ضبط " الفوائد العشرة " في رسالة " المراسيل " للحافظ / ابن عبد الهادي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وبعد :
فهذه عَشْرُ فوائدَ جليلةٍ استنبطها الحافظُ / محمدُ بنُ عبد الهادي - رحمه الله - من كلامِ الإمامِ الشافعي - رحمه الله -، وهو يتكلم عن المرْسَلِ في كتابه ( الرسالة ) (461-465) أحببتُ أن أنقُلَها لكم مع ضبطٍ لها بالشَّكْلِ حتى يُنْتَفَعَ بها.
والله المستعان، وعليه التكلان
رد: ضبط " الفوائد العشرة " في رسالة " المراسيل " للحافظ / ابن عبد الهادي
قال العلامةُ الحافظُ أبو عبدِ اللهِ محمدُ بنُ أحمدَ بنِ عبدِ الهادي المقدسي في رسالتِهِ ( المراسيل ) : فَقَدْ تَضَمَّنَ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ أُمُورًا :
أَحَدُهَا : أَنَّ الْمُرْسَلَ إِذَا أُسْنِدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ الْمُرْسَلِ.
الثَّانِي : أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُسْنَدْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ نَظَرَ هَلْ يُوَافِقُهُ مُرْسَلٌ آخَرُ أَمْ لَا، فَإِنْ وَافَقَهُ مُرْسَلٌ آخَرُ قَوِيَ، لَكِنَّهُ يَكُونُ أَنْقَصَ دَرَجَةً مِنَ الْمُرْسَلِ الَّذِي أُسْنِدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.
رد: ضبط " الفوائد العشرة " في رسالة " المراسيل " للحافظ / ابن عبد الهادي
الثَّالِثُ : أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُوَافِقْهُ مُرْسَلٌ آخَرُ، وَلَمْ يُسْنَدْ مِنْ وَجْهٍ لَكِنَّهُ وُجِدَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ قَوْلٌ لَهُ يُوَافِقُ هَذَا الْمُرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - دَلَّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَصْلًا، وَلَمْ يُطْرَحْ.
الرَّابِعُ : أَنَّهُ إِذَا وُجِدَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُفْتُونَ ِبَما يُوَافِقُ الْمُرْسَلَ دَلَّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَصْلًا.
الْخَامِسُ : أَنْ يُنْظَرَ فِي حَالِ الْمُرْسِلِ، فَإِنْ كَانَ إِذَا سَمَّى شَيْخَهُ سَمَّى ثِقَةً، وَغَيْرَ ثِقَةٍ لَمْ يُحْتَجَّ بِمُرْسَلِهِ، وَإِنْ كَانَ إِذَا سَمَّى لَمْ يُسَمِّ إِلَّا ثِقَةً لَمْ يُسَمِّ مَجْهُولًا، وَلَا وَاهِيًا كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ الْمُرْسَلِ، وَهَذَا فَصْلُ النِّزَاعِ فِي الْمُرْسَلِ، وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ مَا يُقَالُ فِيهِ.
رد: ضبط " الفوائد العشرة " في رسالة " المراسيل " للحافظ / ابن عبد الهادي
السَّادِسُ : أَنْ يُنْظَرَ إِلَى هَذَا الْمُرْسِلِ لَهُ فَإِنْ كَانَ إِذَا شَرِكَ غَيْرَهُ مِنَ الْحُفَّاظِ فِي حَدِيثِهِ وَافَقَهُ فِيهِ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ؛ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى حِفْظِهِ، وَإِنْ خَالَفَهُ وَوُجِدَ حَدِيثُهُ أَنْقَصَ إِمَّا نُقْصَانُ رَجُلٍ يُؤَثِّرُ فِي اتِّصَالِهِ، أَوْ نُقْصَانُ رَفْعِهِ بِأَنْ يَقِفَهُ ، أَوْ نُقْصَانُ شَيءٍ فِي مَتْنِهِ؛ كَانَ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَخْرَجِ حَدِيثِهِ، وَأَنَّ لَهُ أَصْلًا، فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى حِفْظِهِ وَتَحَرِيِّهِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَتْ مُخَالَفَتُهُ بِزِيَادَةٍ، فَإِنَّ هَذَا يُوجِبُ التَّوَقُّفَ وَالاعْتِبَارَ.
السابع : أَنَّ الْمُرْسَلَ الْعَارِيَ عَنْ هَذِهِ الاعْتِبَارَاتِ ، وَالشَّوَاهِدِ الَّتِي ذَكَرَهَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَهُ.
رد: ضبط " الفوائد العشرة " في رسالة " المراسيل " للحافظ / ابن عبد الهادي
الثَّامِنُ : أَنَّ الْمُرْسَلَ الَّذِي حَصَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الشَّوَاهِدُ، أَوْ بَعْضُهَا يَسُوغُ الاحْتِجَاجُ بِهِ، وَلَا يُلْزِمُ لُزُومَ الْحُجَّةِ بِالْمُتَّصِلِ؛ وَكَأَنَّهُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - سَوَّغَ الاحْتِجَاجَ بِهِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى مُخَالِفِهِ.
التَّاسِعُ : أَنَّ مَأْخَذَ رَدِّ الْمُرْسَلِ عِنْدَهُ إِنَّمَا هُوَ احْتِمَالُ ضَعْفِ الْوَاسِطَةِ، وَأَنَّ الْمُرْسِلَ لَوْ سَمَّاهُ لَبَانَ أَنَّهُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَعَلَى هَذَا الْمَأْخَذِ فَإِذَا كَانَ الْمَعْلُومُ مِنْ عَادَةِ الْمُرْسِلِ أَنَّهُ إِذَا سَمَّى لَمْ يُسَمِّ إِلَّا ثِقَةً، وَلَمْ يُسَمِّ مَجْهُولًا كَانَ مُرْسَلُهُ حُجَّةً، وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ فِي الْمَسْأَلَةِ.
الْعَاشِرُ : أَنَّ مُرْسَلَ مَنْ بَعْدُ كِبَارِ التَّابِعِينَ لَا يُقْبَلُ، وَلَمْ يَحْكِ الشَّافِعِيُّ عَنْ أَحَدٍ قَبُولَهُ؛ لِتَعَدُّدِ الْوَسَائِطِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ قُبِلَ لَقُبِلَ مُرْسَلُ الْمُحَدِّثِ الْيَوْمَ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ.