أسلحة غَفَل عنها المسلمون!
أسلحة غَفَل عنها المسلمون!
لا أحد ينكر أثر السلاح المادي في إحراز النصر، وهو سلاح تتسابق الأمم في حيازته، وفي ديننا الإسلامي حض كبير على إعداد هذا السلاح والتزود منه تحسبًا لكل طارئ؛ فالله تعالى يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}[الأنفال: 60]
لكن ثمة سلاح فتاك لا يقهر، وهو محظور على الكافرين، حلال على المسلمين، الذين يقاتلون لإعلاء كلمة الله تعالى، ونصرة دينه، وسلاح هذا شأنه ينبغي أن يحظى باهتمام عظيم من المجاهدين، فبه تحسم المعركة لصالحهم بإذن الله تعالى، ولقد ذكر القرآن الكريم نماذج من هذا السلاح الرباني، وإليكم بعضًا منها:
أولاً - الرعب:
قال الله تعالى:{وَأَنْزَل َ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا}[الأحزاب: 26]. والآية هذه نزلت في يهود بني قريظة لما نقضوا عهدهم مع النبي، صلى الله عليه وسلم؛ وظاهروا جيش الأحزاب من المشركين في غزوة الخندق، لكن الله سلَّم، فحاصر النبي، صلى الله عليه وسلم، قلاعهم الحصينة - صياصيهم -، وكان في حوزتهم من الطعام والشراب ما يكفيهم لسنوات، لكن الله تعالى قذف في قلوبهم الرعب؛ فخرجوا مستسلمين، فقتل النبي – صلى الله عليه وسلم – رجالهم، وسبى أطفالهم ونساءهم.
ثانيًا - الريح:
ولقد سلطها الله تعالى على الأحزاب، الذين اجتمعوا لغزو المدينة المنورة، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا}[الأحزاب: 9].
ثالثًا - الملائكة:
يقاتلون مع المجاهدين، ويثبتون أقدامهم، ويربطون على قلوبهم؛ فلا يخافون، وتطمئن قلوبهم بنصر الله تعالى، ومن آثار هذه الطمأنينة النعاس - وهو مقدمة النوم – الذي وقع للصحب الكرام، وهم يتهيؤون للقتال في غزوة بدر، وهو ما جاء ذكره في قول الله تعالى:{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ}[الأنفال: 11].
وفي قتال الملائكة مع المؤمنين وتثبيتهم لهم يقول الله تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}[الأنفال: 12].
رابعًا - مكر الله تعالى:
قال الله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}[الأعراف: 99]. ومن مكر الله تعالى بأعدائه أن يصيبهم بالبلاء أو القتل من جهة لا يحسبون لها أي حساب، كما حصل ليهود بني النضير، الذين نقضوا عهدهم مع النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقاتلهم، ثم أجلاهم من المدينة المنورة، فقال الله تعالى فيهم: {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}[الحشر: 2]. والشاهد في الآية الكريمة قوله تعالى: {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا}.
خامسًا - تضخيم أعداد المجاهدين في أعين أعدائهم:
قال الله تعالى: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ}[آل عمران: 13].
سادسًا - تسديد الرمي، وإحراز القتل:
قال الله تعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17]. وما من شك أن كل رمي يتولاه الله تعالى لا بد أن يصيب الهدف!. أخوكم: كمال الدين جمعة بكرو
رد: أسلحة غَفَل عنها المسلمون!
ومن الأسلحة التى يغفل عنها المسلمون،سلاح الدعاء:
وحين تقرأ النفوس وكأنها تشاهد أثر الدعاء في نصرة المسلمين والمجاهدين؛ فترفع أكفَّ الضراعة إلى الحي الذي لا يموت، بأن ينصر الله دينه ويخذل أعدائه، ويكون من بين تلك النفوس رجل صادق لو أقسم على الله لأبرَّه، يستحي الله حين يراه قد شرع في الدعاء، ومدَّ كفيَّ الرجاء،أن يرد الله يديه صفراً خائبتين.
تلك والله سمة المؤمن ، وشيمة الموحد ، وهو أكبر دليل على صدق ما في قلبه من الحب لإخوانه المؤمنين وحمل همِّهم، وخاصَّة أنَّ الدعاء يستجاب وقت اشتداد المعركة،وشدَّة التحارب بين المؤمنين والكافرين، فقد قال النبي ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ:" ثنتان لا تردان أو قلَّما تردَّان:الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يُلْحِمُ بعضهم بعضاً" أي: حين تشتبك الحرب بينهم،
وأُتَوِّجَ السيرة، برسول الأمة المختارة، محمد بن عبدالله ـ صلى الله عليه وسلم ، فقد نام صحابته الأكارم ـ رضي الله عنهم وأرضاهم ـ ليلة بدر، إلا هو ـ عليه الصلاة والسلام ـ فقد بات تلك الليلة يصلي إلى جذع شجرة ، ويكثر في سجوده أن يقول:"يا حيُّ يا قيوم" يكرر ذلك ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويسأل الله النصر(البداية والنهاية5/82)، وحين رأى رسول الله جند قريش قال:" اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها، تحادك وتكذب رسولك، اللهم أحنهم الغداة" (السيرة النبوية لابن هشام3/168).
وقد روى عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال: لمَّا كان يوم بدر نظر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف، ونظر إلى المشركين، فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ القبلة، وعليه رداؤه وإزاره ، ثمَّ قال: "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبداً" قال عمر بن الخطاب: فما زال يستغيث ربَّه ويدعوه، حتَّى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فردَّاه، ثمَّ التزمه من ورائه ثمَّ قال: يا نبي الله ، كفاك مناشدتك ربك، فإنَّه منجز لك ما وعدك" أخرجه أحمد ورواه مسلم ).
ولهذا فإن الله _سبحانه_ وصف حال رسوله العظيم وصحابته الكرام في غزوة بدر بأنهم كثيري الاستغاثة به، ومكثري رجائه ودعاءه فقال:"إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين"(الأنفال: 9) فأين نحن من الاقتداء برسول الله وصحابته بالدعاء للمجاهدين بالنصر، وخذلان عدوهم!
وعليه فإنَّ مما نستفيده من ذلك أنَّه في حالة نشوب الحرب، وقيام المعركة، واضطرام القتال،أن نرفع أكف الضراعة والاستغاثة بالله ، فلعله ـ سبحانه ـ أن يستجيب لنا فيقهر عدونا ، ويخذل محاربنا، ويمدنا بمددٍ من عنده كما أمد رسول الله وصحابته بجند من عنده من الملائكة المرسلين حين دعوه في غزوة بدر، فانخلعت قلوب الكافرين، وفروا خاسرين ، وتم بفضله ـ تعالى ـ النصر المبين.
لهذا كان الدعاء في الغزو مرتبط ارتباطاً وثيقاً مع المجاهدين في أرض المعركة،وقد بوَّب الإمام الترمذي في جامعه(باب في الدعاء إذا غزا) وأورد تحته ما رواه أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ إذا غزا قال:اللهم أنت عضدي وأنت نصيري وبك أقاتل").
ارفع أكفك يا مجاهد سائلاً *** ما خاب من يرجو الكريم ويطلب
ما خاب من يرجو الإله *** وعوده فالله حقٌ وعده لا يكذب
اسأله ذلَّا للذين تجبروا *** فالله يقصم من يشاء ويعطب
اسأله نصراً كي يعزَّ مجاهد *** واسأله بالتثبيت فهو المطلب
ارفع أكفك يا مجاهد إننا *** بهوى الصبابة في الملاهي نلعب
لا يستوي عند الإله دعاؤنا *** ودعاء من للكرب دوماً يطلب
رد: أسلحة غَفَل عنها المسلمون!
جزاك الله خيراً على الجهد الطيب .
رد: أسلحة غَفَل عنها المسلمون!
أشكركم جميعًا على تفضلكم بالمرور، وإغناء البحث، وأنتظر منكم المزيد، جزاكم الله تعالى خيرًا.