قصة إسلام إميل بريس دافن، أو إدريس دافن
قصة إسلام إميل بريس دافن، أو إدريس دافن
كان عالم الحضارات والآثار إميل بريس دافن Emile presse Daphné من أكثر معاصريه الفرنسيين الذين درسوا مصر إسهامًا في التعريف بها، خصوصًا أنه شخصية متميزة متعددة المواهب؛ فهو لم يقتصر على الكشف عن الآثار الفرعونية، بل تعداها للاهتمام بدراسة الحضارة الإسلامية، وتُعَدُّ جرأة اكتشافاته وتهور مغامراته دليلاً على نفاذ بصره، وحدَّة ملاحظته، واتساع معارفه، ورغبته العارمة في بلوغ الحقيقة.
وقد أثرى الأركيولوجيا بمؤلفات في غاية الأهمية، كرَّس لها سنوات عديدة من الجهد المتواصل، مضحيًا في سبيلها بثروة طائلة كان قد ورثها، إضافةً إلى ما شغله من مناصب، حتى استطاع أن يقدم أربعة عشر كتابًا غير المقالات والدراسات، يأتي في مقدمتها كتابه (الآثار المصرية، وتاريخ الفن المصري منذ فجر التاريخ حتى السيادة الرومانية)، وموسوعته الضخمة (الفن العربي من واقع آثار مصر من القرن السابع إلى نهاية القرن الثامن عشر).
وتشكِّل مآثر وإنجازات إميل دافن أعمالاً جديرة بالتقدير والعرفان، ينبغي أن يقترن معها اسمه متألقًا إلى جانب أسماء شمبليون، ومارييت، وماسبيرو في ذاكرة عشاق تاريخ الفنون.
جاء بريس دافن عام 1829م ليعمل مهندسًا مدنيًّا في خدمة إبراهيم باشا، ثم أستاذًا للطبوغرافيا في مدرسة أركان حرب بالخانقاه، ومربيًا لأولاد الباشا، غير أنه لشدة صلفه، واعتداده بنفسه، واستنكاره للتصرفات المستهجنة، كثيرًا ما انفعل وتهوَّر على رؤسائه، بلغ حدَّ الاعتداء عليهم؛ مما جرَّ عليه سخطهم حتى أمكن للوقيعة أن تنتهي إلى إثارة غضب الوالي عليه.
وما لبث أن تحول المهندس إلى مستشرق وعالم مصريات، وعكف على تعلم اللغة العربية، ولهجاتها، وتجويدها، وحل رموز الهيروغلوفيات، وما إن لمس القدرة لديه على الاستقلال حتى استقال من منصبه عام 1837م مفضِّلاً حريته كرحَّالة مكتشف، وعالم آثار([1]).
درس إميل بريس دافن الإسلام دراسة متأنية بدأت بدراسة القرآن، وحياة رسول الإسلام ودعوته، وكيف كان العرب مجرد قبائل متناحرة متقاتلة، واستطاع النبي أن يجعل منهم أمة مؤتلفة موحَّدة، انتصرت على أكبر إمبراطوريتين في العالم: الإمبراطورية الفارسية، والإمبراطورية البيزنطية، وخضوعهما لأحكام المسلمين.
ويقول عن سبب إسلامه:
إنه لاحظ أن شريعة الإسلام تتسم بالعدل، والحق، والتسامح، والعفو، وتنادي بالأخوة الإنسانية الكاملة، وتدعو إلى كل الفضائل، وتنهى عن كل الرذائل، وأن الحضارة الإسلامية حضارة إنسانية سادت العالم القديم قرونًا متطاولة.
درس إميل دافن ذلك كله، ووجد قلبه وعقله يجذبانه لاعتناق الإسلام، فأسلم وتسمَّى باسم إدريس دافن، وارتدى زيّ الفلاحين، وانطلق يؤدِّي رسالته في الصعيد والدلتا.
إسهامات إميل بريس دافن
يدين العرب لبريس دافن بالكثير في مجال الأركيولوجيا الإسلامية بأكثر مما يدينون له في مجال الأركيولوجيا الفرعونية، واستطاع عالم الحضارات والآثار إدريس دافن أن يعيد بعث الحضارة الفرعونية، والإسلامية لتنهض من سُبَاتها، وأن يردَّ إلينا الفن العربي الإنساني النابض بالحياة سهل المنال، وفي هذا يكمن ما يدين به الإسلام إلى هذا المستشرق الفرنسي المسلم.
المصدر: كتاب (عظماء أسلموا)
[1] ـ مفيد الغندور: الإسلام يصطفي من الغرب العظماء ص95، 96.
قصة إسلام دافيد ليفلي " داود عبد الله التوحيدي"
قصة إسلام دافيد ليفلي " داود عبد الله التوحيدي "
ولد دافيد ليفلي David Lively في مدينة فيلادلفيا شمال شرق الولايات المتحدة، وأخذ في دراسة الرياضيات حتى تخرج في جامعة (ليهاي) متخصِّصًا في الكمبيوتر، ويقول عن نفسه: "في بداية الشباب كنت مواظبًا على ارتياد الكنيسة البروتستانتية أنا وأسرتي، والبروتستانتية مذهب غالبية الشعب الأمريكي، وطالعت مبكرًا النصوص والمعتقدات الدينية، إلا أنني لاحظت أن عقلي وقلبي لا يتقبلان أمرين أساسيين من معتقدات النصرانية، هما:
- عقيدة التثليث (مرفوضة بأي شكل): لتعارضها مع العقل.
- وعقيدة الخلاص: المنسوبة للمسيح عليه السلام؛ لما فيها من التناقض الديني في مجال الأخلاقيات.
عند ذلك اندفعت للبحث عن معتقد جديد يعصمني من الانحراف والضياع، ويملأ الفراغ الروحي الذي يعانيه، ويشكو منه الشباب الأمريكي والأوربي([1]).
يتحدث دافيد ليفلي عن نفسه فيقول: "تعرفت على صديق أمريكي سبقني للإسلام، وكانت لديه ترجمة لمعاني القرآن الكريم بالإنجليزية، فأخذتها لأضيفها إلى ما لديَّ من كتب دينية، وما إن بدأت في قرأتها حتى استراح قلبي للمبادئ التي اشتمل الإسلام عليها، ثم اتجهتُ إلى الإسلام داعيًا الله بهذه الدعوات: يا صاحب الهداية، إذ لم يكن هذا الدين المسمَّى بالدين الإسلامي هو دينك الصحيح الذي ترضى عنه، فأبعدني عنه وعن أصحابي من المسلمين، وإذا كان هو دينك الحق فقربني إليه وفقهني فيه،
ولم يمر أسبوع إلا واستقرَّ الإسلام في قلبي ورسخ في ضميري، فاطمأن قلبي، وعقلي، وسكنت نفسي، واستراحت إلى أن الإسلام هو دين الله حقًّا، وصدق القرآن عندما يقرِّر: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]"([2]).
إسهامات دافيد ليفلي
حاول داود عبد الله التوحيدي (وهذا اسمه بعد إسلامه) تنبيه المسلمين لما هم عليه، طالبًا منهم تغيير أوضاعهم فيقول: "ما أبعد الفرق بين الإسلام وما يشتمل عليه من قيم وأخلاقيات وعقائد سامية، وبين حال المسلمين من جهلهم بعقيدتهم، وفقدانهم لقيمهم، وابتعادهم عن قيم الإسلام وأخلاقياته!! فحكام المسلمين تباطئوا في العمل من أجل الإسلام، مع أنها رسالتهم السامية، وعلماء الإسلام تخلوا عن دورهم الحقيقي في الدعوة، وفي الاجتهاد، واستنباط الأحكام، والمطلوب من علماء الإسلام ألاّ يكتفوا بحفظ التراث فقط، بل عليهم العودة إلى إعمال الفكر الإسلامي، وعندئذٍ يعود إليهم نور النبوة والإيمان، والتطبيق والنفع لغيرهم، وإنه مما يثير الدهشة ابتعاد كثير من الشباب في العالم الإسلامي عن قيم الإسلام الروحية، وانصرافهم عن تعاليمه، في الوقت الذي نجد فيه شباب العالم الغربي، متعطشًا إلى هذه القيم، ولكنه لا يجدها في مجتمعاته العلمانية، التي لا تعرف عن الإسلام شيئًا"([3]).
أما عن أمنية ذلك المسلم الأمريكي داود التوحيدي: "إن أمنيتي أن تتواصل دراساتي الإسلامية، والتخصص في مجال مقارنة الأديان؛ حتى أتمكَّن من الاشتراك في تربية الأجيال المقبلة من أبناء المسلمين في أمريكا، والتصدي للغزو الفكري هناك، وحتى أعمل على نشر الإسلام بين غير المسلمين، كما أتمنى أن يأتي اليوم الذي أرى فيه للإسلام تأثيرًا في إعادة صياغة المجتمع الأمريكي في المستقبل، وأن أشارك في نهضة الإسلام في أنحاء العالم؛ فالإسلام لا يعرف الأوطان، وإنما هو هداية مُرسلة إلى العالمين، والقرآن الكريم يقول عن رسول الإسلام: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].
المصدر: كتاب (عظماء أسلموا)
[1] ـ مفيد الغندور: الإسلام يصطفي من الغرب العظماء ص175، 176.
[2] ـ المصدر السابق ص176.
[3] ـ السابق نفسه ص177، 178.