الرَّجُلِ الْوَاحِدِ خَيْرٌ وَشَرٌّ وَفُجُورٌ ، وَطَاعَةٌ وَمَعْصِيَةٌ ، وَسُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ : اسْتَحَقَّ مِنْ الْمُوَالَاةِ وَالثَّوَابِ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْخَيْرِ ، وَاسْتَحَقَّ مِنْ الْمُعَادَاتِ وَالْعِقَابِ بِحَسَبِ مَا فِيهِ مِنْ الشَّرِّ . فَيَجْتَمِعُ فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ مُوجِبَاتُ الْإِكْرَامِ وَالْإِهَانَةِ ، فَيَجْتَمِعُ لَهُ مِنْ هَذَا وَهَذَا ، كَاللِّصِّ الْفَقِيرِ تُقْطَعُ يَدُهُ لِسَرِقَتِهِ ، وَيُعْطَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَا يَكْفِيهِ لِحَاجَتِهِ
رد: كيفية التعامل مع الناس
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد البر طارق
وقال رجل لوهب بن منبه : إن فلاناً شتمك، فقال : ما وجد الشيطان بريداً غيرك
فائدة قيمة لابن منبه رحمه الله
رد: كيفية التعامل مع الناس