مسألة في (الفرائض)..وفوائد مستلة منها !!
في مسألة في الفرائض ( المواريث) اختلف فيها الإمام أبو حنيفة والإمام مالك ، وكان قول الإمام مالك متأيدا باجتهاد لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ! في حين أن قول الإمام أبي حنيفة متأيد بقول لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه !
فلما عرض الإمام محمد بن الحسن الشيباني لهذا الاختلاف ، في كتابه (الحجة على أهل المدينة) ، قال : (( قالوا : أترغب عن قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؟! قيل لهم : لا ينبغي لأحد أن يرغب عن قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ولكن وجدنا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فإنه فيها من الراسخين في العلم )) . الحجة (4/ 198-199 ) .
فيه فوائد :
1- مكانة اجتهاد الخلفاء الراشدين في فقه الأئمة .
2- أن اختلاف الخلفاء الراشدين لا يكون الترحيح فيه بالأفضلية ، وإلا لكان قول عمر وضي الله عنه أرجح عند محمد بن الحسن . وإنما يكون الترجيح لقول المفضول بالدليل (ما دام الدليل مدرَكا) ،
3- أدب العبارة لديهم ، حتى عندما يخالفون اجتهادا لأحدهم ! فمحمد بن الحسن يُسأل فيما خالف فيه عمر رضي الله عنه لقول علي رضي الله عنه : أترغب عن قول عمر ؟! فلو كان من غلمان هذا الزمان ، لقال نعم ، أرغب عن قوله ؛ لمخالفته الدليل ولمخالفته قول علي ) ، وهذا هو واقع اختيار محمد بن الحسن فعلا . لكن هؤلاء الأئمة نتعلم منهم الأدب قبل العلم ، فقد عبر عن هذا المعنى بألطف أسلوب وأكثره أدبا ، وهو أسلوب لا يوفق إليه إلا من كان معظما لعمر بن الخطاب ولعلي كليهما ( رضي الله عنهما ) أكبر العظيم .
فراجعوا عبارته لتعلموا مقدار ما فيها من الحب والتعظيم لمقام الفاروق رضي الله عنه ، حتى مع مخالفته ، وحتى مع استفزاز الخصم بما يشبه الاتهام بنقص تعظيمه !!
4- يتهمون فقه أهل السنة بأنه فقه أموي !!! وهي فرية كبيرة ، ولست في مجال الرد على هذا الهراء .
لكن هذا الموطن دليل كاف لنقض فريتهم ، فها هو فقه محمد بن الحسن ( شيخ الحنفية وناشر مذهب الإمام وتلميذه ) ينصر صراحة ويرجح فقه علي رضي الله عنه على فقه عمر رضي الله عنه .
فهل سيصبح فقه أهل السنة علويا ، بعد إذ كان أمويا ؟!!
حاتم العوني.