يا أهل الحديث : اقتدوا به ترشدوا ( قصة عجيبة )
يا لها من من قصة عجيبة ، تعلمنا التواضع ، والإنصاف ، والرجوع إلى الحق إذا أخطأنا ، وما أحوجنا إليها وإلى غيرها حتى نرشد ونفلح .
قال القاضي ابن العربي المالكي - رحمه الله - في كتابه ( أحكام القرآن ) ( 1 / 248 ) :
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ : ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا ، وَصَارَ فِي مَشْرَبَةٍ لَهُ ، فَلَمَّا أَكْمَلَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ نَزَلَ عَلَى أَزْوَاجِهِ صَبِيحَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : إنَّك آلَيْتَ شَهْرًا .
فَقَالَ : " إنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ " .
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ الْعُثْمَانِيُّ غَيْرَ مَرَّةٍ : وَصَلْت الْفُسْطَاطَ مَرَّةً ، فَجِئْت مَجْلِسَ الشَّيْخِ أَبِي الْفَضْلِ الْجَوْهَرِيِّ ، وَحَضَرْت كَلَامَهُ عَلَى النَّاسِ ، فَكَانَ مِمَّا قَالَ فِي أَوَّلِ مَجْلِسٍ جَلَسْت إلَيْهِ : إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ وَظَاهَرَ وَآلَى ، فَلَمَّا خَرَجَ تَبِعْته حَتَّى بَلَغْت مَعَهُ إلَى مَنْزِلِهِ فِي جَمَاعَةٍ ، فَجَلَسَ مَعَنَا فِي الدِّهْلِيزِ ، وَعَرَّفَهُمْ أَمْرِي ، فَإِنَّهُ رَأَى إشَارَةَ الْغُرْبَةِ وَلَمْ يَعْرِفْ الشَّخْصَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْوَارِدِينَ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا انْفَضَّ عَنْهُ أَكْثَرُهُمْ قَالَ لِي : أَرَاك غَرِيبًا ، هَلْ لَك مِنْ كَلَامٍ ؟ قُلْت : نَعَمْ .
قَالَ لِجُلَسَائِهِ : أَفْرِجُوا لَهُ عَنْ كَلَامِهِ .
فَقَامُوا وَبَقِيت وَحْدِي مَعَهُ .
فَقُلْت لَهُ : حَضَرْت الْمَجْلِسَ الْيَوْمَ مُتَبَرِّكًا بِك ، وَسَمِعْتُك تَقُولُ : آلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَقْت ، وَطَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَقْت .
وَقُلْت : وَظَاهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا لَمْ يَكُنْ ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ ؛ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فَضَمَّنِي إلَى نَفْسِهِ وَقَبَّلَ رَأْسِي ، وَقَالَ لِي : أَنَا تَائِبٌ مِنْ ذَلِكَ ، جَزَاك اللَّهُ عَنِّي مِنْ مُعَلِّمٍ خَيْرًا .
ثُمَّ انْقَلَبْت عَنْهُ ، وَبَكَّرْت إلَى مَجْلِسِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي ، فَأَلْفَيْته قَدْ سَبَقَنِي إلَى الْجَامِعِ ، وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَلَمَّا دَخَلْت مِنْ بَابِ الْجَامِعِ وَرَآنِي نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : مَرْحَبًا بِمُعَلِّمِي ؛ أَفْسِحُوا لِمُعَلِّمِي ، فَتَطَاوَلَتْ الْأَعْنَاقُ إلَيَّ ، وَحَدَّقَتْ الْأَبْصَارُ نَحْوِي ، وَتَعْرِفنِي : يَا أَبَا بَكْرٍ، يُشِيرُ إلَى عَظِيمِ حَيَائِهِ ، فَإِنَّهُ كَانَ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدٌ أَوْ فَاجَأَهُ خَجِلَ لِعَظِيمِ حَيَائِهِ ، وَاحْمَرَّ حَتَّى كَأَنَّ وَجْهَهُ طُلِيَ بِجُلَّنَارٍ قَالَ : وَتَبَادَرَ النَّاسُ إلَيَّ يَرْفَعُونَنِي عَلَى الْأَيْدِي وَيَتَدَافَعُون ِي حَتَّى بَلَغْت الْمِنْبَرَ ، وَأَنَا لِعَظْمِ الْحَيَاءِ لَا أَعْرِفُ فِي أَيْ بُقْعَةٍ أَنَا مِنْ الْأَرْضِ ، وَالْجَامِعُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ ، وَأَسَالَ الْحَيَاءُ بَدَنِي عَرَقًا ، وَأَقْبَلَ الشَّيْخُ عَلَى الْخَلْقِ ، فَقَالَ لَهُمْ : أَنَا مُعَلِّمُكُمْ ، وَهَذَا مُعَلِّمِي ؛ لَمَّا كَانَ بِالْأَمْسِ قُلْت لَكُمْ : آلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَطَلَّقَ ، وَظَاهَرَ ؛ فَمَا كَانَ أَحَدٌ مِنْكُمْ فَقُهَ عَنِّي وَلَا رَدَّ عَلَيَّ ، فَاتَّبَعَنِي إلَى مَنْزِلِي ، وَقَالَ لِي كَذَا وَكَذَا ؛ وَأَعَادَ مَا جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَهُ ، وَأَنَا تَائِبٌ عَنْ قَوْلِي بِالْأَمْسِ ، وَرَاجِعٌ عَنْهُ إلَى الْحَقِّ ؛ فَمَنْ سَمِعَهُ مِمَّنْ حَضَرَ فَلَا يُعَوِّلْ عَلَيْهِ .
وَمَنْ غَابَ فَلْيُبَلِّغْهُ مَنْ حَضَرَ ؛ فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا ؛ وَجَعَلَ يَحْفُلُ فِي الدُّعَاءِ ، وَالْخَلْقُ يُؤَمِّنُونَ .
فَانْظُرُوا رَحِمَكُمْ اللَّهُ إلَى هَذَا الدِّينِ الْمَتِينِ ، وَالِاعْتِرَافِ بِالْعِلْمِ لِأَهْلِهِ عَلَى رُءُوسِ الْمَلَإِ مِنْ رَجُلٍ ظَهَرَتْ رِيَاسَتُهُ ، وَاشْتُهِرَتْ نَفَاسَتُهُ ، لِغَرِيبٍ مَجْهُولِ الْعَيْنِ لَا يُعْرَفُ مَنْ وَلَا مِنْ أَيْنَ ، فَاقْتَدُوا بِهِ تَرْشُدُوا .
رد: يا أهل الحديث : اقتدوا به ترشدوا ( قصة عجيبة )
الأخ الحبيب اللبيب الغالي / أبو مالك المديني - نفع الله بك - .
فائدةٌ نفيسة وكَلماتٌ عظيمة ، وإنه الحق ولا خِلاف فيه ما ظهر لطالب العلم أو العالم من خطأ رجع عنه ولنا فيهم أسوة حسنة أئمة المسلمين وأعلام المؤمنين ودُعاة الهِداية سلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين .
رد: يا أهل الحديث : اقتدوا به ترشدوا ( قصة عجيبة )
الله اكبر ما اروعها من أخلاق
جزاك الله كل خير يا ابا مالك وبارك فيك
رد: يا أهل الحديث : اقتدوا به ترشدوا ( قصة عجيبة )
بارك الله فيكما أخوي الكريمين أبا زرعة وماجد العتيبي ، ونفع الله بكما .
صدقتما ، ماأروعها من أخلاق ، رحم الله أئمتنا .
رد: يا أهل الحديث : اقتدوا به ترشدوا ( قصة عجيبة )
رد: يا أهل الحديث : اقتدوا به ترشدوا ( قصة عجيبة )
وفيك أخي الحبيب أبا عاصم ، ونفع بك . وجعلنا وإياكم من أهل الحديث .
رد: يا أهل الحديث : اقتدوا به ترشدوا ( قصة عجيبة )
الأعجب من صنيع ِمُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ الْعُثْمَانِيُّ مع شيخه
صُنعَ الأمام ابن العربى المالكى فبعدما أورد مسألة علمية أورد بعدها موقفاً يدُل على تواضع التلميذ مع شيخه
كأن لسان حاله يقول لطلبة العلم ليس العلم بالمسائل فقط ،بل وبالتواضع وحُسنُ الأدب مع شيخك
فجزئ الله خيراً أئمتنا
رد: يا أهل الحديث : اقتدوا به ترشدوا ( قصة عجيبة )
رد: يا أهل الحديث : اقتدوا به ترشدوا ( قصة عجيبة )
وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله .
رد: يا أهل الحديث : اقتدوا به ترشدوا ( قصة عجيبة )
خلق نادر في هذه الأيام، نرجو من المشايخ أن يحيوه مرة أخرى
رد: يا أهل الحديث : اقتدوا به ترشدوا ( قصة عجيبة )
بارك الله فيك .
صحيح أواففك الرأي .
رد: يا أهل الحديث : اقتدوا به ترشدوا ( قصة عجيبة )
سلمت يمينك يا أبا مالك... وصح قلمك،،
رد: يا أهل الحديث : اقتدوا به ترشدوا ( قصة عجيبة )
بارك الله فيك ، ونفعنا بعلمك ، أيه المفيد .