مصباح الحنون : سلسلة (1) " قذائف المنقول والمعقول على بدعة الأمير المجهول "
سلسلة (1)
قذائف المنقول والمعقول
على بدعة الأمير المجهول
🌿 الحمدلله الذي أقام لإقامة شرعه الخواص من خلقه ، والصلاة والسلام على الذي جُعلت الذلة والصغار على المخالف لأمره وبعد :
فلقد طال الكلام بين نافٍ ومُثبت لما يتعلق ببيْعة ما يُسمى بدولة العراق والشام ( داعش)- قالها المخالفون اختصاراً وقبلها الموافقون لحسن معناها -
فمنهم قائِل معلن أن البيعة عظمى ، ومنهم قائلٌ مُسِرٌ أنَّ البيعة خاصة ، والذي تواتر من سلوك جنود الدولة ومعاملاتهم مع غيرهم أن البيعة هي بيعة عُظمى - ولهذا أدلة واقعية وشواهد ستأتي في السلاسل إن شاء الله -والسبيل إلى معرفة الحقيقة يصعب على وجه اليقين ، إذ الكُتاب الرسميون لداعش مجاهيل ، وكذا الأمراء مجاهيل لا يعرفهم سوى الخاصة من المجاهيل الذين يجهلهم الناس ويعرفونهم هم ، على حد قول المجاهيل أنفسهم في مُعرفاتهم بأسماء مجهولة .
ومن أبى ذلك واستصعبه واستثقله مني فليتواصل مع أهل العلم المعلومين من أهل السنة والجماعة في العراق - وأخصُّ بالذكر أهل بلد الأمير لتوافر الأدلة القاطعة على ذلك - وليسألهم من هو أبو بكر البغدادي ؟
ومن هم أهل الحل والعقد الذين انتخبوه ونصّبوه؟
ولن يرجع السائل إلا ضارباً كف حائر ، لاجواب من المعلومين إلا : لا نعلم ، ومن أراد فليُجرب تجربتي ، وإن كان ما أقوله عارياً عن الصحة فلْيَطُفْ أعيان داعش وليأتونا بشهادة العلماء المعلومين لدى الأمة المشهود لهم والمنتشر صيتهم في العراق وسائر الأمصار ، وليأتونا بنص تزكياتهم ، دونما إقهار للشيوخ المعلومين ، وأن تكون موثقة مسجلة صوتاً وصورة ، أو ليكن ذلك مشتهرا من خلال شبكات التواصل الرسمية لدى الشيوخ المعلومين التي يستعملونها ومتداولة لهم ، فإن لم يقوموا فالأصل أن بيعتهم ناقصة منتقضة لخُلوها من الأصول الشرعية التي سيأتي الرد عليها في حينها في هذه السلسلة .
وعليهم إن لم يقولوا ويُصرحوا بتزكيات المعلومين من أهل العلم في بلدهم أن لا يلوموا المخالف لهم الذي لم يرتضِ الجهالة في أعظم أمرٍ عرفته الدنيا بعد توحيد الله واتباع الرسول عليه الصلاة والسلام من أمور دينه ودنياه....
وعليه فإني أكتب هذا بناءً على أن بيعة البغدادي بيعة عامة لما انتشر من كتب تؤيد هذا ، ككتاب مد الأيادي للكاتب بكر بن عبد العزيز الأثري - المُزكى في بعض كتب أبي محمد المقدسي - وغيره الكثير ، وسكوتهم عن هذه الكتابات ، وعدم الرد يُسمى عند الأصوليين إقراراً سكوتياً ، ولو كانوا لا يرضونه لأعلنوا النكير عليه ، إذ الفرق بين البيعتين يترتب عليه آثار عظيمة ، فلا يُشدَّدُ في البيعة الخاصة كالتشديد نفسه في البيعة العامة فيما يتعلق في مسألة الجهالة ، إنما يقع التشديد إذا كانت البيعة عامة ويُعلن أشد النكير عليها....
ولمَّا كانت البيعة العامة عند (داعش) خلافة على منهاج النبوة-على حد قولهم وتأصيلهم- لزم من ذلك النظر إلى منهاج النبوة في الخلافة في القرآن أولاً ، والنظر هل الذين استخلفهم الله من الأنبياء في أقوامهم مجاهيل في أقوامهم ؟
وقد عمدت إلى تتبع ذلك في القرآن فخلصتُ إلى ما يلي :
قول ذي الجلال :
🌿لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63الأعراف) .
فتأمل الخطاب الدائر هل من عاقل أن يستنبط جهالة نوح عليه السلام وحاشاه؟!؟!؟!
وقال تعالى :
🌿 وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) ...إلى أن قال :
قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75)
فهل لمجهول أن يقول لقومه يا قوم ويسمعوا منه وهو مجهول لديهم ؟!؟! وحاشاه أن يكون كذلك
وقال تعالى :
🌿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ .... إلى أن قال : قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88)
إلى أن قال : وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (90) .
فهل إرادة قومه إخراجه من قريتهم وتخييره إما بالخروج أو بالعودة إلى الملة التي كانوا عليها لدليل علم قومه بحاله وذاته أم بجهالتهم ؟!؟!
فهل الأُخُّوة الواردة دليل على الجهالة أم القرابة!!!
فأين هم العراقيون الذين يشهدون بالعدالة للبغدادي وأنه منهم وأنهم من قومه ؟
ولك أن تنظر لمناسبة ورود ذلك كله في الأعراف علَّها تكون ذكرى لرفع جهالة المجاهيل .
وأيضاً قوله تعالى :
🌿 وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45) قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46 النمل) .
وهل أخو القوم مجهولٌ ً عندهم أم معلومٌ ً فيهم؟!
🌿وقوله تعالى :
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164 آل عمران )
وقوله تعالى :
🌿 هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ
(2 الجمعة )
فهل خاتم المُستخلَفين من الأنبياء ومسك ختامهم معلوم فيهم والله يقول في الآيتين " رسولاً منهم " وحاشاه من الجهالة !!!....
وقوله تعالى :
🌿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108 يوسف ) ..
فكيف تتحقق البصيرة مع الجهالة بالحال والذات ؟!؟!...
كذلك لا بد من معرفة سيرته الماضية وفيما مضى من الأدلة كفاية وسنزيد :
🌿قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ( 16 يونس ) ..
وإليك ما قاله ابن كثير تحت هذه الآية من أصول تقضي على ظلامية المجاهيل التي سيتبين لنا منشؤها في تتمة السلسلة :
{ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ } أي: أفليس لكم عقول تعرفون بها الحق من الباطل؛؟
ولهذا لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان ومن معه ، فيما سأله من صفة النبي صلى الله عليه وسلم، قال: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قال أبو سفيان : فقلت : لا - وقد كان أبو سفيان إذ ذاك رأس الكفرة وزعيم المشركين ، ومع هذا اعترف بالحق:
وَالفَضْلُ ما شَهدَتْ به الأعداءُ ...
فقال له هرقل:
فقد أعرِف أنه لم يكن ليدَعَ الكذب على الناس ثم يذهب فيكذب على الله.
وقال جعفر بن أبي طالب للنجاشي ملك الحبشة : حتى بعث الله فينا رسولا نعرف نسبه وصدقه وأمانته ، وقد كانت مدة مقامه ، عليه السلام ، بين أظهرنا قبل النبوة أربعين سنة. وعن سعيد بن المسيب: ثلاثا وأربعين سنة. والصحيح المشهور الأول .انتهى كلامه رحمه الله .
فإذا كان الله لم يرتضِ للمشركين مُستخلفاً على أمرهم مجهولاً عليهم فكيف يُراد لنا اليوم الرضى بأمير للمؤمنين يجهله أهل العلم من أهل بلده ؟!؟!
وأهل الحل والعقد الذين نصبوه مجاهيل مثله !!!!
وقد يُدفع هذا عندهم بدعوى تغير الأزمان فأقول هذه ضلالة سيكون الرد عليها من سنة الحبيب عليه الصلاة والسلام التي نصت بما هو متعلق في آخر الزمان في عدم التبعية لمجهول الحال والذات وهو بيان لا يدع مجالاً للشك ولا للجهالة وهذا ما سأبينه بعون الله في مستقبل السلسلة إن كان في العمر بقية ...
يُتبع بإذن الله....
والحمد لله رب العالمين..
كتبه مصباح بن نزيه الحنون.
طرابلس الشام ...
13/محرم/1435