**( من روائع الحكمة لابن حزم ..... ؟!!! )**
الحمد لله رب العالمين
إن أعجبت بعلمك فاعلم أنه لا خصلة لك فيه وأنه موهبة من الله مجردة وهبك إياها ربك تعالى ؛ فلا تقابلها بما يسخطه ، فلعله ينسيك ذلك بعلة يمتحنك بها تولد عليك نسيان ما علمت وحفظت.
اعلم أن كثيراً من أهل الحرص على العلم يجدون في القراءة و الإكباب على الدروس والطلب ثم لا يرزقون منه حظاً ؛ فليعلم ذو العلم أنه لو كان بالإكباب وحده لكان غيره فوقه ؛ فصح أنه موهبة من الله تعالى فأي مكان للعجب ها هنا! ما هذا إلا موضع تواضع وشكر لله تعالى واستزادة من نعمه واستعاذة من سلبها. ثم تفكر أيضاً في أن ما خفي عليك وجهلته من أنواع العلم ثم من أصناف علمك الذي تختص به. فالذي أعجبت بنفاذك فيه أكثر مما تعلم من ذلك فاجعل مكان العجب استنقاصاً لنفسك واستقصاراً لها فهو أولى .
تفكر فيمن كان أعلم منك تجدهم كثيراً ؛ فلتهن نفسك عندك حينئذ وتفكر في إخلالك بعلمك ، وأنك لا تعمل بما علمت منه فلعلمك عليك حجة حينئذ ، ولقد كان أسلم لك لو لم تكن عالماً. واعلم أن الجاهل حينئذ أعقل منك وأحسن حالاً ، وأعذر فليسقط عجبك بالكلية.
رد: **( من روائع الحكمة لابن حزم ..... ؟!!! )**
استعمل سوء الظن حيث تقدر على توفيته حقه في التحفظ والتأهب ، واستعمل حسن الظن حيث لا طاقة بك على التحفظ ، فتربح راحة النفس.
حد الجود وغايته أن يبذل الفضل كله في وجوه البر ، وأفضل ذلك في الجار المحتاج ، وذي الرحم الفقير ، وذي النعمة الذاهبة ، و الأحضر فاقة. ومنع الفضل من هذه الوجوه داخل في البخل ، وعلى قدر التقصير والتوسع في ذلك يكون المدح والذم ، وما وضع في غير هذه الوجوه = فهو تبذير ، وهو مذموم. وما بذلت من قوتك لمن هو أمس حاجة منك = فهو فضل وإيثار ، وهو خير من الجود ، وما منع من هذا = فهو لا حمد ولا ذم ، وهو انتصاف.
رد: **( من روائع الحكمة لابن حزم ..... ؟!!! )**
إن نظر المرء في أمر نفسه والتهمم بإصلاحها أولى به من تتبع عثرات الناس ، وبأن أذكر فضل صديقي فأبكته على اقتصاره على ذكر العيب دون ذكر الفضيلة ، وأن أقول : إنه لا يرضى بذلك فيك ، فهو أولى بالكرم منك ، فلا ترض لنفسك بهذا ، أو نحو هذا من القول.
رد: **( من روائع الحكمة لابن حزم ..... ؟!!! )**
من امتحن بالعجب فليفكر في عيوبه ، فإن أعجب بفضائله ، فليفتش ما فيه من الأخلاق الدنيئة فإن خفيت عليه عيوبه جملة حتى يظن أنه لا عيب فيه ؛ فليعلم أن مصيبته إلى الأبد وأنه لأتم الناس نقصاً ، وأعظمهم عيوباً. ، وأضعفهم تمييزاً. وأول ذلك أنه ضعيف العقل جاهل ، ولا عيب أشد من هذين ؛ لأن العاقل هو من ميز عيوب نفسه فغالَبَها وسعى في قمعها . والأحمق هو الذي يجهل عيوب نفسه إما لقلة علمه وتمييزه وضعف فكرته . وإما لأنه يقدر أن عيوبه خصال ! وهذا أشد عيب في الأرض.
رد: **( من روائع الحكمة لابن حزم ..... ؟!!! )**
الاتساء بالنبي صلى الله عليه وسلم في وعظ أهل الجهل والمعاصي والرذائل واجب فمن وعظ بالجفاء والاكفهرار فقد أخطأ وتعدى طريقته صلى الله عليه وسلم ، وصار في أكثر الأمر مغرياً للموعوظ بالتمادي على أمره لجاجاً وحرداً ومغايظة للواعظ الجافي = فيكون في وعظه مسيئاً لا محسناً.