أسباب تأخُّر نصر المسلمين وعوامل تحقيقه..!!
أسباب تأخُّر نصر المسلمين وعوامل تحقيقه(*)
د. بُشرى مُحمَّد أحمد(**)
ــــــــــ
إن الأمة المسلمة كغيرها من الأمم يمر بها فترات قوة وضعف ونصر وهزيمة، ولربما تراكمت عليها المحن والأزمات وقادها أصحاب الشهوات والمصالح الخاصة، فأضعفوها وأفرغوها من قواها حتى أصبحت أشباحاً أمام أعدائها، فلابد أن تتذكر أن لديها من السلاح الفتاك ما تستطيع به النهوض من كبوتها، فهي ليست كغيرها من الأمم، فعين الله ترعاها ، فلها حبل متين مع القوة الإلهية العظمى مهما أصابها من ضعف وهوان وتسلط الأعداء {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (آل عمران:139).
ومن نعم الله تعالى على هذه الأمة أن رفع عنها الإصر أي الأعمال الشاقة التي شرعها للأمم الماضية {رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا} (البقرة:286).
وكذلك بعث لها نبي الرحمة محمداً صلى الله عليه وسلم حريصاً عليهم ورؤوفاً رحيماً بهم {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِين َ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (التوبة:128)
وخلال البحث الذي بين أيدينا حاول الباحث أن يضع يده على الأسباب الحقيقية لتأخر نصر المسلمين، مع بيان عوامل تحقق هذا النصر، وقد أشار الباحث في مقدمة بحثه إلى الأهداف العامة من هذا البحث ولخصها في ثلاثة أهداف، وهي كالآتي:
1- الإجابة على أسئلة كثير من المسلمين بتأخر النصر على أعدائهم رغم وعدالله لهم: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (الروم:479)
2- توضيح الأسباب التي تجلب النصر.
3- إظهار أن سنن الكون ثابتة بحيث لا تعطى عزة دون استحقاق ولا فوزاً دون سعي ولا تأييداً دون أدنى سبب يوجب التأييد.
وعليه جاء هذا البحث في مقدمة، وتمهيد، ومبحثين، وخاتمة.
المبحث الأول: أسباب تأخر النصر:
أشار الباحث في بداية هذا المبحث إلى أن للنصر والهزيمة أسباباً ووسائط لتكون سنة الله ورسوله، فلهذه السنة مقتضاها في تكوين النفوس، وتكوين الصفوف، وإعداد العدة، واتباع المنهج، والتزام الطاعة والنظام واليقظة لخوالج وحركات الميدان.
بعد ذلك عرض الباحث لجملة من أسباب تأخر النصر، وهي كالآتي:
- عدم إتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم في تربية أصحابه.
حيث ربى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على الطاعة والانضباط ضمن حدود الحق، رباهم على الثقة بأن الأجل محدود وأن القتال أو السلام لا يؤخر أجلاً ولا يقدم وأن ما قدر الله لك من عُمر فلا بد أن تستوفيه، ورباهم على الاعتقاد بأن النصر من عند الله وأنه ليس بكثرة العدد، ورباهم على حب الموت، لأن الآخرة خير من الدنيا.
- عدم تعميق روح الجهاد في نفسية الولد.
وهذا الجهاد يشمل: الجهاد المالي، والجهاد التبليغي، والجهاد التعليمي، والجهاد السياسي، والجهاد القتالي..
- قد يتأخر النصر تطبيقاً لسنة الله في الكون.
إن حكمة الله أرادت أن يكون دفاعه عن الذين آمنوا يتم عن طريقهم هم أنفسهم، فالأمة التي تقوم على أمر الدعوة لا بد من استيقاظ كل خلاياها واحتشاد كل قواها، والنصر السريع يعطل تلك الطاقات عن الظهور، كما أن النصر السريع الهين سهل فقدانه وضياعه.
المبحث الثاني: عوامل تحقيق النصر:
أشار الباحث إلى أن سنن الله العامة التي تشمل البشر جميعاً مؤمنهم وكافرهم لابد لها من الأسباب المادية حتى يضمن النصر والتمكين في الأرض، فالله أعلم متى يهب النصر ويُمكِن لمن يستحق من عباده، وأيضاً إن لحظة النصر وبشارة التمكين لا بد أن تكون شاخصة في رؤى المجاهدين ومشاعرهم، وإن من فقد هذه الثقة بالله ونصره، فقد خسر خسراناً مبيناً، ومن تشكك فيها لحظة فقد تأخر عليه النصر على قدرها.
بعد ذلك عرض الباحث لجملة من عوامل تحقيق النصر، وهي كالآتي:
- العوامل الخفية لتحقيق النصر، وتشمل: الإيمان بالله، وغرس معاني الولاء والبراء، والتوكل على الله، والصبر والتقوى، والحرص على العمل الصالح، وكثرة الدعاء والتضرع لله تعالى، والشوق إلى الجنات، وذكر الله الدائم والثبات، إلى غير ذلك من العوامل..
- العوامل الظاهرة لتحقيق النصر، وتشمل: إعداد القوة، والتخطيط في الحرب وبعث العيون، والخدعة والحيلة، وتطبيق الشورى، والاعتماد على إعلام إسلامي قوي..
الخاتمة:
ختم الباحث بحثه بعرض أهم النتائج، وهي كالآتي:
- إظهار أن سنن الله في الأرض لا تتغير، وأن السماء لا تسعى لأحدٍ حيث يقعد أو تنشط له حيث يكسل.
- إن السنة العملية تؤكد نصر الله للمؤمنين الملتزمين بأخلاق القرآن وإن كانوا أقل عُدة وسلاحاً من الكافرين.
- إن نصر المسلمين وتمكينهم في الأرض لا بد من اكتمال أسبابه المادية والروحية وزوال معوقاته.
- إن النصر قد يبطئ حتى على الذين ظُلموا وأُخرجوا من ديارهم ليختبر الله الصابرين والمؤمنين حقاً.
- إن الله سبحانه يعطي النصر لمن يستحقه: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ} (الحج:40) كما أن النصر في مجمله من عند الله سبحانه وتعالى: {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ} (آل عمران:126).
ـــــــــــــ
(*) مجلة دراسات دعوية- العدد 12- يوليو 2006م- ص: 55
(**) أستاذ مُساعد- جامعة أفريقيا العالميَّة- مركز الدَّعوة وتنمية المُجتمع- السُّودان.
لتحميل الدراسة انقر هنا
:http://www.taseel.com/UploadedData/upload/asbab_taaakhor.pdf
