(2) أردت عمرا، وأراد الله خارجة
(2)
أردت عمرا، وأراد الله خارجة
خارجة بن حذافة بن غانم بن عامر القرشي العدوي، من مسلمة الفتح، وقيل: إنه أسلم قديما، كان أحد فرسان قريش، ويقال: إنه كان يعد بألف فارس، كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يستمده بثلاثة آلاف فارس، فأمده بخارجة بن حذافة هذا، والزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، شهد خارجة فتح مصر، وكان على شرطتها في إمرة عمرو بن العاص في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وقيل: كان قاضيا بها، ولم يزل بمصر حتى قتل.
أردت عمرا، وأراد الله خارجة
انتدب الخوارج ثلاثة لقتل علي، ومعاوية، وعمرو سنة أربعين، وكان يوم وافى الخارجى ليضرب عمرو بن العاص، لم يخرج عمرو يومئذ للصلاة، لعلة وجدها فِي بطنه وأمر خارجة أن يصلي بالناس، فتقدم الخارجي فقتل خارجة وهو يظنه عمرا، فلما أخذ وأدخل على عمرو بن العاص، قال: من قتلت؟ قالوا: والله ما قتلت عمروا، وإنما ضربت خارجة، فقال: أردت عمرا، وأراد الله خارجة. فذهبت مثلا.
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (4/143) ومصعب الزبيري في "نسب قريش"(1/375)، والبلاذري في "أنساب الأشراف" (2/ 491).
أسعد أم سعيد؟، إن الحديث ذو شجون، سبق السيف العذل
(3 - 4 - 5)
أسعد أم سعيد؟، إن الحديث ذو شجون، سبق السيف العذل
قال البلاذوري في " أنساب الأشراف " (11/ 361 - 362): حدثني محمد بن الأعرابي عن المفضل بن محمد الضبي قال: خرج سعد وسعيد ابنا ضبة في طلب إبل لهم، فرجع سعد. ولم يرجع سعيد، وكان ضبة كلما رأى شخصا مقبلا قال أسعد أم سعيد؟ فذهبت كلمته مثلا.
فبينا ضبة يسير ومعه الحارث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد في الشهر الحرام إذ أتيا في طريقهما على مكان فقال الحارث لضبة: أترى هذا المكان فإني لقيت به فتى من هيئته كذا وكذا فقتلته، وأخذت هذا السيف منه، وإذا صفته صفة سعيد. فقال ضبة: أرني السيف أنظر إليه فناوله إياه فعرفه ضبة، فقال عندها: إن الحديث ذو شجون، أي متشعب كشجون الجبل فذهبت مثلا.
ثم ضرب الحارث بالسيف حتى قتله فلامه الناس في ذلك، وقالوا: تقتل في الشهر الحرام؟ فقال: سبق السيف العذل، فذهبت مثلا.
وقال الفرزدق:
فلا تأمنن الحرب إن استعارها ... كضبة إذ قال: الحديث شجون.
* * * * *
(6) بين حانة ومانة ضاعت لحانا
(6)
بين حانة ومانة ضاعت لحانا
روي أن رجلا تزوج بامرأتين إحداهما اسمها حانة، والثانية اسمها مانة، وكانت حانة صغيرة في السن، عمرها لا يتجاوز العشرين، بخلاف مانة التي كان يزيد عمرها على الخمسين، والشيب لعب برأسها، فكان كلما دخل إلى حجرة حانة تنظر إلى لحيته وتنزع منها كل شعرة بيضاء، وتقول: يصعب علي عندما أرى الشعر الشائب يلعب بهذه اللحية الجميلة، وأنت مازلت شاباً، فيذهب الرجل إلى حجرة مانة فتمسك لحيته هي الأخرى، وتنزع منها الشعر الأسود، وهي تقول: له يكدرني أن أرى شعراً أسود بلحيتك، وأنت رجل كبير السن، جليل القدر، ودام حال الرجل على هذا المنوال، إلى أن نظر في المرآة يوماً فرأى بها نقصا عظيماً، فمسك لحيته بعنف وقال: بين حانة ومانة ضاعت لحانا.
(9) أشرد من نعامة، وأحمق من نعامة
(9)
أشرد من نعامة، وأحمق من نعامة
قيل ذلك فيها لأنها تترك بيضها حين تريد الطعام، فإذا رأت بيض غيرها حضنته، ونسيت بيضها، ومن ذلك قول ابن هرمة:
وَإِنِّي وَتَرْكِي نَدَى الْأَكْرَمِينَ ... وَقَدْحِي بِكَفَّيَّ زَنْدًا شَحَاحَا
كتارِكَةٍ بَيْضَها بالعَراء، ... ومُلْبِسَةٍ بَيْضَ أُخْرَى جَناحا.
(10) لا تأمن الخبل يأتيك بداهية
(10)
لا تأمن الخبل يأتيك بداهية
هو مثل شعبيي ومعروف لدى كثير من الناس، و(داهية) هذه اسم لعجوز متوحشة، وشرسة، ووجبتها الشهية والرئيسية هي لحوم البشر، والناس تعرفها وتتجنبها وكانت تقطن إحدى الجبال، ولا يمكن الاقتراب في منطقتها أو حدودها, فأي شخص يقترب من الجبل أو يؤذيها فستكون له وجبة طعام شهية.
يحكى في احد الأزمنة قبل الإسلام, أن هنالك قوم يتزعمهم أمير، وقد كانوا يسكنون في إحدى أراضي شبه الجزيرة العربية, وكان لدى الأمير حاشيته الخاصة، وكان من بين هذه الحاشيته رجل منافق، وكان هذا الرجل من المقربين للأمير، لأنه يسعده ويؤنسه دائماً, وكان له راع من رعاته الخاصين لقبه الخبل، وهو اسم على مسمى، يعني (أن به خلل في عقلة) لذلك لقب بهذا الاسم.
صعب عليهم الزمن، وجفت أرضهم من الماء والعشب, فكان لابد عليهم الرحيل من ديارهم والذهاب إلى ديار يجدون فيها مسببات عيشهم، وعيش قطعانهم من الماشية, ذهبوا ففتشوا عن الأرض الأنسب والأفضل فلم يجدوا سواء أرض جميله خالية من السكان إنها ارض (داهية)، تلك العجوز المتوحشة, فكان معهم رجل كبير في السن حكيم، ولديه دراية بالمناطق، حيث يعرف جميع الديار.
فعندما وضعوا رحالهم، وهموا بالإستطيان في تلك الأرض، جمعهم هذا الرجل الحكيم، وأخبرهم بأنهم في أرض (داهية)، ونصحهم بعدم الذهاب أو مجرد الاقتراب إلى جبل (داهية)، وأيضا عدم إيذائها, ولسوء الحظ لم يكن (الخبل) معهم، فقد كان يقود الغنم ويرعاها, فلم يخبره احد عنها، وبعد مرور عدة أشهر على بقائهم في هذه الأرض, كان اغلب وقت (الخبل) مع الماشية فهو راعي غنم، ونادراَ ما يأتي ديارهم, فهو بلا أب ولا أم, وليس له مصالح في ديارهم سوا القدوم والسلام على الأمير في كل شهر مره, وإخباره عن أحوال الماشية، فهو راعي لماشية (الأمير) ولمواشي القوم أيضاً.
وفي ذات يوم مر الراعي (الخبل) إلى ديارهم لكي يخبر الأمير عن أحوال الماشية, ولسوء حظه لم يجد الأمير، فقد كان خارج الديار مع الرجل الحكيم، ووجد القوم متواجدين في بيت الأمير، ومن ضمنهم الرجل (المنافق), فوجد أنهم مجتمعون على وجبه دسمه من الطعام, فسألهم من أين لكم هذا؟ وكان يعرف أن حالة الفقر والجوع في وقتهم شديدة, فمن أين يأتون بطعام كهذا؟ فأجابه المنافق قال: أتريد مثل هذا الطعام، قال (الخبل): نعم، بكل تأكيد، قال له المنافق: إذا صعدت قمة هذا الجبل، وأشار إلى جبل (داهية)، وأصبحت في قمته حيث تلوح لنا ثم تعود أدراجك نحونا, فإذا فعلت هذا سنذبح لك ذبيحة كهذه.
ففرح الخبل، وهم مسرعا يريد أن يصعد الجبل، واتجه نحو الجبل والقوم يرونه، وهم يضحكون عليه, حيث إنهم يتوقعون له النهاية عند اقترابه من (داهية).!
صعد هذا (الخبل) الجبل، والقوم يرونه وهو يقترب من حتفه وهم يضحكون عليه، ولا يبالون لأنه (خبل), وعلى ما هم عليه من هذا الحال ينظرون ويضحكون اختفى (الخبل) عن أنظارهم فلم يستطيعوا رؤيته، لأن (الخبل في هذه اللحظة داخل كهف (داهية)، وفي صراع من أجل البقاء معها).
فوجئ القوم بقدوم الأمير وعندما وصل إليهم رائهم يضحكون، وينظرون إلى الجبل! سألهم الأمير ما بالكم؟ فأجابوه: انظر إلى (الخبل) انه يحاول صعود الجبل، سألهم الأمير: ما الذي دعاه إلى صعود الجبل؟؟ , فأجابه (المنافق) قال: أنا أيها الأمير,, فقال له الأمير: إلا تعلم بأن داهية في هذا الجبل! وأنك أرسلت هذا الخبل إلى حتفه, فأجابه المنافق: قال: يا أمير، إننا لا نعلم هل داهية مازالت على قيد الحياة أم ماتت منذ زمن بعيد, فإذا عاد الخبل سالما ولم تعترضه داهية فمعنى هذا بأنها قد ماتت, وبإمكاننا الاقتراب من أسفل الجبل حيث تكثر المراعي والأعشاب النادرة، بسبب عدم اقتراب الرعاة خوفا من تلك العجوز المتوحشة (آكلة لحوم البشر)، وإن لم يعد فهو (خبل) لا فائدة منه ولا أهل له، سكت الأمير وأخذ ينظر إلى الجبل، فلم يضحك كحال قومه، إنما ينظر باستعطاف كله أمل أن يعود (الخبل).
وعلى ما هم عليه من الضحك والنظر إلى الجبل, عم عليهم صمت رهيب وذهول كبير! حيث رأوا رجل شديد بياض الثياب على عكس راعيهم الذي كانت ثيابه متسخة ومتمزقة, يصعد أعلى قمة الجبل، ثم يلوح بيديه تجاه القوم.
وأخذ هذا الرجل بالنزول من الجبل، وما أن اقترب من القوم، قالوا يا ترى من هذا الرجل؟ انه (الخبل)، نعم انه الخبل، ومعه سيف ودرع بالإضافة إلى بعض الحلي من الذهب والمجوهرات, عندما وصل سلم على الأمير، وأعطاه ما في حوزته من السلاح، والذهب، والمجوهرات، سأله الأمير كيف أتيت بهذه؟ ثم أخبرنا ماذا جرا لك عندما اختفيت من الجبل؟ قال (الخبل): عندما توسطت الجبل وجدت كهف مهجورا فدفعني الفضول إلى الدخول إليه، فعندما اقتربت من مدخل الكهف خرجت لي عجوز مرعبه، وهي تتهددني بالقتل، وان تلتهمني فعندما همت بالهجوم علي، أخذت صخرة فحذفتها بها فأصابتها الصخرة في رأسها أسفل أذنيها, قال الأمير: أقتلتها؟؟ قال (الخبل): نعم قتلتها، ثم دخلت الكهف ووجدت فيه أنواع الكنوز من ذهب وفضة وسلاح, فعندما سمع المنافق بقول الخبل هم مسرعا نحو الجبل لكي يستحوذ على ما يريد من ذهب ومال وفضة. والقوم من خلف هذا المنافق كلهم يجرون تجاه الكهف لكي يغتنموا من الغنائم، فعندما اقترب المنافق من الكهف وجد العجوز في وجهه - وجها لوجه فأراد الرجوع من حيث أتى، ولكن لا مناص من الهروب، فقد هجمت عليه وقتلته، والتهمته والقوم ينظرون بذهول.
رجع باقي القوم مسريعن تجاه الأمير، والخوف يدب في قلوبهم دباً, عندما وصولوا إلى الأمير اخبروه بان الرجل المنافق قد قتل وذبحته (داهية)، وكان هذا الرجل المنافق كما أسلفنا من المقربين لدى الأمير, بل كان من اعز أصحابه, نظر الأمير إلى (الخبل) نظرة غضب, وقال كيف تكذب يا (خبل)؟ قال: أنا لم أكذب بل قتلتها, وإذا كنت تريد مني أن أتيي بتلك العجوز فأنا مستعد, أعطني جواداً لكي أتيك بها، فأعطاه الأمير جواد ليتبين حقيقة أمره، وهل هو صادق فيما يقول أم لا؟
أمتطى الخبل صهوة الجواد، وذهب نحو الجبل, والجميع ينظرون له نظرة ذهول, فقال الرجل الحكيم: يا أميرنا (لا تأمن الخبل يأتيك بداهية).
فعندما وصل الخبل مشارف الكهف فوجئ بوجود داهية، وأنها على قيد الحياة, ففزعت داهية عندما رأت هذا الخبل الذي سبب لها رعب فقد كاد أن يقتلها, فقالت له: دعني وشأني، وخذ ما تريد من جواهر وحلي, تجرئ الخبل من جوابها الذي أحس فيه أنها خائفة منه, وقال لها: أن الأمير طلب مني أن أتي بك لتبين حقيقة أمرك, ستذهبين معي وإلا قتلتك, فزعت (داهية) من جواب الخبل وقالت سوف أذهب معك بشرط أن لا تؤذيني، قال لكي هذا,,,, (وهو خبل لا يأتمن له), ركبت معه الجواد وذهبوا تجاه القوم, فعند وصولهم إلى القوم، دب الفزع والرعب في قلوب الجميع, فتعالت صرخات الأطفال، وعويل النساء، وأستنفار الرجال, من شكلها القبيح والمرعب.
فقال الحكيم للأمير: ألم اقل لك (لا تأمن الخبل يأتيك بداهية), فذهبت مثلا؛ والداهية في وقتنا الحالي تعني المصيبة أو الكارثة، وكل شيء ممقوت.
(15) عدوٌ عاقل خير من صديق أحمق
(15)
عدوٌ عاقل خير من صديق أحمق
قيل: إن أحد الأعراب كان هو وصديقه يقطعون الصحراء في طريقهم إلى مكة، وكان معهم قربة من الماء تكفيهم لبضعة أيام فقط، وبعد أن قطعوا مسافة غير قصيرة، استولى عليهم العطش وأرادوا أن يشربوا فطلب الأعرابي من صديقه قربة الماء ليروي عطشه، وعندما ناوله إياها صديقه وجدها فارغة تماما فسال صديقه عن الماء، فقال له: لقد وجدت عشبة في الصحراء، وكانت شديدة الجفاف فاسقيتها علني اكسب ثواب سقيها، فلطم الأعرابي على وجهه، وقال: عدوٌ عاقل خير من صديق أحمق فراحت مثلا.
(16) أعصامياً أنت أم عظامياً
هكذا تقول العرب أي أمعتمد أنت على نفسك أم تفخر بأعمال آبائك الذين أصبحوا عظاماً؟؟ وعصام هو ابن شهبر، وكان حاجباً عند الملك النعمان بن المنذر, ووصل إلى هذه المنصب اعتمادا على ذكائه، ومواهبه الكثيرة, متخلياً عما ورثه عن آبائه.
وقيل: دخل رجل على الحجاج يريد حاجة, فقال له الحجاج: أعصامياً أنت أم عظامياً؟ فرد الرجل: أنا عصامي وعظامي, فاستحسن الحجاج إجابته معتقداً أنه يفتخر بنسبه لفضله، وبآبائه لشرفهم, فلبى طلبه وقربه له, وبعد وقت عرف عنه الجهل والغباء، فقال له الحجاج: أصدقني، وإلا دققت عنقك، كيف أجبتني بما أجبت لما سألت، عما سألت, فقال الرجل والله لم أعلم أيهما خيراً العصامي، أم العظامي, وخشيت أن أخطئ، فقلت: أقول كليهما، فإن ضرتني الأولى نفعتني الثانية، فقال الحجاج المقادير تصيّر العي خطيباً.
رُبَ أخٍ لكَ لم تَلده أمك
[19]
رُبَ أخٍ لكَ لم تَلده أمك
أول من قال هذا المثل هو: لقمان بن عاد الملقب بلقمان الحكيم، وقد آتاه الله الحكمة، وتقول الأسطورة أن لقمان مر بخيمة في فنائها امرأة تجالس رجلاً, فطلب أن يشرب, فأسقته، ولاحظ لقمان وجود صبي يبكي ولا يكترث له أحد، فسأل المرأة: لمن هذا الصبي، ولماذا يبكي؟
فقالت: انه لهانئ وهانئ زوجها, وكان هانئ ليس بالمنزل، وسألها لقمان عن الشاب الذي تجالسه, فقالت: هذا أخي، فقال لقمان: رُبَ أخٍ لكَ لم تَلده أمك، وكان يقصد بذلك أنه أدرك أن هذا الرجل ليس بأخاها, وخرج من البيت، وفي المساء رأى لقمان رجلاً يسوق قطيع له ويتجه نحو الخيمة التي لجأ إليها صباحاً، فدعى الرجل لقمان لضيافته, فشكره لقمان، وقال له انه استسقى امرأته صباحاً فسقته, وحدثه عن ذلك الرجل التي تدعي زوجته بأنه أخوها، فقال هانئ للقمان: وما أدراك انه ليس أخاها، فقال لقمان: لو كان أخاها لما جعلها تجيبني نيابة عنه، وبعد أن تأكد هانئ مما حدثه به لقمان, انتقم لشرفه.
(20) كل فتاة بأبيها معجبة
[20]
كل فتاة بأبيها معجبة
وأول من قال ذلك العَجْفَاء بنت عَلْقَمة السعدي، وذلك أنها وثَلاثَ نسوة من قومها خَرَجْنَ فاتَّعَدْنَ بروضة يتحدثن فيها، فوافَيْنَ بها ليلاً في قمرٍ زاهر، وليلة طَلْقَة ساكنة، وروضة مُعْشِبة خَصْبة، فلما جلسن قلن: ما رأينا كالليلة ليلة، ولا كهذه الروضة روضة، أطيب ريحاً ولا أنْضَر، ثم أفَضْنَ في الحديث
فقلن: أي النساء أفضل؟
قَالت إحداهن: الخَرُود، الوَدُود، الوَلُود،
قَالت الأخرى: خَيْرُهن ذات الغناء، وطيب الثناء، وشدة الحياء،
قَالت الثالثة: خيرهن السَّمُوع، الجَمُوع، النَّفُوع، غير المنوع،
قَالت الرابعة: خيرهن الجامعة لأهلها، الوادعة الرافعة، لا الواضعة،
قلن: فأي الرجال أفضل؟
قالت إحداهن: خيرهم: الحَظِىُّ، الرّضِيُّ غير الحظال (الحظال: المقتر المحاسب لأهله على ما ينفعه عليهم)
قَالت الثانية: خيرهم: السيدُ الكريم، ذو الحسب العميم، والمجد القديم،
قَالت الثالثة: خيرهم: السخِيُّ الذي لا يُغِيرُ الحرة، ولا يتخذ الضرة، قَالت الرابعة: وأبيكن! إن في أبي لنَعْتَكُنَّ!!! كرم الأخلاق، والصدقَ عند التلاق، والفلج عند السباق، ويحمده أهل الرفاق،
قَالت العَجْفَاء عند ذلك: كلُّ فتاة بأبيها مُعْجَبة.
022 لا ايغرنك الدباء، وإن كان في الماء
لا ايغرنك الدباء، وإن كان في الماء
يقال في المثل أيضا: "لا ايغرنك الدباء، و إن كان في الماء"،
قصة المثل: وذلك ان أعرابيا تناول قرعا مطبوخا وكان حارا فأحرق فمه، فقال: لا يغرنك الدباء وإن كان نشوؤه في الماء.
يضرب للرجل الساكن ظاهرا الكثير الغائية باطنا.
0023 دقة بدقة ولو زدت لزاد السقا
[23]
دقة بدقة ولو زدت لزاد السقا
يحكي أنه كان بمدينة بخارى رجل سقا يحمل بالماء إلى دار رجل صائغ، ومضى له على تلك الحالة والصيانة، فجاء السقا على عادته يومًا وصب الماء في الحباب، وكانت قائمة في وسط الدار فدنا منها السقا، وأخذ بيدها وفركها وعصرها، ثم مضى وتركها، فلما جاء زوجها من السوق قالت له: أني أريد أن تعرفني أي شيء صنعت هذا اليوم في السوق ما يغضب الله تعالى، فقال الرجل: ما صنعت شيئًا يغضب الله تعالى، فقالت المرأة: بلى والله أنك فعلت شيئًا يغضب الله تعالى، وأن لم تحدثني بما صنعت وتصدقني في حديثك لا أقعد في بيتك ولا تراني ولا أراك، فقال: أخبرك بما فعلته في يومي هذا على وجه الصدق اتفق لي أنني جالس في الدكان على عادتي إذ جاءت امرأة إلى دكاني وأمرتني أن أصوغ لها سوارًا وانصرفت، فصغت لها سوارًا من ذهب ورفعته، فلما حضرت أتيتها به، فأخرجت يدها ووضعت السوار في ساعدها فتحيرت من بياض يدها وحسن زندها الذي يسبى الناظر، فأخذت يدها وعصرتها ولويتها، فقالت له المرأة: الله أكبر لم فعلت هذا الجرم، أن ذلك الرجل السقا الذي كان يدخل بيتنا منذ ثلاثين سنة، ولم نر فيه خيانة، أخذ اليوم يدي، وعصرها، ولواها، فقال الرجل: نسأل الله الأمان، أيتها المرأة أني تائب مما كان مني فاستغفري الله لي، فقالت المرأة: غفر الله لي ولك، ورزقنا حسن العاقبة، فلما كان الغد جاء الرجل السقا، وألقى نفسه بين يدي المرأة، وتمرغ على التراب، واعتذر إليها، وقال: يا سيدتي اجعليني في حل مما أغراني به الشيطان، حيث أضلني وأغواني، فقالت له المرأة: امض إلى حال سبيلك فإن ذلك الخطأ لم يكن منك، وإنما كان سببه من زوجي، حيث فعل ما فعل في الدكان، فاقتص الله منه في الدنيا، وقيل أن الرجل الصائغ لما أخبرته زوجته بما فعل السقا معها قال: دقة بدقة ولو زدت لزاد السقا فصار هذا الكلام مثًلا سائرًا بين الناس.