-
مثال على اصلاح القلب
السلام عليكم في البداية كان الموضوع (اصلاح القلب قبل اصلاح الأفعال السيئة)،وبعد ذلك سؤال عن كيفية اصلاح القلب في هذا الرابط وهنا مثال لهذا الموضوع بعد سؤال من أحد القراء مثلا الإصلاح التربوي ، فأمامك طريقين ، إما عن طريق الإجبار والتهديد بالقوة واستعمالها ، أو طريق الإقناع والتفهيم، إذا نجحت الطريقة الثانية فالمعنى أنه صار عنده نوع من صلاح القلب وهكذا .. فكلما كان هدفنا الإصلاح من الداخل كانت النتيجة أفضل ، والإصلاح من الداخل يحتاج الى وضوح الرؤية ، وهذه تحتاج الى التفكير والأخذ والعطاء ، أي الى الحوار البناء والجدال بالتي هي أحسن ، كثير من الناس لا يهتمون باصلاح القلب لأنه يحتاج الى صبر ولأن نتائجه ليست بنفس الدرجة عند الجميع ، ويقبلون بالإصلاح الشكلي بحيث لا يرون مايزعجهم ولا يهتمون بالدواخل ، فهمهم إصلاح السلوك وليس إصلاح النية ، حتى التربية الحديثة وعلم النفس تدور حول السلوك أكثر من القلب ، صحيح أنه لا أحد يطلع بالكامل على نيات الناس ، لكن علينا أن يكون عملنا موجه لإصلاح النيات دون ارتباط بالنتائج ، فالمُصلح الحقيقي لا ينظر الى النتائج بينما التربية والتعليم تنظر الى النتائج ، فالمفروض هو نجاح الهدف والطريقة بغض النظر عن النتيجة . ومن الأخطاء الكبرى في التربيه هو جعل الكل هدفاً للإصلاح ، وقياس النتائج بالعدد وكأن الإنسان ليس مخيّر، واعتبار أن من الممكن اصلاح الناس جميعا على اعتبار أن البيئة تؤثر في الإنسان وهي وجهة نظر الماديين بينما القران قال لنبيه (انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) ، ولذلك الله يقول ( وذكر أنما أنت مذكر-لست عليهم بمسيطر) فلا أحد يلزم الا ليحصل على نتائج بائسة معنويا وان كانت تبدو جيدة ظاهريا ، على الأقل في قطاع كبير من العينة ، وعلم التربية والبرمجة اللغوية وعلم الاجتماع وعلم النفس كلها تعتمد على نتائج مادية - أي الحادية - في أساسها ونظرتها للإنسان . كتبه الوراق .. وجزى الله خيراً من نقله دون اجتزاء مع ذكر المرجع (مدونةالوراق) ،ونظراً لطلب بعض المنتديات انشاء قسم خاص بمقالات المدونة فلا مانع من ذلك بعد التنسيق اثراء للحوارات والنقاش العام ،والله الموفق
-
رد: مثال على اصلاح القلب
تطهيرِ القلوبِ وتزكيةِ النفوس
************************
إن الأمرَ الذي ينبغي أن نعيَه هو أننا بأشد الضرورةِ إلى تفقدِ خطراتِ القلوب وتصفيتِها وأن يعلمَ كلُ منا أنه يومَ يدبُ إلى قلبِه شيءُ من خطايا القلوب فإن معنى ذلك أن النارَ تشتعلُ في ثيابِه ويوشكَ أن تُحرقَ بدنَه، ولذا فإن البحثَ عن أسبابِ تزكيةِ القلوبِ وتطهيرِها أمرُ ينبغي أن يجدَ فيه ويسعى إليه، فلنقفِ وقفاتٍ سريعةٍ مع أسبابٍ ستةٍ تعينُ على تطهيرِ القلوبِ وتزكيةِ النفوس.
فأولُ ذلك الصلةُ بذكرِ الله وقراءةِ القرآن.
إن القرآنَ يوم يتصلُ به العبدَ قراءةً متدبرةً يرفعُه على آفاقٍ عاليةٍ، أفاقُ تسموا به فوق خطراتِ النفوسِ الدنيئة، وعللِ القلوبِ الوضيعة، فإذا هو يسمو بهمتِه إلى الملأِ الأعلى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ ). إن للذكرِ وللقرآن يومَ يتواصلُ العبدُ معها بقلبٍ حي أثرُها البالغُ في تطهيرِ القلبِ من أدرانٍ كثيرةٍ.
ثانيا الدعاء:
نعم الدعاء فلن يُنال زكاُ النفسِ وطُهرُ القلبِ إلا بعونٍ من الله جل جلالُه:( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً ). ولذا دعا النبيُ (صلى الله عليه وسلم) ربَه فقال: واسلل سخيمةَ قلبي، ودعا الصالحون من عبادِ الله فقالوا: ( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَ ا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا ).
ثالثا الرقابةُ على خواطرِ القلوب، ومحاسبةِ النفوس:
ومعالجةِ ذلك، فليكن كلُ منا على قلبِه رقيبا ولنفسِه محاسبا، وليتفقد خواطرَها وحديثَ قلوبِها.
رابعا المجاهدة:
وقد يجاهدُ الإنسانُ نفسَه على الصيام، بل وعلى قيامِ الليل، ولكنَه يضعفُ ويجهدُ عن مجاهداتِ القلب، واللهُ سبحانَه يقول: ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)، ويقول: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)، إن الأمرَ يحتاجُ إلى صبرٍ ومصابرة، وجهدُ ومجاهدة.
خامسا مجانبةُ المعاصي:
وحميةُ النفسِ منها، فما تنموا هذه الأوبئةُ إلا في نفسٍ خربةٍ عشعشت فيها المعاصي وتكاثرت عليها الذنوب، واستمع إلى قوارعِ قولِ اللهِ عز وجل:( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً )، (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ).
سادسا الإخلاص:
ذاك الإكسيرُ العجيب، فإذا توفر الإخلاصُ لدينِ اللهِ في القلب زال الكبرُ وحل التواضعُ مكانَه، وزالت الأحقادُ والبغضاءُ منها وحل الوئامُ والودادُ مكانَها، وزال حبُ الدنيا والتطلعُ إلى مناصبِها ومغرياتِها وحل محلَ ذلك التطلعُ إلى مرضاةِ الله والنجاةُ من عقابِه ووعيدِه، وزالت العصبيةُ بأشكالِها وألوانِها وحل مكانَها الولاءُ للإسلامِ من حيثُ هو إسلام.
إن الإخلاصَ كلمةُ سهلةُ على اللسانِ، وحبيبةُ إلى القلوب، ومطربةُ للأسماع، وهي من أجل ذلك من أكثرِ الكلماتِ تداولا وتكرارا، ولكن معناها من أعظمِ المعاني أهميةً في الحياة، ومن أبعدها أثرا في المجتمع، ومن أشقِها على النفوسِ عند التطبيق.